موكب السيناتور!
نظر «الحصان الفضي» من النافذة هو أيضًا، وقال: هل هذا هو الرجل الذي قتل «جاك» في المترو؟
عثمان: ربما هو!
أسرع «الحصان الفضي» في اتجاه دُرجٍ صغير، وفتحه وأخرج مسدسًا وأسرع به ناحية الباب، وفي قفزةٍ واحدة كان «أحمد» قد سبقه وأخذ المسدَّس من يده في سرعة أدهشَت «الحصان الفضي» وصاحبه …
ثم قال «أحمد»: أرجوك أن تهدأ وتسمع ما أقوله لك، إن هذا الرجل خيطٌ مفيد لنا جدًّا، فإذا قتلتَه الآن فقدنا أثَر القاتل الحقيقي؛ فهذا الرجل ما هو إلا أداة القتل وليس القاتل، ثم نظر إلى صديق «الحصان الفضي» وسألَه: هل عندكما سيارة هنا؟
الرجل: نعم، لدينا سيارةُ نقلٍ صغيرة!
قال «أحمد» ﻟ «عثمان»: ستأخذ «الحصان الفضي» الآن وتخرج من هذا الباب الخلفي وتتجه إلى المقر … أما أنا فسأتبع هذَين الرجلَين لعلي أصل إلى شيء.
وفورًا تحرَّك «عثمان» ناحية الباب الجانبي للكوخ، وفتحَه بحذرٍ ويدُه اليمنى تمسك بمسدسه السريع الطلقات … ثم أمسك بيد «الحصان» وأسرعا إلى الخروج ناحية الجراج الجانبي حيث تُوجد السيارة النقل … ثم نظر ناحية الرجل وقال له: أما أنت فستخرج بهدوءٍ ناحية المبنى وسيسألانِكَ الرجلان عن «الحصان الفضي» … فأَجِب بأنه متغيِّبٌ منذ فترة، وأنكَ تعتقدُ بأنه ذهب إلى قبيلته في صحراء «نيفادا»، وكن هادئًا وأنت تُجيب … فحياةُ صديقكَ متوقفة على ما ستفعله الآن.
الرجل: اطمئن؛ فأنا أعرف جيدًا ما أفعل …
ثم خرج الرجل واتجه ناحية المبنى، أما «أحمد» فقد أسرع مثل الفهد الذي يترقَّب فريسته ناحية السيارة البورش التي تنتظره، وقفز فيها وهو يراقب ما يدور وقد صدَق إحساسه … فقد مرَّت دقائق ثم جاء الرجلان وركبا سيارتهما السوداء وتحرَّكا بها، وكان «أحمد» خلفهما عن بُعد حتى لا يلحظا وجوده.
بعد دقائق كانت السيارة السوداء الكبيرة تخرج من ولاية «فرجينيا» وتتجه إلى الطريق المحيط بولاية «واشنطن» أو «بلت واي» فكل ولاية في أمريكا يحيط بها طريقٌ مثل الحزام، ثم بدأَت تتجه عَبْر الولاية عن طريق «كالفيرت» الرئيسي، وأخذَت تُسرع في اتجاه طريق «أدمونة» الذي يؤدي إلى «كاتدرائية جورج واشنطن»، وهناك شاهَد «أحمد» زحامًا أمام أبواب «الكاتدرائية» وقد اصطفَّت أعدادٌ كثيرة من السيارات وخرج ركَّابها يحملون أعلامًا وبالوناتٍ ملوَّنة ويُلوِّحون بها في سعادة، ودارت السيارة السوداء دورةً واسعة في الميدان الذي يتسع أمام أبواب «الكاتدرائية» ثم اتجهَت إلى الطريق الرئيسي أمامها، وبدأَت تُهدِّئ من سرعتها لتتوقَّف تمامًا بجانب الطريق، وعن بُعدٍ توقَّف «أحمد» أيضًا وانتظر في سيارته.
وبعد فترة مَرَّ رجلٌ يحمل طفلًا صغيرًا بجانب سيارة «أحمد» الذي استوقفَه قائلًا: معذرة ولكن لماذا كل هذا الزحام أمام الكاتدرائية؟
الرجل: لأن السيناتور «جونز» يُلقي خطابًا بمناسبة تجديد مدة عضويته.
أحمد: شكرًا.
تعجَّب «أحمد» جدًّا … فلماذا يتوقَّف رجلان من هذا النوع أمام الكاتدرائية؟ هل يريدان رؤية السيناتور وهو يغادر الكاتدرائية مثل الآخرين الواقفين في الزحام … أم هناك سببٌ آخر؟
في هذا الوقت كان «عثمان» و«الحصان الفضي» قد وصلا إلى المقر السري، وقَصَّ «عثمان» على بقية الشياطين ما رواه «الحصان الفضي»، وما حدث بعد ذلك … واقترحَت «إلهام» أن ترسل تقريرًا إلى رقم «صفر» عن جميع التطوُّرات التي مرُّوا بها … كذلك اقترح «بو عمير» أن يهتموا بصحة «الحصان الفضي» … فقد كان يبدو عليه الإرهاق الشديد.
وقام «بو عمير» واتجه إلى الغرفة التي خُصِّصَت لاستقبال الرجل، فوجده واقفًا ينظر شاردًا من نافذة الغرفة التي كانت تقع في الدور الخامس والثلاثين، فدَقَّ «بو عمير» على الباب ثم دخل … تقدَّم «بو عمير» وأخرج له دواءً مُهدِّئًا قائلًا: تناوَلْ هذا ليساعدك على النوم، وثِق أننا سوف ننتقم لصديقك.
كانت الساعة تقترب من التاسعة مساء … والرجلان ما زالا في السيارة أمام الكاتدرائية لم يتحرَّكا، وكان «أحمد» يقوم بمراقبتهما في انتظار أي جديدٍ يحدُث … وقبل أن تدُق الساعة التاسعة فُتحَت أبواب الكاتدرائية وبدأ اندفاع الناس للخروج، وبدأَت أضواء المصوِّرين الصحفيين تلمع عند خروج السيناتور مسرعًا.
وكان السيناتور «بيلي جونز» رجلًا طويل القامة … شديد الأناقة … في بداية العَقد الخامس من عمره … يرتدي بدلةً رمادية … وعلى كتفَيه مِعطفٌ أسود … ويمسك قبَّعةً بيده اليمنى يُلوِّح بها للجموع الواقفة منذ فترة لتُحيِّيه … ثم اندفع بعض رجال الصحافة ليحصلوا على تصريحات السيناتور الذي أحاط به المعجبون بالمئات.
كل هذا كان يبدو طبيعيًّا، ولكن الشيء الغريب هو … لماذا يتوقَّف الرجل النحيف وصاحبه لمشاهدة السيناتور؟!
وهنا استرجع «أحمد» حديث «الحصان الفضي» الذي قال: إن «جاك» كان تحت ضغط من جهةٍ قوية لوقف نشاطه ضد تجارة المخدرات، فهل للسيناتور علاقة بالموضوع؟!
وبعد دقائق اتجه السيناتور إلى سيارته الكاديلاك السوداء التي كانت تقف في انتظاره، وركبها، وانطلقَت السيارة وسط موكبٍ من السيارات، وعند ذلك نزل الرجل النحيف من سيارته التي كانت تقف على جانب الطريق … ثم أبطأَت سيارة السيناتور حتى اقتربَت من الرجل النحيف، وتوقَّفَت بجانبه ثم قفز الرجل النحيف بداخلها، وانطلقَت السيارة مسرعةً وخلفها السيارة السوداء وسيارة «أحمد» أيضًا. استنتج «أحمد» فورًا أن السيناتور «بيلي جونز» هو القوة التي كانت وراء اغتيال «جاك»، ولكن بقي سؤال … لماذا يقف السيناتور «بيلي» وراء عصابةٍ لترويج المخدرات؟
وصلَت السيارات إلى منزل السيناتور الذي يقع بمنطقةٍ هادئة في ضواحي «واشنطن» تُسمَّى «ميريديان هيل بارك»، وأحَسَّ «أحمد» بأنه لا فائدة من الانتظار أكثر من ذلك، فلا بد أن يتجه إلى المقر لمقابلة الشياطين فورًا … وبعد نصف ساعةٍ كان «أحمد» في المقر … حيث روَى على الشياطين ما حدث أمام الكاتدرائية، وعن التساؤلات التي تدور في رأسه …
وسرعان ما وضعوا المعلومات في «الكمبيوتر»، وبعد لحظاتٍ ظهَرتِ الإجابة … بأن «بيلي جونز» على علاقةٍ برجلٍ يُدعى «لودا» وهو أمريكي من أصلٍ إيطالي، يسيطر هو ورجلان آخران على تجارة المخدرات في الجانب الشرقي من الولايات المتحدة.