صراع النهاية!
كان الرجل النحيف يتلفَّت حوله، وهو يسير متقدمًا «يانكي» القصير الذي كان يضع سيجارةً في فمه، ويضع يدَيه في جيوب معطفه، وكان متبوعًا برجلٍ آخر من الواضح أنه حارسٌ مُسلَّح.
وعلى الفور، وضع «أحمد» خطَّته على أن تظل «إلهام» في صالة السفر لتغطية هجوم «أحمد»، و«عثمان» الذي قرَّر أن يكون في ساحة المطار.
وأسرع «أحمد» و«عثمان» إلى أحد الأبواب الزجاجية الجانبية المؤدية إلى ساحة المطار؛ حيث كان هناك أتوبيس في انتظار الرياضيين، وكانت البعثة تقف على بُعد حوالي مائة متر من باب الخروج.
تقدَّم أفراد العصابة، وبدءوا في صعود سيارة الأتوبيس … في حين وقفَت سيارةٌ أخرى في انتظار تقدُّم «يانكي» لتوصيله إلى مكان الطائرة.
وفي الظلام حيث توارى «أحمد» و«عثمان» اللذان أعدا مِدفعَيهما الصغيرين استعدادًا للمعركة التي قرَّر «أحمد» أن تبدأ فور تحرُّك السيارة بعد ركوب «يانكي».
وعندما اقتربَت السيارة من باب الخروج، فتَح الرجل النحيف الباب. انطلَقت رصاصة ولكنها لم تُصب «يانكي» أو أيًّا من رجاله … فقد كانت قادمة من خلف «أحمد» و«عثمان» من مسدَّس يحمله رجلٌ من رجال «يانكي».
ولكنه قبل أن يُطلِق الطلقة الأخرى كان مدفع «أحمد» أسرع، وأصاب الرجل إصابة دفعَته إلى الخلف عدة أمتار، وقد كانت الطلقة التي حاول بها الرجل إصابة «أحمد» كافيةً لتنبيه رجال «يانكي» ورجال السيناتور إلى أن هناك دُخلاءَ سيُفسِدون خطَّتهم لتهريب رجل العصابات، وعلى الفور كان حول السيارة أكثر من عشرة رجالٍ يُطلِقون النار في اتجاه «أحمد» و«عثمان» اللذَين تواريا خلف أحد الصناديق وأخذا في إطلاق رصاصهم على الرجال المسلَّحين … بينما «يانكي» قفز داخل السيارة وانطلقَت بسرعة في اتجاه الطائرة التي كانت تستعد للإقلاع … وكانت فرصة «أحمد» الوحيدة هي إصابة السيارة قبل أن تصل إلى الطائرة، فأخرج من أحد الجيوب السرية في سترته مسدسًا ضخمًا رفعَه بيده وأحكم التصويب، وأطلق رصاصةً أصابت خزَّان وقود السيارة التي حوَّلَت الليل إلى نهار بسبب انفجار خزَّان الوقود، وتحت وهج النيران كان واضحًا ﻟ «أحمد» و«عثمان» أن «يانكي» لم يُصَب وإنما قفز من السيارة في اللحظة المناسبة قبل أن تصله النيران، وأسرع في اتجاه باب المطار الذي كان أقرب من باب الطائرة، وقفز خلفه مجموعةٌ من الرجال إلى صالة المطار في محاولة للهرب من نيران «أحمد» و«عثمان»، ولكن كانت تنتظرهم المفاجأة مُتمثِّلة في «إلهام» التي بدأَت في إطلاق نيرانها بعنفٍ تجاههم فأصابت أحدَهم؛ مما أثار الفزع والذهول للمسافرين المنتظرين في صالة المطار، وأسرع الناس للاختفاء خلف أي شيءٍ يحميهم من النيران المتبادَلة.
وأسرع أحد رجال السيناتور لمهاجمة «إلهام»، ولكن «إلهام» كانت أسرع، وأطلقَت عليه طلقةً أسقطَت الرجل الذي أخذ يتألم بصوتٍ مرتفع.
أما السيناتور الذي لم ينجح في الوصول إلى الباب الخارجي بسبب رصاص «إلهام» المحكم، فقد أسرع إلى الغرفة العُلوية يحتمي فيها.
وأمام تقهقُر رجال العصابة كانت فرصة «أحمد» و«عثمان» أكبر في التقدُّم وإحكام الرقابة على المدخل الأمامي لمنطقة وقوف الطائرات.
لذلك قرَّر «عثمان» أن يعبُر الباب إلى الناحية الأخرى حتى يكون أقرب، وبالفعل أسرع «عثمان» بالجري إلى الناحية الأخرى من الباب يحميه «أحمد» بطلقات مِدفَعه الرشاش.
وقبل أن يصل «عثمان» إلى إحدى سيارات المطار … حدث شيءٌ لم يتوقَّعه أحد؛ إذ أُصيب «عثمان» في قدمه اليسرى بإحدى طلقات الرصاص، وفي الظلام لم يتبيَّن «أحمد» مدى إصابة «عثمان» الذي لم يظهر من خلف السيارة … مما أثار طمع أحد الرجال بالتقدُّم ناحية «عثمان» لكي يقضي عليه … ولكن «أحمد» الذي أحس بخطَّة الرجل ظهر من خلف الصندوق، وأطلق عدة طلقاتٍ أصابت الرجل فسقط على الأرض.
أما «أحمد» فقد نادى بكل قوة: «عثمان» … «عثمان» … هل أنت بخير؟
لم يَرُد «عثمان» فبدأ القلق يتسرَّب لقلب «أحمد» على صديقه … ولكن الرد جاء سريعًا، في مجموعة طلقاتٍ أرسلها «عثمان» على رجلٍ تقدَّم ناحية «أحمد» …
فابتسم «أحمد» واطمأنَّ على صديقه الذي نادَى على «أحمد»: لا تخف فأنا بخير، إنها إصابةٌ سطحية، استعِد للهجوم فإن موقف «إلهام» قد أصبح أكثر صعوبة.
ثم أخرج كلٌّ منهما قنبلةً يدوية صغيرة، وقذفاها في وقتٍ واحد فأثارت الفزع في صفوف رجال «يانكي»؛ فقد أُصيب بعضهم وأسرع الباقون بالدخول إلى الصالة التي تحطَّم معظم زجاجها ومعظم أثاثها بسبب النيران المتبادَلة.
وحينما دخل «أحمد» و«عثمان» إلى الصالة ورأتهما «إلهام» اطمأنَّت على أنهما بخير … ولكن «أحمد» الذي لم يرَ «يانكي» أو السيناتور منذ فترة، خشي أن يكونا قد هربا، فأشارت «إلهام» بإصبعها إلى أعلى ففَهِم «أحمد» ما تقصد.
ولكن أين اختفى «يانكي»؟ وفجأةً سمع طلقاتٍ نارية مكثَّفة تنطلق في اتجاهه هو و«عثمان» فأحنى رأسه لحظاتٍ ثم رفعها، فرأى «يانكي» يُحاوِل الهرب عن طريق أحد السلالم المؤدية إلى أسفل … حيث مكان انتظار السيارات الخاص بالمطار يحميه رجلان من رجاله، وكانت فرصة «عثمان» أكبر في أن يصيبه، ولم يُضِع «عثمان» الوقت فقد قفز قفزةً رائعة من عمودٍ إلى آخر، وفي هذه المسافة أخذ «عثمان» يطلق عدة طلقاتٍ سريعة نجحَت في إصابة أحدهم، وألقت به أسفل السُّلم … أما الرجل الآخر فقد فضَّل أن يُهرِّب «يانكي».
وبإصابة «يانكي» انتهت خطة الشياطين، فنظروا إلى بعضهم وابتسموا، وأشار «أحمد» بإصبعه إلى الحجرة العُلوية، ففهم الأصدقاء أنها الجزء الباقي من الخطة.
وكان لإصابة «يانكي» أثَره في نفوس الرجال الباقين، الذين وجدوا أنفسهم مُعرَّضين لطلقات الشياطين، فأسرعوا بالهرب.
أحَسَّ السيناتور الحبيس بالخطر المُحدِق حوله، ففتح الباب وخرج أحد رجاله يُطلِق نيرانه في جميع الاتجاهات في محاولة لتغطية هروب السيناتور … ولكنه كان هدفًا سهلًا لطلقة من «إلهام» سقط على أثَرها من الدور العُلوي إلى الأرض سقطةً قوية.
أما «أحمد» فقد أخرج مسدسه القوي الذي يطلق طلقاته المدفعية مُصوَّبةً ناحية الحجرة التي يختبئ فيها السيناتور، وأطلق طلقةً واحدة تحوَّلَت بسببها الحجرة إلى نيرانٍ مشتعلة.
وأسرع الشياطين تجاه الباب الأمامي ناحية سيارتهم، ثم انطلقوا في سرعةٍ رهيبة … ولم يستطع أحد أن يطاردهم خوفًا من الإصابة أو من القتل.
وفي الصباح الباكر، نشَرَت صحف الصباح خبر اغتيالِ رجل المخدرات القوي «يانكي لودا» وسط رجاله … وكذلك إصابة السيناتور المتواطئ، وتحدَّثَت الصحف عن المجهولين الثلاثة الذين كانوا وراء كل هذا.
قرأ «الحصان الفضي» الصحف، في حين فُتحت أبواب الشياطين وخرجوا في هدوئهم المعتاد، ليتناولوا طعام إفطارهم، ونظر إليهم الرجل الهندي في تعجُّب وابتسم … ثم ضحك ضحكةً عالية، وقام وعانق «أحمد» و«عثمان» وهو لا يزال يضحك بسعادة …