الإدارة المالية العادلة
قبل الختام ينبغي أن نتناول إحدى القضايا التي تُعتبر غالبًا في صميم مجال الأعمال، ألا وهي الإدارة المالية. أنا متحمس كثيرًا لطريقة إدارة المؤسسات التقدمية لأموالها، ولخوض غمار هذا الموضوع فمن الضروري فهم كيف تتطور بالفعل الجوانب المالية للمؤسسات، وكيف يمكننا الاستفادة من تلك القوى الإيجابية الجديدة.
في السنوات العشر الماضية، ازداد الثرِيُّ ثراءً وازداد الفقير فقرًا. وهذا يحدث في بعض من أكثر الدول «تقدمًا» في العالم؛ فوفقًا لبيانات تعداد السكان، فإن واحدًا من كل ١٥ أمريكيًّا يصنَّفون حاليًّا من أفقر الفقراء، وهذا معدل مرتفع. لقد انهار النظام المصرفي العالمي المحكم الترابط، واتضح أن المنظمين والبنوك نفسها لا يعلمون أو لا يفهمون معظم ما كان يحدث. وفي وقت كتابة هذا الكتاب تقف عملة اليورو على حافة الهاوية. وما زال كشف فساد السياسيين مستمرًّا. وهنا في المملكة المتحدة، اتضح أن جامعي الضرائب، في إدارة الإيرادات والجمارك الملكية، عقدوا صفقات ضريبية منحازة إلى حد كبير مع كبرى المؤسسات، بينما الفقراء والمعرضون لخطر الفقر يعانون من التخفيضات الضرورية التي يقرها برنامج التقشف في ميزانية الرعاية الاجتماعية ببريطانيا، ويستمرون في دفع ضرائبهم دون بصيص من أمل في التفاوض مع إدارة الإيرادات والجمارك الملكية.
وفي الوقت نفسه، كما تناولنا في هذا الكتاب، يستعرض جيوش المتطوعين غير مدفوعي الأجر قوتهم، مثل: حركة احتلوا، ونشطاء الاختراق الإلكتروني أنونيموس، والمجتمعات المؤثرة، مثل: محرري صفحات ويكيبيديا، ومحرري موقع مامزنت. هذه المنظمات المعاصرة يحفزها المعنى أكثر من المال.
رغم ذلك فإننا نحتاج إلى المال لنعيش. لم يتوفر بعد نظام اقتصاديٌّ يجيد تطبيق الرأسمالية. إذن كيف يمكننا التأثير على الرأسمالية والأساليب التقليدية في إدارة المال والشئون المالية في المؤسسات للمساعدة في تحفيز المؤسسات التي ننتمي إليها ونؤمن بها. كيف يمكننا الاحتفاظ بزخم وطاقة الرأسمالية، لكن مع جعل الأنظمة التي نسيطر ونؤثر عليها — مثل آلية المكافآت في الشركة، وطريقة إدارة المعلومات المتعلقة بالأداء المالي — أكثر عدالة، وأكثر انفتاحًا، وأكثر تشاركية؟ كيف يمكننا جعل حملة الأسهم أكثر مرونة، وجعل سلوكهم أكثر اهتمامًا بالمدى البعيد؟
لحسن الحظ، وربما على نحو متوقع، فإن الشركات الذكية، التقدمية، الواعية تفعل ذلك لنفسها. تُبدي تلك الشركات ازدراءها للحكمة التقليدية، وتكتشف أساليب خاصة بها لإدارة الأمور يجدها الآخرون صادمة. إنها تتيح الاطلاع على دفتر شيكات الشركة والبطاقات الائتمانية الخاصة بها لأي شخص في المؤسسة يقرر أنه يحتاج إليها. إنها تكشف عن كل معلوماتها المالية — بما فيها الأرباح — لكل فرقها، وأحيانًا للعالم الخارجي أيضًا. إنها تشارك الملكية، والمكافآت، والحوافز على نحو لا يقتصر على المسئولين التنفيذيين للشركة، إنها المستقبل.
يهدف هذا الفصل إلى تناول الموضوع الأساسي المتمثل في كيف نجعل الإدارة المالية لمؤسساتنا أكثر عدالة. هل يمكن أن يوجد موضوع أكثر مناسبة من حيث التوقيت من ذلك الموضوع للانكباب عليه؟
(١) لماذا تحظى الأساليب التقدمية في الإدارة المالية بالأهمية؟
الإجابة بسيطة حقًّا: لأن الحقيقة الأهم هي أننا بدون الأساليب التقدمية سنقع جميعًا في ورطة، نحن أعضاء المجتمع المعاصر، نحن المواطنين والموظفين والمديرين والمعلمين والموظفين الحكوميين والآباء والمارة والمتقاعدين (لا سيما المتقاعدين في حقيقة الأمر)، نحن أصحاب الشركات، ورواد الأعمال وحملة الأسهم. ومن ثم نحتاج إلى تحولات سريعة وعاجلة على الأصعدة كافة، في طريقة توزيع وإدارة المال في المؤسسات المكونة للمجتمع.
أعتقد أن تغييرات أكبر ستحدث في المستقبل. تغييرات في النظام برمته. سيكون ذلك حدثًا مثيرًا، ولا أعلم رأيك في ذلك، لكنني أخطط لأن أكون جزءًا من التغيير بطريقة ما. لكن بصرف النظر عن المذهب، أو النظام السياسي، أو موقعك على طيف من الأطياف أو شكل المستقبل المفضل الذي تود أن تراه، فهذا لا يهم الآن، ما يهم هو أن نطور الأوضاع فعليًّا «الآن». لذا فإننا نحسِّن ما لدينا. إننا نتغير لنصل إلى شيء أكبر وأفضل من خلال البدء بهذا المجال. هنا والآن.
ولأننا نحتاج المزايا التي تقدمها الأعمال الآن أكثر من أي وقت مضى، فإننا نحتاج إلى حشد من الشركات الصغيرة التي تلح من أجل التغيير العاجل، وتقدم نماذج بديلة وتبث روح التغيير في الأسواق والأساليب الجامدة. نحتاج إلى أن تقدم الشركات الكبرى خدمات كبيرة ومعقدة، لتحويل الموارد الكبيرة المجمعة إلى نتائج تفيد المجتمع. أما عن الطريقة التي تتصرف بها تلك الشركات في الوقت الراهن فيما يتعلق بالمال فإنها طريقة فاشلة.
لحسن الحظ، فإن مزايا إصلاح تلك الشركات، والاشتراك في التغيير الذي نريد أن نراه في العالم، لهي مزايا هائلة.
(٢) ما الفوائد التي تجنيها المؤسسات التي تدرك أهمية الأساليب التقدمية؟
-
تحقيق المرونة التي تؤدي إلى مدة حياة أطول وأكثر استقرارًا بسبب بناء أسس مالية أقوى وأكثر تنوعًا ومرونة.
-
جذب للمواهب من خلال ترويج البدائل التي أعدتها للممارسات التي بسببها تعرض الكثيرون (لا سيما أفضل المواهب) لإساءة المعاملة أو التي وجدوها دون المستوى.
-
توليد قدر أكبر من الأرباح، من خلال إتاحة مستويات أعلى من الارتباط؛ نتيجة لمزيد من الملكية، ومزيد من الشفافية، ومزيد من أنظمة المكافآت المحفزة على نحو إيجابي.
-
التفوق في التسويق والعلاقات العامة، من خلال الابتكار والقدرة على خلق مكانة سوقية بين الشركات البديلة المنافسة الأبطأ في التحرك، ومن خلال دورها التحفيزي الذي ساعد النظام البيئي المالي بالكامل (الموردين، الموظفين، العملاء، إلخ) في تطبيق ممارسات تقدمية.
-
تقليل تكاليف من خلال خفض النفقات الثابتة والبيروقراطية، وتقليل المعوقات المتعلقة باتخاذ القرارات المالية، وزيادة الثقة في القرارات المتعلقة بالاستثمار ووضع الميزانية.
عندما أبلغ ثمانين عامًا، أريد أن أشعر أنني ساعدت في إتاحة تعليم على مستوى عالمي لمليارات من الطلبة حول العالم. هذا يبدو أفضل بكثير من تأسيس شركة تقدم خدمات تعليمية لمجموعة فرعية من سكان العالم المتقدم القادرين على دفع ١٩٫٩٥ دولارًا أمريكيًّا شهريًّا وبيعها في النهاية إلى إحدى شركات الكتب الدراسية أو ما شابه ذلك. أنا لديَّ بالفعل زوجة جميلة، وابن مرح للغاية، وسيارتان من طراز هوندا، ومنزل جميل. ما الأمور الأخرى التي قد يحتاجها الرجل؟
أنت محق على الأرجح.
(٣) كيف تبدو الإدارة المالية العادلة؟
ربما أفضل طريقة للتفكير في ذلك هي فحص الجوانب المالية لشركتك (أو أية شركة أخرى) وفقًا للزوايا التي تعكسها القيم المذكورة على مدار هذا الكتاب بأكمله.
-
الهدف.
-
العدالة.
-
الانفتاح.
-
المشاركة.
-
المرونة.
إذن، دعونا نفكر في الإدارة المالية من منظور كل قيمة من قيم ثقافة الأعمال الجديدة.
(٣-١) الهدف
إذا سألتك ما هو هدف معظم الشركات، فماذا سيكون جوابك؟ دعني أخمن، ستقول «من أجل جني الأرباح»، رائع، إجابة صحيحة مائة في المائة. إلا أننا كما رأينا في الفصل الأول الذي يتحدث عن الهدف والمعنى، فإن أصحاب التأثير في القرن الحادي والعشرين ليسوا مدفوعين نحو تحقيق الأرباح، بل نحو تقديم إسهام أكبر للمجتمع. الأرباح هدف مهم لكنه ثانوي، بل ربما يكون نتيجة. إذن ما هو دور الربح في شركة متحمسة لتحقيق هدف عظيم؟ إنه الوقود.
-
البقاء مستقلين، والاستمرار في رسم طريقهم الخاص، متحررين من أية أجندة للشركة الأم، أو من تشتيت جهودها في جمع التمويل.
-
الاستثمار في الابتكار والتطور المستمر.
-
جذب أفضل الأشخاص ومكافأتهم والاحتفاظ بهم.
-
توزيع الأرباح للطبقة الناشئة من المساهمين المستنيرين الذين يستطيعون الاستثمار مرة أخرى في شركات أفضل.
إذن فإنك تعلم أن شركتك المستقبلية، أو الشركة التي تمارس دورًا بها في الوقت الحاضر، يمكنها أن تتجه نحو قرار أكثر حكمة، يوازن بين الهدف من ناحية، والأرباح من ناحية أخرى. يمكن للجانبين التعايش معًا. في الحقيقة، يمكن أن تسير الأمور على نحو أفضل عند وجود كلا الجانبين.
لكن هذا لا يعني أن كل التوتر سوف يختفي. وفقًا لخبرتي، سيوجد دائمًا توتر بين الربح والهدف. يمكن أن يكون الربح محور الانتباه والتركيز على المدى القصير؛ فضوء الربح يومض على لوحة التحكم يوميًّا وأسبوعيًّا وشهريًّا. إن الربح يشبه لوحة نتائج مباراة كرة القدم، فهو رقم سهل تعقبه، ولذلك سرعان ما قد تخلق لعبة الربح سلوكًا لديك ولدى المحيطين بك المتحمسين للفوز في الألعاب.
على الجانب الآخر، فإن للهدف قوة جذب أبطأ لكنها أكبر على الأرجح. إن قوته أكثر شبهًا بكتلة جليد تتحرك، مقارنةً بالربح الذي يشبه زورقًا سريعًا يمشي على نحو متعرج. إنه لا يومض على لوحة التحكم، وليس من السهل (بأي حال من الأحوال) تعقبه في أحد الجداول الممتدة، بل ستجد الهدف داخل الأفراد الموجودين في المؤسسة، في قلوبهم، في حكمتهم الجمعية؛ ومن ثم فمن أجل الحصول على ذلك يلزم «الانتباه»، من الضروري أن تبطئ وتصفي ذهنك؛ لتعرف إن كنت تتبع الهدف أم تحيد عنه. الهدف يعتمد على الضمير، على تأجيل المكاسب قصيرة المدى، والتركيز على رؤية طويلة المدى. الهدف يختبرك ويعذبك؛ حيث يظل في الخلفية يطالبك ويطالب مؤسستك بالسعي نحو المزيد، ويمنحك قدرًا أقل من مشاعر النشوة والحماس المرتبطة بتحقيق الأرباح. ونظرًا لأننا في الغالب كائنات تهتم بالمدى القصير، فلا عجب أن الربح يتغلب في أغلب الأحيان على الهدف؟
إذا استطعت أن تحقق الاثنين وتحتفظ بهما في حالة من التوتر الصحي، فماذا سيقدم ذلك لمؤسستك؟ كيف سيبدو الحال إذا عملت في شركة تدعم كلًّا من الربح والهدف وتصفهما بوضوح؟
هذا هو العمل الذي يجب أن نضطلع به. توجد بعض المقترحات حول طريقة مواجهة تلك الموضوعات لاحقًا في هذا الفصل.
(٣-٢) العدالة
لنبدأ بسؤال آخر: ما هو العادل وما هو غير العادل في طريقة إدارة الشركات العادية لمواردها المالية؟ ما الذي يخطر على بالك؟
-
توازن المكافآت في كل أنحاء المؤسسة، لا سيما الفرق بين الموظفين والمسئولين التنفيذيين؟
-
كيف يتقاضى العاملون في الوظائف نفسها مبالغ متباينة على نحو هائل دون سبب واضح؟
-
استمرار إعطاء النساء رواتب منخفضة في محيط العمل؟
-
المفاهيم التقليدية حول إدارة الموردين، وبروز تدبيرات التوريد، والعلاقات وعوامل التأثير التي يخلقها ذلك بين «الشركاء»؟
العدالة في سياق الإدارة المالية أصعب مما قد يبدو في البداية، فعلى سبيل المثال علينا مراعاة دور الجدارة، فما يعتبر منصفًا لأحد الأشخاص — ربما شخص يؤمن بالأجور المتساوية على المستويات الإدارية كافة للأشخاص الذين يقومون بالوظيفة نفسها — قد يكون غير منصف إلى حدٍّ كبير بالنسبة لشخص آخر — ربما يكون شخص صاحب أداء وظيفي مرتفع يتفوق على زملائه في الوظيفة نفسها، ويشعر بضرورة مكافأته. توجد وجهات النظر المختلفة تمامًا، حتى في أكثر المجموعات الصغيرة ترابطًا التي تضم أشخاصًا متشابهين فكريًّا يعملون معًا. إن كشف تلك الاختلافات يمكن أن يكون ساحرًا وكذلك مثيرًا للمتاعب، فابدأ بحذر!
لنقرر حقًّا ما هي الأمور «العادلة» من منظور أيديولوجي، سنحتاج إلى مناقشة فكرية دقيقة جدًّا، ومحاولة للتوصل لتوافق للآراء (ربما باستخدام الطرق الموصوفة في الفصل الذي يتحدث عن الديمقراطية والتمكين). إلا أننا إذا نحينا ذلك جانبًا للحظة، فسيبدو أن ثمة توافق آراء مجتمعيًّا بدأ يظهر في الوقت الراهن، وواضح أنه مناقض لتوافق الآراء حول ممارسة الأعمال بالطريقة المعتادة. وبصرف النظر عن تعقيدات وجهات نظر الأفراد، فإنني أحاول أن أقول إنه يوجد تحول كبير في التوجهات يعلن عن نفسه لنا في الوقت الراهن. إن حركة احتلوا، وتصنيف المجتمع إلى أثرياء يشكلون واحدًا في المائة بينما يشكل بقية الأفراد تسعة وتسعين في المائة، هما من العلامات المبكرة الدالة على أن كثيرًا من الناس — الأغلبية على الأرجح — يعتقدون أن الأعمال التقليدية ظالمة. لنعبر عن الأمر ببساطة: إنهم يرون أن مجال الأعمال عامل أساسي في الظلم.
تخيل لو أمكن أن تصير شركتك جزءًا من حل هذه المشكلة، وأن تصبح رائدًا في هذا الاتجاه من خلال إدارة الأمور المالية بطريقة جديدة و«عادلة» متفق عليها. ما الذي سيحققه ذلك لك ولمؤسستك؟ كيف سيكون شعورك عندما تنشئ نوعًا جديدًا من النماذج التي يقتدى بها، منتميًا إلى حركة من نوع جديد؟
ومن ثم، كلما بكَّرنا في معرفة الأمور التي نتفق في شركتنا على كونها «عادلة»، وجعلنا سلوكنا متوافقًا معها، فسرعان ما سنجد أنفسنا في موقف مستدام، وقادرين على الازدهار في كل من الوقت الراهن، وأثناء التغيرات الخارجة عن سيطرتنا التي سوف تأتي.
(٣-٣) الانفتاح
إذن، ما مدى انفتاح مؤسستك فيما يتعلق بالأمور المالية؟ سؤال جيد أليس كذلك؟ عادةً يرسم هذا السؤال ابتسامة على الوجه عند طرحه على أحد الأشخاص، أتوقع الابتسامة على وجهك بالخصوص، لكونك قارئًا لمثل هذا النوع من الكتب. أو يؤدي إلى الزمجرة، أو العبوس، أو شهقة رعب إذا كنت مسئولًا ماليًّا أو محاسبًا من أتباع المدرسة القديمة! أي انفتاح تتحدث عنه؟!
إن التحدي الذي يواجه هؤلاء الأشخاص، سواء أَرَضِينا أم سخطنا، يتمثل في أننا ننطلق نحو عالم أكثر انفتاحًا. منفتح بمعنى أنني إذا وجدت معلومة رقمية فإنني أستطيع مشاركتها مع ملايين من الأشخاص خلال دقائق. منفتح بمعنى وجود تغيرات على الصعيد الثقافي والتكنولوجي نحو سلوكيات وأنظمة وتوجهات أكثر انفتاحًا، كما تناولنا في الفصل الخامس الذي يتحدث عن الانفتاح المؤسسي.
-
مشاركة الأداء المالي مع كل الأشخاص في المؤسسة، هل تتم يوميًّا أم أسبوعيًّا أم شهريًّا أم كل ربع سنة؟
-
اتباع كامل لنظام سجلات المحاسبة المفتوحة، هل يستطيع كل شخص معرفة أين يذهب كل قرش، ومعرفة ما يتقاضاه كل شخص في المؤسسة بسهولة؟
-
هل تتمتع بشفافية الأداء المالي أمام العالم الخارجي (ليس من خلال هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية أو غيرها من متطلبات سوق الأوراق المالية)؟
-
هل تشارك المقاييس المالية على نحو صريح مصحوبةً بالمؤشرات الأخرى المهمة؟ أي ليس فقط مشاركة سعر السهم بل مشاركة سعر السهم مع تتبعه في ضوء نتائج مستوى ارتباط الموظف.
الانفتاح والإدارة المالية قضيتان مثيرتان للاهتمام عند الجمع بينهما؛ لأنهما غالبًا منفصلتين للغاية. في المملكة المتحدة من المؤكد أن الحديث عن المال — لا سيما الأمور المالية الشخصية — ليس بالأمر الذي نجيده حقًّا، ليس مثل أقربائنا الهولنديين أو السويديين أو الألمان، الذين يستمتعون كثيرًا بالصراحة والمباشرة، ويسألون دون تحفظ على العشاء أسئلةً من نوعية: «كم تتقاضى؟» إلا أنه حتى خارج الجزيرة البريطانية الصغيرة، فإن الشركات تميل إلى إدارة أمورها المالية مثل أسرار الدولة، فتكشف المعلومات على أساس المعرفة على قدر الحاجة، وتوجد مستويات من السلطة وإمكانية الاطلاع، وتخفي الأسرار عن كثير من الناس، وهذا في العموم بعيدًا جدًّا عن الشفافية، بل هو تعتيم تام في الحقيقة.
رغم ذلك، كما استعرضنا في الفصل الخامس الذي تناول الانفتاح المؤسسي، فإنه توجد قوة كامنة تنتظر استغلالها في هذا الصدد. إن الطاقة نفسها الموظفة للحفاظ على السرية والتعتيم فيما يخص الشئون المالية للمؤسسة يمكن تحويلها إلى سمعة طيبة هائلة خارجيًّا وداخليًّا، ومضاعفتها عند توفير التكاليف والمتاعب من خلال تحرير المعلومات والسماح للأشخاص بتوظيف تلك الطاقة في مجال آخر.
(٣-٤) المشاركة
-
هل الشئون المالية وطريقة إدارتها تمثلان نشاطًا تشاركيًّا في مؤسستك؟
-
إلى أي مدى يعتبر التخطيط المالي ووضع الميزانية نشاطًا جماعيًّا؟ أم تضطلع الإدارة والشئون المالية بأمرهما بالكامل؟
-
هل أنظمة المكافآت وملكية الأسهم تشاركية، هل ترحب بالمساهمات، والتأثير، والمشاركة من قاعدة عريضة، أم أنها محجوزة لقلة؟
-
ما نوع الأذونات المتاحة لأي شخص في المؤسسة لاتخاذ قرارات متعلقة بالإنفاق أو الاستثمار؟ إلى أي مدى يتمتع الشخص العادي في المؤسسة بالتمكين في هذا السياق؟
كما تعلم، فإن هذا الكتاب (ومن ثم مؤلفه!) يعتقد أن هذا القرن الجديد سيتميز بالمشاركة على نطاق أكبر بكثير، وبأهمية أكبر بكثير مما تخيله الناس حتى الآن. المشاركة سوف تتغلغل في كل شيء، والأشخاص يطالبون بها بالفعل. وقريبًا سوف يصبح من غير المتخيل ألا أستطيع التأثير على قائمة مطعمك، أو التعليق على سمات منتجك، أو المساعدة في اختيار الرئيس التنفيذي المستقبلي عبر منصات منفتحة، وشفافة، وتشاركية، ومواكبة للزمن الفعلي. ومن ثم فإن القوى نفسها سوف تؤثر على طريقة إدارة الشركات لشئونها المالية.
ستصبح طريقة وضع الميزانيات أكثر تشاركية (بالفعل، في الفصل الثاني ألقينا نظرة على شركة إتش سي إل تكنولوجيز ومنصة «ماي بلوبرينت» القائمة على أساس ديمقراطي، والمستخدمة في وضع الميزانية السنوية والتخطيط السنوي). سوف تصبح طريقة التخطيط المالي، والتنبؤ المالي، ووضع الخطط أكثر تعاونية. وستصبح الحوافز التي يحصل عليها الأفراد في الفرق المحيطة بنا أكثر ديمقراطية. وسيصبح مكان وطريقة توزيع الأرباح أكثر تشاركية. وستكون النتائج هائلة، حيث ستعج المؤسسات بالحوار، وبالأفكار المفعمة بالحماس، وبالصراع الصحي. سوف يتغير أعضاء المجتمع المالي بالضرورة — المحاسبون الإداريون، ونواب الإدارة المالية، والمديرون الماليون، وكبار المسئولين الماليين، وماسكو الدفاتر، والبقية — من كونهم الأشخاص المعروف عنهم أنهم الأفضل معرفةً وحفظة الأسرار، إلى مشرفين ومديرين للقرارات المتخذة على نحو جماعي. سيتحول تركيزهم من «تحديد ما يشرفون عليه» إلى «تحديد ما يشاركونه».
(٣-٥) المرونة
لعل المرونة في طريقة إدارة المؤسسة لشئونها المالية هي من الأمور الأسهل إغفالها والأصعب في تقييمها، لكنها مهمة بالتأكيد. بعد الكثير من التقلبات البيئية والاقتصادية والسياسية، في أوائل القرن الحادي والعشرين، أصبحت المرونة مفهومًا أكثر رواجًا. اقرأ الكتاب الممتاز الأفضل مبيعًا «البجعة السوداء» لنسيم نيكولاس طالب، ومدونة «متمردون عالميون» الرائعة لجون روب، والكتابات والفعاليات التي قدمها فيناي جوبتا. كل هذه الأعمال أمثلة على ظهور التفكير المرن خارج نطاق المجتمعات الأمنية والعسكرية. إلا أنه على الرغم من أن المرونة أصبحت مفهومًا رائجًا لدى البعض، فلا يبدو أن الجميع يرغبون في تدبر تحديات العقد الماضي وإصلاح بعض الأسباب الأساسية إصلاحًا حقيقيًّا، وجعل العالم أكثر مرونة من خلال قيامهم بتلك الأفعال. يبدو أننا نرغب في الإسراع في التقدم، وألا ننظر إلى الماضي نظرة جدية.
على صعيد الشئون المالية، ربما يوجد الكثير من الأمور التي يمكن فعلها من خلال المرونة. وأقصد بالمرونة القدرة على الصمود في وجه التحديات، وتحملها، والبقاء في موقف يسمح بالاستمرار بمجرد مرورها (أو التكيف معها بنجاح في حالة عدم مرورها).
-
ما مدى مرونة مؤسستك على الصعيد المالي؟
-
ما الذي يمنح المؤسسة المرونة المالية؟
-
ما الجوانب التي تفتقر المؤسسة فيها إلى المرونة ولماذا؟
-
فكر فيما يلي: العلاقات مع العملاء، الاحتياطيات النقدية، مصادر الدخل، القدرة على إيجاد إيرادات جديدة، قاعدة التكاليف الثابتة، عدد العلاقات مع المساهمين وقوتها، الاعتماد على القانون التنظيمي أو غيره من أشكال الحماية.
-
ماذا ستفعل مؤسستك لتصبح أكثر مرونة ماليًّا على نحو هائل؟ وما الفوائد المتوقعة من ذلك؟
ربما تكون الاحتياطات النقدية التي تمتلكها المؤسسة من الجوانب التي فكرت فيها للتو. أو ربما فكرت في بعض جوانب الاعتماد المفرط وما تطرحه من خطر، وفي نقاط فشل متوقع محددة؛ مثل علاقة ذات قيمة هائلة مع أحد العملاء، أو اعتماد معين على أحد الموردين المعنيين بتوريد مكونات أو خدمات أساسية. كل هذه الأمور تسهم في المرونة المالية. ربما فكرت في المساهمين في المؤسسة — من يكونون، وهل المخاطر موزعة على نطاق واسع كافٍ أم يوجد فحسب مساهم واحد أو اثنان، وما السلوك المتوقع لهؤلاء المساهمين عند حدوث أزمة؟
في العموم، عندما يتعلق الأمر بالمرونة المالية، فإن المجموعات المتجانسة الصغيرة المحكمة الترابط، من المتوقع ألا تكون آمنة، فكر مثلًا في النظام المصرفي العالمي، أو في تقنية الزراعة الأحادية في مجال الزراعة، أو في الثقافة الأحادية في الشركات الصغيرة؛ تلك الشركات التي عادةً ما يمتلكها بالكامل واحد أو اثنان من المساهمين المؤسسين، والقصص المتداولة عن الشركات التي انهارت؛ لأنه كان لديها علاقة واحدة شاملة التأثير مع أحد العملاء، أو فكر في المنظمات غير الهادفة للربح التي اعتمدت على مصدر تمويل وحيد لطالما كان يتجدد كل عام حتى توقف. يجب أيضًا التفكير في التحديات والفرص التي أوضحناها عند التحدث عن العدالة فيما سبق؛ فالأساليب الظالمة سوف تصبح أقل مرونة على نحو متزايد وهائل.
حسنًا، بعد أن قدمنا المبادئ والأخلاقيات المتعلقة بطريقة تعامل الشركات الاجتماعية مع شئونها المالية، لنتطرق إلى الجانب العملي.
(٤) كيف نجعل المؤسسة تتجه نحو إدارة مالية أكثر عدالة؟
توجد ثلاث فئات لفرص الأنشطة العملية، كل منها يندرج إما تحت عدالة الاطلاع، أو عدالة المكافآت، أو عدالة التأثير. لعل من الأسهل البدء بالاطلاع (على الرغم من أنه ليس موضوعًا سهلًا بالقطع!)، وسنتقدم مباشرةً لنصل إلى بعض من الإمكانيات بالغة الإثارة والقوة المتاحة في عدالة التأثير التي تتغلغل في صلب طريقة تصرف المؤسسة.
- (١)
سجلات المحاسبة المفتوحة (عدالة الاطلاع).
- (٢)
مشاركة الأرباح اعتمادًا على قرار الأفراد (عدالة المكافآت).
- (٣)
النسب بين المستويات العليا والدنيا (عدالة المكافآت).
- (٤)
قياس المال والسعادة (عدالة المكافآت).
- (٥)
اشتراك الجميع في وضع الميزانية (عدالة التأثير).
- (٦)
التمكين المالي (عدالة التأثير).
- (٧)
ملكية الموظف (عدالة التأثير).
- (٨)
تمويل المعجبين (عدالة التأثير).
(١) سجلات المحاسبة المفتوحة (عدالة الاطلاع)
النشاط باختصار
إتاحة كل المعلومات المالية أمام المؤسسة بأكملها، والعمل على تكوين قدر أكبر من المعرفة المالية لدى كل موظف.
تفاصيل النشاط
سجلات المحاسبة المفتوحة من السهل جدًّا تنفيذها. إنك تتيح الاطلاع على الشئون المالية للمؤسسة بالكامل، أمام كل من في المؤسسة. الأمر بسيط، ومن ثم فالتحدي أو النقاط المعرقلة لن تتمثل في التطبيق العملي، بل ستكون متعلقة بثقافة الشركة، ومتعلقة بالنظرة العالمية، والحكمة المتصورة، و«الطريقة التي لطالما أُنجزت بها المهام».
في شركتنا تُعِدُّ المديرة المالية الحسابات الإدارية الشهرية قبل اجتماع مجلس الإدارة، والتي تتضمن بيانًا بالأرباح والخسائر، والميزانية، وتقريرًا ملخصًا بمؤشرات الأداء الرئيسية (مثل نسبة الربح لكل شخص)، وبعض المعلومات الأخرى (هل تتوقع مني قراءة كل ذلك؟!) والأهم هو تلخيصها لوضع الشركة. وبعد ذلك، وببساطة تامة، بدلًا من إرسال بريد إلكتروني إلى مجلس الإدارة، فإنها ترسلها إلى الفريق بأكمله.
بالإضافة إلى ذلك، لدينا بيانات أسبوعية توضع على سبورة بيضاء للاجتماع الأسبوعي الذي يعقد كل إثنين، ويجتمع فيه كل أفراد الشركة واقفين (نحن عشرين مستشارًا أو ما يقرب من ذلك)، وتسرد هذه البيانات أرقام الإيرادات والأرباح للشهر الحالي والشهرين القادمين، والنسبة المئوية لسعادة الفريق في الأسبوع المنصرم.
يأخذ الموظفون دروسًا في الشركة لتعلم المفاهيم المالية الأساسية. بدأت الشركة تطلعهم على الأرقام الحقيقية — المبيعات، والتكاليف، والأرباح، وغيرها — بالإضافة إلى كل معلومة أخرى تقريبًا قد يرغبون في معرفتها. وفي اجتماعات الموظفين الدورية يراجعون الأرقام ويتوقعون النتائج.
إذن هؤلاء الناس في سوق صناديق الكرتون التنافسي استطاعوا فعل ذلك، فالسؤال الحقيقي هو: ما الذي يمنعك/يمنعكم من إتاحة الاطلاع على الحسابات؟ وهل هذا العائق عادل ومستدام، نظرًا لأن هذه الحركة تتزايد وتتزايد والعالم يتغير من حولنا؟ والأهم من ذلك، هل فكرت/فكرتم حقًّا في فوائد إتاحة الاطلاع على كل المعلومات المالية؟ هل فكرت/فكرتم في إزالة كل التصورات الخاطئة، وكشف بعض الأسرار، وتمكين الأفراد من اتخاذ قرارات وتحمل المسئولية بعد معاملتهم كراشدين؟
(٢) مشاركة الأرباح اعتمادًا على قرار الأفراد (عدالة المكافآت)
النشاط باختصار
امنح الموظفين مسئولية التأثير على حوافز زملائهم.
تفاصيل النشاط
في كثير من المؤسسات يوجد نوع من المشاركة في الأرباح أو نظام للحوافز. وفي حين أن مشاركة الأرباح يجب الثناء عليها — أعلم أنني أصفق عاليًا في كل مرة يمنحني فيها أحد الأشخاص علاوة — فإنه يوجد أحيانًا شعور بأن حساب الحوافز قد يكون بالغ الغموض، ومعتمدًا على أهواء أو تفضيلات قلة من المديرين. اعترافًا بهذه العيوب، تحمل شركات في هذه الموجة الجديدة مشعل الريادة في استخدام أساليب جديدة متعلقة بطريقة توزيع برامج الأرباح تلك.
مينت شركة بريطانية صغيرة محبوبة كثيرًا تصمم «مواقع اجتماعية مبهجة» لعملاء مثل إم تي في وتشانل فور وبي بي سي وسوني إريكسون، من استوديوهاتها في لندن ونيويورك. بالإضافة إلى تبنِّي الشركة مجموعة من الأساليب المعاصرة الرائعة في إدارة عملها (مثل مبادرة تطوير البرمجيات ويب آب ويك إندر التي تعقد داخل الشركة وتستحق أيضًا أن نستمد منها الإلهام)، أرادت مينت تجربة أسلوب بديل لنظام الحوافز السنوي.
ولما استلهمت مينت محاولة سابقة من شركة أخرى تدعى «لف ماشين» قررت ما يلي في عيد الميلاد المجيد عام ٢٠١٠:
- (١)
«في المقام الأول، لقد كان الأمر ممتعًا. كان قويًّا وملهمًا. بدا أنه واحد من أكثر الأفكار رواجًا التي جربناها في شركة مينت. كان التقييم المعتاد على النحو التالي:
«إنها فرصة رائعة لمكافأة الأشخاص الذين قدموا مزيدًا من التعاون.»
«تعجبني حقًّا فكرة نظام الحوافز وأعتقد أنه طريقة رائعة لتوزيع المكافآت.»
- (٢)
كانت الاستراتيجية الأكثر شيوعًا هي تقسيم المكافأة بالتساوي بين كل الموظفين، والتي نُفذت كما يوضح الموظفون الذين استشهدنا بهم في الأعلى والمؤيدون بشدة لنظام المكافآت هذا.
- (٣)
في العموم، وجدنا نتائج مشابهة لنتائج شركة «لف ماشين». وبصفة خاصة، كافأ النظام الموظفين غير المشهورين «العاملين وراء الستار» أكثر مما كافأ المديرين. وساعد على تسليط الضوء على بعض الأبطال غير المحتفى بهم داخل شركة مينت.»
بالنسبة للأشخاص الذين يشعرون أن تلك الفكرة الغريبة يمكن أن توجد فقط في شركة صغيرة، انظروا إلى ما تفعله شركة «آي جي إن إنترتينمنت» — وهي أحد فروع إمبراطورية نيوز كوربوريشن — بنظام الحوافز الخاص بها المعروف باسم «الأجر الفيروسي». مرة أخرى، يتمثل المبدأ الأساسي في تخويل الأقران بتوزيع المكافآت على الأشخاص من حولهم والتأثير على طريقة مكافأتهم. في نظام «الأجر الفيروسي» في شركة آي جي إن الذي يُجرى مرتين في السنة، يستخدم الموظفون «عملات رمزية تقديرية» لمشاركة المكافآت بين أفراد الشركة.
في مقالة في مجلة «فاست كومباني» وصف جريج سيلفا، نائب رئيس إدارة الأفراد والمرافق، الأصول التي نبع منها ذلك النظام فقال: «كان الموظفون يقولون: «من الرائع أن يعلم المديرون من هم الأشخاص الأعلى كفاءة وأصحاب الإسهام الأكبر، لكن بصراحة تامة، نحن أكثر علمًا؛ لذلك دعونا نكافئ ونشكر أقراننا».» انظر قسم قراءات إضافية للحصول على رابط للمقالة كاملة.
ما رأيك؟ هل توجد طريقة يمكنك من خلالها تنفيذ هذه الفكرة (أو عمل تعديل جديد لها) في فريقك، أو إدارتك، أو المؤسسة كلها؟
(٣) النسب بين المستويات العليا والدنيا (عدالة المكافآت)
النشاط باختصار
احسب النسب بين الشخص الأعلى أجرًا في المؤسسة والشخص الأدنى أجرًا، وانشرها، واخلق حوارًا داخليًّا حول النسب التي ينبغي أن تكون موجودة.
تفاصيل النشاط
إذا كنا سنخرج بدرس من المظاهرات، والتقلب، والتغيرات التي شهدها المجتمع الغربي مؤخرًا؛ مثل حركة احتلوا، وأعمال شغب لندن، وتعهدات جيتس وبافيت الرائعة التي نجحت في تشجيع المليونيرات الأمريكيين على التبرع بخمسين في المائة أو أكثر من ثروتهم للأعمال الخيرية، فسيكون هذا الدرس هو ما يلي: إن الاختلاف الشاسع بين الأغنياء والفقراء غير مستدام. (إن الظلم الناتج عن ذلك واضح، ويتطلب على الأرجح حوارًا مربكًا ومستفيضًا على حدٍّ سواء، لذلك فمن أجل إنجاز المهام، دعونا نلتزم بصفة «غير مستدامة».)
أدركت الشركات المستنيرة في حركتنا هذا الأمر منذ وقت طويل، واستخدمت نسبًا بسيطة للحفاظ على العلاقة الصحية بين الرواتب داخل المؤسسة؛ ليكون لديها موسرون وموسرون أيضًا، بدلًا من أغنياء وفقراء.
في موندراجون — تكتل الشركات الإسباني هائل النجاح المملوك للموظفين الذي يضم ٢٥٠ شركة مختلفة تحقق أرباحًا تزيد عن ١٤ مليار يورو سنويًّا — يحدد تصويت ديمقراطي داخل كل شركة منفردة النسبة بين رواتب المدير العام والمسئولين التنفيذيين ورواتب الموظفين العاديين. في موندراجون تتراوح النسب ما بين ٣ : ١ و٩ : ١، ومتوسط النسب هو ٥ : ١ وفقًا لويكيبيديا (!) ينص دستور شراكة جون لويس على ما يلي: «أجر الشريك الأعلى أجرًا لن يكون أكثر من ٧٥ ضعفًا لمتوسط الأجر الأساسي للشركاء غير الإداريين في الساعة.» إذن فالنسبة هي ٧٥ : ١ — ليست سيئة! أما في المملكة المتحدة، فوفقًا لمقالة صادرة عن المعهد المعتمد للتنمية الشخصية، فقد سئل ويل هاتن، الكاتب والمناصر للعدالة، عما إذا كانت نسبة ٢٠ : ١ في أجر القطاع العام سوف «تعزز العدالة». وفي آخر مرة حسبنا فيها النسبة في شركتنا في مايو ٢٠١٠ كان أجري يزيد بمعدل ٢٫١ مرة عن متوسط راتب بقية الفريق. أعتقد أنه يوجد متسع كبير لزيادته!
يبدو أن النسب نفسها مرنة، ويمكن أن تعمل بكفاءة وفقًا لكل مؤسسة، ورغباتها، وهدفها، ودستورها، والقوى المحركة للأعمال. بيد أن المبدأ الأساسي هو مصدر القوة، وهو أن رابطًا واعيًا وواضحًا بين مكافآت الموظفين في المستويات الدنيا وأصحاب المناصب العليا المرموقة أصبح موجودًا وخاضعًا للمراقبة. هذا الأمر سوف يتزايد لا محالة. فعليك بالتقدم.
(٤) قياس المال والسعادة (عدالة المكافآت)
النشاط باختصار
طبِّق أسلوب دِلاء السعادة، وابدأ في دمج مقاييس السعادة مع جميع التقارير المالية والتشغيلية؛ من أجل عرض السياق المهم الذي يحيط بجودة أداء المؤسسة من منظور شامل.
تفاصيل النشاط
إحدى المشكلات التي يعاني منها مجال الأعمال فيما يتعلق بطريقة إدارته للشئون المالية، هي الطبيعة الإدمانية للمقاييس المالية الصرفة؛ نظرًا لكونها مطلقة، وبسيطة، وواضحة. لسوء الحظ، كما بدأنا ندرك على ما يبدو، فإن تلك المقاييس لا ترصد كل الأمور المهمة، مما يذكرنا كثيرًا بمقولة أوسكار وايلد الشهيرة: «إنه رجل يعرف سعر كل شيء ولا يعرف قيمة أي شيء.»
نتيجة لذلك، أعتقد أننا سنشهد، في كل من المجتمع والمؤسسات الفردية، المزيد والمزيد من المقاييس الكلاسيكية، الممزوجة بمقاييس السعادة، أو الرفاهة، أو الهدف، أو غيرها من مقاييس «المعنى» التي تضيف سياقًا إنسانيًّا وواقعيًّا مفقودًا نحتاج إليه بشدة، إلى أرقام تبدو بدونه باردة ومملة.
لماذا إذن لا تطبق في شركتك ممارسة دلاء السعادة الموصوفة في الفصل الثالث الذي يتحدث عن الأشخاص التقدميين؟ وبعد ذلك ابدأ بدمج مقاييس السعادة في التقارير المالية والتشغيلية ذات الصلة. وبهذه الطريقة، سوف تخلق فهمًا جديدًا لعدالة المكافآت.
إذا كانت السعادة في انخفاض، لكن الأرباح في ارتفاع فإن تقديم بيانات عن كلا الأمرين في الوقت نفسه سوف يمنع الناس من التركيز على جانب على حساب الجانب الآخر. ولنقتبس مرةً أخرى أحد الأقوال المأثورة لبيتر دراكر: «ما يخضع للقياس يخضع للإدارة.» إذا شجعت على قياس السعادة في شركتك فيما يتعلق للأداء المالي، فسوف تساعد المؤسسة في إدارة كلا الجانبين المتعلقين بأدائها على نحو أفضل، وستجعلها ترى أن كلا الجانبين مرتبط أحدهما بالآخر، وليسا منفصلين تمامًا.
(٥) اشتراك الجميع في وضع الميزانية (عدالة التأثير)
النشاط باختصار
صمم منصات أو عمليات تسمح بالاطلاع الكامل وغير المسبوق على إعداد الميزانية والتخطيط، بما في ذلك التصويت على الاستثمارات التي يجب أن توليها الشركةُ الأولويةَ في هذه الفترة.
تفاصيل النشاط
في الفصل الذي يتحدث عن الديمقراطية والتمكين رأينا كيف حققت شركة إتش سي إل تكنولوجيز، شركة البرمجيات الهندية سريعة النمو، تحولًا ثقافيًّا كبيرًا من خلال تطبيق عدد من العلميات والمنصات التي احتفت بإسهامات الأفراد من أنحاء المؤسسة كافةً، من المستويات الدنيا حتى المستويات العليا. إذا أخذنا ذلك المبدأ وطبقناه على إعداد الميزانية والتخطيط، ألن يكون لدينا مزيد من الأمور التي نستطيع جميعًا فعلها لإشراك الموظفين، الموظفين الذين سيحققون النتائج بالفعل؟
في شركة نيكسون ماكينيس نتبع منهجًا معياريًّا إلى حدٍّ كبير لوضع الميزانية؛ إذ يضع كل مدير خطة متعلقة بمجاله للسنة القادمة، وتجمع الإدارة المالية كل قطعة من قطع الأحجية، وبعد ذلك، عندما تبدأ الأمور في التكامل بنجاح، تتحدث إلى بعض أعضاء مجلس الإدارة عن شكل الخطة كاملة والجوانب التي بها الأمور غير متوازنة. لا يوجد شيء جديد في هذا الصدد.
التغيير الديمقراطي الوحيد الذي أجريناه في السنة المالية الماضية كان عندما وصلنا لمرحلة حيث كانت كل مبادرة، وكل استثمار، وكل جانب، في حالة توازن نسبي لدرجة أنه أصبح واضحًا أننا لا نستطيع فعل كل ما نريد فعله في تلك السنة. كان لا بد أن يتنازل بعض الموظفين، في الحقيقة، كان لزامًا على الكثير تقديم تنازلات. فشل مجلس الإدارة في تحديد الجوانب التي يمكن تقليل مستوى أولويتها، ولذلك أوكلوا ذلك إلى الفريق، وعقدنا «جلسة لوضع الميزانية بين أعضاء الفريق» على نطاق الشركة. وعندما أتذكر ذلك أجد أنه ربما كان الاسم الأنسب لها هو: «جلسة مذبحة بين المصارعين». لكن أتعلم ماذا حدث؟ لقد فعل الفريق ما لم يستطع مجلس الإدارة فعله. لقد وضعوا ميزانية ناجحة.
ونتيجة لذلك أصبح لدينا فهم على نطاق الشركة لمكونات الخطة والميزانية السنوية، وإدراك لأسباب الاستثمارات في كل جانب والنتائج المتوقعة منها، ومستوى مشاركة أكبر في الفريق (على الرغم من أن كثيرًا من الموظفين ما زالوا يهزون رأسهم تعبيرًا عن استيائهم إذا تسنت لك فرصة سؤالهم عن «جلسة وضع الميزانية»، لقد كانت حقًّا بغيضة وسيئة الإدارة، وأنا أتحمل المسئولية الكاملة عن ذلك).
في بيئة أكثر تنظيمًا وإحكامًا، ما الذي يمكن أن ينتج عن مفهوم الاشتراك في وضع الميزانية؟
ما أود رؤيته، وما هو ممكن في بعض من المؤسسات بالتأكيد هو أسلوب للتخطيط السنوي شبيه بأسلوب موقع كيكستارتر. كما وصفت في الفصل الخامس الذي يتحدث عن الانفتاح المؤسسي، فإن موقع كيكستارتر عبارة عن منصة تمويل جماعي يسمح للأشخاص بتمويل مشروعاتهم الإبداعية. لماذا إذن لا تدير إحدى الشركات التقدمية الكبرى، ذات حمض نووي تكنولوجي جيد أو نامٍ، عملية لوضع الميزانية السنوية باستخدام منصة شبيهة بموقع كيكستارتر، من خلالها يمكن للموظفين مساعدة المؤسسة في تقليص القائمة الطويلة التي تضم الاستثمارات المتوقعة للسنة المقبلة، وبعد ذلك يضعون تصويتهم/إسهاماتهم الرمزية/ميزانيتهم للاستثمارات التي يعتقدون أنها يجب أن تنضم إلى القائمة المختصرة للاستثمارات المقترحة؟ أنا متأكد من أنه خلال السنوات العشر المقبلة سيكون ذلك ممارسة شائعة وراسخة في المؤسسات التقدمية.
(٦) التمكين المالي (عدالة التأثير)
النشاط باختصار
زد إلى حد كبير صلاحية اتخاذ قرارات مالية لكل شخص في المؤسسة.
تفاصيل النشاط
في شركة سيمكو، يستطيع أي شخص اتخاذ أي نوع من القرارات المالية. إنهم يثقون في أن الأفراد سيتخذون القرارات الصحيحة. هذا هو كل ما في الأمر.
لن أنسى مطلقًا (أنا أقول ذلك، لكن في الواقع ذاكرتي أصبحت ضعيفة بعد أن تلقيت ضربةً أفقدتني الوعي أثناء ممارسة الرجبي منذ عدة سنوات) كيف وصف سيملر قصة أحد الأشخاص في إحدى الإدارات، الذي استأجر طائرة هليكوبتر ببطاقة الائتمان الخاصة بالشركة، دون إذن، لعمل جولة طيران حول موقع معين لعميل متوقع مهم. بالطبع، كان هذا القرار صائبًا، وكانت الصفقة رابحة، وفيما بعد اتضح أن هذا النوع من الحرية المالية كان منطقيًّا تمامًا.
فعلت شركة سيمكو ذلك لأنها تعتقد أن موظفيها أذكياء، وأنها تستطيع الثقة في اتخاذ موظفيها للقرارات المناسبة (إنهم يفعلون ذلك يوميًّا في جميع جوانب عمل الشركة، فلماذا لا يفعلون ذلك في الجانب المالي؟) ولأن هذا الأمر يساعدها في إنجاز المهام.
إذن الأسئلة اللازم طرحها عليك هي كالتالي:
(٧) ملكية الموظف (عدالة التأثير)
النشاط باختصار
قيِّم وطبِّق أحد الأساليب الكثيرة التي تسمح للموظفين بأن يكونوا مُلَّاكًا للشركة.
تفاصيل النشاط
ملكية الموظفين مجال خصب للغاية، وهذا التعبير وسيلة لقول إنه يوجد العديد من الأشكال والأساليب المختلفة لملكية الموظفين، لكل منها مؤيدوه وفروقه الدقيقة. ولذلك، ففي هذا الكتاب، سوف نتناول هذا الموضوع من منظور عام، وسوف نرشدك إلى مصادر أخرى — بمجرد أن تتحمس — يمكنك الحصول منها على المزيد من المعلومات.
بالنسبة لي، فإن ملكية الموظفين هي «الوسيلة» الأقوى المعروضة في هذا الكتاب برمته. ينبع قولي هذا من إيمانٍ حَدْسيٍّ لا من معرفة ناتجة عن تجرِبة مباشرة؛ لأن شركة نيكسون ماكينيس لديها خطط لزيادة ملكية الموظفين، وأجرت تحقيقات وتخطيطًا مكثفًا، إلا إنها لم تطبق هذه الخطوة بعد. لكن عليك الانتباه إلى أن قيمة استثماراتك ربما تزيد وربما تقل أيضًا، تحذير، تحذير، تحذير. إلا أننا إذا نحينا جانبًا إخلاء المسئولية، فإنني أعتقد أن كل شيء يسعى هذا الكتاب إلى تحقيقه يمكن تحقيقه جزئيًّا أو كليًّا من خلال التحول إلى ملكية الموظفين أو البدء منها.
تختلف أنظمة ملكية الموظفين. وتصف جمعية ملكية الموظفين في المملكة المتحدة هذه الأنظمة على النحو التالي:
بصرف النظر عن النظام المتبع، فإنني من خلال الحديث مع الأشخاص وجدت — على نحو مفهوم إلى حد كبير — أن أغلبهم يعتقدون أن «ملكية الموظفين» تعني «مؤسسة تعاونية»، لذلك، فمن فضلك اعلم ما يلي: إن المؤسسة التعاونية مجرد نوع من أنواع ملكية الموظفين، وترتبط بمجموعة من الأحكام والتوقعات والأساليب.
يوجد الكثير من الأنظمة الأخرى، لكنها تعتمد حقًّا على القوانين القومية في بلدك وأطر العمل المتاحة؛ في الولايات المتحدة تُعد خطط تمليك الأسهم للموظفين برنامجًا يحظى بفهم وانتشار واسعين. والأهم أن خطط تمليك الأسهم للموظفين مناسبة لكل من رواد الأعمال والموظفين. في المملكة المتحدة، توجد حالة شغف متزايدة ﺑ «صناديق الاستثمار المشتركة» من قبل الحكومة الحالية، لذلك نأمل أن نرى بعض التغيرات المفيدة التي سوف تشهد ازدهار جيل كامل من الشركات المملوكة للموظفين. لكن، أيًّا كان الوضع، فاعلم أن اختيار نوع النظام يعد جزءًا من العملية، ويمكنك أن تجد نوعًا يناسب موقفك وأهدافك.
إن مزايا إرساء ملكية حقيقية للموظفين ملموسة وثقافية وسلوكية، ولطالما كانت مثبتة من خلال عدد من الدراسات الأكاديمية الدقيقة، من بينها دراسات كلية كاس للأعمال. تخيل لو أن كل الأشخاص من حولك «امتلكوا» حقًّا المؤسسة التي تعمل بها. إذا كنت مديرًا، فتخيل كيف سيغير ذلك علاقتك، والتدقيق في أدائك، والنسبة المئوية القليلة الإضافية من العناية والانتباه والحب التي سيسهم بها موظفوك في عملهم، والتحديات التي سيظهرونها تجاه الاستراتيجية وعملية اتخاذ القرار من قبل الإدارة العليا.
إذا كنت رائد أعمال، فتخيل كيف يمكنك الاستفادة من الالتزام الكامل والمطلق لقضيتك من كل شخص ينضم إلى شركتك الجديدة أو النامية. تخيل الميزة التي يمكن أن تكتسبها عندما تخبر العملاء المتوقعين عن جودة الخدمة التي سيحصلون عليها عندما يكون القائم على خدمتهم هم الملاك، وتخيل المواهب التي يمكن أن تجذبها وتحتفظ بها.
الشركات التالية من النماذج الناجحة المعروفة للشركات المملوكة للموظفين:
(٨) تمويل المعجبين (عدالة التأثير)
النشاط باختصار
اجمع التمويل ووسع نطاق الملكية ليشمل العملاء والمعجبين.
تفاصيل النشاط
في هذا الكتاب رأينا كيف أن هذه الموجة الجديدة من المؤسسات التقدمية تفتح حدودها، وتخلق تدفقًا أكثر انطلاقًا، من المعلومات والأفكار والجهود، بين الإدارات الداخلية والعالم الخارجي. كيف سيبدو هذا الاتجاه عند تطبيقه على الإدارة المالية؟
لنتأمل حالة برودوج. برودوج مصنع جعة مستقل تأسس عام ٢٠٠٧ على يد صديقين إسكتلنديين، هما جيمس ومارتن، والآن يصنع مئات الآلاف من زجاجات الجعة شهريًّا، تُصدَّر عالميًّا، وتباع من خلال سلسلة حانات برودوج المتزايدة في كل من إسكتلندا وإنجلترا. وعلى الرغم من نجاح الشركة ماليًّا؛ إذ بلغ حجم أعمالها عام ٢٠١١ ما يقرب من ٦.٥ مليون جنيه إسترليني، فهي أيضًا كثيفة رأس المال؛ إذ تحتاج إلى مبالغ نقدية كبيرة لدفع إيجار الأرض، والمباني، والمعدات اللازمة لنمو العمل. وهو ما يتجلى في حملتهم الأولى والثانية لطرح الأسهم على صغار المستثمرين المعروفة باسم: «إيكويتي فور بانكس».
عام ٢٠٠٩ احتاج مؤسسا برودوج إلى جمع بعض المال للاستمرار في النمو، ولذلك أتيا بفكرة حملة «إيكويتي فور بانكس»، وهي «طرح أولي لاكتتاب عام عبر الإنترنت» يسمح للمعجبين والجمهور العام العريض بشراء أسهم في الشركة. جمع المؤسسان المال مما يزيد عن ألف مستثمر جديد. من المهم بمكان ملاحظة أنه ليس مجرد عرض مالي مباشر، فعملية التمركز السوقي برمتها، والفوائد، بل حتى اختيار اسم أسهم لصغار المستثمرين «إيكويتي فور بانكس» توضح أن الأمر أكثر من مجرد جمع للأموال (تلك العملية المملة تمامًا صراحةً). هذا الأمر متعلق بخلق شيء أكبر؛ إنه متعلق بتقوية العلاقة بين شارب الجعة ومنتِجها، وتنقسم فوائد أن تكون مساهمًا في الشركة إلى جانب مباشر (يتمثل في حضور الاجتماع السنوي)، وجانب كحولي (يتمثل في الحصول على خصومات على الجعة، وسماع الأخبار من الشركة دوريًّا).
نريد بناء مصنع جعة صديق للبيئة على نحو شامل، خارج أبردين مباشرة؛ لنتمكن من الوفاء بالطلب على جعتنا والمساعدة في استمرار مهمتنا؛ لنجعل الأشخاص الآخرين مشغوفين بالجعة الرائعة مثلنا. سوف يمنح المصنع الجديد إمكانية نمو مدهشة لشركتنا، ويمكننا من الاستمرار في النمو القوي بالإضافة إلى الاستمرار في بناء قيمة لاستثمارك. ونريد أيضًا أن نوفر لك مزيدًا من الأماكن للاستمتاع بجعة رائعة. مع كل حانة جديدة نؤسس معقل دعم لثورة صناعة الجعة المستقلة. ستعرض حاناتنا الجديدة جعة برودوج بأنواعها، بالإضافة إلى تقديم بعض من أكثر أنواع الجعة المستقلة طلبًا من كل أنحاء الكوكب.
وبالفعل جمعا ما يزيد عن ١٫٧ مليار جنيه إسترليني من أكثر من خمسة آلاف مستثمر. وأنا أحد هؤلاء المستثمرين! هذا مضحك لكن ربما ليس غريبًا، فلقد أعجبت بالأسلوب كثيرًا، لدرجة أنني لم أستطع مقاومة الانضمام إلى المجموعة؛ فأردت أن أكون جزءًا منها. عندها فقط لاحظت جعتهما المسماة «بانك آي بي إيه» في السوبر ماركت، وأصبحت زبونًا (والآن أصبحت جعتي المفضلة، فهي تباع في علب صغيرة، وبنكهات ممتعة، وقوية على نحو لا يصدق). إلا أن تلك العلاقة الشاملة بين المستثمر والعميل تبدو قوية حقًّا. أريد أن أرى نجاح الشركة، وأشعر أنني جزء من هذا النجاح.
لقد تحدثنا عن التمويل الجماعي، وعن كيكستارتر، وعن المفاهيم الأوسع المتمثلة في المشاركة والانفتاح. في هذا المثال، تظهر لنا شركة برودوج الجانب الآخر من هذه الفكرة، أي جمع ملايين لإنفاقها على عمل من الأعمال الصناعية الملموسة الثقيلة. وأنا متأكد من أننا سنشهد نموًّا هائلًا في مثل هذه الأنواع من التمويل، التي جزء منها مالي، وجزء منها مجتمعي، وجزء منها تسويقي. إذن كيف يمكنك توظيف هذه الممارسة في مؤسستك؟ ما الأمر وشيك الحدوث الذي يمكنك تغييره تمامًا، وجمع المال وأيضًا زيادة الوعي، من خلاله؟
(٥) ملخص
أليس مدهشًا أن نستطيع إيجاد مثل هذا الابتكار المثير والملهم في مجال مثل الإدارة المالية، ذلك المجال الذي يُذَم غالبًا بوصفه راعي المحاسبة الصارمة وحامل مشعل بقاء الأمور على ما هي عليه؟ في الواقع لا توجد حاجة فعليًّا إلى ذلك، وهذا ما آمل أن يوضحه الفصل. إن التغييرات القوية تحدث عند تلاقي الأعمال التقدمية والإدارة المالية؛ إذ تظهر أدوات ومناهج جديدة، وتكتسب زخمًا، في حين يبدو أن الأدوات والمناهج الراسخة منذ وقت طويل (مثل ملكية الموظفين) تجد طريقة جديدة لإنجازها.
علاوة على ذلك، فإن فائدة العمل على الجوانب المالية للمؤسسة التي نعمل بها ونساعد في تكوينها، هو أننا نؤثر على أساسها. إن الجانب المالي هو ما يتحكم في أمور كثيرة في العمل — شئنا أم أَبَيْنا — وبتعديل تلك الآليات وتلك الإجراءات، يمكننا تغيير الآلة كلها. وأنا أكتب ذلك، أتخيل شركة القرن العشرين في شكل إنسان، له قلب بشري ويدان وعينان، وذراعان، ورِجْلان، لكن إذا قشرنا الجلد سنجد أسفله آلة أتوماتيكية عملاقة. كان يجب أن تكون تلك الشركات بشرية، وقد بدت مثل البشر إلى حدٍّ ما، لكن طريقة عملها كانت ميكانيكية، وطغت عليها. تحجر القلب، واكتست العينان بالبلادة، لكن الدقات المتوالية الداخلية ظلت مستمرة، تعد الأرباح، وتقيس وتراقب، وتزيد التضييق المادي. في القرن الحادي والعشرين سوف تصبح الشركات أكثر إنسانية، وسوف تصبح كائنات حية مرة أخرى، وسوف نحتفظ بالسمات الجيدة للآلة التي تعمل بكفاءة، لكننا نحتاج إلى أن يكون كل شيء — بما في ذلك الإدارة المالية — منصبًّا اهتمامه على الأشخاص، وأن يمتلك قلبًا، وأن يساعد على إحداث فارق إيجابيٍّ. شكرًا لاستماعكم.
(٦) قراءات إضافية
-
مقالة «قوة الاستماع» للكاتب جون كيس، «مجلة إنك» ٢٠٠٣، إنها المقالة التي أدت إلى أن تصبح مؤسسة نيكسون ماكينيس مؤسسة ديمقراطية، وتشتمل على أمثلة لتدريب عمالة التصنيع على فهم المفاهيم المالية والمشاركة الدورية للمعلومات المالية http://bit.ly/cltrshk4.
-
«المكافئ» للكاتب آندي بيل، «مينت ديجيتال»، ٢٠١٠، تدوينة توضح بالتفصيل برنامج الحوافز الابتكاري المعتمد على قرار الأشخاص http://bit.ly/cltrshk14.
-
«في شركة «آي جي إن» يستخدم الموظفون نظام «الأجر الفيروسي» لتحديد «حوافز» بعضهم»، إي بي بويد، مجلة «فاست كومباني»، ٢٠١١ http://bit.lycltshk15.
-
دراسة كلية كاس للأعمال عن أداء الشركات المملوكة للموظفين http://bit.ly/cltrshk16.