الفصل الأول
(في بيت لبنى.)
الجزء الأول
(أسما (نائمة))
أسما
(لنفسها)
:
حبيبي سليم، لماذا أنت حزين؟ أمرتاب أنت في حبي؟ آه من
ظلم الإسكندر، لا لا، لا أرضى سواك ولو كان ملكًا أو
أميرًا في راحة بال.
رضعتُ هواكَ يا ذا الحسـ
ـنِ عن صِغَرٍ مع اللبنِ
جرى بمفاصلي كدَمِي
فأحياني وأنعشني
غرامكَ أصل تغذيتي
وتعزيتي لدى الشجن
فلا أسلو وحاشا أنَّـ
ـني أسلوكَ في زمني
ولا أسلوك حتى بعـ
ـد فصل الروح من بدني
الجزء الثاني
(أسما (نائمة) – لبنى)
لبنى
(لنفسها)
:
نعم، لا أحبه، ولو كان ابن أختي بغير علمه وعلم أحد، فإن
طباعه تجعل الناس تنفر منه كل النفور، آهٍ لو تممت إرادة
الوزير لكان أوفق (تلتفت نحو أسما) مسكينة أنت يا أسما،
فإن حظكِ قليل ولا يعرف أحد غيري سبب قلة حظكِ، آه لو كنت
أكشف الأسرار كما هي على علاتها، لكنت أنال نعمًا وافرة،
ولكن، لا، ربما كنت …
سبحان ربي لا أحد
يحبُّه بين الورى
فظٌّ وذو طبعٍ أَحَد
من حدِّ سيفٍ أبترا
لا يَعرِف الإنصافَ لا
ولا الوَلَا بين المَلا
طباعه لا تُحتملْ
وظلمه أضحى مَثَلْ
خاب فيه أملي
نابَ عنه مللي١
أسما
(لنفسها)
:
لو ملَّكوني ملكه
كيما أتمِّم قصدَهُ
لرضيتُ ذُلًّا فيك عن
عزٍّ ومجدٍ عندَهُ٢
لبنى
(لنفسها)
:
أنا أعرف جيِّدًا أنكِ لا تريدين إلا سليمًا، وهو لا
يريد سواك، وكلاكما ذو حق في ذلك، غير أني أرى الموانع
كثيرة؛ ولهذا قد بت في شر حيرة.
أسما
(لنفسها، نائمة)
:
روحي سليمٌ لا تَخَفْ
موتي فلا أرضى سواكْ
بل أي شيءٍ يا تُرى
أحلى لقلبي من هواكْ٣
لبنى
(لنفسها)
:
مسكين سليم مسكين، أنا قد ظلمته وهو لم يعلم.
أسما
(لنفسها)
:
أبدًا أبدًا لا تتعبوا بلا فائدة.
لبنى
(لنفسها)
:
بسم الله الحي، مَن تعني؟ (تتقدم نحو أسما.)
أسما
(لنفسها)
:
نعم اقتلوني ولا تجبروني على أن أرضى سواه. (تقوم مرعوبة) نعم نعم،
اقتلوني، نعم نعم، اقتلوني وأريحوني.
لبنى
:
أسما أسما، ما بالك؟
أسما
:
آه يا أماه، رأيت في نومي رجالًا ولصوصًا كثيرين يريدون
قتلي.
لبنى
:
لا ترتعبي يا ابنتي لا تخافي. نعم إن اللصوص كثيرون،
ولكن بهمة الحكومة سيُلْقى القبض عليهم قريبًا؛ لأن الملك
قد اغتاظ من عملهم، فقد توصلوا إلى نهب خزينته بالذات،
فصدرت إرادته أن يناديَ المنادي أن من يأتيه بهم يغنيه
بالمال والأنعام، وقد ذهبت العساكر للتفتيش عليهم، ولا
بدَّ من أن يمسكوهم.
أسما
:
وهل عددهم كثير يا أماه؟
لبنى
:
غير معلوم، ومقرُّهم أيضًا غير معروف.
الجزء الثالث
(أسما – لبنى – سليم)
سليم
:
ألا بشراكِ يا أسما
بسعدٍ كاملٍ أسمى
أسما
:
ألا ماذا تبشِّرني
ودهري ظل يقهرني
فما سعدي بغير هواكْ
وما قصدي بغير رضاكْ٤
لبنى
(بذاتها)
:
إنِّي أخاف أن يصل الوزير الآن، وهما هنا، فلا يعود
يمكننا أن نأخذ حريتنا كما يجب.
سليم
:
أبشِّركِ يا أسما بسعد أكمل وحظ أوفر، وهو أن ابن الملك
يريد أن يتخذكِ امرأة له.
أسما
:
لا لا، أنا لا أرضى سواك أبدًا، وقد أخبرتني أمي بذلك من
خمسة أيام، وكتمته عنك لكي لا أحزنك، ورفضت قبول ابن الملك
كل الرفض.
سليم
:
وأنا أيضًا أخفيتُ عنكِ أمر عزلي من وظيفتي منذ ثلاثة
أيام لكي لا أغمك، وبعد البحث والتدقيق علمت بأن ابن الملك
أمر بعزلي من وظيفتي؛ ليُظهر لكِ ولي عظم اقتداره، وبأنه
مزمع على أن يقاصصني شر قصاص إذا كنت لا أتركك، أو أجعلك
تبغضينني وتميلين إليه، وأنتِ تعلمين يا أسما أني لا أقدر
أن أقاوم الملوك.
ومن الجهة الثانية أرى نصيبكِ بابن الملك نِعْمَ النصيب؛
ولهذا أتيتكِ مبشِّرًا وعزمت على أن أهيم في البراري
والقفار ولا أعود.
نعم إن لي في الحرب صولةَ
ضَيْغَمٍ
تحكِّم في قلب العِدَا الرعبَ
والذعرا
وإن جالت الفرسانُ لم أرَ
منهمُ
وجوهًا ومنِّي لا يرى أحدٌ
ظَهْرَا
ولكن معاداة الملوك عسيرة
يرى العسرَ مَنْ يعصي لهم في الورى
أمرًا
أسما
:
لا لا، بِئْسَ الرأي. كأنك تشكُّ في محبتي يا
سليم.
سليم
:
أحسنت، إذن فلنتعاهد على حفظ الوداد.
أسما
:
لا حاجة لتجديد العهد فقديمه ثابت الأركان، ومع ذلك هاك
يدي (تضع يدها
بيده).
الاثنان
:
عاهدت ربي أنني
على عهودك ألبثُ
لا خير فيمن ينثني
عن عهده أو ينكثُ
حتى ولا بالرغم لا
نخون عهدًا بيننا
كذاك نبقى في الوَلا
حتى نلاقيَ بَيْنَنا
نبقى نبقى نبقى نبقى في حفظ
العهود
حقًّا حقًّا حقًّا حقًّا لا عاش الجحود٥
سليم
:
يا خالتاه، من أين اهتدى ابن الملك إلى أسما؟ أما يكفيه
ما عنده من البنات والجواري؟
لبنى
:
يا ولدي قد رآها منذ عشرة أيام، فسأل عنها فأخبروه بها،
فأرسل يطلبها مني سِرًّا، فأخبرت أسما فأبت، وإلى الآن لا
أعلم كيف أعمل. فمن جهة محبتكما في قلبي لا تقدر، وأريد كل
ما يرضيكما ويسركما، ومن جهة ثانية فابن الملك عنيد ظالم
حقود.
سليم
:
نعم نعم، شتان بينه وبين أبيه. أبوه في كل أسبوع يزور
السجون، ويتفقد أحوال المسجونين، رَحوم حليم شَفوق، ولكن
حاشا لله أن يكون ابن أبيه. فكم وكم ممن أضرَّ بهم ظُلْمُه
يحيون الليل بالدعاء عليه، وكم بظلمِهِ من أثر في
الرعية.
أسما
(لنفسها)
:
آه آه من ظلمه، ولكن لا يفلح الظالمون (وتذهب).
الجزء الرابع
(لبنى – سليم)
سليم
:
يا أماه، ومن كلف خاطره وأخبر ابن الملك بأحوال
أسما؟
لبنى
:
لا أعلم يا ولدي، والذي أعرفه أنهم أخبروه بقصتنا على
التمام، وكيف أن أم أسما كانت جارتي وتوفيت تاركة أسما
طفلة لا أهل لها ولا من يسأل عنها، وكيف أني أخذتها إلى
بيتي وربيتها معك وأنت وقتئذٍ قد فقدتَ والدتك، أعني
المرحومة، وأخبروه أيضًا بأنك تحب أسما وأن أسما تحبك،
وبالجملة فإن عنده جميع القصة من أولها إلى آخرها.
سليم
:
وكيف الطريقة الآن؟
لبنى
:
الطريقة؟ لا أعلم.
سليم
:
لا تعلمين! آه من قلة حظي! (ويذهب
بسرعة.)
لبنى
:
تعال، إلى أين؟
الجزء الخامس
(لبنى)
لبنى
(لنفسها)
:
مسكين قلبي يتوجع عليه وعلى أسما، ولكن ما من سبيل إلى
تخليصهما من شَرَكِ ذاك الظالم؟ (تفتكر قليلًا) قد أبطأ
الوزير ما عساه يريد يا ترى بمقابلتي سِرًّا؟ مسكين الآخر
مغشوش وغير عالم بحقيقة الحال، ولو علم لكان بلا شكٍّ
ينتقم مني، يا ربي كيف تكون النهاية.
الجزء السادس
(لبنى – وزير (بِزِيِّ درويش))
وزير
:
يا لبنى، هل من أحد يرانا أو يسمعنا؟
لبنى
:
كلا يا سيِّدي.
وزير
:
قد أتيتُ لأظهر لك أن إسكندر قد عدم رشده في هوى أسما،
وقد عجزنا ولم نقدر على إرجاعه عن عزمه، ويريد أن يتخذَها
امرأة له، وقد أظهر استعداده لإجراء كل الوسائط الممكنة
ليحصل عليها، ولو كلفه الأمر فقد حياته، ولأجل هذا كنت
توجهت في صباح هذا اليوم؛ لأخبر الملك بأمر إسكندر وعشقه
لأسما، عسى يردعه عن ذلك إذ من جهة لا يقبل الملك قط أن
يزوج وحيده بابنة فقيرة، ونحن من الجهة الثانية لا نقدر أن
نكشف له حقيقة حال أسما خوفًا من غضبه. إلا إنني يا لبنى
عند دخولي عليه وجدته في اضطراب زايد، عابس الوجه مقطب
الحاجبين، وقبل أن أحييه بالسلام ألقى إليَّ ورقة وقال:
اقرأ. فقرأت هذه الكلمات: «أيها الملك الجليل، ابحث ودقِّق
لتعلم حقيقة حال مولودك، وخذ في ذلك رأي الوزير.»
لبنى
(لنفسها)
:
يا لطيف.
وزير
:
والورقة مكتوبة بخط الملكة المرحومة، وتاريخها قبل موت
الملكة بمدة وجيزة، يعني بعد أن ولدت بسنتين.
لبنى
:
وكيف اتصلت هذه الورقة إلى الملك؟
وزير
:
قد وجدها مع أوراق في مخدع الملكة الذي بقي مُقفلًا بعد
وفاتها إلى صباح هذا اليوم، وقد دخله الملك نفسه فوجد فيه
ما وجد، والظاهر أن الملكة عند موتها كتبت هذه الورقة التي
بقيت محفوظة في مخدعها إلى اليوم.
لبنى
:
يا ربي، وكيف تصرَّفت أمام الملك أيها الوزير؟
وزير
:
كيف تصرفت! آه آه، يظن الناس أن قربهم من الملوك سعادة
لهم، والحال بالعكس. نعم إنهم يكتسبون شرفًا ومالًا
وعطايا، ولكن تكون عيشتهم دائمًا متعبة؛ لأن أدنى حركة
يأتون بها مغايرة لخاطرهم، ربما تذهب بكل خدماتهم السالفة
وربما تفقدهم الحياة أيضًا.
لبنى
:
الحق معك أيها الوزير الجليل، فأنا لو لبثت كما كنت قبل
أن أصل إلى أن أكون قابلة الملكة لكان أوفق لي. نعم إنِّي
كنت أعيش في فقر شديد، ولكني على الأقل أبات مرتاحة
البال.
وزير
:
وأنا ماذا أقول؟ فشتان بيني وبينك.
لبنى
:
والنتيجة ماذا جرى بعد هذا؟
وزير
:
قد أفرغت جهدي بتسكين غضب الملك وتلطيف هيجانه، ولكن
بدون فائدة، وأخيرًا أعطاني مهلة يومين فقط لأظهر له ما في
الورقة من الأسرار، وقد تزايد الخوف بي كثيرًا ولا أعلم
كيف أعمل.
لبنى
:
ولماذا لم تخبر الملك؟
وزير
:
أخبر الملك! ما شاء الله، لا يكون جوابه إلا قطع
رأسي.
لبنى
:
لا لا أخبِرْه بأن ابنه يريد أن يتزوج بابنة عديمة
الأصل، وأَقنِعْه بأن يجبره على تركها ويزوجه حالًا
بغيرها.
وزير
:
حسن، ولكن إذا أصر إسكندر على عناده؛ لأني أعلم جيِّدًا
أن أسما لا تريده زوجًا لها؛ نظرًا لسوء طباعه، والحق
معها، فأنا أيضًا أكره طباعه وتصرفاته جميعها، ولكن
…
لبنى
:
إذا أصر على العناد ولم يقدر الملك على إجباره … لا
أعلم.
وزير
:
عندي رأي؛ وهو أن تأخذي أسما وسليم وترحلي بهما إلى غير
هذا البلد، وزوجيهما هناك و…
لبنى
:
ما شاء الله، وإذا اهتدى إسكندر إلينا، أما يأمر بقتلي
أو بشنقي حالًا؟
وزير
:
وكيف العمل إذًا؟
لبنى
:
العمل كما قلت لك، أخبر الملك بحقيقة الحال، ثمَّ يفرجها
المولى.
وزير
:
أخبر الملك! ها هي أسما مقبلة، مسكينة يا أسما.
الجزء السابع
(أسما – لبنى – وزير)
أسما
:
يا أمي، من هذا؟
لبنى
:
هذا، هذا درويش يا ابنتي، يبصر البخت ويعرف علم سر
الحرف.
أسما
:
ما هو هذا العلم؟
لبنى
:
هذا العلم يعلم كشف الخبايا بقوة الطلاسم وغيره … و…
ماذا تريدين يا ابنتي بدخولك؟
أسما
:
أردت أن أخبرك بأني رأيت من الشباك فقيرًا يحاول دخول
دارنا ليتسول، ولكنه لم يهتدِ إلى الباب، وهو يتغنى بأنغام
محزنة شجية.
لبنى
(لنفسها)
:
مسكين، الظاهر أنه كان غنيًّا فأصبح فقيرًا.
وزير
:
ربما كان ذلك، فالزمان يأتي بالعجائب، فلا يجب على
الإنسان أن يأتمنه، بل يجب أن يحذر دائمًا مكره وغدره. فكم
غني أمسى فقيرًا وكم صعلوك أصبح غنيًّا قديرًا.
أسما
:
أسألك يا درويش الخير أن تنظر إلى بختي وتخبرني.
وزير
:
ما هو اسمك؟
أسما
:
اسمي أسما.
وزير
:
واسم أمك؟ لا لا، أعرفه.
أسما
:
من أين تعرفه؟
وزير
:
بقوة السحر.
أسما
:
وكيف بقوة السحر عرفت اسم أمي، ولم تعرف اسمي
أنا؟
وزير
:
السحر يعلمنا معرفة أسماء الوالدين فقط. أريني كفَّكِ
اليمين، أقول لكِ بحرية إنكِ عاشقة، لا تخافي يا ابنتي،
فما في العشق المرتب من عيب، ولكن دون نيل مقصدكِ مصاعب
ومتاعب شتى.
أسما
(لنفسها)
:
صحيح صحيح.
وزير
:
والذي تعشقينه هو أيضًا يحبكِ بنوعٍ لا يوصف، إلا أن له
مُزاحِمًا جبَّارًا عنيدًا.
أسما
:
قبل كل شيء أرجو أن تفيدني هل أحظى بحبيبي ويحظى بي أم
لا؟
وزير
(لنفسه)
:
هذا مشكل (يدمدم).
لبنى
(لنفسها)
:
ماهر الوزير ما شاء الله في فن السحر.
وزير
:
يستدل من هذا الخط الذي عند الإبهام إذا كان مستقيمًا
والخط المعوج من البنصر إلى الوسطى، ومن الخنصر إلى
السبابة، ومن اتِّساع الخطَّين اللذين بين … في سطح الكف …
(بذاته) لا أدري
ماذا أقول.
لبنى
(لنفسها)
:
مسكين، ارتبك.
لبنى
:
يستدل من هذا أنها سعيدة.
وزير
:
أي نعم، سعد قريب وتوفيق عجيب، اسمحا لي الآن بالذهاب،
فعندي بعض أشغال (ويهم
للذهاب).
أسما
:
لا لا، كمِّل لي العبارة، فقد سررت بشرحك كل السرور يا
وجه الخير، ما هو اسمك الكريم؟
وزير
:
اسمي درويش، وأودُّ أن أذهب بدون تأخير (ويهم أيضًا
للذهاب).
أسما
:
اصبر قليلًا، درويش ليس اسمًا، وأنا سألتك عن
اسمك.
وزير
:
سآتي إليكما مرة أخرى فنتحدث مليًّا (ويهم للذهاب).
أسما
:
ولكن …
لبنى
:
دعيه يا ابنتي، فإن الدراويش لا يُراجعون فيما
يفعلون.
وزير
(للبنى سِرًّا)
:
لقد أخبرتكِ بما كان، فعليكِ أن تُساعديني لإيجاد طريقة
مناسبة (ويذهب).
الجزء الثامن
(أسما – لبنى)
أسما
:
كيف يتصل الناس يا أماه إلى علوم كهذه، يكتشفون بها
أسرار الناس الغامضة؟
لبنى
:
هذا السؤال لا أعرف عنه جوابًا، وأنا قد سألته قبلكِ فما
أفادني أحد؛ فمنهم من قال بقوة الطلاسم، ومنهم بمعرفة سر
الحرف، ومنهم غير ذلك، ولم أفهم شيئًا من كل هذا، ونحن ما
لنا ولهذه المسائل نتعب أنفسنا بالبحث عنها.
أسما
:
لا يا أمي، لا تغلطي، يجب علينا أن … (تسمع غناء الفقير فتنتبه
له.)
(إسكندر ينشد وراء المرسح):
حنُّوا على البائس المسكين
واغتنموا
أجر الفقير فإن الله ذو
كرمِ
أسما
:
اسمعي اسمعي، هذا هو المسكين الذي كان تحت الشباك.
اسمعي.
إسكندر
:
جُودوا فإنِّي غريب الدار
منقطعٌ
وجُودكم لنظيري خيرُ مُغْتَنَمِ٧
أسما
:
مسكين مسكين، اسمحي لي أن أُناديَه فنطربَ بصوته قليلًا
إلى أن يرجع سليم.
لبنى
:
لا بأس.
(أسما تفتح الباب.)
الجزء التاسع
(لبنى – أسما – إسكندر (بِزِيِّ شحاذ))
أسما
:
تعال ادخل فنعطيك على قدر إمكاننا ومقدرتنا. (لنفسها) آه كم يتعذَّب
صاحب القلب الحنون.
إسكندر
:
إنِّي غريب الدار
وكنت في أوفى غناء
حوادث الأدهار
قد أوقعتني في البلاء
فقدتُ مالي
وا لَهَفِي
وبتُّ ما لي
من مسعفِ
أصبو إلى الأسفار
عسى بها دواء دائي٨
أسما ولبنى
:
مسكين مسكين (تتكلمان
سِرًّا).
إسكندر
(لنفسه)
:
آه يا أسما، متى أتمتع بجمالكِ الأسمى؟
لبنى
:
أعطيه يا ابنتي فداء عنك، فإن الله يحب المحسنين.
أسما
:
صدقت، ولكني أودُّ أن أسمع تتمة قصته. أسمعنا يا … ما هو
اسمك؟
إسكندر
:
اسمي يوسف.
أسما
:
أسمعنا يا يوسف تتمة أخبارك، وأطربنا فنعطيك ما يكفيك.
ماذا جرى لك في الأسفار؟
إسكندر
:
ما زلتُ أضرب في سهلٍ وفي جبلٍ
وحبل سَعْيِي بذيل النحس
معقودُ
الجزء العاشر
(لبنى – أسما – إسكندر – سليم)
(سليم يستفهم من أسما بالإشارة عن إسكندر.)
إسكندر
(لنفسه)
:
حتى اكتشفْتُ على كنزٍ طَرِبْتُ
به
لكن به زاد قهري فهو
مرصودُ
ولم أَزَلْ باحِثًا في جُلِّ
طَلْسمه
عساه يكمل بعد الجهل مقصودُ٩
أسما
(لسليم)
:
وقال إنه كان ذا ثروة عظيمة، والآن أصبح مسكينًا.
إسكندر
(لنفسه)
:
هو هو المزاحم، آه لو كان معي سلاح لكنت أقتله، ولا
أبالي بالفضيحة والعار.
سليم، لبنى، أسما
:
إن مثل هذه الأمور تعلمنا أن لا شيء يدوم في الدنيا،
فدوام حال من المحال.
لبنى
:
ولهذا يا ولدي لا ينبغي أن تحتقر الفقير الصعلوك، فربما
صار في الغد معززًا تحتاجه، فإن كنت أحسنت إليه في حال
عسره لا بدَّ أن يتذكرك في يسره.
سليم
:
ادخلي يا أسما، وأتيه بما تيسَّر.
(أسما تدخل.)
الجزء الحادي عشر
(لبنى – سليم – إسكندر)
إسكندر
(لنفسه)
:
آه يا ليت يمكنني المقام هنا دائمًا لأتمتع بمرآها، فلا
يقر لي قرار إلا بأن أراها.
سليم
:
ولماذا لا تتعاطى صنعة من الصنائع؟ أليس ذلك خيرًا لك من
الشحاذة؟
إسكندر
:
وأية صنعة أتعاطها؟ وما في هذا البلد من صنائع للمساكين
نظيري؟
سليم
:
لا يجب أن يقعدك الكسل، فأنت لم تزل شابًّا وتقدر أن
تتعاطى أية صنعة تعيش بها.
الجزء الثاني عشر
(لبنى – إسكندر – سليم – أسما)
أسما
:
خذ يا يوسف هذا ما تأكله، وخذ هذا القميص فإن ثوبك قد
تَمزَّق فالبسه، ردَّك اللهُ إلى أهلك كما رد يوسف سميَّك
إلى يعقوب.
إسكندر
(للجميع)
:
مني لكم شكر أجزل
فقد حفظتم وجودي
دوموا بإسعاد أكمل
للدهر يا أهل الجود
زدتم عليَّ إحسانًا
ففضلكم فرضًا يُشكر
وُقيتم مما شانَا
ما أشرق البدر الأنور١٠
سليم
:
اقصدنا يا يوسف حينًا بعد حين، فلا نبخل عليك
بالعطاء.
سليم، لبنى، أسما
:
وليدخل الآن كلٌّ مِنَّا مخدعه، فقد آن أوان
النوم.
إسكندر
(لنفسه)
:
آه آه.
أفارقها على رُغْمٍ وإني
أغادر عندها والله روحي
أسما
(لسليم)
:
حقيقة صوته مطرب.
سليم
:
مسكين.
لبنى
(لنفسها)
:
يا رب ترد كلًّا إلى أهله (ويدخلون إلا إسكندر).
إسكندر
(للجميع)
:
بالهنا وبالإقبالِ
دوموا يا كرامْ
واسلموا مدى الأزمانِ
واغنموا السلامْ
صانكم من الأهوالِ
خالق الأنامْ
ما شدا على الأغصانِ
طائر الحمامْ
(وهو خارج متبسم، لنفسه):
أي متى أرى يا أسما
حسنكِ الفريد الأسمى
صار من نصيبي قسمًا
فأقول سعدي تمَّا
قرب الإله المنَّان
نيلي المرام
فهو ذو العطا والإحسان
بحسن الختام١١
١
قد: بدري أدر كاس الطلا.
٢
قد: في مجلس الأنس الهني.
٣
قد: في مجلس الأنس الهني.
٤
قد: ألا يا نزهة الأبصار.
٥
قد: بدري أدر كاس الطلا.
٦
قد: في مجلس الأنس الهني.
٧
نشيد في نغم الحجاز، حجاز
شاهناز.
٨
قد: عنق المليح الغالي.
٩
نشيد حجاز.
١٠
قد: نصر العزيز بدا فينا.
١١
قد: ساعد الغزال المخضوب.