الفصل العاشر
الأمر الوحيد الغريب الذي يتعلَّق بجريمة قتل جوي سكاردينو، بخلاف كونها مُقزِّزة، أن أحدًا لم يدَّعِ مسئوليته عنها. النظام المتبَع في جرائم القتل مثل تلك، أن الخبر يتسرَّب. هكذا ينشر أمثال جاك فاريل في العالم الخوفَ الذي يمكِّنهم من فرض سيطرتهم. يصل الخبر إلى الأشرار أولًا. ثم يتسلل إلينا عبر مخبِرينا ورجال الشرطة المتخفِّين. قد لا يكون هناك أي دليل على تلك الأخبار، ولكنها ستصل إلى كل مَن يريدونه أن يعرف.
ولكن في حالة سكاردينو، لم تكن هناك أيُّ همسات. كان المشتبه بهم المعتادون يرمقُ أحدهم الآخر بنظراتٍ متشككة، متسائلين عمَّن أمر بقتل سكاردينو. لم يكن هناك حتى دافع واضح. نعم، اشترى جوي سكاردينو جزءًا من أعمال جاك فاريل. ونعم، كان موته يعني أن هذا الجزء سينتهي به المطاف بين يدي شخص آخر. وأغلب الظن أنه سينتهي بين يدي الشخص الذي قتله. ولكن لم يكن هذا ما حدث. فلا شيء يمر بهذه البساطة.
ما حدَث هو أن أعمال فاريل قد انهارت أسرع من باتسي كلاين. قُسمت الأعمال إلى كِسرات صغيرة، وأصبحت أعمال تزوير الهويات التي كان يديرها جاك فاريل تُدار بواسطة نصف دزِّينة من المجرمين الذين لا يصلحون لهذا العمل. لم يكن ثمة أي مستفيد من موت سكاردينو. بدا الأمر وكأنه لم يُقتَل بهدف الاستيلاء على الجزء اليسير الذي حصل عليه من الأعمال.
إن لم يكن هذا هو السبب، فما هو السبب؟
عثرنا على الجثة الثانية بعد خمسة أيام من العثور على جثة جوي سكاردينو. بدأ بريان كوبر وجاك فاريل حياتَيهما الإجرامية بالعمل لدى الزعيم نفسِه، وهو رجل عصابات مُسِن وقاسٍ من إيست إند يُدعى بيلي بوردمان. بدأ كلاهما العمل من الصفر عبر أداء أدنى مهام توزيع المخدرات. ولكن كان كلاهما أذكى من أن يبقَيا في القاع مدة طويلة.
شقَّ جاك طريقه صعودًا نحو قمة التنظيم، جاعلًا من المستحيل لبيلي أن يستغني عنه. ثم قُتل بيلي أثناء نومه بطلقة واحدة في الرأس. المؤسف في الأمر أن عروسه الشابة قُتِلت بجواره، وبالطريقة نفسها. لم يعرف أحد كيف عبَر القاتل الأمن دون أن يُكتشف. حسنًا، باستثناء مَن يعلمون أن جاك فاريل كان على علاقة بالعروس الجميلة.
حصل فاريل على الاحترام وعلى أغلب أعمال بيلي بوردمان. ولكنه لم يكن يرغب في أن يعمل بريان كوبر لصالحه. كان يعلم أن كوبر جشِع مثله تمامًا. وكان يعلم أن كوبر ربما قد بدأ التخطيط بالفعل لإزاحة فاريل عن طريقه. لذلك عقد فاريل وكوبر صفقة.
أن يحصل كوبر على تجارة المسروقات والتزوير، ويحصل فاريل على الباقي. وأن يبتعد كلٌّ منهما عن طريق الآخر. ألا يرسل فاريل فِرَقًا لبيع ساعات الرولكس الزائفة، وألا يرسل كوبر أحدًا للعمل في تجارة المخدرات أو الدعارة. ظلت هذه الصفقة صالحة مدةً طويلة. ولكن بدأت بعض الصدوع تظهر في جدران تلك الصفقة خلال الأشهر القليلة الماضية.
كان فاريل هو مَن بدأ العداوة، بكل المقاييس. كان يُحضِر عددًا أكبر من الفتيات من دول الكُتلة الشرقية سابقًا، حيث يأتي الكثير من البضائع ذات العلامات التجارية المزيَّفة. وبدلًا من الالتزام بالصفقة القديمة وبيعها إلى كوبر، أنشأ فاريل فريقًا من الشباب الصغار لتوزيع تلك البضائع المقلَّدة في الحانات والأسواق.
استاء كوبر كثيرًا. حتى إنه تجرأ وذهب إلى فاريل في مكتبه في سوهو ليتحدَّث معه عن الأمر. وغضب فاريل كثيرًا. فقد كان مكتبه في سوهو مخصَّصًا لأعماله القانونية. ولم تكن أي أعمال إجرامية تُناقش هناك. فضلًا عن حضور رجل عصابات مثل كوبر لم يتمكَّن من التخلص من فظاظة إيست إند.
طلب كوبر من فاريل «إتاوة» على عمله الجديد في البضائع المقلَّدة. القصة التي سمِعتها أن فاريل سخر منه. وأخبر فاريل كوبر أن السبب الوحيد في امتلاك كوبر عملًا هو أن فاريل يشعر بالعطف عليه بسبب صداقتهما القديمة. ثم قال فاريل لكوبر إنه، أي كوبر، سيدفع «إتاوة» لفاريل مقابل السماح له بالعمل.
ثار كوبر كثيرًا، وأطلق سَيلًا من التهديدات على فاريل. حدثت المشاجرة قبل أسبوعين من الحريق، وكان كوبر أحد الأوغاد الأشرار الذين حققنا معهم. ولا شك في أنه امتلك حجة غياب. دائمًا ما يمتلك أمثال بريان كوبر حجج غياب، فنادرًا ما يؤدون الأعمال غير القانونية بأنفسهم. ولكنها لم تكن حجة غياب مقنِعة فحسب. فقد بدت حقيقية للغاية. لم أشعر أنها حجة غياب دبَّرها لأنه كان يعلم أنه سيحتاج إليها. وهذا جعلني أفكِّر أنه لم يكن يتوقَّع أن تموت كاتي تلك الليلة. وهذا يعني بدوره أنه من المحتمل ألا يكون مَن أمر بالقتل. ولكنه لا يزال على قائمتي.
ولكن يبدو أن كوبر كان لديه أعداء آخرون بخلاف جاك فاريل. وأحدهم تخلَّص منه بطريقة شنيعة للغاية.