الفصل الثاني عشر
كنتُ جالسًا في مطار هيثرو أنتظر انتهاء ستيلا من إجراءات الجمارك والجوازات عندما وصلني اتصال هاتفي. لم تكن الموظفة التي تتحدَّث معي عبر الهاتف تملك الكثير من المعلومات. كلُّ ما أخبرتني به هو أنه عُثر على جثة في حوض بادينجتون، وأن ثمة مَن أخبرها بأن تخطرني بالأمر.
سألتها: «هل يريدون مني أن أذهب إلى مسرح الجريمة؟»
فقالت: «نعم. في أقرب وقتٍ ممكن، هذا هو المكتوب أمامي على الشاشة.»
قلت: «سأذهب»، ثم أنهيت المكالمة. لقد قطعتُ كل هذه المسافة لإحضار ستيلا، ولن أعود خاليَ الوفاض. إنها لن تتأخر أكثر من ذلك، كما أنها قد تأتي إلى مسرح الجريمة معي، إذا شعرت بالرغبة في ذلك. إنه يقع في طريقنا إلى منزلها في مقاطعة سانت جونز وود على أي حال.
لم أخبر ستيلا بأني سأكون في استقبالها. فقد حصلت على موعد رحلتها من سكرتيرتها، وليس منها. أردت أن أفاجئها. لذا، كان من المستحيل أن أنصرف، ليس من أجل جثة لن تبرح مكانها.
بعد بضع دقائق من ذلك التنبيه الذي جاءني عبر الهاتف، رأيت ستيلا تسير في صالة المطار نحوي. كان من النادر أن أتمكن من مشاهدتها دون علمها، فتركت عينَي تستمتعان برشاقة خطواتها. كانت قد ربطت شعرها إلى الخلف في تصفيفة ذيل حصان، وكانت عيناها مجهدتين، ولكني أرجعت ذلك إلى أنها خرجت للتوِّ من رحلة طيران استغرقت الليل بطوله، وبالنظر إلى هذا فقد كانت تبدو يقظة تمامًا. لم أتمالك نفسي. وارتسمت على وجهي ابتسامة عريضة.
كانت على بُعد بضع ياردات مني عندما رأتني. ارتفع حاجباها في دهشة، ولكن تبِعت الدهشة ابتسامة سريعة شعرتُ بصدقها. تقدمتُ نحوها وقبَّل أحدنا الآخر مثل الأصدقاء، على الوجنتين. قالت وهي تضع حقيبة ملابسها أرضًا وتعانقني: «يا إلهي، آندي. مرافقي الخاص من الشرطة.»
تركت ذراعَي تلتفَّان حولها، مستنشقًا رائحة اللافندر، ومستشعرًا دفء جسدها. وقلت: «نتعاون معًا لتزداد لندن أمانًا. هذا شعارنا.»
أمسكت بمقبض حقيبتها ذات العجلات وسرت وراءها بخطوة. سألتها: «هل كانت الرحلة جيدة؟»
قالت: «لقد انتهت. هذا أفضلُ ما يمكن قوله عن رحلات الطيران. ماذا فعلت من دوني؟»
«آندي الرجل، أم آندي الشرطي؟»
وضعت ذراعها في ذراعي. وقالت: «نحن في مكان عام يا آندي. من الأفضل أن تلتزم بجانب الشرطي في الوقت الحالي.»
بينما كنا نشق طريقنا نحو السيارة، حكيت لها كلَّ ما فاتها بينما كانت تراقب الجثث وهي تتعفن في الولايات المتحدة. انتهيت من إخبارها بكل شيء بينما نحن على الطريق السريع في طريق عودتنا إلى لندن. قالت: «رائع. خرج الجني من القمقم بعدما قتل جاك فاريل نفسه.»
صحت قائلًا: «يا له من جني. إذا كانت لديَّ ثلاث أمنيات، لم أكن لأضيِّعها بهذه الطريقة.»
«هل أنت واثق بذلك؟ إنه ينظِّف الشوارع من الكثير من القمامة.»
كانت محقة في هذه النقطة. «في واقع الأمر، لا أمانع أن يذهبوا جميعهم إلى الجحيم. ولكني لم أعُد أتحمَّل مسارح الجرائم العنيفة.»
قالت ستيلا: «عميقًا في داخلك يا آندي، أنت مخنَّث.»
ضحِك كلانا. ثم قلت: «إذا كنتِ تشعرين بأنه فاتك الكثير، يمكننا أن نأخذ جثةً طازجة في طريقنا إلى منزلك.»
اعتدلت ستيلا في مقعدها لتنظر نحوي. وقالت: «أنت تعرف كيفيةَ الوصول إلى قلب الفتيات، أليس كذلك؟»
غامرت بالنظر إليها نظرةً خاطفة. وقلت: «آمل ذلك. فيما يتعلق بكِ على الأقل. لقد افتقدتك يا ستيلا.»
أومأت برأسها كما لو أنها تدرك ذلك. وقالت: «لطف منك أن تقول ذلك.» غيَّرت ستيلا من جِلستها على المقعد، ووضعت يدها على فخذي. لم أشعر بأن لمستها تحمل مغزًى جنسيًّا. شعرت أنها كانت تريد لمسي فحسب. قالت: «ولكن كان الابتعاد مفيدًا. لقد جعلني أفكِّر فيما إذا كان الوقت قد حان لأن نعيد التفكير فيما يحدث بيننا.»
لم يكن هذا ما خطَّطت له في ذهني. كنت أعتقد أن الأمور ستعود إلى نصابها الصحيح كما في السابق. قضيت شهرًا كاملًا نائمًا بمفردي، وكنت أتطلع إلى تغيير هذا الوضع. وفكَّرت أنه حان الوقت لبعض الكلام المعسول. قلت رابتًا على يدها: «يبدو أن الأمر كان يحتاج إلى أن تذهبي إلى أمريكا لكي ندرك مقدار حب أحدنا للآخر.»
قالت ببطء: «لم أكن لأصيغ الأمر هكذا. أعتقد أن ما أحاول قوله هو أننا نحتاج إلى أن نتخذ قرارًا.»
لم أرتَح لطريقة قولها لتلك الجملة. فقلت: «بخصوص ماذا؟»
«بخصوص الاستمرار في علاقتنا.» أعادت يدها إلى حجرها. وقالت: «آندي، وصلت حياتي حاليًّا إلى مفترق طرق. بينما كنت في مزرعة الجثث، أخبروني بوضوحٍ أن ثمة وظيفةً لي هناك إذا ما أردتها. أحب عملي هنا. ولكني أعلم أني سأحب أيضًا عملي هناك. لا يمكنني الاختيار بين البقاء هنا أو الذهاب إلى هناك بناءً على العمل فحسب.» ثم تنهَّدت. وقالت: «كنت آمل أن أفكِّر في الأمر في جوٍّ أكثر استرخاءً من ذلك.»
كنت أعرف ما تعني تمامًا. لم يكن هذا هو المشهد الذي تخيَّلته في طريقي إلى المطار. فقلت: «ماذا تقولين يا ستيلا؟»
«الأمر بسيط يا آندي. إذا كنت سأبقى، فلا بد من وجود سبب قوي يجعلني أفعل ذلك. يمكنك أن تكون هذا السبب. ولكن لكي تصبح هذا السبب، أحتاج منك إلى أكثرَ بكثير مما كنت تعطيني إياه قبل أن أسافر. أحتاج إلى شيء أكثرَ من مجرد ممارسة جنس عابرة بين صديقين.»
زممت شفتَي، وزفرت الهواء الذي كنت أحبسه في صدري. لم يكن الأمر سيئًا مثلما خشيت. فقلت: «ستيلا، لا أعرف كيف …»
قالت بنبرة صوت آمرة: «لا، ليس الآن. فكِّر في الأمر قبل أن تقول أي شيء. لسنا في عجلة من أمرنا.» جلستْ في مقعدها مشدودة الظهر ما أوحى لي بأن الموضوع قد أُغلق في الوقت الحالي. ثم قالت: «والآن، أكنت تقول شيئًا عن جثة؟»