الفصل الثامن عشر
ازداد حاجبا كارن انعقادًا في أثناء قراءة الوصية. ثم قالت وقد بدت الحيرة في عينيها اللتين يحيطهما الاحمرار: «ما الذي يعنيه هذا؟»
قلت: «لقد ورثتِ كل شيء. تذكر الوصية الممتلكات الأساسية. ولكنها تذكر أيضًا أن تنتقل إليك ملكية كلِّ ما امتلكه بن، حتى وإن لم يُذكر بالتفصيل في الوصية.»
قالت كارن: «نعم، هذا ما فهمت. ولكن لماذا أدرج في وصيته محتويات خزانته في النادي الرياضي؟ لم يكن بن مشتركًا في نادٍ رياضي. كان بن يمارس تمارينه الرياضية في صالة الشرطة الرياضية. لطالما قال إن النوادي الرياضية للمغفلين الذين يريدون التظاهر بأنهم لائقون بدنيًّا.» قلت: «لقد تعجبت من هذا الأمر أيضًا.» كنت أعرف أنا أيضًا رأي بن في النوادي الرياضية. كما أنه ليس أي نادٍ رياضي. إنه نادي سميثسون. المكان نفسه الذي كان يذهب إليه جاك فاريل كل صباح مع داني تشو وفانسي رايلي. ويبدو أن بن ويلسون يمتلك خزانة فيه. زفرت. وقلت: «أريد أن أفحص تلك الخزانة، يا كارن.»
قطَّبت كارن ما بين حاجبيها مجددًا. وقالت: «هل تعتقد أنه احتفظ بالأشياء التي أراد إخفاءها هناك؟»
قلت: «هذا محتمل. ولكني سأحتاج إلى إخطارٍ منك تقولين فيه إنه لا بأس من أن أفحص محتويات الخزانة.» كنت آمل أنها مشتتة الذهن بما يكفي لأن توافق. كنت أعرف أني لا أملك ما يكفي من الوقت لاستخراج إذن بالبحث.
كنت محظوظًا. قالت كارن: «سأفعل أي شيء من شأنه مساعدتك.» ثم نهضت وبحثت بعينيها عن شيء يمكنها أن تكتب عليه. وفي نهاية المطاف، كتبتُ الإخطار على كمبيوتر بن وطبعته وجعلتُها توقِّعه.
وبعد ما يزيد قليلًا على الساعة، كنت جالسًا في مكتب مدير نادي سميثسون. كان المكتب مفروشًا أفضل من أغلب غرف معيشة أغلب رجال الشرطة الذين أعرفهم. كانت الفخامة هي ما يهدفون إلى تحقيقه، وقد أصابوا هدفهم. كان المدير رجلًا ذا ملامح حادة في الثلاثينيات من عمره. كنت قد رأيته من قبل في الصور التي التقطناها لجاك فاريل وهو يستمتع بالحياة الراقية في النادي الصحي. ولكنه لم يكن يبتسم في وجهي مثلما كان يبتسم في وجه فاريل. قال: «كل هذا يبدو …»
قلت: «خارج عن المسار المعتاد للأمور؟ أتفق معك تمامًا. ولكنك تعلم كيف تصبح الأمور عندما يُقتل شرطي. ينصبُّ تركيزنا على عدم تفويت أي شيء.» ابتسمتُ له ابتسامة ماكرة سريعة لم تظهر تجاعيدها إلا عند عينيَّ. وقلت: «أتمنى ألا تخلق مشكلة هنا؟ لقد حصلت على إذن من أرملته، ونسخة من وصيته التي يذكر فيها رقم الخزانة.»
أدار عينيه في مَحجِريهما. وقال: «هل يمكننا أن نتكتم على هذا الأمر؟»
بدت البراءة في عينيَّ. وقلت: «لهذا السبب جئت بمفردي. كان يمكنني أن آتي مع قوة من رجال الشرطة.»
قال وقد امتقع وجهه: «هل معك الأرقام السرية؟»
أشرت إلى الوصية. وقلت: «ها هي ذي.»
صحبني إلى الطابق السفلي حيث توجد غرفة الخزانات الملحقة بغرف تغيير الملابس، التي كانت مكوَّنة من أريكة طويلة تمتد بين صفَّين من أبواب الخزانات الموصدة. أشار إلى خزانة بن، ثم استدار ليقف خلفي. قلت: «شكرًا لك. سأتولى الأمر بمفردي من هنا.» لم يبدُ سعيدًا، ولكنه فهم ما أعني.
كانت الخزانة في الطابق الأرضي. كانت مساحتها تبلغ نحو ثلاثين بوصة في اثنتي عشرة بوصة، وعندما فتحتها، كانت حقيبة رياضية تشغل أغلب المساحة. أخرجت الحقيبة من الخزانة، وأصدرتُ أنَّةً بسبب وزنها غير المتوقَّع. وضعتها على الأريكة الطويلة وفتحت سحَّابها.
إن كانت لا تزال لديَّ ثمة شكوك في حجة ستيلا المقنعة، فقد ماتت جميعها الآن. لم يبِع بن ذمته بالرخيص، هذا مؤكد. كانت الحقيبة مليئة برزم نقود من فئة الخمسين جنيهًا. لم أكن أعلم إجمالي المبلغ في الحقيبة، ولكن لا شك في أنه مُكوَّن من ستة أرقام. قلت: «أيها الوغد.»
حبيبتي كارن،
إذا كنت تقرئين هذا الخطاب، فهذا يعني أنني ميت. آسف أني تركتك والأطفال. كل ما كنت أريده هو أن أقضي ما تبقى من حياتنا معًا. ولكن يمكنني أن أضمن على الأقل أنكِ، إن لم أكن معك، فإنك تملكين ما يكفي من المال لكيلا تقلقي أبدًا من تدبير نفقات المعيشة.
أعلم أنك ستتساءلين حتمًا عن مصدر كل هذا المال. لست فخورًا بما سأخبرك به، ولكن منذ فترة، قبضت أنا وآندي على أحد كبار الأشرار في ميدلاندز. كان الرجل قد فقد عرشه لصالح أحد مساعديه. وكان دائمًا ما يحتفظ بمبالغَ مالية كبيرة في أحد مقرَّاته. أعتقد أنه كان يجدر بنا أن نسلِّم المال، ولكن لم يكن أحدٌ يعلم أي شيء عنه سوانا نحن الاثنين، وكان الأمر مغريًا للغاية. كان آندي هو مَن طرح الفكرة، ولكنني لم أحاول بجدٍّ أن أثنيَه عنها. فقررنا أن نخفي الأمر ونقسِّم المال فيما بيننا. اشتريت بوليصة التأمين بجزءٍ من المال وما تبقى منه موجود في الحقيبة.
أعلم أنكِ ستفكرين في فعلِ ما تشعرين بأنه التصرف الصحيح وستشين بي. ولكني أرجوكِ لا تفعلي ذلك إذا كان آندي على قيد الحياة. من أجله، ومن أجل أطفالنا، حافظي على السر، واحصلي على الفائدة القصوى مما تركته لك. لا أريد أن يكبر أطفالي معتقدين أني كنت رجلًا سيئًا. لستُ رجلًا سيئًا يا كارن. كل ما حدث أني استسلمت لإغراء فرصة الحصول على مبلغ كبير من المال. لم أكن أضر أيَّ أحد، ولا أريد أن أضر آندي أو الأطفال عبر كشفِ سرِّ ما فعلتُ الآن.
كارن، لقد أحببتكِ منذ رأيتك للمرة الأولى. وستظل عيناي تراقبانك في كل يوم من حياتك، لأحرسك وأحافظ على أمنك. لطالما كنتِ المرأة الوحيدة التي أحببت.
قلت مجددًا: «أيها الوغد.» فمع قصته الملفَّقة عن مصدر المال، أخفى أي صلة بينه وبين جاك فاريل أو أي أعمال إجرامية. كما أنه ورَّطني معه في الأمر. لم أكن لأتمكن من تسليم هذا الخطاب للسلطات من دون أن تصبح نزاهتي موضوعًا للشائعات والنميمة لما تبقى من فترة خدمتي.
وكنت أعتقد أنه صديقي. شعرت بنفسي تتألم، ذلك الألم الذي يشعر به المرء عندما يمسك دموعه مدة طويلة.
لم يكن موت بن هو ما جعلني أشعر بكل هذا السوء.
بل ما سبَّبه لحياته من ضرر.