المنظر الثاني
(حجرة الاستقبال … وفي نفس الليلة … بعد نحو رُبع ساعة … يدخل الوزير
فتستقبله النائبة وزوجها.)
النائبة
(وهي تقود الوزير إلى مقعدٍ وثير)
:
تفضل هنا يا باشا.
الوزير
:
أخشى أن أكون قد أزعجتُك … ولكن الضرورة!
الزوج
(وقد ارتدى ملابس الخارج كاملةً لاستقبال الوزير)
:
مَعاليك شرفت منزلنا الليلة!
الوزير
(سائلًا النائبة)
:
حضرته …
النائبة
:
زوجي … عبد السلام حمودة … مهندس بمصلحة الطرق والكباري.
الزوج
:
مهندس مدني … منذ عشر سنوات يا معالي الوزير!
النائبة
:
عبد السلام … اطلُب قهوة للباشا.
الزوج
:
حالًا.
(يخرج مسرعًا.)
الوزير
:
لماذا لم تُخبريني أن زوجك في مصلحة تابعة لي؟
النائبة
:
وما الداعي أن أُخبرك؟
الوزير
:
أمرك.
النائبة
:
الاستجواب تأجَّل … فما هو الأمر الخطير يا ترى؟
الوزير
:
هذا الأمر الخطير هو …
الزوج
(يدخل)
:
حالًا تأتي القهوة … (يجلس).
الوزير
(وهو يراه قد جلس)
:
لم تسألني كيف أُريدها؟
الزوج
:
سُكَّر مضبوط؟
الوزير
:
سادة من فضلك.
الزوج
(ناهضًا)
:
لحظة واحدة! … (يخرج مسرعًا).
الوزير
(للنائبة في شِبه همس)
:
أنا الذي أريد لحظةً واحدة … أُحادثك فيها على انفراد … أسرار السياسة العُليا لا
تصحُّ أن تُقال أمام صغار الموظفين!
النائبة
:
إني مصغية.
الزوج
(يدخل)
:
مِن حُسن الحظ أن البنت الخادمة لم تكن قد وضعتِ السكر بعد!
(يريد أن يجلس.)
النائبة
:
أرجوك يا عبد السلام أن تُلاحظ ميمي … وأن تُعطيه نصف قُرص أسبرو …
الزوج
(ناهضًا)
:
وهو كذلك.
(يخرج مُتباطئًا.)
النائبة
(للوزير)
:
إني مُصغية.
الوزير
:
الموضوع بالاختصار أنَّ الاستجواب يجب أن يُسحَب من المجلس غدًا.
النائبة
:
لماذا؟
الوزير
:
لأنه مجرد مُناورة سياسية من المعارضة.
النائبة
:
لأنه مُحرج لمركز الوزارة!
الوزير
:
لأن المعارضة تستغلُّه لا للمصلحة العامة … بل للتشنيع.
النائبة
:
هل أنت مُتأكد أن مشروع تعلية الخزان؛ وما سيتكلَّفُه من ملايين … ليس فيه غبن
للمصلحة العامة؟
الوزير
:
ثِقي أن رفع منسوب المياه نصف مترٍ فقط … تفهمين طبعًا في الهندسة!
النائبة
:
لا … بكلِّ أسف … زوجي هو المهندس.
الوزير
:
آه … ولكنك أنتِ المُختصة بالمناقشة في المشروعات الهندسية!
النائبة
:
شعوري العميق هو أن هذا المشروع على هذا الوضع ليس في مصلحة البلد.
الوزير
:
الشعور لا يكفي يا سيدتي … بحَثَت المشروع لجنة فنية لا يرقى الشكُّ إلى كفاءتها
وخبرتها.
النائبة
:
ولكنَّ الحزب الذي أنتمي إليه يُعارض هذا المشروع.
الوزير
:
نعم … مع الأسف!
النائبة
:
ماذا تنتظر منِّي إذن أن أصنع؟
الوزير
:
أن تُساعِدينا على سحب الاستجواب!
النائبة
:
وأخون حِزبي؟!
الوزير
:
ليس في الأمر خيانة على الإطلاق … إنك تقومين بعمل شخصي … وتتوسَّطين بصفتك
الخاصة … لقد أدَّت لنا مثل ذلك وأكثر منه وأصعب، كثيراتٌ من حزبك … زميلتك الشقراء
نائبة …
النائبة
:
كرموز.
الوزير
:
نعم … وزميلتك النائبة المُحترمة الأخرى التي تضع في شعرها مشط نيلون بنفسجي
مسخسخ.
النائبة
:
نائبة شبرا العنب.
الوزير
:
نعم … نعم … المسألة في غاية البساطة … هذا النائب الشاب الذي قدَّم الاستجواب …
يُحاول دائمًا أن يجلس في الصف الذي تجلسين فيه … ويُبدي الاهتمام بكلِّ ما تقولين
… وليس غيرك يستطيع أن يُقنعه بسحب الاستجواب.
النائبة
:
كيف أُقنعه؟
الوزير
:
بابتسامة!
النائبة
(ثائرة)
:
ما هذا الذي تقول يا باشا؟! إنك تُهينُني في بيتي!
الوزير
:
معاذ الله! … معاذ الله، إني ما قصدتُ قط إهانة … ولكنه اقتراح صغير … تقدَّمتُ
به إلى مُروءتك، خدمة للمصلحة العامة.
النائبة
:
المصلحة العامة … المصلحة العامة … أهكذا تُخدَم المصلحة العامة؟ … وإذا كنتَ
تعتقد حقًّا أيها الوزير أن في مشروعك مصلحة عامة، فلماذا تخشى هذا
الاستجواب؟!
الوزير
:
لأن … لأن الغرَض منه غير شريف.
النائبة
:
ولماذا لا تكون أنتَ شريفًا بكشْف الأوراق وإعلان الحقائق؟!
الوزير
:
سِرِّية المشروع ضرورية للتنفيذ.
النائبة
:
الحكومة التي تُخفي عن البرلمان مثل هذه الأسرار، كالزوجة التي تُخفي عن زوجها ما
يجِب أن يعرف عن حقيقة سلوكها وتصرُّفها.
الوزير
:
منطق نسائي … لا منطق سياسي!
النائبة
:
هذا ما أعتقد … وهذا ما يجب!
الوزير
:
ثِقي أن الحكومة لا تخون زوجها البرلمان … بإخفائها عنه تفاصيل بعض الإجراءات …
أنتِ مثلًا … وكُلنا يعرف أنك زوجة نموذجية … ألم تخفي عن زوجك شيئًا قط؟
النائبة
:
لم أُخفِ عنه قطُّ شيئًا يجِب أن يعلَمه.
الوزير
:
برافو!
النائبة
:
والآن … هذا كل موقفي ممَّا تريد … ولا تنتظر منِّي أبدًا أغيِّر هذا
الموقف!
الوزير
:
وزوجك؟
النائبة
:
ما شأن زوجي؟!
الوزير
:
مهندس مدني في مصلحة الطرق والكباري.
النائبة
:
نعم.
الوزير
:
في أي درجة؟
النائبة
:
في الدرجة الخامسة.
الوزير
:
فقط؟! … منذ عشر سنوات؟ … هذا وضع غريب … هذا ظُلم … عشر سنوات مَنسي في مصلحة
الطرق؟! … في أي طريقٍ من هذه الطرق نَسُوْه؟! … وأنت كيف تسكُتين عن المطالبة
بحقِّه؟ … وأنت امرأة عمو … لا مؤاخذة امرأة مُشتغلة بالسياسة العامة!
النائبة
:
وماذا أستطيع أن أصنع له؟
الوزير
:
تستطيعين كثيرًا … ولكنك لا تعرفين ولا تُريدين.
النائبة
:
لا أريد أن أعرف إلَّا الإخلاص لمبدئي.
الوزير
:
إنَّ المرأة لا تستطيع أن تُخلص أبدًا لمبدأ … بل تستطيع أن تُخلِص لشخص!
النائبة
:
ليس هذا رأيك وحدَك … إنه رأي الرجال جميعًا … ورأي الدنيا منذ خُلِقت … وهذا هو
الذي يجعلني أحرِص على مسلكي هذا … إلى حدِّ العُنف أحيانًا والصرامة
والتعصُّب.
الوزير
:
وما فائدة ذلك … ما دمتِ بمفردك؟! … إن غيرك من النائبات المُحترَمات لهن، كما
تعرفين، أشياء أخرى يُخلصنَ لها.
النائبة
:
ماذا تعني؟
الوزير
:
أنسيتِ المشروع الذي اقترحنَ فيه تخفيض الضريبة الجمركية عن الأحمر والأبيض
وأصابع «الروج»، للشفاه، وأدوات التجميل … والجوارب الحريرية … والأقمشة
النسائية؟!
النائبة
:
لقد عارضتُ أنا هذا المشروع.
الوزير
:
لأنك شاذة في تفكيرك.
النائبة
:
ألستُ على حق؟!
الوزير
:
لا … لستِ على حق … إنك تأخُذين صِفتك النيابية على سبيل الجد، أكثر من اللازِم …
هذا حقًّا عيب المرأة، عندما تُخلِص مرةً لشيء، فإنها تتطرف وتتعصب … لا تنسَي أن
لأسرتك ولزوجك عليك حقوقًا … إن المصلحة العامة لن تمسَّ منها شعرة، إذا فكرتِ
قليلًا في مُستقبل زوجك … هذا الضال التائه في «الطرق والكباري» … إنه في حاجة إلى
«كوبري» يصِل به إلى الدرجة الرابعة والثالثة … وفي يدِك أنتِ هذا الكوبري.
النائبة
:
في يدي أنا؟!
الوزير
:
الكوبري الذي يُوصِّله إلى الدرجة الثالثة مباشرة … إن مجلس الوزراء — وأنا
أُعطيك تعهدًا بلسانِهِ الآن — يستطيع أن يُسوِّي حالةَ زوجك في الجلسة القادمة
بدون تأخير.
النائبة
:
مفهوم … إذا ساعدتُكم على سحب الاستجواب!
الوزير
:
إنَّ الذكاء لا ينقُصُك.
النائبة
:
مرفوض!
الوزير
:
ترفضين؟!
النائبة
:
أرفض!
الوزير
:
نهائيًّا؟!
النائبة
:
نهائيًّا!
الوزير
(ناهضًا)
:
ماذا كنتِ قبل انتخابك؟ … مُدرِّسة … كما بلغني … في التعليم الثانوي … نعم … إنك
لا تعرفين الدُّنيا … لم تعيشي إلا بين جدران المدرسة … تحسبين البرلمان جدران
مدرسة … لن يكون لك مُستقبل في السياسة ولا في الحياة العامة … إني لَأُبشِّرك من
الآن! … أرجو أن تُصبحي على خير.
النائبة
:
أشكرك!
الوزير
(على عتبة الباب)
:
إذا غيَّرتِ رأيكِ … فأخبريني … في أي ساعة!
(يخرج الوزير … وتُشيِّعه النائبة … ثم تعود وترتمي على مقعدٍ وتضع
رأسَها في كفَّيها … ويدخل الزوج من بابٍ آخر يحمل صينية القهوة.)
الزوج
(يبحث بعيْنَيه في القاعة)
:
أين معالي الوزير؟
الزوجة
(وهي في إطراقها)
:
انصرَف.
الزوج
:
والقهوة؟
الزوجة
:
اشربها أنت.
الزوج
:
أشربها أنا؟!
الزوجة
(ثائرة الأعصاب)
:
نعم … اشربها أنت … اشربها أنت.
الزوج
:
طبعًا … أنا الذي أشربها … مَن غيري؟ … لأنها «سادة» … مُرَّة … سوداء … كحياتي
وحظي وأيامي.
الزوجة
(تلتفِت إليه)
:
لا تنتظِر منِّي أنا أن أضع السُّكر في حياتك.
الزوج
(بإذعان)
:
لا سيدتي، لقد طرحتُ من رأسي هذا الأمل … منذ زمن.
(صمت.)
الزوجة
(كالمخاطبة نفسها)
:
إن هذا السُّكَر باهظ الثمن!
الزوج
:
ماذا تقولين؟
الزوجة
:
لا شيء.
(صمت.)
الزوج
:
لو كنتِ على الأقل تُحادثينني مليًّا في أعمالك وما يشغل بالك!
الزوجة
:
ماذا أقول لك؟! إنك لا تفهم شيئًا في السياسة!
الزوج
:
طبعًا … لستُ أفهم شيئًا إلَّا أن أقوم بعمل المُرضعة للولَد بالليل … وبعمَلِ
كناسٍ نظيف في مصلحة الطرق بالنهار … أما حضرتك …
الزوجة
:
حضرتي؟
الزوج
:
تقومِين بمناقشة الوزراء والحكام … والمداولة في تصميمات المشروعات
والخزانات.
الزوجة
:
ألن تكُفَّ عن هذه السخرية بي؟
الزوج
:
لستُ أسخر بك … بل بنفسي!
الزوجة
:
ومَن الذي قال لميمي إني ببغاء في البرلمان؟
الزوج
:
لعلَّه لفظٌ خرج من فمي وأنا نعسان.
الزوجة
:
بل هذا رأيك دائمًا، أعرِف جيدًا، من يوم ترشيحي للانتخابات.
الزوج
:
رأيي … أنا حُرٌّ في رأيي.
الزوجة
:
دائمًا كنتَ تقول ذلك مُتهكمًا: المرأة في البرلمان … ببغاء في قفص … ستحفظ
كلماتٍ ممَّا يلُوكه رجال السياسة، كي تُردِّدَها، وهي في ريشها الأحمر والأخضر
والأصفر … من ثيابِ الموسم آخِر «موضة»! … ألم تقُل ذلك؟ … ولكنك لم تستطِع
التنبُّؤ بالمتاعب التي ستتعرَّض لها النائبة المُحترمة حقًّا … تلك الشِّباك من
المُغريات، التي تُنصَب لها، لتكون ألعوبةً في أيدي الحكومات! … الكل يعتقد أن
النساء سريعات التحوُّل … سريعات التقلُّب … ينجرفنَ مع التيارِ بسهولة … ويتركن
مبادئهنَّ للريح … كما يتركنَ شعورهنَّ على شاطئ البحر يُحركها النسيم … أصواتهنَّ
مكسوبة مُقدمًا لمَن يُلمِّح لهنَّ بإشارة براقة! … ربما كان هذا صحيحًا بالنسبة
إلى أغلب النساء … لأن تلك التي تُريد أن تثبُت على مبدئها وتُخلِص لحزبها لا بدَّ
أن تُضحِّي … تُضحِّي … تُضحِّي.
الزوج
:
تُضحِّي بماذا؟
الزوجة
:
بأشياء كثيرة!
الزوج
:
بزوجها؟
الزوجة
:
هذا هو أهونُ الضرر.
الزوج
:
شكرًا … شكرًا.
الزوجة
:
نعم … هذا ضرَرٌ هين، أن تبقى في الدرجة الخامسة كما أنت … بل قد يضغط علينا
الوزير أو يسخط … فينتقِم منك أنت، وينقُلك إلى أقاصي الصعيد.
الزوج
:
ارحموني يا ناس! … ما ذنبي أنا؟ … امرأتي تُشاكِس الحكومة … وأنا الذي يُنتقَم
منِّي … وأُنقَل إلى آخِر البلاد!
الزوجة
:
الثبات على المبدأ مُرتفِع التكاليف!
الزوج
:
المبدأ …! وما شأني أنا بمبدئك؟! … وما مصلحتي؟ … وما منفعتي؟ … أُنسَى …
وأُمتَهَن … وأُضطَهَد … هل إذا جاء حزبكِ إلى الحُكم يُصلِح حالتي؟
الزوجة
:
أبدًا.
الزوج
(منفجرًا)
:
يا للكارثة التي وقعَتْ على رأسي! … يا لَلمصيبة التي جاءتني بك! … أيتها
النائبة! … النائبة التي قصمت ظهري!
الزوجة
(ترهف الأذن)
:
صه، ما هذا؟ … ميمي قد استيقظ!
(يدخل الطفل ميمي … وهو يفرُك عينَيه.)
الطفل
:
ماما … ماما!
الأم
:
ميمي! … لماذا قُمتَ من فراشك يا حبيبي … (تحتَضِنه) إنك تتَصَبَّبُ
عرَقًا!
الطفل
:
أريد أن أشرب.
الأم
(لزوجها)
:
كوب ماء بسرعة يا عبد السلام!
الزوج
(في إذعان)
:
حاضر.
(يخرج وهو يتنهد.)
الأم
(تُجلِس طفلها)
:
أنت محمومٌ يا ميمي … ماذا تُحس؟
الطفل
:
بطني …!
الأم
:
بطنك؟ … أين؟
الطفل
(يُشير إلى معدته)
:
هنا.
الأم
(تجسُّ الموضع)
:
هنا؟ … بماذا تشعُر هنا؟
الطفل
:
توجعني!
(يدخل الزوج بكوب الماء.)
الأم
(لزوجها وهي تتناول منه الكوب لتسقي الطفل)
:
يشعر بألَمٍ في المعدة!
الزوج
:
من براغيت الست!
الأم
:
ماذا؟
الزوج
:
براغيت الست التي يشتريها من أمام الباب ويملأ بها بطنه! … هذا أهون ضَرَرٍ
يُصيبه … ما دام متروكًا لعناية بنت خدامة صغيرة جاهلة … بينما الست في البرلمان
ثابتة على المبدأ!
الأم
:
كيف تدَعُه البنت يأكل شيئًا من الطريق … لقد أوصيتُها مرارًا ونبَّهتها.
الزوج
:
ماذا تنتظِرين من خادمةٍ لا يزيد مُرتبها عن تسعين قرشًا في الشهر؟!
الأم
:
إلهي … ماذا أستطيع أن أصنع؟
الزوج
:
لو كان زوجك في الدرجة الثالثة … أما كان لطفلِنا ميمي الآن مُربية مُحترمة …
أيتها النائبة المحترمة!
الأم
(بصوت ضعيف مُطرقة)
:
آه يا عبد السلام! … لا تحاول أن تُضعِفني.
الزوج
:
لستُ أحاول شيئًا … هذا حقُّك … ومن حقك أن تُضحِّي بزوجك … وبطفلِك!
الأم
(تضم طفلها بشدة)
:
ميمي!
الطفل
:
ماما!
الأم
:
نعم يا ميمي!
الطفل
:
أين كنت الليلة؟
الأم
:
كنت في … في …
الطفل
:
في السينما؟
الأم
:
لا … في … مكان آخر.
الطفل
:
لماذا لم تأخُذيني معك في هذا المكان؟
الأم
:
لأني … لا أستطيع أن آخُذك معي … هناك.
الطفل
:
ولماذا تركتِني بالليل؟
الأم
:
لأني … لأني … ألَمْ يكن معك أبوك؟
الطفل
:
بابا لم يعرف كيف يحكي لي الحكاية … قُصِّي عليَّ أنتِ حكاية الفيل
والببغاء.
الأم
(كالمخاطبة نفسها)
:
الببغاء … (تفكر لحظة ثم تنهض فجأة) عبد السلام … خُذ ميمي لحظة … (تضع الطفل في
حضنِه).
الزوج
:
لماذا؟! … ماذا تُريدين أن تصنعي؟!
الأم
:
ستعرف الآن (تتَّجِه إلى مكتب صغير في ركن القاعة … وتكتب خطابًا سريعًا).
الزوج
(وهو يُراقبها)
:
إني أَعرِفُكِ … إنكِ مقْدمة على قرار خطير … أقرأ كلَّ شيءٍ على صفحة وجهكِ …
قبل أن أقرأه على صفحة خطابك!
الأم
:
والآن إليَّ التليفون!
(تترك القلم … وقد فرغت من الخطاب السريع … وتُمسك السماعة وتدير
القُرص.)
الزوج
:
تطلُبين مَن … في هذه الساعة؟!
الأم
(في التليفون)
:
آلو … آلو … معالي الباشا … مساء الخير … نعم … غيرتُ رأيي فعلًا … ماذا؟ … إقناع
النائب بكل وسيلة … لا يا سيدي … لن أتخذ أبدًا هذه الوسائل … أنت لم تفهم قصدي …
غيرتُ رأيي في حياتي نفسها … كتبتُ خطابًا إلى رئيس المجلس، أستقيل من عضوية
البرلمان … مفاجأة غير سارة لك؟ … ولكنها سارة لي ولزوجي ولابني … أرجو أن تُصبح
على خير!
(تضع السماعة … وتتجه إلى زوجها.)
الزوج
(مذهولًا)
:
تستقيلين من البرلمان!
الأم
(تمد يدَيها نحو طفلها)
:
أعطني ميمي الآن لأحكيَ له الحكاية.
(ستار)