أبوا الإسلام وصالحوه على ألف حلة في صفر، ومثلها في رجب، ومع كل حلة أوقية من الفضة،
وقالوا له: أرسل معنا أمينًا، فأرسل أبا عبيدة عامر بن الجراح، وقال لهم: «هذا أمين
الأمة».
وفد نجران إن أردت الرشادا
فاتَّقِ الله واتَّبِع ما أرادا
وتأمل فتلك حجته البيـ
ـضاء لم تبق ظلمة أو سوادا
وضح الحق وانجلى الشك فانظر
إنه النور قد أضاء البلادا
إنه الدين قيِّمًا يصلح الأمـ
ـر وينفي الأذى معًا والفسادا
جئت في زينة وبسطة حال
تزدهيك الجياد إذ تتهادى
وهداياك من مسوح وبسط
زيد فيها الفن البديع وزادا
صدقتْ صنعة التصاوير فيها
وهي إفك سبيله أن يعادى
•••
ردَّها الصادق الأمين تقاة
وقضى الأمر حكمة وسدادا
ودعاهم إلى التي هي أهدى
فأبى الظالمون إلَّا عنادا
زعموا أنهم على الحق ما حا
دوا ولكنه عن الحق حادا
أيظن المسيح عبدًا وقد كا
ن إلهًا أتى يدين العبادا
قال لا تكذبوا عليه وتوبوا
واتبعوا الحق ملة واعتقادا
إن عيسى صلَّى الإله عليه
كان للحق قوة وعتادا
هو من روح ربه مستفاد
وسبيل المخلوق أن يستفادا
كان في قومه رسولًا رضيًّا
يتقي ربه ويرجو المعادا
لا أبٌ كالذي زعمتم ولا ابن
فدعوا الشرك وانبذوا الإلحادا
وحِّدوا الله ما لكم منه واقٍ
واحذروا الخيل والسيوف الحدادا
ضلَّ من يدَّعِي لمن هو فرد
في علاه الأبناء والأندادا
فتنتْهم أعماله وهي من قدرة الله
وشر الضلال أن يتمادى
رُميتْ يثربٌ بوفدٍ جماد
هل رأى العالمون وفدًا جمادا؟
عدم العقل فهو يُمعن في الجهـ
ـل ويأبى فما يريد اتئادا
أنزل الله آية لو وعاها
راح بعد اللجاج يلقي القيادا
لم يكن دون أن يبيد محيص
ليته باهل النبيَّ فبادا
منعتهم آجالهم فتفادوا
ما يودُّ الحريص أن يتفادى
وأَتَوا مذعنين يبغون صلحًا
يدفع الويل والخطوب الشدادا
سيد الرسل أمَّلوه ففازوا
إنما أمَّلوا الكريم الجوادا
اشتروا منه أنفسًا نَجِسات
زادها البيع والشراء كسادا
حُلل لا تكون إن هي عُدَّت
دون ألف ولا تجيء فرادى
يبعث القوم مثلها من لجين
يعجب الناظرين والنقادا
سر حثيثًا أبا عبيدة واملأ
أرض نجران همة واجتهادا
أنت أنت الأمين عزَّ بك الصنـ
ـع الذي يرفع الرجال وسادا
خلصت للنبي منك خلال
أفعمت نفسه هوى وودادا
•••
أخذوا العهد رحمة وسلامًا
بعد أن ضل سعيهم أو كادا
يبلغ الحق مبتغاه وتزدا
د قواه تماديًا واطِّرادا
وأضلُّ الرجال من لا يُلبِّي
داعي الله طائعًا إذ يُنادى
•••
أيها المؤمنون توبوا إلى الله
وكونا لدينه أوتادا
أرغبتم إذا أقبل الوفد في الد
نيا وكنتم من قبله زهَّادا؟
إن خيرًا من ذلكم جنَّة الله
فلا تعدلوا بتقواه زادا
ما للنفس من غبطة أو سرور
بمتاع تخشى عليه النفادا