وفد بني زبيد
جاءوا ومعهم عمرو بن معد يكرب الزبيدي، وقد كان قال لابن أخيه قيس المرادي: إنك سيد قومك، فانطلق بنا إلى محمد لنبلوا أمره، فإن كان نبيًّا كما يقول فلن يخفى عليك، فأبى عليه قيس وسفَّه رأيه، وجاء عمرو فأسلم، فلما علم قيس قال: خالفني وترك أمري ورأيي، وتوعد عمرًا، فقال عمرو من أبيات:
فمن ذا عاذري من ذي سفاه
يريد بنفسه شد المزاد
أريد حياته ويريد قتلي
عذيرك من خليلك من مراد
وفد الفارس الذي تفرق الأبـ
ـطال منه وتفزع الفرسان
جاء عمرو وأيُّ قرم كعمرو
حين تدعى القروم والشجعان
ما له في الرجال كفؤ إذا ما
حمي الضرب واستحرَّ الطعان
راع صماصمه وشاع له في الأر
ض ذكر مجلجل رنان
قال يا قيس أنت سيد قوم
ليس فيهم لغيرك اليوم شان
أيُّما خطة أردت فلا تعـ
ـدل عنها وحيثما كنت كانوا
سرْ معي تنظر الذي راح ينهى
أن تقام الأصنام والأوثان
إنه إن يكن نبيًّا فلن يخـ
ـفى علينا الدليل والبرهان
ومن الحق أن يكون مُطاعًا
فعلينا الولاء والإيمان
قال يا عمرو هل أصابك مسٌّ
فتمادَى الهراء والهذيان؟
ما أنا بالذي يلين عناني
لابن أنثى إن لان منك العنان
إن تكنْ مذعنًا لمن فتن النا
س فما بي لمثله إذعان
ذهب الفارس الزبيديُّ فردًا
وتقضى النداء والبهتان
يطلب الساحة التي يُطلب الخيـ
ـر بأرجائها ويُرجَى الأمان
مهبط الوحي يرتع الروح فيها
كل حين ويسطع الفرقان
رضيَ البرَّ والمروءة دينًا
فصفت نفسه وطاب الجنان
زال عنه الأذى فما خطب قيس؟
إن قيسًا لثائر حرَّان
قال يا ويحه أآمره أمـ
ـري فمنه الإباء والعصيان؟
لأذيقنَّه الجزاء أليمًا
فيرى موضعي وكيف يُدان
•••
هكذا تصنع الجهالة بالنا
س فتعمَى العقول والأذهان
ومن الناس مبصرون يرون الحـ
ـق ومنهمُ عميان