وَفْد كنْدة
كانوا ثمانين أو ستين رجلًا، فيهم الأشعث بن قيس، جاءوا وعليهم جبب الحرير الحبرة من صنع اليمن، وقد سرحوا شعورهم، فلما دخلوا على النبي ﷺ حيوه تحية الجاهلية «أبيت اللعن»، فقال: «لست بملك، وإنما أنا محمد بن عبد الله»، قالوا: لا نخاطبك باسمك، قال: «أنا أبو القاسم»، فقالوا: يا أبا القاسم، إنَّا خبأنا لك شيئًا فما هو؟ وكانوا خبَّئوا عين جرادة في ظرف سمن ليختبروه، فقال: «سبحان الله! إنما يُفعل ذلك بالكاهن»، قالوا: كيف نعلم أنك رسول الله، فأخذ كفًّا من حصباء وقال: «هذا يشهد أني رسول الله» فسبح الحصى في يده، فأسلموا وتلا عليهم: وَالصَّافَّاتِ صَفًّا حتى بلغ قوله تعالى: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ، فسكت ودموعه تجري، فقالوا: أمن مخافة من أرسلك تبكي؟ قال: «إن خشيتي منه أبكتني، بعثني على صراط مستقيم مثل حد السيف إن زغت عنه هلكت»، ثم تلا: وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ الآية، ثم نهاهم عن لبس الحرير، فشقوه من أعناقهم وألقوه.