وفْد أزد شَنُوءَة
قدم على الرسول الكريم جمع من الأزد، وفيهم صرد بن عبد الله الأزدي، وكان أفضلهم، فجعله أميرًا على من أسلم من قومه، وأمره أن يجاهد بهم من يليه من المشركين من قبائل اليمن، فخرج حتى إذا أتى مدينة جرش من مدائنهم حاصرها بمن معه من المسلمين قريبًا من شهر، ثم رجعوا عنها، فظن أهلها أنهم ارتدوا منهزمين، فانطلقوا وراءهم، فأدركوهم عند جبل يقال له: شكر، فقتل المسلمون منهم خلقًا كثيرًا.
هنا يا سَراة الأزد حطُّوا رحالكم
فما أطيب المثوى وما أشرف الحمى
هنا البرُّ والتقوى هنا الخير كله
لمن كان يرجو أن يفوز ويغنما
هنا المنزل الميمون ما من مُوَفق
يريد سواه منزلًا أو مخيَّما
أَجِلْ يا ابن عبد الله عينيك واقتبس
من النور ما يجلو الغياهب عنهما
تبيَّنْ هداك الله إنك ناظر
أجلَّ بني الدنيا جميعًا وأعظما
هداكم به ربٌّ تدارك خلقه
فجاد به نورًا مبينًا وأنعما
وولَّاك أمر القوم تمضي مجاهدًا
بهم من يليهم من رجال ذوي عمى
شكتْ جرش طول الحصار وما اشتكت
لكم همم يرمي بها الله من رمى
رجعتم تريدون المكيدة فاعترى
أذى الوهم من عمَّارها من توهَّما
رأى شكر من خطبهم وبلائكم
مشاهد هزَّته فحيَّا وسلما
أكنتم كما ظنوا تخافون بأسهم؟
ألم يكفهم أن يُضحكوا السيف والدِّما؟
همُ البدن بدن الله ضلَّت فما لها
سوى النحر تلقاه قضاء محتَّما
كذلك قال الصادق البَرُّ إنه
ليُلقي الذي يُلقي من القول ملهما
أكان حديثًا للرسولين ساقه
لقومهما أم كان جيشًا عرمرما؟
هما نبَّآهم فارعووا عن ضلالهم
وقالوا رسول جاء بالدين قيِّما
وأصبح نور الله ملء ديارهم
يضيء لهم ما كان من قبل مظلما