رسُول فروة بْن عمرو الجذامي
وفد رسول فروة على النبي ﷺ يخبره بإسلامه، وحمل إليه هديته، وهي بغلة بيضاء يقال لها فضة، وحمار يقال له يعفور، وفرس يقال لها الظرب، وثياب معها قباء مرصع بالذهب، وكان فروة عاملًا للروم على من يليهم من العرب، فلما أسلم أخذوه وحبسوه، ثم ضربوا عنقه وصلبوه بعد أن قال له الملك: ارجع عن دين محمد، ونحن نعيدك إلى ملكك، قال: لا أفارق دينه فإنك تعلم أن عيسى (عليه السلام) بشر به، ولكنك تضن بملكك.
هذا السبيل فأين يذهب من أبى؟
أوَليس نور الله قد كشف الدجى؟
ليس الذي ركب الغواية فالتوى
كمن استقام ولا الضلالة كالهدى
أحسنت فروة إن دين محمد
لهو الذي يشفي القلوب من العمى
هذا رسولك جاءه بهدية
فيها لنفسك كل ما تهب المنى
أنت السعيد بها ولو أتْبَعتها
كل الذي لك لم تزد إلا غنى
ماذا يغيظ الروم من مستبصر
صرف العنان عن الغواية وارعوى؟
سجنوه حين رأوه يطلق نفسه
في المعشر الطلقاء من سجن الهوى
وتكنَّفوه ليفتنوه فزاد في
إيمانه ما جرَّعوه من الأذى
لو يعقل الملك الغبيُّ لما رأى
رأي الألى ضلوا السبيل ولا غوى
قال اعتزل دين الذين همُ العدى
إن كنت تؤثر أن تُردَّ على رضى
لك عند قومك ما تحب وتشتهي
في ذلك الحرم الممنَّع والحمى
المجد والشرف الرفيع وما ترى
من نعمة خضراء دانية الجنى
قال اقتصد ما أنت أنت ولا أنا
أنا قد مضى من أمرنا ما قد مضى
إني اصطفيت محمدًا وهو الذي
أوصى به عيسى فنعم المصطفى
وأراك تعلم غير أنك مولع
بالملك تكره أن يكون له مدى
قال اقتلوه فراح يلقى ربه
فرحًا بما حفظ الأمانة واتقى
صلبوه من حنق عليه فويحهم
أفَلَمْ يكن في قتل فروة ما كفى
نعم الشهيد وبئس ما صنعوا به
وسيعلمون لمن يكون المنتهى
تلك العقيدة حكمها وسبيلها
إما سبيل المؤمنين أو الردى