وفْد بني الحارِث بن كعب
بعث النبي ﷺ خالد بن الوليد إلى بني الحارث بن كعب بنجران، وأمره أن يدعوهم
إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم، فخرج حتى قدم عليهم، وبعث الركبان يضربون في كل وجه،
ويقولون: أيها الناس أسلموا تسلموا، فأسلموا، وقام فيهم يعلمهم شرائع الإسلام، وكتب
بذلك إلى النبي، فكتب إليه أن يوافيه ومعه وفدهم، فجاءوا وفيهم قيس بن الحصين… ذو
الغصة، وحين اجتمعوا به قال: «بم كنتم تغلبون من قاتلكم في الجاهلية؟»، قالوا: كنا
نجتمع ولا نتفرق، ولا نبدأ أحدًا بظلم، قال: «صدقتم»، وأقر عليهم زيد بن الحصين، ومات
ﷺ بعد رجوعهم إلى قومهم بأربعة أشهر.
يا بني الحارث بن كعب سلام
أذهب الرجسَ عنكم الإسلامُ
جاءكم خالد بدعوة حق
فاستجبتم ما عابكم إحجام
عظمت نعمة النبي عليكم
فاعرفوا دينه كيف يقام
كل ما تكره النفوس من البغـ
ـي وسوءِ الصنيع فيه حرام
لا يحل القتال إلا بحق
وهو حق مؤكد وذمام
أنتم القوم ما عليكم ملام
قُضِيَ الأمر واستراح الحسام
وعجيب إذا بدا الحق طلقًا
أن تضلَّ العقول والأحلام
يا بني الحارث بن كعب نزلتم
في حمى الله منزلًا لا يرام
ها هنا ها هنا يطيب المقام
هذه يثربٌ وهذا الإمام
أرأيتم عزَّ النبوة فيما
عرف الناس أو رأى الأقوام
لا النبيُّون أول الدهر نالوا
بعض هذا ولا الملوك العظام
قال وهو العليم إذ كلَّم القو
م ومن مثله يطيب الكلام
بم كنتم في الجاهلية تستعلون
بالنصر حين يحمي الضرام
فأجابوه ذلكم أننا كنا
جميعًا تضمُّنا الأرحام
صادقِي البأس للقلوب اتحاد
حين تمضي وللصفوف التئام
صخرة ما تطير أو تتفرَّى
إن تفرَّى الحصى وطار الرغام
ثم كنَّا لا مبدأ الناس بالظلـ
ـم نعاف الذي الذي يعاف الكرام
نكره الشر قادرين ونأبا
ه وللشر في النفوس اضطرام
قال حقًّا صدقتم وما كا
ن ليرجَى للظالمين دوام
إن زيدًا أميركم فاعرفوه
واستقيموا لكل أمر نظام
سنَّة الله ليس للقوم بدٌّ
من رئيس يُلقَى إليه الزمام
عُدْ بخير يا ابن الحصين ونُعْمَى
إنك اليوم للرئيس الهمام