وقد أمره الرسول الكريم على من أسلم من قومه، وفي رواية مرجحة أنه أرسل إليهم خالد
بن
الوليد يدعوهم إلى الإسلام، فأقام ستة أشهر وهم لا يجيبون، فبعث إليهم عليًّا (كرم الله
وجهه)، وأمر خالدًا بالرجوع إليه، فصف علي أصحابه وقرأ عليهم كتاب النبي فأسلموا
جميعًا، وكتب بذلك إليه، فخر ساجدًا ثم رفع رأسه وقال: «السلام على همدان»
مرتين.
هو وفدهم وهم الفريق الطيِّب
ما فاتهم من كل خير مطلب
طابت منابتهم فطاب صنيعهم
إن الرجال إلى المنابت تنسب
إلَّا يطيعوا خالدًا إذ جاءهم
فلكل أمر موعد يترقب
سدُّوا السبيل عليه ستة أشهر
وأتى عليٌّ بالكتاب فرحبوا
همدان أهل للجميل وعندهم
غوث الصريخ ونجدة ما تكذب
نصرُ الحماة الصادقين وصبرهم
والحرب حرَّى والفوارس هُيَّب
شهد النبي لهم فتلك صفاتهم
تملي محاسنها عليَّ وأكتب
يرضون ملَّته فيسجد شاكرًا
لله جل جلاله يتقرب
ويذيقهم برد السلام مًردَّدًا
عذبًا كماء المزن أو هو أعذب
أوتاد هذي الأرض أو أبدالها
منهم فمشرقها لهم والمغرب
يمضي الزمان وهم ولاة أمورها
في دولة أبديَّة ما تذهب
تلك الولاية لا ولاية معشر
يبقَوْن ما غفل الزمان القُلَّب
جاءوا عليهم رونق ونضارة
يصف النعيم لباسُهم والمركب
صنَع البرود لهم فأحسن صنعها
وأجادها صَنَعُ اليدين مدرَّبُ
تهفو يمانيةً على أجسادهم
فتكاد حسنًا بالنواظر تنهب
من كل وضَّاح الجبين معمَّم
وكأنه مما يهاب معصب
زانوا الرحال بما أفاءت مَهْرَة
من نسلها الغالي وأنجب أرحب
جاءوا بشاعرهم فمن أنفاسه
أرَجٌ كنفح الطيب أو هو أطيب
حيَّا رسول الله يظهر حبه
إن الكريم إلى الكريم محبَّب
حيا الشمائل كالخمائل فالربى
تبدي البشاشة والخمائل تطرب
حيَّاه مرتجزًا وإن لمالك
لأعزَّ ما ملك البيان المعجب
قل يا أخا همدان واشهد أنه
لَلحق ما لك دونه متنكب
هو ذلكم ما من رسول غيره
فيميل عنه أخو الرشاد ويرغب
ما فيه من شك وليس كمثله
للعالمين معلَّم ومهذِّب
أنت الأمير على الألى اتبعوا الهدى
والحق من همدان أو أنت الأب
خذْهم بآداب الكتاب وكن لهم
مثلًا من الشيم الرضيَّة يضرب
واعمل لربك جاهدًا لا تأله
دأبًا فليس يفوز من لا يدأب