بقِيَّة الوفود
توالت وفود الله تختار دينه
وترضاه ربًّا ما لها غيره رب
دعاها فلبَّت تبتغي الحق مذهبًا
وجاءت يظَلُّ الركب يتبعه الركب
هداها إلى الإسلام رأي مسدَّد
فلا شغب يؤذي النفوس ولا حرب
إذا المرء لم يزجُرْ عن الغيِّ نفسه
فلا الطعن يهديه السبيلَ ولا الضرب
وشرُّ سجايا المرء أن تؤثر العمى
وتكره أن يستلَّ أدواءها الطبُّ
ترامت بهم آمالهم ومطيُّهم
إلى واسع الأكناف منزله رحب
جليل الأيادي ما يعبُّ نزيله
قرى فاضلٌ من جوده وندى سكب
إذا جاءهم المكروه والهم جاثم
كفى ما به حتى كأن لم يكن كرب
وإن راح يستسقي به الغيثَ مُسنت
تقَشَّع عنه الجدب واطَّرد الخصب
لكم جاحدٍ لمَّا رأى نور وجهه
تجلَّى العمى عن عينه وصحا القلب
به عرف القوم السبيل إلى الهدى
فلا مسلك وعرٌ ولا مركب صعب
وفي ظله الممدود حطُّوا ذنوبهم
فعادوا ولا وزر عليهم ولا ذنب
طهارى عليهم من سنا الحق بهجة
لها وهج باقٍ على الدهر لا يخبو
بني الدهر ناموا آخر الدهر أو هبُّوا
تكشفت الظلماء وانجابت الحجب
أبى الله إلَّا أن يؤيد دينه
فليس لمن يأباه عقل ولا لُبُّ
إذا أخذ السيل الأتيُّ سبيله
فلا الشرق مسدود الفجاج ولا الغرب
وما الدين إلا ما محا الشرَّ والأذى
فلا أمة تشكو الشقاء ولا شعب
وما يستوي البحران هذا مذاقه
أجاج وهذا طعمه سائغ عذب
قضاها لنا ربُّ السماء شريعة
مطهَّرة لا الظلم منها ولا الغصب
لنا ديننا نسمو به وكتابنا
إلى حيث لا الأديان تسمو ولا الكتب
رعى الله قومًا ما رعَوْا غير حقه
ولا راعهم فيه ملام ولا عتب
يُحبُّونه حبًّا تلين قلوبهم
به وهو فيها مثل إيمانها صلب
فمن يك عن حال المحبِّين سائلًا
فتلك سجاياهم وهذا هو الحب
تعلَّمْ سجايا القوم واسلك سبيلهم
أولئك حزب الله ما مثله حزب