سَرايا غالب بن عبد الله الليثي
السَّرِيَّةُ الْأُولَى
كانت في شهر رمضان سنة سبع إلى أهل الميفعة بناحية نجد، وهي على ثمانية برد من المدينة، خرج إليها في مئة وثلاثين رجلًا، فهجموا على أهلها في مساكنهم، وقتلوا من تصدى لهم، واستاقوا النعم والشاء، وفي هذه السرية قتل أسامة بن زيد (رضي الله عنهما) نهيك بن مرداس الأسلمي، وقيل الغطفاني، بعد أن قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فلامه النبي ﷺ فقال: إنما قالها تعوذًا من القتل، قال: «هلا شققت عن قلبه فتعلم أصادق هو أم كاذب؟»، قال أسامة: لن أقتل بعده من قالها، وفي ذلك نزل قوله (تعالى): يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الآية، وورد أن النبي ﷺ دفع الدية إلى أهله، وأمر أسامة أن يعتق رقبة.
•••
•••
السَّرِيَّةُ الثَّانِيَةُ
كانت إلى بني الملوح بالكديد — اسم ماء بين عسفان وقديد — خرج إليها في صفر من السنة الثامنة، وكان من رجال هذه السرية جندب بن مكيث الجهني (رضي الله عنه) قال: لما بلغوا قديد وجدوا الحارث بن مالك الليثي المعروف بابن البرصاء فأخذوه، فقال: إني جئت أريد الإسلام وما خرجت إلا لرسول الله ﷺ، فقالوا: إن تكن مسلمًا فلن يضرك رباط يوم وليلة، ثم وضعوا عليه حارسًا، وأمروه أن يقتله إذا ظهر منه سوء، وساروا حتى أتوا الكديد، فجعله أصحاب جندب بن مكيد ربيئة لهم، فأشرف على رأس تل فرآه رجل من بني الملوح فرماه بسهمين، وقع الأول بين عينيه فنزعه، والثاني في منكبه فكذلك، ثم نام القوم فحمل المسلمون عليهم سحرًا، فقتلوا منهم من قتلوا واستاقوا النعم، واستصرخ القوم، فاجتمع عدد كثير وحملوا على المسلمين، فأرسل الله السيل في الوادي، وادي قديد، من غير سحابة ولا مطر فحال بينهم، وأسلم ابن البرصاء وهو صحابي توفي آخر خلافة معاوية.
•••
•••
السَّرِيَّةُ الثَّالِثَةُ
لما عاد غالب بن عبد الله الليثي (رضي الله عنه) من الكديد أرسله النبي ﷺ إلى موضع مصاب أصحاب بشير بن سعد «بفدك» في صفر سنة ثمان، ومعه مئة رجل، فأغاروا على بني مرة فقتلوا وغنموا، وكان بشير (رضي الله عنه) قد سار إليهم في شعبان سنة تسع ومعه ثلاثون رجلًا، فما رأوا منهم أحدًا وعادوا بالنعم والشاء، فأدركوهم وجعلوا يرمونهم بالنبل، فقتل من قتل وولى الباقون إلا بشيرًا، فقد ثبت لقتالهم حتى جرح فسقط وبه رمق، وعمد القوم إلى اختباره بضربة في كعبه فلم يتحرك، فظنوا أنه قد مات، وانصرفوا عنه لنعمهم وشائهم، فتحامل هو فذهب في الليلة التالية إلى فدك، فأقام فيها عند بعض اليهود حتى قوي ثم عاد إلى المدينة بعد أيام.