سَرِيَّةُ بَشِيرِ بنِ سَعدٍ (رَضِي اللهُ عنْه)
وهي السرية الثانية له بعد التي ورد ذكرها في السرية السابقة، كانت إلى عين وجبار، وهي أرض لغطفان، وقيل لفزارة، خرج إليها في شوال سنة سبع ومعه ثلاث مئة رجل، وسبب خروج هذه السرية أن عيينة بن حصن أعدَّ جمعًا بأرض غطفان للإغارة على المدينة، فلما بلغهم مسير بشير إليهم هربوا، وأصاب هو وأصحابه نعمًا كثيرة لهم فغنموها، ثم لقوا الجمع وهو لا يشعر بهم فانهزم بغير قتال، وتبعوهم فأسروا منهم رجلين أسلما وخلى سبيلهما.
عيينة ماذا أنت — ويحك — صانع؟
وما ذلك الذي أنت جامع
رويدك هل يغزو المدينة حانق
ويطمع فيها يا عيينة طامع؟
هي الصخرة العظمة فلا البأس نافع
إذا جئت تبغيها ولا السيف قاطع
لها من جلال الله حصن ممنَّع
يردُّ الأذى عنها وجيش مدافع
وفيها رسول الله والنفر الألى
يهون عليهم أن تهول الوقائع
إذا وردوا الهيجاء فالنقع قاتم
وإن صدروا بالخيل فالنصر لامع
بشير بن سعد يا عيينة قادم
فهل أنت بالجمع المضلل راجع؟
أتاكم على بعد المزار حديثه
فلا قلبَ إلا واجف منه جازع
فررتم تريدون النجاة وقد بدا
لكم منه يومٌ هائل البأس رائع
وغادرتم الأنعام تعوي رعاتها
وتندبها آثارها والمراتع
فيا لك من نهب توَلَّى حماته
وأقبل يُزجَى سربه المتتابع
ويا للأسيرين اللذين نهاهما
عن الشرك ناهٍ من هدى الله رادع
هما أسلما لما بدا الحق واضحًا
وللحق نور للعماية صادع
أطاعا رسول الله فاهتديا به
وما يستوي في الناس عاصٍ وطائع
عيينة من ينزع إلى الرشد لا يزل
على لاحب منه فهل أنت نازع