سبيلك في مرضاة ربك يا بِشر
وفي حقه فادأب وإن فدح الأمر
عليك بني كعب فخذ صدقاتهم
ولا تألهم نصحًا لهم ولك الأجر
أطاعوك في ذات الإله وأقبلوا
كرامًا يرون الدين أن يُبذَل البر
فما لتميم ساء ما صنعت بنو
تميم أما للقوم رأي ولا حجر
أبوا أن يؤدُّوا الحق واهتاج جمعهم
فعبَّ عباب البغي واحتدم الشر
يقول بنو كعب دعونا وديننا
وهيهات لج الشرك واستكبر الكفر
لك الله يا بشر فعد غير آسف
لربك فيهم حكمه ولك العذر
أتيت رسول الله تروي حديثهم
فهيجت بأسًا مثلما يقد الجمر
أعدَّ ابن حصن للوغى وأمده
بكل شديد البأس مطعمه مر
إذا ذاقه في غمرة الحرب قرنه
تنكب يلوي أخدعيه ويزورُّ
أغار عليهم فاستباح نفوسهم
وأموالهم فلينظروا لمن الخسر؟
تساق سباياهم وأنعامهم معًا
بأعينهم من كل أوب وهم كثر
تود لو أن القوم يستنقذونها
وهيهات لجَّ الرعب واستفحل الذعر
أقاموا على غيظ وعاد عيينة
مغانمه شتى وآثاره غر
عليه من النصر المحجل بهجة
إذا ائتلفت أوضاحها ضحك النصر
يظل أسارى القوم في دار «رملة»
مجازيع مما يصنع الحبس والأسر
رأوا سوء عقباهم فأقبل وفدهم
وضجَّ الأسارى إننا مسَّنا الضرُّ
تصيح ذراريهم وتبكي نساؤهم
وجهد الأسى أن تهطل الأدمع الغزر
أتوا دار أمضى الناس رأيًا وهمة
لنائبة تعتاد أو حادث يعرو
ينادونه في ضجة من ورائها
ولو ملكوا صبرًا لأغناهم الصبر
ألا اخرج إلينا وانظر اليوم أيُّنا
له الشرف العالي الذرى وله الفخر؟
فلما رأوه خارجًا علقوا به
ولم يثنهم صوت الأذين ولا الزجر
قضاها صلاة يحمل الروح نشرها
فلا أرج يحكي شذاها ولا نشر
وعاد حميدًا ينظر القوم حوله
لهم صلف ما ينقضي وبهم كبر
يقولون قول الجاهلين وقلَّما
يفيد الهراء القوم أو ينفع الهجر
عطارد مهلًا وانْه صحبك إنما
أردتم مقامًا دونه الشعر والنثر
ألا إن قول الصدق ما قال ثابت
وحسان فاشهد إنما يشهد الحر
خطيب رسول الله ما فيه مرية
وشاعره ما مثله شاعر بَرُّ
غُلبتم فأسلمتم فبشرى بنعمة
حباكم بها رب له الحمد والشكر
خذوا السبي والأسرى وهذا عطاؤكم
عطاء كريم ما لآلائه حصر
أحِبُّوا رسول الله يا قوم إنه
محبَّته غُنم ومرضاته ذخر
عطوف على ذي الضعف يؤتيه فضله
عفوٌّ حليم ما يضيق له صدر
أقيموا على الفرقان تتلون آيه
فذلك نور الله ما دونه ستر
كتاب يضيء السبل في كل مطلع
لكل ابن ليل من مطالعه الفجر
خذوا زادكم منه وعودوا لقومكم
فما ثَمَّ زاد مثله أيها السفر