ذِكرى هذِه الغزوة المباركة
نظمت هذه القصيدة للحفلة التي أقامتها جماعة إحياء مجد الإسلام بالقاهرة؛ إجلالًا لهذه الذكرى الإسلامية المجيدة في اليوم السادس والعشرين من شهر رمضان المعظم سنة ١٣٥٨هـ، وقد رأى الناظم إثباتها هي والقصيدة التي تليها:
تعلموا كيف تبني مجدها الأمم
وكيف تمضي إلى غاياتها الهمم
تعلموا وخذوا الأنباء صادقة
عن كل ذي أدب بالصدق يتسم
أَمَنْ يقول فما ينفك يكذبكم
كمن إذا قال لم يكذب له قلم؟
لكم على الدهر منِّي شاعر ثقة
تُقضى الحقوق وترعى عنده الذمم
تعلَّموا يا بني الإسلام سيرته
وجددوا ما محا من رسمها القدم
الله أكبر هل هانت ذخائره
فما لكم مقتنًى منها ومغتنم؟
بل أنتم القوم طاح المرجفون بهم
وغالهم من ظنون السوء ما زعموا
ماذا تريدون من ذكرى أوائلكم
أكل ما عندكم أن تحشد الكلم
لسنا بأبنائهم إن كان ما رفعوا
من باذخ المجد يمسي وهو منهدم
إن تذكروا يوم بدر فهو يذكركم
والحزن أيسر ما يلقاه والألم
سن السبيل لكم مجدًا ومأثرة
فلا يدٌ نشطت منكم ولا قدم
غازٍ يصول بجند من وساوسه
وقائد ما له سيف ولا علم
•••
حيوا الغزاة قيامًا وانظروا تجدوا
وفودهم حولكم يا قوم تزدحم
ثم انظروا تارة أخرى تروا لهبًا
في كل ناحية للحرب يضطرم
حيوا الملائكة الأبرار يقدمهم
جبريل في غمرات الهول يقتحم
الأرض ترجف رعبًا والسماءُ بها
غيظ يظلُّ على الكفار يحتدم
هم حاربوا الله لا يخشون نقمته
في موطن تتلاقى عنده النقم
مَن جانَب الحق أردته عمايته
وأحزم الناس من بالحق يعتصم
الدين دين الهدى تبدو شرائعه
بيضا تكشف عن أنوارها الظلم
ما فيه عند ذوي الألباب منقصة
ولا به من سجايا السوء ما يصم
يحيي النفوس إذا ما ماتت ويرفعها
إذا تردت بها الأخلاق والشيم
لا شيء أعظم خزيًا أو أشد أذى
من أن يطاع الهوى أو يعبد الصنم
دين تصان حقوق العالمين به
ويستوي عنده السادات والخدم
ضل الألى تركوا دستوره سفهًا
فلا الدساتير أغنتهم ولا النظم
دعا النبي فلبَّى من قواضبه
بيض مطاعمها المأثورة الخذم
حرَّى الوقائع غرثى لا كفاء لها
إن جد ملتهب أو شد ملتهم
تجري المنايا دراكًا في مسايلها
كما جرى السيل في تياره العرمُ
قواضب الله ما نامت مضاربها
عن الجهاد ولا أزرى بها سأم
يرمي بها كل جبار ويقصمه
إن ظن من سفه أن ليس ينقسم
الجيش منطلق الغارات مستبق
والبأس محتدم والأمر مكتتم
الله ألَّف بين المؤمنين فهم
في الحرب والسلم صف ليس ينقسم
كروا سراعًا فللأعمار مصطرع
تحت العجاج وللأقدار مصطدم
من كل أغلب يمضي الحتف معتزمًا
إذا مضى في سبيل الله يعتزم
حرَّان يحسب إذ يرمي بمهجته
نشوان يزداد سكرًا أو به لمم
للحق نشوته في نفس شاربه
وليس يشربه إلا امرؤ فهم
وأظلم الناس من ظن الظنون به
ما كل ذي نشوة في الناس متهم
طال القتال فما للقوم إذ دلفوا
إلا البلاء وإلا الهول يرتكم
وقام بالسيف دون الليث صاحبه
يذود عنه وعزَّ الليث والأجم
ماذا يظن أبو بكر بصاحبه؟
إن الرسول حمى للجيش أو حرم
أمْن النفوس إذا اهتاجت مخاوفها
والمستغاث إذا ما اشتدت الغمم
هل يعظم الخطب يرميه امرؤ درب
أفضى الجلال إليه وانتهى العظم؟
راع الكتائب واستولت مهابته
على القواضب تلقاه فتحتشم
دعا فماجت سماء الله وانطلقت
كتائب النصر ملء الجو تنتظم
لاهُمَّ غوثك إن الحق مطلبنا
وأنت أعلم بالقوم الألى ظلموا
تلك العصابة ما لله إن هلكت
في الأرض من عابد للحق يلتزم
جاء الغياث فدين الله منتصر
عالي اللواء ودين الشرك منهزم
جنى على زعماء السوء ما اجترحوا
وحاق بالمعشر الباغين ما اجترموا
ما الجاهلية إلا نكبة جلل
تُردي النفوس وخطب هائل عمم
هذي مصارعها تجري الدماء بها
وتشتكي الهون في أرجائها الرمم
هذا أبو الحكم انجابت عمايته
لما قضى السيف وهو الخصم والحكم
ماذا لقيت أبا جهل وكيف ترى
آيات ربك في القوم الذين عموا؟
هذا القليب لكم في جوفه عبر
لا اللوم ينفعكم فيها ولا الندم
ذوقوا العذاب أليمًا في مضاجعكم
ما في المضاجع إلا النار والحمم
لا تجزعوا واسمعوا ماذا يقال لكم
فما بكم تحت أطباق الثرى صمم
الشرك يُعول والإسلام مبتسم
سبحان ربي له الآلاء والنعم
يا قومنا إن في التاريخ موعظة
وإنه للسان صادق وفم
لنا من الدم يجري في صحائفه
شيخ يحدثنا أن الحياة دم