زياد بن عمُارة (رضي الله عنه)
كان من أعظم أبطال هذه الغزوة، ثبت بين يدي النبي ﷺ يتلقى السهام دونه ويدافع القوم عنه حتى أثقلته الجراح فسقط، فأمر النبي أصحابه وقال: «أدنوه مني»، فأفرشه قدمه الشريفة فمات وخده عليها.
أكان يزيد بأسك إذ تصاب؟
زيادة ذلك العجب العجاب
تكاثرت الجراح وأنت صلب
يهابك في الوغى من لا يهاب
قوًى تنصبُّ ممعنة حثاثًا
وللدم في مواقعها انصباب
تردُّ الهندوانيات ظمأى
يخادعها عن الرِّي السراب
تريد محمدًا والله واقٍ
فترجع وهي محنقة غضاب
زيادة دونه سور عليه
من النفر الألى احتضنوه باب
وما بمحمد خوف المنايا
ولا في سيفه خُلُق يعاب
ولكن جلَّ منزلة وقدرًا
فبرَّ رجاله ووفى الصحاب
هوى البطل المغامر واضمحلَّت
قواه وخارت الهمم الصلاب
فتى صدقت مشاهده فظلت
تعاوره القواضب والحراب
وهَى منه الأديم فلا أديم
وأعوزه الإهاب فلا إهاب
تمزقت الصحائف من كتاب
طواه في صحائفه الكتاب
تلقاه برحمته وروَّت
غليل جارحه السوَر العذاب
أيادي الله يجعلها ثوابًا
لكل مجاهد — نعم الثواب
أهاب محمد أدنوه مني
فذلك صاحبي المحض اللباب
على قدمي ضعوا لِلَّيث رأسًا
أحاذر أن يعفره التراب
ففاضت نفسه نورًا عليها
وماج الجو وامتدَّ العباب
عباب تنطوي الآفاق فيه
ويغرق في جوانبه السحاب
مضى صعدًا عليه من الدراري
ومن بركات خالقه حباب
تلقَّته الملائك بالتحايا
منضَّرة تحب وتستطاب
وزخرفت الجنان وقيل هذا
مآبك إنه نعم المآب