مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ (رضي الله عنه)
قاتل مصعب بن عمير (رضي الله عنه) قتالًا شديدًا في هذه الغزوة، وصنع الأعاجيب بين
يدي رسول الله ﷺ، يدافع عنه ويقيه بنفسه، ولما قطعت يده اليمنى فسقط اللواء وهو
يجاهد المشركين أخذه بيده اليسرى وبقي يعمل بين يدي الله ويدي رسوله، فلما قطعت يده
اليسرى وسقط اللواء جثا عليه وضمه بعضديه إلى صدره، ثم دأب على القتال حتى قتله عبد
الله بن قمئة يظنه النبي ﷺ، ثم رجع إلى المشركين يقول: قتلت محمدًا، وذلك بعد أن
أقبل على المسلمين وهو يقول: أين محمد لا نجوت إن نجا، وفي رواية أن قاتل مصعب هو أبي
بن خلف.
هو مُرتمَى الأبطال ما لك دونه
متزحزح فاصبر له يا مصعب
ولقد صبرت تخوض من أهواله
ما لا يخوض الفارس المتلبب
ترمي بنفسك دون نفس محمد
وتقيه من بأس العدى ما ترهب
تبغي الفداء وتلك سنة من يرى
أن الفداء هو الذمام الأوجب
دع من يعضُّ على الحياة فإنه
غاو يضلِّل أو دَعِيٌّ يكذب
ما اختار نُصرة دينه أو رأيه
من لا يرى أن الفداء المذهب
ما هذه المثل التي لا تنتهي؟
هذا هو المثل الأبرُّ الأطيب
طاح الجهاد به شهيدًا صادقًا
أوفى بعهد إلهه يتقرَّب
إيمان حر لا يبالي كلما
ركب العظائم أن يهول المركب
يرسو وأهوال الوقائع عصَّف
تذرو الفوارس والمنايا وُثَّب
إن يضربوه ففارس ذو نجدة
ما انفكَّ يطعن في النحور ويضرب
كم هارب يخشى بوادر بأسه
ويخاف منه مشيَّعًا ما يهرب
الموت في وثباته يجري دمًا
والموت في نظراته يتلهب
سقطت يداه وما يزال لواؤه
في صدره يحنو عليه ويحدب
لو يستطيع لمدَّ من أهدابه
سببًا يشد به إليه ويجذب
يمناه أم يسراه أعظم حرمة
أم ساعداه وصدره والمنكب؟
جارَى منيته فكل يرتمي
في شأنه جللًا وكل يدأب
حتى دعاه الله يرحم نفسه
فأجاب يلتمس القرار ويطلب
إن كان ذلك من أعاجيب الوغى
فالبخل بالدم في المحارم أعجب
إنَّ امرأ كره الجهاد فلم يفز
بالموت في غمراته لمخيَّب