كان طعام المسلمين في هذه الغزوة التمر، يرسله سعد بن عبادة (رضي الله عنه)، فهو الذي
موَّن الجيش، ومن مناقبه أنه أبى على عيينة بن حصن والحارث بن عوف أن يأخذا نصف تمر
المدينة ليرجعا بمن معهما في غزوة الخندق، وكان سعد بن معاذ (رضي الله عنه) على رأيه
في
ذلك، ومن هذه المناقب طوافه على الأنصار يستفزهم للقتال في غزوة بدر، وقد غاب عن هذه
الغزوة المباركة؛ لأن حية نهشته فلم يقدر على الغزو، وقال النبي ﷺ في ذلك: «لئن
لم يشهدها سعد لقد كان حريصًا عليها»، ثم ضرب له بسهمه وأجره.
كان (رضي الله عنه) نقيب بني ساعدة (من الخزرج)، ومات بحوران من أرض الشام في السنة
الرابعة عشرة، في خلافة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وقبره بالمنيحة (قرية من غوطة
دمشق).
يا مطعم الجيش أشبعت السيوف دما
لولاك ما شبعتْ يومًا ولا طعِما
أنت الحياة جرت في كل منطلق
تغشى الكميَّ وتغشى الصارم الخذما
تتابع الجود لا بخل ولا سأم
دين المروءة يأبى البخل والسأما
المسلمون يدٌ لله عاملة
تمضي أصابعها في شأنها قدما
لا تشتكي إصبع من إصبع وهنًا
ولا تغايرها إذ تشتكي الألما
•••
يا سعد أدَّيت حق الله من ثمر
لو كان من ذهب ما زدته عظما
كذلك الخير يُدعَى المرء مغتنمًا
إن راح ينهبه في القوم مغتنِما
زادتك نخلك يا سعد بن ساعدة
فضلًا وزادت على أمثالها كرما
هذا جناها بأيدي القوم منتهَب
والله يكتب فانظر هل ترى القلما؟
أحصاه يا سعد عدًّا ثم ضاعفه
فلست تحصيه حتى تحصيَ الأمما
•••
إدفع عيينة واردع جها صاحبه
إن الحديث حديث اللهو لو علما
تمر المدينة ما فيه مساومة
أو يرجعَ السيف عنه مترعًا بشما
طعام كل فتًى لله منتدب
لا يغمد السيف عمن يطعم الصنما
منعته ونصرت الله في همل
من عصبة الشرك لا يرضَوْنه حكما
وصنته علمًا للحق تحفظه
لا يحفظ العرض من لا يحفظ العلما
ما يصنع الناس إن ضاعت محارمهم؟
وما على الأرض أن لا تحمل الرمما؟
•••
ألم تُهِبْ يوم بدر بالألى نفروا
للحرب يصلَون من نيرانها ضرما؟
يا قوم إن جموع الكفر حاشدة
فأين يذهب دين الله إن هُزِما؟
إن لم يبِتْ ناجيًا من سوء ما اعتزموا
فلا نجا أحد منَّا ولا سلما
•••
يا باعث القوم شتَّى من مجاثمهم
ما بال عزمك في آثارهم جثما؟
من حيَّة السوء ألقيت السلاح على
كره ورحت تعاني الهم والسقما
كنت الحريص عليها وقعة جللا
لم تُبق للكفر من آطامه أُطُما
كذاك قال رسول الله فابتهجت
منك المشاهد لم تنقل لها قدما
أعطاك سهمك يجزي نية صدقت
شريعة الله ما حابى ولا ظلما