رُجُوعُ الْمُهَاجِرِينَ مِنَ الْحَبَشَةِ
كانت هجرة المستضعفين من المسلمين من مكة إلى الحبشة مرتين؛ الأولى في شهر رجب من السنة الخامسة للنبوة، والثانية بعد رجوع أكثرهم في شهر رمضان — وقيل شوال — عندما بلغهم أن مشركي مكة أسلموا ثم ظهر لهم غير ذلك.
وسبب هذه الهجرة أن النبي ﷺ قال للمسلمين لما أصابهم الأذى: «تفرقوا في الأرض»، قالوا: وأين نذهب؟ فأشار إلى جهة أرض الحبشة، وقال: «إن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد»، وكان عدد المهاجرين في المرتين ثلاثة وثمانين رجلًا، وثماني عشرة امرأة، وبعثت قريش في أثرهم عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد بهدية إلى النجاشي وعظماء رجاله ليرد هؤلاء المهاجرين إليهم، وقال عمرو وصاحبه: إنهم لا يسجدون لك كما يسجد الناس، ويقولون في عيسى بن مريم (عليه السلام) ما لا يرضيك، فبعث النجاشي إلى الأساقفة فجاءوا بمصاحفهم، وتولى جعفر بن أبي طالب الكلام عن المهاجرين الذين كان يسميهم (حزب الله)، فقال: «إنا لا نسجد إلا لله (عز وجل)، ولا نقول في عيسى (عليه السلام) إلا ما يقول إنه روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم».
قال النجاشي: «يا معشر القساوسة هذا ما عندكم في المصاحف، أشهد أنه رسول الله الذي بشر به عيسى في الإنجيل»، ثم قال للمسلمين: «انزلوا حيث شئتم من أرضي آمنين»، وأمر لهم بما يصلحهم من الرزق، وقال: «من نظر إلى هؤلاء الرهط نظرة تؤذيهم فقد عصاني، ردوا هذه الهدايا فلا حاجة لي بها»، وكان عودة المهاجرين في غزوة خيبر، فأمر لهم النبي بأخذ أنصبتهم من الغنائم.
•••