بنو بكر وَخُزاعَة
إسلام أبي سفيان وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء
بني بكر وما يغني الملام
تلظَّى البأس وانتفض الحسام
ذمام صادق ودم حرام
وعزٌّ من خزاعة لا يُرام
يقوم عليه حامٍ لا ينام
أعانكم الألى نبذوا الوفاء
وراح القوم يمشون الضَّراء
وما تخفَى جريرة من أساء
سيوف محمد جُعلتْ جزاء
فما البغي الذميم وما العرام؟
قتلتم من خزاعة بالوتير
رجالًا ما أتاهم من نذير
لبئس الغدر من خلق نكير
ويا للناس للحدث الكبير
أكان محمد ممن يضام؟
أتوه ينشدون الحلف وفدا
تهدُّ شكاته الأحرار هدَّا
فقال لهم نُصِرتم واستعدَّا
وراح يسوقه للحرب جندا
تظلله الملائكة الكرام
أبا سفيان ذلك ما تراه
هو البأس المصمم لا سواه
أليس الحلف قد وهنت عراه
فكيف تشد بعدئذ قواه؟
أبا سفيان ليس لكم ذمام
كتمت الحق تطمع في المحال
فما بال الثقات من الرجال؟
فتحتم بالأذى باب القتال
فما دون اللقاء سوى ليال
ويفتح مكة الجيش اللهام
دع الأرحام ليس لكم شفيع
لقد حاولْتَ ما لا تستطيع
رويدك إنه الرأي الجميع
وإن الله ليس له قريع
تعالى جدُّه وسما المقام
رجعت وأزعجتك الحادثات
فسرت تقول هل قدم الغزاة؟
نعم قدم الميامين الهداة
وتلك جيادهم والمرهفات
فدع دين الغواة وقل سلام
أبا سفيان هل أبصرت نارا
كنار القوم إذ باتوا سهارى
أبتْ وأبوا فما تألو استعارا
ولا تُحصَى وإن عُدَّت مرارا
هو الفزع المؤجج لا الضرام
لقد أنذرت قومك فاستطاروا
وراحوا ما يقرُّ لهم قرار
نبتْ بهم المنازل والديار
وضاق سبيلهم فيها فحاروا
وقال سراتهم خطب جسام
فدعهم يا ابن حرب تلْقَ رشدا
وبالحق اعتصم فالحق أجدى
سبيل محمد فاسلكه أهدى
وخذه يا ابن حرب منه عهدا
لبيتك فيه من شرف دعام
مع العباس سرت إلى الرسول
لأعظم مطلب وأجل سول
لدين الله دين ذوي العقول
من النفر المساميح العدول
صدقْتك ليس كالنور الظلام
لقيت محمدًا حرًّا رشيدا
فعدت بيمنه خلقًا جديدا
هُديت وكنت جبارًا عنيدا
هنيئًا فاصحب الْجَدَّ السعيدا
بما أولاك صاحبك الهمام
أصبت الخير أجمع والرشادا
على يده ونلت به المرادا
أفادك يا ابن حرب ما أفادا
فبارك فيك ربك ثم زادا
وعند الله يلتمس التمام
نظرت فهل رأيت أشدَّ صبرا
وأحسن منظرًا وأجلَّ قدرا؟
كتائب من جنود الله تترى
تمرُّ عليك واحدة فأخرى
لها من دينها العالي نظام
تُكبِِّرُ ربها وتراه حقّا
وتبذل فيه أنفسها فتبقى
لكَ البشرى نعمتَ وكنت تشقى
فماذا من أيادي الله تلقى؟
لقد جلَّتْ فليس لها انصرام
لنعم الصاحبان الناجيان
على طول التردُّد والتواني
حكيم وابن ورقاء اللذان
أراد الله فيما يبغيان
فليس بغير سنته اعتصام
كلا الرجلين غطريف كريم
له في قومه حسب قديم
زعيم جاء يصحبه زعيم
كذلك يظهر الدين العظيم
فتعرفه الغطارفة العظام
مضى لك يا حكيم ولابن حرب
قضاء زاد حبًّا كُلَّ قلب
ومن أولى من الهادي بحب؟
وأجدر من عشيرته بقرب؟
قريش قومه وهو الإمام
إذا جعلت قلوب الناس تهفو
فمن بيتيكما حرز وكهف
وعندكما ظلال الأمن تضفو
وورد العيش للورَّاد يصفو
هما البيتان كلُّهما حرام
وفي حرم اللواء لكل نفس
تلوذ به كفاية كل بأس
يراه سراة مكة فوق رأس
لميمون النقيبة غير نكس
من النفر الألى صلوا وصاموا
لواء أبي رويحة ما أعزَّا
لواء قام للإِيمان رمزا
يهزُّ قلوب أهل الشرك هزَّا
ويترك بأسهم ضعفًا وعجزا
فمن للقوم إن وقع الصدام؟