كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ وَأَخُوهُ بُجَيْر (رضي الله عنهما)
هو كعب بن زهير بن أبي سلمى المزني، أحد أصحاب المعلقات، كان يرعى غنمًا مع أخيه
بجير، وكان يهجو النبي ﷺ، قال له بجير: اثبت أنت في غنمنا ودعني أذهب إلى محمد
فأسمع كلامه وأعرف ما عنده، وجاءه بالمدينة فهداه الله للإسلام، وبعث إلى كعب يخبره
بذلك، ويدعوه لمثل ما فعل، فأجابه كعب على رسالته لائمًا، وكان الرسول الكريم قد أهدر
دم كعب لما قال فيه، فأقام يغالب نفسه ثم قدم فأسلم، وقال قصيدته المشهورة: بانت
سعاد.
بجير كيف يخطئك السداد
ويجنح ضلَّةً منك القياد؟
ألا إن اللبيب لذو صلاح
إذا ما الرأي خالطه الفساد
تركت أخاك تنشده مرادًا
لنفسك صالحًا نعم المراد
تقول له أنبقى في ظنون؟
تذود البيِّنات ولا تذاد؟
فدعني وانتظر يا كعب إني
لأخشى أن يطيح بنا العناد
أجيء محمدًا فأرى أغيٌّ
يراد بمن يليه أم رشاد؟
•••
أتى فرأى اليقين له جلاء
فطابت نفسه وصفا الفؤاد
وأسلم لا يرى لله نِدًّا
تدين له الخلائق والعباد
وأنفذه إلى كعب كتابًا
كأن سطوره البيض الحداد
دعاه إليه يكره أن يراه
كمن صدفوا عن المثلى وحادوا
وقال لئن أبيت فلا تلمني
إذا أخذتك داهية نئاد
رميت محمدًا فَلأنت صيد
له يا كعب والرامي يصاد
إذا لم تأتنا فاذهب بعيدًا
عسى منجًى يُغيثك أو مصاد
•••
أتاه نذيره فعناه هَمٌّ
وطال الليل وامتنع الرقاد
إذا التمس القرار أبى عليه
وغال قواه ذعر وارتعاد
يظن الأرض ترجف أو تَنَزَّى
فما ترسو الجبال ولا الوهاد
وأرسلَ يا بجير صبأت لمَّا
سقاك بكأسه السمح الجواد
أدينَ أبيك تترك يا بجير
ولا دين سواه ولا اعتقاد؟
•••
وساوس ذاهل يغشاه رعب
فيورثه جنونًا أو يكاد
فلما ضاقت الدنيا عليه
وهدَّتْ ركنه الكرب الشداد
أتى يبغي الأمان لدى كريم
يرجِّي الخير منه ويستفاد
تداركَ نفسَه منه بعفو
فعادت حين لا يُرجَى معاد
ولاذ بمعقل الإسلام كعب
فلا ركن يميل ولا عماد
•••
هلمَّ فلاقِه يا كعب رزقًا
من الرضوان ليس له نفاد
لنعم الزرع زرعك حين تبغي
جناه وحين يُدركه الحصاد
لقيت كرامة وسعدت جدًّا
فغنِّ إذن وقل بانت سعاد
وخذها بردة للشعر فيها
طريف العزِّ والمجد التلاد