كانت (رضي الله عنها) حازمة وسطها ببرد لها، وفي حزامها خنجر، وكانت حاملًا بابنها
عبد الله بن أبي طلحة، فقال لها زوجها: ما هذا الخنجر الذي معك؟ قالت: إن دنا مني أحد
من المشركين بعجته به، فقال أبو طلحة: ألا تسمع يا رسول الله ما تقول أم سليم؟ وأعاد
عليه القول، فجعل عليه الصلاة والسلام يضحك، قالت له: بأبي أنت وأمي، أقتل هؤلاء الذين
انهزموا عنك فإنهم لذلك أهل؟ فقال (صلوات الله وسلامه عليه): «إن الله قد كفى
وأحسن».
لأمِّ سليم يا أبا طلحة العذر
وهل يأمن الإسلام أن يغدر الكفر؟
سألتَ فقالت خنجري أتَّقي به
أذى كل عادٍ من خلائقه الغدر
أشق به في حومة الحرب بطنه
إذا رامني بالسوء واستوعر الأمر
أتعجب منها كيف تحمي ذمارها
وتدرأ عنها الشر إن هاجها الشر؟
وتدعو رسول الله هل أنت سامع؟
فيفرح من رجع الحديث ويفترُّ
نعم أنت تحميها ولكنَّ نفسها
لها نخوة من ذاتها وبها كبر
ألم تر إذ قالت أأقتل معشرًا
تولَّوا فلا بأس شديد ولا صبر؟
وماذا عليها حين تكفيك أمرها
وترمي بك الأبطال والنقع مغبرُّ؟
أرادتك للأمر الجليل ولن ترى
كأم سليم حرة حازها حر
ألم تنتظم بالسيف عشرين فارسًا
مغانمهم شتى وأسلابهم كثر؟
إذا طار منهم مدبر يتَّقي الردى
تلقاك منه في مطار الردى الصدر
تخوض الدم المسفوك لا جسر دونه
وما لك كالإيمان في مثله جسر
أبا طلحة اسمع ما يقول ابن حرة
إليه سرى من صفحَتَيْ جاره البشر
يقول اطْعَنِي أماه من شئت وانصري
ببأسك دينًا من كتائبه النصر
فحيِّيتَ عبد الله ما أنت كالذي
يرى السيف مقروبًا فيأخذه الذعر
كِلا أبويك استن سنة ماجد
فطبت وطابا لا خفاء ولا نكر
إذا التمس الإسلام في كل حادث
يضيق به ذخرًا فأنت له ذخر