الصوفية: نشأتها وتاريخها
مُنذُ ظُهورِ الصُّوفِيةِ الإِسلاميةِ فِي القَرنِ الرابعِ الهِجريّ تَقرِيبًا، كانَ لِأَضرِحةِ الصُّوفِيِّينَ وطُرُقِهِم ومُعتَقَداتِهِم تَأثيرٌ هَائلٌ عَلى كلِّ أَرجاءِ العالَمِ الإِسلامِيِّ تَقريبًا.
ويُقدِّمُ هَذا الكِتابُ المُتفَرِّدُ أَولَ سَردٍ شَامِلٍ لتَارِيخِ الصُّوفِيةِ باعتِبارِها ظاهِرةً عالَمِية، ويَتناوَلُ تَأثيِرَها فِي تَشكيلِ المُجتمَعاتِ والثَّقافاتِ حَولَ العالَم، ويَتتبَّعُ انتِشارَها التَّدرِيجيَّ وتأثِيرَ هَذا الانتِشارِ عَبْرَ الشَّرقِ الأَوسَطِ وآسيا وأفريقيا، وُصُولًا إلى أُورُوبَّا والوِلاياتِ المتَّحِدَةِ فِي نِهايَةِ المَطاف.
يَتجاوَزُ الكِتابُ وصْفَ المُعتقَدِ الصُّوفيِّ ويَضَعُ الصُّوفيةَ فِي سِياقِها الاجتِماعيِّ والثَّقافيِّ والتَّاريخِي، وهُوَ يُحطِّمُ الأَفكارَ النَّمَطيةَ عَنِ الصُّوفيِّينَ باعتِبارِهِم أُنَاسًا يَعتَزِلونَ المُجتمَعَ ولا يَهتمُّون إلَّا بأُمورِ الآخِرَة. ويَستَعرِضُ الكِتابُ الرَّوابِطَ الصُّوفِيةَ معَ المُوسيقَى والشِّعرِ والعِمارةِ والتَّقالِيدِ الشَّعبِية، ويَتَناولُ العَوامِلَ الاجتِماعِيةَ والسِّياسِيةَ التِي اكتَسَبَ بِها الأَولِياءُ الصُّوفيُّونَ الأَتبَاع، ليسَ فَقطْ بَينَ رِجالِ القَبائلِ والفلَّاحِين، ولَكِنْ بَينَ رِجالِ الحُكْمِ أَيضًا.