الحكاية رقم «١٩»
أبي ينظر إليَّ نظرة غامضة ويسألني: ماذا فعلت؟
فأجيبه بسرور وزهو: اشتركتُ في المظاهرة الكبرى.
– كان يمكن أن تدوسك الأقدام.
– كان الصغار كثيرين.
ويداري أبي ابتسامة ويسألني بنبرة ممتحِن: الآن سعد زغلول هو رئيس الوزراء، فلِمَ تُضرِبون؟
– أضربنا لتأييده في موقفه ضد الملك.
– مَن قال لك ذلك؟
– رئيس الطلبة، قال إن سعد زغلول قدَّم استقالته احتجاجًا على موقف الملك من الدستور، وأننا ذاهبون لتأييد الزعيم.
– هل عرفتَ وجه الخلاف بين سعد والملك؟
وأتوقف عن الاسترسال مرتبكًا، فيضحك أبي ولكني أبادره: نحن مع سعد وضد الملك!
– عظيم، وماذا كان هتافكم في عابدين؟
– سعد أو الثورة.
– ما معنى ذلك؟
وأتفكَّر قليلًا ثم أقول: معناه واضح، سعد أو الثورة!
وهو يبتسم: عظيم، ومَن الذي انتصر؟
– سعد، وهتفنا: عاش الملك ويحيا سعد.
ثم أقول بحماس: الاشتراك في المظاهرة أمتع من أي شيء في الدنيا.
فيبتسم أبي ويقول: بشرط ألا يشترك فيها الإنجليز!