الحكاية رقم «٣٦»
في إحدى ليالي الأرق أرى من نافذتي هذا المنظر.
أرى شبح رجل يترنَّح، يتلاطم مع الجدران، يتعثَّر فيقع ثم يقوم بمشقة، تندلق من فيه السائب أغنية «أنا أبله كنت هبلة» ثم يندفع فاقد التوازن كأنه ثور يتوثب للنطح، وبعد مغالبة للقوى المجهولة ينطرح كالقتيل.
يراه بعض أهل الخير فيحمله أحدهم — لعله فرَّان — ليطرحه على لوح عجين، ثم يتعاون مع آخرين على رفعه، ويمضون به!
يصادفهم على بُعد خطوات سكران آخَر يترنَّح ويتعثر ويقوم ويقع، وإذا بالسكران الأول يضحك من فوق لوح العجين ويصيح بالآخَر: إخص، حقيقة إنك مرة، تسكر حتى تقع من طولك وتضحك عليك الناس؟ اسْفُخْص.
في زمن متأخِّر، وفي ظروف غاية في الجدية، يعاودني ذلك المنظر حاملًا إليَّ معاني جديدة لم تخطر لي على بالٍ من قبلُ حين رؤيته.