الحكاية رقم «٣٧»
عم ينسون الصرماتي كهل لا تشوب سمعته شائبة، يموت ابنه رمضان عقِب مرضٍ لم يُمهله طويلًا. يحزن الكهل كالمتوقَّع، ولكنه يُقدِم على فعل غريب يجعل منه أحدوثة الحارة قبل أن تجف دموعه، ما ندري إلا وهو يعقد زواجه على دليلة خطيبة ابنه المتوفَّى، يعقد زواجه عليها ولمَّا يمُر على الوفاة شهر واحد! هل جُنَّ الرجل؟
وعلى فرض جنونه، ألا يسعه أن ينتظر عامًا أو بعض عام؟
وكيف توافق دليلة وفارق السن بينهما أكثر من أربعين عامًا؟
ولكن الخبر حقيقة لا شك فيها، وها هي دليلة تنتقل إلى بيت عم ينسون لتعيش فيه مع زوجته وبقية أسرته.
وتتلوَّى الألسنة هامسة، كان شيء بين المرحوم رمضان ودليلة، يسره الزواج الوشيك، والثقة بغدٍ لم يأتِ، وتدخَّل الموت فقلب الميزان، وتبدَّد الأمان، فسقطت دليلة في مأزق بلا حماية ولا أمل.
وتقف أمها على السر، تفضي به إلى أم رمضان، وترمي به هذه على زوجها المحزون، مصيبة جديدة، مصيبة بكل معنى الكلمة، ولكن لا يمكن تجاهلها بحال، البنت في مأزق، الجاني هو الابن الذي يسأل له الرحمة، ويفكِّر ويفكِّر ثم يعزم، ثم يُقدِم على أعجب زواج شهدته حارتنا.
تصبح دليلة زوجته، وتلد في بيته وليدها.
وثمة أناس باركوا فعل الرجل ودعوا له بحسن الجزاء.
وآخَرون في غفلة وبراءة رموه بالحماقة والجنون.
أما غواة السخرية فيشيرون إليه ثم يتهامسون: هذا هو أبو حفيده.