الحكاية رقم «٣٨»
وأنا ألعب في الحارة تنطلق زغرودة من بيت الديب.
أكثر من صوت يتساءل: خير إن شاء الله!
فيبشرنا أحدهم قائلًا: قُرئت فاتحة نعيمة السقاف على شيخون الدُّهُل.
يتناهى الخبر إلى فتحية قيسون وهي تغسل ملابس في طست أمام مسكنها، تنتتر واثبة كالملدوغة، تفك عقدة جلبابها، تربط منديلها حاشرةً ما تبعثر من شعرها تحته بلهوجة، تتناول ملاءتها من فوق حجَر، فتتلفَّع بها بسرعة مجنونة محرِّكة طرفَيها كجناحَيْ طائر كاسر، تلوح بقبضتها مُهدِّدة، ترجع رأسها إلى الوراء متوثبة ثم تندفع في طريقها على يقين من هدفها وهي تصيح: والنبي ومن نبَّى النبي لأسوِّد حظه وأطيِّن عيشته وأشوِّه وجهه حتى إن أمه نفسها لن تعرفه.
وتمضي مخلِّفة وراءها توقُّعات خطيرة، ورغبة محمومة في الاستطلاع، وعواطف تتراوح بين الإشفاق والشماتة.