الحكاية رقم «٤٢»
البرجاوي مُنهمِك في عمله بدكان الطعمية.
يمُرُّ به الكفراوي فيطلب منه شربة ماء، تتملك البرجاوي نزوة مزاح فيشير إلى حوض الماء الذي منه تُسقى الحمير والبغال ويقول: إليك الحوض فاشرب.
ويضحك أناس من الزبائن، فيغضب الكفراوي ويصيح به: أنت جبان وقليل الأدب.
فيغضب البرجاوي بدوره ويصيح به: ملعون أبوك وأجدادك!
وتتبادل قذائف من السباب ويتجمَّع مشاهدون من أعمار متفاوتة، ويسعى إمام الجامع لفضِّ الموقف ولكنَّ أحدًا لا يُلقي إليه أذنًا فينسحب مستاءً.
ويتصاعد النضال فيتناول الكفراوي طوبة يقذف بها الدكان، فتحطَّمَ المصباح الغازي الكبير المدلَّى من السقف، ويفقد البرجاوي أعصابه فيقبض على يد طاسة الطعمية ثم ينقض على الكفراوي فيضرب بها وجهه ورأسه ولا يتركه إلا جثة هامدة.
ويهرع إلى مكان الحادث أهلُ الكفراوي وأهلُ البرجاوي فيخوضون معركة دامية يستعمل فيها الطوب والعصيِّ والسكاكين، فيُقتل مَن يُقتل، وينتهي مصير الباقي إلى السجون.
وأعيش عمرًا فلا أرى في دارَي البرجاوي والكفراوي إلا نساء وبنات يسعين في السواد، يحزنني ذلك بطبيعة الحال وأعلِّق عليه بما يناسبه.
غير أن كثيرين من أهل حارتنا يفخرون بذكريات الغضبات الهادرة والملاحم الدموية، ويتشرفون جهرًا بالسجون والمشانق.