الحكاية رقم «٧٧»
أنور جلال جالس على سلم السبيل الأثري وهو يضحك عاليًا، أنظر إليه فيخطر لي أنه سكران أو مسطول فأمضي نحوه وأجلس إلى جانبه ثم أسأله: ماذا يضحكك؟
فيجيبني وهو لا يكفُّ عن الضحك: تذكرت أنني طالب بين طلبة متنافسين، في مدرسة تجمع بين طلبة الأزِقَّة المتخاصمة، في حارة وسط حارات متعادية، وأني كائن بين ملايين الكائنات المنظورة وغير المنظورة، في كرة أرضية تهيم وسط مجموعة شمسية لا سلطان لي عليها، والمجموعة ضائعة في سديم هائل، والسديم تائه في كون لا نهائي، وأن الحياة التي أنتمي إليها مثل نقطة الندى فوق ورقة شجرة فارعة، وأن عليَّ أن أسلِّم بذلك كله ثم أعيش لأهتم بالأحزان والأفراح، لذلك لا أتمالك نفسي من الضحك.
فأضحك معه طويلًا حتى يحدجني بنظرة ساخرة ويسألني: هل تضمن أن تشرق الشمس غدًا؟
فأقول بثقة: أستطيع أن أراهن على ذلك.
فيقول وهو يضحك: طوبى للحمقى فهم السعداء.