الفصل الثاني والعشرون

ما بعد إنديرا

في صباح ٣١ أكتوبر عام ١٩٨٤، كان راجيف غاندي في منطقة نائية في بنغال الغربية، يتنقل من قرية إلى قرية، في جولة سريعة استعدادًا للانتخابات. في إحدى الطرق الريفية، المتربة، البعيدة، على بُعد يزيد عن مائة ميل جنوب ولاية كلكتا، استوقفت سيارة شرطة من طراز جيب سيارة راجيف الأمباسادور البيضاء. وخرج منها ضابط أعطاه رسالة قصيرة كتب عليها: «وقع حادث في بيت رئيسة الوزراء. ألغِ كل مواعيدك وعد إلى دلهي فورًا.»1 فغادر راجيف وحاشيته السيارة الأمباسادور التي كانوا يركبونها، واستقلوا سيارة أسرع من طراز مرسيدس انطلقت بهم محدثة صريرًا إلى ولاية كلكتا. وفيما مضت السيارة تلتهم الطريق المتآكل، ضبط السائق المذياع على إذاعة بي بي سي العالمية. فلما بدأت نشرة أنباء العاشرة، علم الركاب أن حارسي إنديرا الشخصيين قد أطلقا عليها الرصاص، وأنها نُقلت إلى مستشفى معهد الهند للعلوم الطبية.

بعد ساعتين ونصف من القيادة بسرعة محمومة، اعترضت السيارة المرسيدس طائرة مروحية أقلت راجيف ورفاقه الثلاثين ميلًا المتبقية إلى كلكتا، حيث انتظرتهم طائرة بوينج تابعة للخطوط الجوية الهندية لتحملهم إلى دلهي. قضى راجيف أغلب الرحلة في الطائرة البوينج في كابينة القيادة مع الطيارين الذين كانوا على اتصال مستمر بدلهي عبر الراديو. وهناك في الساعة الثانية والنصف علم راجيف من جهاز الراديو الخاص بالطائرة، الذي يصدر طقطقة من حين لآخر، أن والدته ماتت. عندما هبطت طائرة راجيف في مطار بالام بدلهي، وجد في استقباله مجموعة كبيرة من ساسة المؤتمر ومعاونيه وأصدقائه. لكنه من قبل أن يلقاهم، علم بما أجمعوا عليه وأتوا ليطلبوه منه. فراجيف غاندي، سواء شاء أم أبى، كان سيصبح رئيس وزراء الهند المقبل.

لم يعترض أحد، أو على الأقل، أي من أعضاء المؤتمر أو من عمل لدى إنديرا، على ذلك. لقد بدا تسلم راجيف منصب إنديرا حتميًّا، كأنه ناموس من نواميس الطبيعة، مع أنه لم يسبق أن تسلم أحد الحكم مباشرة. لما تُوفي جواهرلال نهرو ولال بهادور شاستري أثناء حكمهما، تولى رئيس وزراء مؤقت الحكم قبل أن ينتخب المؤتمر البرلماني عضوًا ليكون رئيس الوزراء. لكن في ٣١ أكتوبر عام ١٩٨٤، لم يثِر أحد حتى احتمالية أن يتولى قائد مؤقت الحكم أو أن تجرى انتخابات في الحزب.

لم يتأخر صعود راجيف المباشر إلى السلطة إلا لأن رئيس الهند زايل سينج لم يكن موجودًا لينصبه أو يأخذ عنه قسم توليه منصب رئاسة الوزراء. لكن الأخير، الذي كان في زيارة رسمية إلى اليمن، عاد بدوره على متن طائرة في عصر ٣١ من أكتوبر إثر سماعه باغتيال إنديرا. وأثناء سفره جوًّا، حسم هو الآخر … قراره بتعيين راجيف غاندي رئيس وزراء الهند الجديد.2 التقى لدى وصوله إلى دلهي بآر كيه دهاوان وآرون نهرو اللذين أخبراه بأن راجيف مستعد لتولي السلطة. وبعدها اتجه معهم مباشرة إلى مستشفى معهد الهند للعلوم الطبية.

بحلول ذلك الوقت، كان المستشفى قد امتلأ بحشد ضخم. وتزاحم الآلاف أمام بواباته والشوارع الموجودة خارجه. وفي داخله اجتمع عدد كبير من الشخصيات التي لعبت دورًا مهمًّا في حياة إنديرا، منهم مانيكا غاندي التي انخرطت في البكاء، ودهيريندرا براهماتشاري الذي بدت عليه الصدمة، وحتى اختصاصية تجميل إنديرا المتأنقة اللافتة للنظر شاناز حسين. كان أعضاء مجلس الوزراء، والمسئولون الحكوميون والمساعدون وأفراد السكرتارية معًا جنبًا إلى جنب، يسيرون ويتحدثون معًا.

في الوقت الذي تجول فيه هؤلاء في ممرات المستشفى، في ركن بغرفة خارج غرفة العمليات التي ظل فيها الجراحون عاكفين على خياطة الجروح في جثة إنديرا. وقف راجيف وسونيا غاندي متقاربين جدًّا، وقد أمسك الأول بكلتا يدي زوجته وعلا وجهه تعبير جاد وهو يتحدث إليها بصوت خفيض. أجهشت هي بالبكاء وهي ترجوه ألا يقبل أن يصبح رئيس الوزراء. واحتجت بأنه سيُقتل إن اضطلع بذلك المنصب، فطبع قبلة على جبينها، ثم قال إنه لا يملك خيارًا … إنه سيُقتل بأية حال.3

شهد سكرتير إنديرا بي سي أليكساندر تلك المحادثة الشخصية، ونجح بصعوبة في أن يصد راجيف عن تلبية رغبة سونيا. كانا بحاجة إلى الإسراع بنقل الخلافة بلا تأخير. أخبر راجيف أليكساندر أنه سيذهب إلى بيته ليغير ملابسه، وأنه سيصل إلى راشتراباتي بهافان مقر الرئيس بعد السادسة مساءً بوقت قصير ليؤدي قسم توليه منصبه.

فدعا أليكساندر سريعًا إلى عقد اجتماع لمجلس المؤتمر البرلماني في الخامسة في مكتب إنديرا بشارع أكبر رود. ذلك لأنه كان لا بد على الأقل من إجراء الشكليات. وصدق المجلس على قرار بترشيح راجيف قائدًا لحزب المؤتمر البرلماني، وأوصى بأن يؤلف الأخير حكومة جديدة. تألف ذلك المجلس من خمسة أعضاء فقط، توفي أهمهم وهي رئيسة الوزراء، في حين أن اثنين منه لم يكونا في دلهي ذلك اليوم. لذا لم يكن هناك سوى وزير الداخلية ناراسيمها راو ووزير المالية براناب مخيرجي للمصادقة على ترشيح راجيف غاندي.4
في السادسة والنصف، في قاعة أشوك براشترافاتي بهافان، أقسم راجيف غاندي اليمين كرئيس الوزراء السادس للهند.5 وبعدها مباشرة رأس أول اجتماع وزاري له. إلا أنه قبل أن يدلي بقسم تقلده منصبه، أوضح أنه يرغب في الإبقاء على جميع أعضاء المجلس الوزاري، ولا يود إضافة أعضاء جدد أو إجراء أي تغييرات في الحقائب الوزارية. وخصص الجزء الأكبر من الاجتماع الوزاري لمناقشة تدابير مراسم جنازة والدته حيث اتفق على أن تسجى في نعش مكشوف ليومين في تين مورتي، وتقرر أن تقام جنازتها في ٣ نوفمبر.

بعدها، جرى على قدم وساق عقد سلسلة من الاجتماعات الطارئة، فيما أعلن راديو كل الهند ومحطة دوردارشان القومية التليفزيونية أن رئيس الوزراء الجديد سيوجه للأمة خطابًا في العاشرة والنصف مساءً. لكن في آخر الأمر لم يظهر راجيف غاندي حقيقة على شاشات التليفزيون إلا في الحادية عشرة مساءً، ولم يذَع خطابه على محطات الراديو في جميع أنحاء الهند وحسب وإنما في جميع أنحاء العالم.

تحدث راجيف بهدوء شابته نبرة الأسى، وحسم شابته نبرة الألم.
إنديرا غاندي اغتيلت. إنها لم تكن أمًّا لي وحدي، وإنما أمًّا للبلاد كافة. لقد خدمت شعب الهند حتى الرمق الأخير. لذا هذه لحظة حزن عميق … إلا أننا نستطيع، بل يجب أن نصمد في وجه تلك المحنة بقوة وشجاعة وحكمة. إنديرا غاندي لم تعُد بيننا لكنها حية في النفوس. الهند لا تزال حية. الهند خالدة. روح الهند خالدة.6

أعادت تلك الخطبة بفصاحتها وقوة تأثيرها إلى الأذهان الخطبة المتدفقة بالمشاعر التي أذاعها نهرو إثر وفاة المهاتما غاندي، عندما قال: انطفأ النور من حياتنا، وصار الظلام في كل مكان. لا أدري ما الذي يسعني أن أقول لكم ولا كيف أقوله لكم. قائدنا الحبيب، بابو كما كنا ندعوه، أبو الأمة، لم يعد بيننا. لا بد أن تلك الكلمات كانت تداعب أفكار شارادا براساد كاتب خطابات إنديرا الرئيسي عندما أعد أول خطاب يذيعه راجيف.

لكن مع أن خطاب راجيف سرت غصات الحزن بين حروفه، فلم يكن يائسًا كخطاب نهرو الصادق الواقعي. أشار راجيف إلى أن تراث إنديرا سيعيش مع أنها ماتت، وإلى أن ميتتها العنيفة لم تكن بلا طائل لأن كل قطرة من دمائها، كما توقعت هي في أوريسا في الليلة السابقة على موتها، ستكون في سبيل الأمة. لكن بعدها بوقت قصير، اتضحت فداحة خطأ معتقده، عندما اندلعت إثر الاغتيال مجزرة في دلهي وغيرها من المدن.

في الواقع بدأت المجزرة قبل حتى أن يشرع راجيف في إلقاء خطابه، إلا أنه لم يكن قد انتبه إليها بعد. فبالنسبة له ولأسرة إنديرا وفيهم فيجايا لاكشمي بانديت وابنتها نايانترا ساهجال اللتان أسرعتا بالذهاب إلى دلهي من دهرا دون بدت ليلة ٣١ أكتوبر وكأنها لن تنتهي. نقل جثمان إنديرا من المستشفى إلى بيتها ليرقد هناك لليلة أخيرة قبل أن يُحمل إلى تين مورتي ليسجى في نعش مكشوف. فأزيل الأثاث من غرفة الجلوس وبسطت الأرض بمفارش بيضاء ناصعة جلس عليها المعزون طوال الليل حول جثمان إنديرا الذي كُسي بقماش الموصلين. لم يكن هؤلاء إلا الأصدقاء والأقارب المقربين، لكن مع ذلك امتلأ البيت على آخره بالناس. فقد أعد الخدم حشيات وفرشًا لمن لا يقطنون في دلهي كي يتسنى لهم قضاء آخر ليلة لإنديرا في بيتها معها. وقد ضم هؤلاء بالإضافة إلى السيدة بانديت ونايانترا ساهجال، بي كيه نهرو وفوري نهرو اللذين سافرا على متن طائرة من أحمد أباد إلى هناك. غير أن الكل لم ينم تلك الليلة. لقد تحدث الناس وبكوا.

في الساعة الثانية صباحًا، خرج بي كي نهرو وفوري نهرو من البيت ليستنشقا الهواء النقي، فوجدا الليل قد غشيه السكون. كانت السماء صافية، وحديقة البيت وممشاها يلمعان في ضوء القمر. فسارا في الممشى إلى البوابة الصغيرة التي تقع في آخره، وهناك وجدا دماء إنديرا متناثرة على الرصيف. بدت الدماء إلى ذلك الوقت طازجة، حول كل بركة دم صغيرة رسمت الشرطة دائرة بالطباشير البيضاء. وقد لمع الكثير من تلك الدوائر البيضاء في ضوء القمر.7

•••

نُقل جثمان إنديرا في اليوم التالي إلى بيت تين مورتي حيث مدد على نعش مزدان بالأزهار في المدخل الأمامي للبيت. وهناك أثناء إنشاد رجال الدين الهندوس الترانيم على مدار الساعة، عرج عليه لليومين التاليين سيل لا ينتهي من المعزين من رؤساء الدول، والزعماء السياسيين ونجوم الأفلام، والأصدقاء والأقارب وآلاف الهنود الذين لم يلقوا إنديرا من قبل، لكن شعروا بالأسى الشديد على وفاتها.

غير أن الحزن لم يكن وحده ما سيطر على البلاد. لقد أبدى بعض السيخ سعادتهم باغتيال إنديرا؛ فثارت كراهية الطوائف بعضها لبعض ثورة أشد مما شهدتها فترة التقسيم. لما انتقم سيخيان من اجتياح المعبد الذهبي، صمم جمع كبير من الهندوس، بعضه من الهمج وموظفي حزب المؤتمر، على الانتقام لاغتيال إنديرا غاندي. وأخذوا يعيثون في الأرض فسادًا. في الوقت الذي ركزت فيه كاميرات التليفزيون على جسد إنديرا المتحلل في نعشه المكشوف بتين مورتي، أحرق هؤلاء مناطق كاملة من دلهي وغيرها من المدن الهندية.

لقد حوصرت أحياء السيخ ومناطقهم، ونُهبت أسواقهم ومتاجرهم، وأُشعلت النيران فيها. وأخرج سعاة الانتقام لإنديرا من يرتدون العمامات من الرجال والصبية من بيوتهم جرًّا على الأرض، وأوسعوهم ضربًا حتى الموت. وأشعل بعض من السوقة البيوت بدون إمهال قاطنيها من النساء والأطفال والرجال فرصة للخروج. وجابت الشوارع عصابات من قطاع الطرق انهالت على السيخ ضربًا حتى الموت، وصبت عليهم البنزين ثم أضرمت بهم النيران. وأُخرج السيخ من القطارات والحافلات وسيارات الأجرة وذُبحوا.

أين كان رجال الشرطة؟ كانوا في أحيان كثيرة شهودًا في مسرح الأحداث، لكنهم تجاهلوها، وإن كان بعضهم قد شارك في المذابح.

•••

في غضون ثلاثة أيام من اغتيال إنديرا، قُتِل ما لا يقل عن ثلاثة آلاف سيخي، بلغ نصيب دلهي وحدها منهم أكثر من ألفي قتيل. البعض نجا لأنه قص شعر رأسه ولحيته ليحسبه الناس هندوسيًّا. وفر أكثر من ٥٠ ألف سيخي من العاصمة، واتجه أكثرهم إلى البنجاب. في حين لجأ خمسون ألفًا آخرون إلى معسكرات بدلهي مشابهة للمعسكرات التي عملت فيها إنديرا إبان فترة التقسيم.

في مساء ٢ نوفمبر، بعد تأخير، أخبر راجيف غاندي جمهورًا كبيرًا من المشاهدين في التلفاز أن العنف لا بد أن يتوقف. وقال إن أحداث العنف التي وقعت في دلهي وغيرها من الأماكن منذ اغتيال إنديرا غاندي تسيء إلى كل ما أيدته.8 وأرسل في اليوم التالي الجيش لإخماد الفوضى والمذابح التي ابتلعت دلهي. عندها كان الوقت قد تأخر على إنقاذ الآلاف من السيخ، غير أن العنف كان من الممكن أن يستمر لوقت أطول إن لم تقتحم الدبابات المدرعة بصوتها الهادر مناطق دلهي التي تأثرت بأعمال العنف في اليوم الذي أقيمت فيه جنازة إنديرا.

•••

يوم السبت ٣ نوفمبر، حمل جثمان إنديرا مكسوًّا بنبات القطيفة وزهور السوسن البيضاء إلى عربة مدفع وقفت أمام منزل تين مورتي. جذبها ببطء تسعون رجلًا من القوات المسلحة عبر الشوارع الضيقة الملتوية في مدينة نيودلهي القديمة إلى موقع المحرقة على ضفاف نهر جومنا. سلكت إنديرا مسار الأربعة الأميال الذي سلكه المهاتما غاندي وفيروز غاندي وجواهرلال نهرو وسانجاي غاندي من قبلها. لكن بسبب المذابح التي ابتلعت دلهي إثر وفاتها لم يقف على طول الطريق سوى حشد صغير من صف أو اثنين في بعض المناطق على جانبيه. على حد وصف الصحفي مارك تولي: لقد تعود الهنود التدفق أفواجًا لمشاهدة رئيسة وزرائهم، لكن الخوف منعهم من تشييع آخر رحلاتها.9

في شانتي فانا (غابة السلام)، على ضفاف نهر جومنا، حضر عدد من القادة الأجانب والشخصيات عظيمة الشأن جنازة إنديرا. كان من بينهم مارجريت ثاتشر، وجورج بوش، وياسر عرفات، والرئيس الباكستاني ضياء الحق، ورئيس زامبيا كينيث كاوندا، والزعيم الأوغندي ميلتون أوبوتي، وفيرديناند ماركوس رئيس جمهورية الفلبين وزوجته إميلدا، وقائد الأوركسترا زوبين ميهتا، والأم تيريزا ومجموعة من نجوم الأفلام والفنانين والكتاب وملوك أوروبا ورجال الأعمال الأثرياء ذوي النفوذ، والعلماء البارزين، وغيرهم من المشاهير. كما حضر جميع رؤساء الحكومات وغيرهم من أعضاء حزب المؤتمر وساسة أحزاب المعارضة والمسئولون الحكوميون ورجال الجيش. أما أفراد الشعب الهندي العاديون الذين شاهدوا مراسم الجنازة التي استمرت ساعتين، فشأنهم شأن الحشد الذي اصطف على طريق الموكب لم يكونوا إلا قلة مقارنة بالجموع الغفيرة التي احتشدت عند موقع محرقة المهاتما غاندي وجواهرلال نهرو لدى وفاتهما.

عندما وصلت عربة المدفع التي تحمل جثمان إنديرا إلى شانتي فانا، حمل راجيف غاندي وآرون نهرو وقادة القوات المسلحة النعش، وأرسوه على منصة مستوية مقامة أعلى المحرقة التي نُصبت من خشب الصندل العطر. ثم دار راجيف حول جثمان أمه سبع مرات أثناء إنشاد رجال الدين الهندوس بالضبط كما دارت إنديرا وفيروز قبل اثنين وأربعين عامًا حول النيران في زواجهما. وبعدها أشعل النيران في المحرقة بمشعل.

أثناء اشتعال النيران، غرب قرص الشمس متوهجًا باللون الأحمر والزعفراني والذهبي. وأذكى أصدقاء إنديرا المقربون نيران المحرقة بمزيد من خشب الصندل. وأضاف معزون آخرون بعض أوراق الأشجار وأعواد البخور إلى النيران، وصب رجال الدين مزيجا من العسل وسمن الغي لإذكاء النيران، في حين عزف رجال الجيش والبحرية الأبواق الجنائزية. وقبل أن تلتهم النيران جسد إنديرا كلية، ربت راجيف على جمجمتها بعصا من خشب البامبو ليحرر روحها — وفقًا للمعتقدات الهندوسية — من سجنها.

ظلت النيران مشتعلة ليومين على ضفاف نهر جومنا. فلما همدت في آخر الأمر، جُمع الرماد في جرار نحاسية ثقيلة. سافر بها راجيف بعد ثلاثين يومًا إلى كشمير. وهناك على متن طائرة جوية حربية نثر راجيف رماد والدته فوق جبال الهيمالايا. لقد انتهت إنديرا إلى حيث بدأت، ومع أن التاريخ طوى صفحتها إلا أنها عادت إلى ديارها.10

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤