حوادث مصر في السُّودان
واصلت حكومة السُّودان حكم البلاد على النهج الذي أسلفنا الكلام عليه، وظلَّ النفوذ الإنكليزي يتوطد في البلاد السُّودانية، بينما يضعف النفوذ المصري الرَّسمي، ببطء وتدريجيًّا.
على أنَّ حوادث مصر كانت تلقى صدًى في السُّودان. فلقد كان الجيش المصري وموظفون مدنيون مصريون كثيرون يعملون في السُّودان كموظفين منتدبين من الحكومة المصرية. أو عاملين في الحكومة السُّودانية، وكان مع رجال الجيش والموظفين أسرهم. وكانت حركة النَّقل بين مصر والسُّودان لا تنقطع، وكان الكثير من المصريين في السُّودان والسُّودانيين مشتركين في الصحف المصرية.
كما أنَّه كانت هناك علاقات تجارية بين مصر والسُّودان؛ ولذا كانت حوادث مصر تُسمع وتُقرأ ويُعلَّق عليها في السُّودان، هذا من الوجهتين الاجتماعية والتِّجاريَّة وشيء من الوجهة السياسية «الكلامية». على أن الحكومة السُّودانية كثيرًا ما منعت دخول الصحف العربية إلى السُّودان.
ومن حوادث مصر حادثة دنشواي، ومشروع مد أجل امتياز شركة قناة السويس.
وكانت مصر لا تني تطالب بالدستور، وكان طلبة الحقوق الخديوية وغيرهم يؤلفون المظاهرات تحت رعاية الحزب الوطني ونادي المدارس العليا، الذي كان من أركانه حضرة صاحب الدولة الرئيس الجليل مصطفى النحاس باشا، للمطالبة بالدستور، وكان في مصر مجالس شورية: الجمعية العمومية ومجلس شورى القوانين ومجالس المديريات. ثمَّ ألغيت الجمعية العمومية ومجلس الشورى، وألفت الجمعية التَّشريعيَّة بديلًا منها. وقد أثار قانون تأليفها كثيرًا من التعليقات، وانتخب الزعيم الخالد المغفور له سعد زغلول باشا وكيلًا منتخبًا لها، وعيِّن المغفور له عدلي يكن باشا وكيلًا لها، إذ كان لها وكيلان أحدهما منتخب والثاني معين.
وكانت الصحف الوطنية تسمي «سعدًا» كبير الأحرار، وكانت مواقفه ومواقف أصدقائه في المجلس تثير تعليقات الصحف العربية والأفرنكية.
وقد تطيَّر اللُّورد كتشنر إذ كان معتمدًا لإنجلترا في مصر وقنصلها العام من «تطرف جماعة سعد».