عهد الحماية والسلطنة في مصر
في سنة ١٩١٣ كان سمو الخديوي السَّابق عباس حلمي باشا كثير النشاط، وقد أثار هذا النَّشاط غضب اللُّورد كتشنر، الذي عيِّن في مصر خلفًا للسير جورست، والذي عدّ هذا النَّشاط موجهًا ضد الإمبراطُوريَّة البريطانية وتآمرًا مع أعدائها، ونصح بانتهاز الفرصة لخلعه.
وكان من عادة الخديوي أن يصطاف في الأستانة «استانبول»، وقبل سفره سنة ١٩١٤ زار كثيرًا من البلاد، واحتفل به الأعيان، وبعد وصوله إلى الأستانة بأيام، أطلق طالب مصري بالأستانة اسمه محمود مظهر النار على الخديوي في ٢٥ يولية سنة ١٩١٤ فجرحه في فكه الأيسر، وسافرت من مصر وفود لتهنئة سموه بنجاته. وفيما كانت الوفود تؤدي هذه المهمة، كانت أوروبا مشغولة بحادث اغتيال ولي عهد النمسا من شاب صربي، فاشتعال الحرب الكبرى، حيث دخلت إنكلترا فيها في ٤ أغسطس سنة ١٩١٤ وأعلنت مصر حيادها. وفي ٥ نوفمبر سنة ١٩١٤ أعلنت إنكلترا الحرب على تركيا، وأعلن في ٢ نوفمبر سنة ١٩١٤ سير جون ماكسويل قائد جيش الاحتلال الإنكليزي أن مصر تحت الأحكام العُرفية الإنكليزية.
(١) الانقلاب السياسي وإعلان الحماية
إعلان
يعلن ناظر الخارجية لدى حكومة ملك بريطانيا العُظمى أنه بالنظر إلى حالة الحرب التي سببها عمل تركيا، قد وضعت بلاد مصر تحت حماية جلالته، وأصبحت من الآن فصاعدًا من البلاد المشمولة بالحماية البريطانية.
وبذلك قد زالت سيادة تركيا عن مصر، وستتخذ حكومة جلالته كلّ التدابير اللازمة للدفاع عن مصر وحماية أهلها ومصالحها.
وهكذا بهذا الإعلان — إذا قبلته الدول وأقرته — أصبح موقف مصر الدولي اليوم غيره بالأمس؛ إذ تكون بحكم القانون الدولي حرة طليقة من كلّ تبعة لأية دولة أخرى، إنَّما هي تحت حماية جلالة ملك بريطانيا العُظمى «حماية اقتضتها حالة الحرب التي سببها عمل تركيا.
بهذا الإعلان وقع انقلاب سياسي خطير، وحار الناس ماذا يفعلون، وأقدمت السلطة العسكرية على اعتقال الكثيرين من رجال الحزب الوطني والشبان، وعطلت كثيرًا من الصحف ووضعتها تحت الرقابة، ونفت بعضهم إلى ملطة.
ولما أُعلنت الحماية قال المصريون إنها باطلة؛ لأن الحماية هي عبارة عن عهد أو ميثاق يُبرم بين حكومتين إحداهما باعتبارها ذات شخصية ممتازة مستقلة، يكل للأخرى التَّصرف ببعض حقوقها الداخلية والخارجية مقابل قيامها بالدفاع عنها من الاعتداء الداخلي والخارجي الذي قد تتعرض له. وعلى الحامي مساعدة المحتمي به ومعاونته في تدبير شؤونه وإصلاح أحواله وإنماء ثروته وحماية مصالحه.
«فالحماية إذن يجب أن تكون مبنيَّة على رضى الحامي والمحتمي، ولا يمكن أن تكون مبنية على رغبة أحد الفريقين وإرادته فحسب. ومع ذلك فإنَّ الحكومة المصريَّة لم تعلن أنَّها راضية عن الحماية؛ لذا لم تتم أركانها قانونًا.»
إنَّ المنافع التي عادت على البلاد من حسن الإدارة البريطانية لا تحصى ولا تعدُّ. وكل مصري تهمُّه مصلحة بلاده وارتقاؤها يسلم بهذا ويرجو أن تدوم الرابطة بين الأُمَّتين إلى ما شاء الله. وما دام قنال السويس حلقة الاتِّصال بين أجزاء الإمبراطُوريَّة وطريقًا لازمًا للإنكليز فمن الطَّبيعي أن ترتبط بريطانيا العُظمى ومصر بأشد روابط الصداقة والوداد. وزد على ذلك أنَّنا أمة ضعيفة نحتاج إلى صديق قوي يصون أملاكنا من كلّ اعتداء، ويكون على جانب من الارتقاء والحرية حتَّى يتيسَّر لنا أن نسير بإرشاده في معارج الحرية. فبذلك المقام الذي يليق بنا في مصاف الدول، وهذه الشروط متوفرة في إنكلترا. فإنَّ عندها من القوة ما يمكنها من الدفاع عن قطرنا، ولها من معاملة البلاد التي تماثل شؤونها شؤون القطر المصري تقاليد عطف وحرية، ويهمها أن يرتع الشعب الذي يخترق قنال السويس بلاده في بحبوحة الهناء والرخاء.
إنَّه يجب ضرورة أن نضع لمصر منذ الآن نظامًا يكون بمثابة أساس متين مأمون يستطيع أن يقوم بالبناء الذي يريد الجميع إنشاءه. على أنَّ مصر لا تنتظر الآن أن تقطع مسافات واسعة في وقت قصير، بل تؤمل السير خطوة خطوة، وأول ما نتوق إليه أن نرى جمعيتنا التَّشريعيَّة — التي ليس لها الآن إلَّا رأي استشاري — تتمتع بالرأي القطعي في الشؤون الداخلية؛ فإنَّ ذلك يساعد على التَّقدُّم تدريجيًّا، وفي ذلك تحقيق لآمالنا وتمكين للروابط التي تربطنا ببريطانيا العُظمى.
ثم ختم عطوفته الحديث بالثناء على «ما تركه اللُّورد كتشنر من آثار الخدمات الجليلة التي أدَّاها للبلاد.
(٢) خلع الخديوي عباس — وتولية السُّلطان حسين
إعلان
يعلن ناظر الخارجية لدى حكومة ملك بريطانيا العُظمى أنَّه بالنظر لإقدام سمو عباس حلمي باشا خديوي مصر السَّابق على الانضمام لأعداء الملك قد رأت حكومة جلالته خلعه من منصب الخديوية. وقد عرض هذا المنصب السَّامي مع لقب سلطان مصر على سمو الأمير حسين كامل باشا أكبر الأمراء الموجودين من سلالة محمد علي — فقبله.
ياصاحب السموِّ
كلفني جناب ناظر الخارجية لدى ملك بريطانيا العُظمى أن أخبر سموكم بالظروف التي سببت نشوب الحرب بين جلالته وبين سلطان تركيا، وبما نتج عن هذه الحرب من التَّغيير في مركز مصر.
كان في الوزارة العُثمانيَّة حزبان أحدهما معتدل لم يبرح عن باله ما كانت بريطانيا العُظمى تبذله من العطف والمساعدة لكل مجهود نحو الإصلاح في تركيا ومقتنع بأنَّ الحرب التي دخل فيها جلالته لا تمس مصالح تركيا في شيء ومرتاح بما صرَّح به جلالته وحلفاؤه من أن هذه الحرب لن تكون وسيلة للإضرار بتلك المصالح لا في مصر ولا في سواها. أمَّا الحزب الآخر فشرذمة جنديين أفَّاقين لا ضمير لهم أرادوا إثارة حرب عدوانية بالاتِّفاق مع أعداء جلالته معلِّلين أنفسهم أنَّهم بذلك يتلافون ما جرُّوه على بلادهم من المصائب المالية والاقتصادية. أمَّا جلالته وحلفاؤه فمع انتهاك حرمة حقوقهم، قد ظلوا إلى آخر لحظة وهم يأملون أن تتغلَّب النصائح الرشيدة على هذا الحزب؛ لذلك امتنعوا عن مقابلة العدوان بمثله حتَّى أُرغموا على ذلك بسبب اجتياز عصابات مسلحة للحدود المصريَّة ومهاجمة الأسطول التُّركي بقيادة ضباط ألمانيين ثغورًا روسية غير محصَّنة.
ولدى حكومة جلالة الملك أدلَّة وافرة على أنَّ سمو عباس حلمي باشا خديوي مصر السَّابق قد انضمَّ انضمامًا قطعيًّا إلى أعداء جلالته منذ أول نشوب الحرب مع ألمانيا، وبذلك تكون الحقوق التي كانت لسلطان تركيا وللخديوي السَّابق على بلاد مصر قد سقطت عنهما وآلت إلى جلالته.
ولمَّا كان قد سبق لحكومة جلالة الملك أنَّها أعلنت بلسان قائد جيوش جلالته في مصر أنَّها أخذت على عاتقها وحدها مسئولية الدفاع عن القطر المصري في الحرب الحاضرة، فقد أصبح من الضروري الآن وضع شكل للحكومة التي ستحكم البلاد بعد تحريرها، كما ذكر، من حقوق السِّيادة وجميع الحقوق الأخرى التي كانت تدعيها الحكومة العثمانية.
فحكومة جلالة الملك تعتبر وديعة تحت يدها لسكان القطر المصري جميع الحقوق التي آلت إليها بالصفة المذكورة. وكذلك جميه الحقوق التي استعملت في البلاد مدة سنِي الإصلاح الثلاثين الماضية. وقد رأت حكومة جلالته أن أفضل وسيلة لقيام بريطانيا العُظمى بالمسئولية التي عليها نحو مصر أن تعلن الحماية البريطانية إعلانًا صريحًا، وأن تكون حكومة البلاد تحت هذه الحماية بيد أمير من أمراء العائلة الخديوية طبقًا لنظام وراثي يقرر فيما بعد.
بناءً عليه قد كلَّفتني حكومة جلالة الملك أن أبلغ سموكم أنَّه بالنظر لسنِّ سموكم وخبرتكم قد رُئي في سموكم أكبر الأمراء من سلالة محمد علي أهليَّة لتقلّد منصب الخديوية مع لقب «سلطان مصر». وإنَّني مكلَّف بأن أؤكِّد لسموكم صراحة عند عرضي على سموكم قبول عبء هذا المنصب أنَّ بريطانيا العُظمى أخذت على عاتقها وحدها كلّ المسئولية في دفع أي تعدٍّ على الأراضي التي تحت حكم سموكم مهما كان مصدره. وقد فوضت لي حكومة جلالته أن أصرِّح بأنَّه بعد إعلان الحماية البريطانية يكون لجميع الرعايا المصريين أينما كانوا الحق في أن يكونوا مشمولين بحماية حكومة جلالة الملك.
وبزوال السِّيادة العُثمانيَّة تزول أيضًا القيود التي كانت موضوعة بمقتضى الفرمانات العُثمانيَّة لعدد جيش سموكم وللحق الذي لسموكم في الإنعام بالرتب والنياشين.
وقد سبق لحكومة جلالته أنَّها صرحت مرارًا بأن المعاهدات الدولية المعروفة بالامتيازات الأجنبية المقيدة بها حكومة سموكم لم تعد ملائمة لتقدم البلاد. ولكن من رأي حكومة جلالته أن يؤجل النَّظر في تعديل المعاهدات إلى ما بعد انتهاء الحرب.
وإنِّي أنتهز هذه الفرصة فأقدم لسموكم أجل تعظيماتي.
(٣) رأي عباس في انتخاب عمه السُّلطان حسين
ولما وقع الانقلاب كان سمو الخديوي السَّابق عباس موجودًا في «فينا» عاصمة بلاد النمسا نازلًا في فندق «إمبريال»، فلمَّا وصل النبأ إلى حاشيته تهيَّبوا إبلاغه لسموه، لكن سعادة أحمد شفيق باشا لمَّا رأى ترددهم وجد أنَّ من الواجب عليه أن يُوقفه على الحقيقة، فأطلع سموه على نبأ اختيار سمو الأمير حسين — وهو عمُّ سموه — سلطانًا على مصر. فلمَّا علم بهذا النبأ لم يزد على قوله: «في محله».
(٤) تثبيت وزارة رشدي باشا
عزيزي رشدي باشا
إنَّ الحوادث السياسية التي وقعت في هذه الأيام أدَّت إلى بسط بريطانيا العُظمى حمايتها على مصر وإلى خلو الأريكة الخديوية.
وبهذه المناسبة أرسلت الحكومة البريطانية إلينا رسالة نبعث بصورتها إليكم لنشرها على الأمة المصريَّة موجهة فيها ندائها إلى ما انطوى عليه فؤادنا من عواطف الإخلاص نحو بلادنا لكي نرتقي عرش الخديوية المصريَّة بلقب سلطان. وستكون السلطنة وراثية في بيت محمد علي طبقًا لنظام يُقرَّر فيما بعد.
ولمَّا كان لنا بعد أن وقفنا حياتنا كلها اليوم على خدمة بلادنا أن يكون الإخلاد إلى الراحة من عناء الأعمال مطمح أنظارنا إلَّا أنَّنا بالنظر إلى المركز الدقيق الذي صارت إليه البلاد بسبب الحوادث الحالية قد رأينا مع ذلك أنَّه يتحتم علينا القيام بهذا العبء الجسيم، وأن نستمر على خطتنا الماضية فنجعل كلّ ما فينا من حول وقوة وقفًا على خدمة الوطن العزيز.
وبما فُطِرنا عليه من الاهتمام بمصالح القطر سنوجِّه عنايتنا على الدَّوام إلى تأييد السعادة الحسية والمعنوية لجميع أهاليه، مواصلين خطة الإصلاح التي بدأ العمل فيها. لذلك ستكون همة حكومتنا منصرفة إلى تعميم التَّعليم وإتقانه بجميع درجاته وإلى نشر العدل وتنظيم القضاء بما يلائم أحوال القطر في هذا العصر. وسيكون من أكبر ما نعنى به توطيد أركان الراحة والأمن العام بين جميع السُّكان وترقية الشؤون الاقتصادية في البلاد.
وأمَّا الهيئات النيابية في القطر فسيكون من أقصى أمانينا أن يزيد اشتراك المحكومين في حكومة البلاد زيادة متوالية.
ونحن، على ثقة في سبيل تحقيق هذا المنهاج، سنجد لدى حكومة صاحب الجلالة البريطانية خير انعطاف في تأييدنا. وإنَّنا لموقنون بأنَّ تحديد مركز الحكومة البريطانية في مصر تحديدًا واضحًا ممَّا يترتب عليه إزالة كلّ سبب لسوء التفاهم يكون من شأنه تسهيل التعاون بين جميع العناصر السياسية بالقطر لتوجيه مساعيها معًا إلى غاية واحدة.
وإنَّنا لنعتمد على إخلاص جميع رعايانا لتعضيدنا في العمل الذي أمامنا.
ولوثُوقِنا بكمال خبرتكم وبما تحلَّيتم به من الصفات العالية، واعتمادًا على وطنيتكم نطلب منكم مؤازرتنا في المهمة التي أخذناها على عاتقنا، وندعوكم بناءً على ذلك إلى تولي رئاسة مجلس وزرائنا وإلى تأليف وزارة تختارون أعضاءها لمعاونتكم، وتعرضون أسماءهم على تصديقنا العالي.
ونسأل الله — جلت قدرته — أن يبارك لنا جميعًا فيما نبتغيه من نفع الوطن وبنيه.
مولاي
أقدم لسدة عظمتكم السلطانية مزيد الشكر على ما أوليتموني من الشرف السَّامي إذ تفضلتم عليَّ بأمركم الكريم الذي فوضتم به إليَّ تأليف هيئة الوزارة.
نعم إنِّني كنت وكيلًا عن ولي الأمر السابق. ولكنِّني مصري قبل كلّ شيء، وبصفتي مصريًّا قد رأيت من المفروض عليَّ أن أجتهد تحت رعايتكم السلطانية في أن أكون نافعًا لبلادي. فتغلبت مصلحة الوطن السامية التي كانت رائدي في كلّ أعمالي على جميع ما عداها من الاعتبارات الشخصية.
لهذا فإنِّي أقبل المهمة التي تفضلت عظمتكم السلطانية بتفويضها إليَّ. ولمَّا كان زملائي بالأمس الموجودون الآن بمصر متشربين بنفس هذه العواطف، وهم لذلك مستعدون للاستمرار على معاونتهم لي فإنِّني أتشرَّف بأن أعرض على تصديقكم العالي رفق هذا، مشروع المرسوم السلطاني بتشكيل هيئة الوزارة الجديدة.
وإنِّني بكل احترام وإجلال لعظمتكم السلطانية.
(٥) المرسوم السلطاني بتأليف الوزارة
حسين رشدي باشا: الرياسة والداخلية. أحمد حلمي باشا: الزراعة. عدلي يكن باشا: المعارف. إسماعيل صدقي باشا: الأوقاف. إسماعيل سري باشا: الأشغال والحربية والبحرية. ثروت باشا: الحقانية.
(٦) وفاة السُّلطان حسين
وفي أوائل شهر أكتوبر سنة ١٩١٧ ساءت حالة صحة عظمة السُّلطان، واضطر إلى ملازمة فراشه. وفي يوم ٩ أكتوبر وافاه القدر المحتوم بقصر عابدين.
(٧) السلطان أحمد فؤاد الأول
يا صاحب العظمة السلطانية
وإنِّي أنتهز هذه الفرصة فأقدم لعظمتكم السلطانية أجل احتراماتي.
(٨) استمرار وزارة رشدي باشا في الحكم
عزيزي حسين رشدي باشا
يعلم رعايانا أنَّه بسبب وفاة سلفنا وأخينا المحبوب المغفور له السُّلطان حسين الأول الذي اختطفته المنية قبل الأوان وملأت القلوب حزنًا عليه قد تولَّينا بالاتِّفاق مع الدولة الحامية عرش السلطنة المصريَّة على أن يكون هذا العرش من بعدنا لورثتنا طبقًا للنظام الوراثي الذي سيوضع بالاتِّفاق بيننا وبينها.
منذ ثلاث سنوات كانت حدود بلادنا يظهر أنَّها مهددة، وكانت ثروتها الزراعية توشك أن تُصاب في مصادرها، ولقد لبَّى سلفنا رحمه الله، نداء الواجب وتفانى في إخلاصه لمرافق البلاد، فلم يتردَّد في حمل أعباء السلطنة مع ما كان يحفُّ بها من المصاعب. واعتمادًا على ولاء رعاياه وعلى تأييد الدولة الحامية وقف نفسه مدَّة هذه السنوات الثلاث على تنفيذ المنهاج الذي اختطَّه في المرسوم الصَّادر منه إلى دولتكم عند ارتقائه عرش السلطنة، وقد صار وضع أسس تعميم التَّعليم وبحث موارد ثروة البلاد والشروع في الوسائل التمهيدية التي من شأنها إحلال مصر في مكانة الكرامة اللائقة بها في العالم الذي سيتجدد على أثر انعقاد الصلح.
ونحن اليوم ننشد ذلك الولاء نفسه من رعايانا في ظروف هي أكثر يُمنًا وتوفيقًا. فقد زالت الأخطار التي كان يظهر أنها تهدد بلادنا، وعادت ثروة القطر إلى ما كانت عليه. وبقي علينا أن نُخصِّص أنفسنا بالاشتراك مع نواب الأمة اشتراكًا يزداد على الدوام لإتمام تنفيذ ذلك المنهاج الذي اختطه سلفنا. وأن نحقِّق في جميع الفروع الإصلاحات التي من شأنها ضمان التَّقدُّم المادي والأدبي في بلادنا.
ولمَّا كنَّا على يقين من خبرتكم ومن صفاتكم السَّامية، فإنَّنا نُوجِّه إلى عهدتكم مهمة تأليف الوزارة.
ومن الله نلتمس الإعانة على ما نحن قوَّامون عليه من العمل.