حوادث مصر والسُّودان بعد الهدنة
أُعلنت الهدنة بين الحلفاء والألمان وحلفائهم في يوم الاثنين ١١ نوفمبر سنة ١٩١٨، وفي مسائه طلب حضرة صاحب المعالي سعد زغلول باشا من الوكالة البريطانية تحديد ميعاد ليقابل هو وعلي شعراوي باشا وعبد العزيز فهمي بك «باشا» السير ونجت، فحدَّد لهم يوم الأربعاء ١٣ نوفمبر سنة ١٩١٨ الساعة ١١ أفرنكي صباحًا.
وقد أصبح ١٣ نوفمبر يُسمَّى عيد الجهاد الوطني. ولمَّا أعلن تأليف الوفد المصري بادر أعضاء الجمعية التَّشريعيَّة بالتوقيع على صيغة التَّوكيل التَّالي، وتبعهم أعيان البلاد ومحاموها وتجارها … إلخ.
كان إعلان الهدنة مقرونًا بشروط مستر ويلسون — رئيس الجمهورية الأمريكية — التي في مقدمتها: حق كلّ شعب في تعيين مصيره.
(١) صيغة التوكيل للوفد المصري
نحن الموقِّعين على هذا، الأعضاء بالجمعية التشريعية. قد أنبْنا عنَّا حضرات سعد زغلول باشا. وعلي شعراوي باشا. وعبد العزيز فهمي بك. ومحمد علي بك «علوبة باشا». وعبد اللطيف المكباتي بك. ومحمد محمود باشا. وأحمد لطفي السيد بك، ولهم أن يضموا إليهم من يختارونهم، في أن يسعوا بالطرق السلمية، في استقلال مصر استقلالًا تامًّا. تطبيقًا لمبادئ الحرية والعدل التي تنشر رايتها دولة بريطانيا العُظمى وحلفاؤها ويؤيدون بموجبها تحرير الشعوب.
(٢) استقالة وزارة رشدي باشا
استقالت وزارة رشدي باشا الثَّانية في ٢١ إبريل سنة ١٨٩٩، وخلفتها وزارة محمد سعيد باشا الإدارية.
(٣) أعضاء الوفد المصري
-
حضرة صاحب الدولة الرئيس الجليل مصطفى النحاس باشا رئيسًا.
-
حضرة المجاهد الكبير الأستاذ مكرم عبيد سكرتيرًا.
-
حضرات الأعضاء المحترمين: الأستاذ محمود فهمي النقراشي. الدكتور أحمد ماهر. مصطفى بكير بك. الأستاذ محمود بسيوني. علي سالم بك. محمود الأتربي باشا. محمد الشناوي بك. أحمد حمدي سيف النصر بك. كامل صدقي بك. عبد السلام فهمي محمد جمعة بك. إبراهيم سيد أحمد بك. الدكتور حامد محمود.
(٤) اعتقال سعد وصحبه إلى مالطة
وقد واصل الوفد نشاطه، فأرسل عشرات البرقيَّات إلى الدول بالاحتجاج على منعه من السفر. وفي ٨ مارس اعتقلت السلطة العسكرية البريطانية في مصر المغفور له سعد باشا ومعه حضرات محمد محمود باشا وحمد الباسل باشا وإسماعيل صدقي باشا في ثكنة قصر النيل، وأرسلتهم مخفورين إلى بورسعيد حيث أقلتهم باخرة إلى مالطة.
انتشر النبأ في العاصمة، وبدأت الثَّورة المصريَّة في ٩ مارس سنة ١٩١٩، وخربت السكك الحديدية والمواصلات التلغرافية، وقامت مواكب المظاهرات والطلبة، وأصبح الجامع الأزهر مركزًا لاجتماع المتظاهرين وخطب المتحمسين.
(٥) الإفراج عن سعد وصحبه
الآن وقد عاد النِّظام بنجاح عظيم. فبالاتفاق مع حضرة صاحب العظمة السلطان، أعلن أنَّه لم يبق حجر على السفر، وأن جميع المصريين الذين يريدون السفر تكون لهم مطلق الحرية.
وقد قررت علاوة على ذلك أن كلًّا من: سعد زغلول باشا وإسماعيل صدقي باشا ومحمد محمود باشا وحمد الباسل باشا، يطلقون من الاعتقال، ويكون لهم كذلك حق السفر.
ففرحت الأمة المصريَّة بذلك وعدت ذلك اليوم يوم عيد وأفراح، وخرجت السيدات المصريات المبرقعات لأول مرة ينتظمن المظاهرات هتافًا للحرية والاستقلال التَّام لمصر والسُّودان وحياة سعد والوفد.
(٦) سفر الوفد إلى باريس
وسافر أعضاء الوفد يوم ١١ إبريل سنة ١٩١٩ من مصر إلى باريس، وانضمَّ سعد وصحبه إلى زملائهم في الطريق وسافروا معًا.
وتألفت لجنة الوفد المركزية في مصر، برياسة المغفور له محمود سليمان باشا، وكان المرحوم إبراهيم سعيد باشا وكيلًا لها، وبعد إبعادهما رأسها المغفور له مرقس حنا بك «باشا» — نقيب المحامين — وقد حدث لأول مرة حادث لا مثيل له، وهو إضراب موظفي الحكومة جميعًا تقريبًا في ١٠ إبريل سنة ١٩١٩، واستمر الإضراب حتَّى آخر الشهر.
واستقالت في ٢١ إبريل سنة ١٩١٩ وزارة حسين رشدي باشا. وتألفت في التَّاريخ نفسه وزارة المرحوم محمد سعيد باشا برياسته مع الداخلية، ومن إسماعيل سري باشا للأشغال والحربية والبحرية، ويوسف وهبة باشا للمالية، وأحمد ذو الفقار باشا للحقانية، وعبد الرحيم صبري باشا للزراعة، وأحمد زيور باشا للمعارف، والمستشار محمد توفيق نسيم بك «باشا» للأوقاف.