لجنة ملنر والوفد المصري
ظل الوفد المصري في باريس يواصل جهوده بالخطب والمقالات والنداءات والاحتجاجات، وأوفد سعادة «دولة» محمد محمود باشا إلى أمريكا، واتصل بعضو الشيوخ الأمريكي مستر فولك الذي اتفق مع الوفد على أتعاب في سبيل الدفاع عن القضية المصريَّة في أمريكا.
لندن في ٢٢ سبتمبر سنة ١٩١٩. أعلن رسميًّا أنَّ لجنة التحقيق المعهود إليها البحث في الاضطرابات الأخيرة في مصر وفي شأن الحكومة القائمة في مصر مؤلَّفة من اللُّورد ملنر رئيسًا ومن السر رنل رود والجنرال السر جون سيمون مكسويل والجنرال السر أدين توماس. والمستر ج. أ. سبندر. رئيس تحرير «وستمنستر غازيت». والمستر ث. ج. ب. هورست المستشار القضائي في وزارة الخارجية أعضاءً.
قاطعت الأمة المصرية، تحت إشراف الوفد المصري ولجنته المركزية، لجنة ملنر، وقامت المظاهرات ضدها، واستقالت وزارة سعيد باشا احتجاجًا على وصول اللَّجنة، وقبلت استقالتها في ١٩ نوفمبر سنة ١٩١٩، وخلفتها وزارة يوسف وهبة باشا، وكان فيها محمد توفيق نسيم باشا، وكانت مؤلَّفة من: يوسف وهبة باشا للمالية، وأحمد زيور باشا للمواصلات، ومحمد توفيق نسيم باشا للداخلية، ويحيى إبراهيم باشا للمعارف، وإسماعيل سري باشا للأشغال والبحرية، وأحمد ذو الفقار باشا للحقانية، ومحمد شفيق باشا للزراعة، وحسين درويش باشا للأوقاف.
(١) مهمة لجنة ملنر
إن سياسة بريطانية العُظمى في القطر المصري هي المحافظة على حكومته الذاتية تحت الحماية البريطانية، وإنشاء نظام حكومة ذاتية تحت رياسة حاكم وطني. وغرض بريطانيا العُظمى الدفاع عن مصر من كلّ خطر خارجي أو من تدخل أي دولة أجنبية، وغرضها في الوقت نفسه تأسيس نظام دستوري تحت إرشاد بريطانيا العُظمى على قدر الحاجة. والنظام الذي يُمكِّن عظمة السُّلطان ومعالي وزرائه وحضرات مندوبي الأمة في دوائرهم الخاصَّة من الاشتراك في إدارة الأمور المصرية. وذلك على أسلوب يزيد فيه نفوذهم على مرور الأيام. وعليه فقد قررت حكومة جلالة الملك إرسال لجنة إلى مصر مهمتها تقرير نظام الحكم للوصول إلى تلك الغاية. وبعد أن تستشير اللَّجنة عظمة السُّلطان ومعالي وزرائه وأصحاب الرأي من المصريين تباشر الأعمال الأولية اللازمة قبل وضع قانون الحكومة المستقبلة، وليس من اختصاص اللَّجنة أن تشتغل بوضع شكل الحكومة على مصر. فإنَّ مهمتها أن تدرس الأحوال درسًا دقيقًا، وتبحث عن أصحاب الشأن في البلاد في الإصلاحات اللازمة، وأن تقترح نظام الحكم الذي يمكن تنفيذه فيها في النتيجة. فالمأمول أن يكون ذلك بالموافقة التَّامة مع عظمة السُّلطان ومعالي الوزراء الكرام.
(٢) الوفد السُّوداني في لندن
عقب عقد الهدنة وبعد سفر الوفد المصري إلى باريس للمطالبة بالاستقلال التَّام لمصر والسُّودان من مؤتمر الصلح — سافر وفد سوداني برياسة حضرة الحسيب النسيب السر السيد علي الميرغني وعضوية حضرات الحسيب النسيب السر السيد عبد الرحمن المهدي والشريف يوسف الهندي — أكبر الزعماء الدينيين في السُّودان، وأصحاب الفضيلة الشيخ أحمد الطيب هاشم مفتي السُّودان، والشيخ أبو القاسم هاشم شيخ العلماء، والشيخ إسماعيل الأزهري مفتش المحاكم الشرعية، والشيخ علي التوم ناظر قبائل الكبابيش، والشيخ إبراهيم موسى ناظر قبائل الهدندوة، والشيخ عوض الكريم أبو سن ناظر قبائل الشكرية، والشيخ إبراهيم محمد ناظر قبائل الجعليين. ورافقهم مستر ويليس مدير المخابرات وصمويل عطية بك وكان الغرض الرَّسمي من سفر الوفد تقديم التهاني لجلالة ملك الإنكليز لانتصاره على الألمان وعقد الهدنة.
(٣) وصول لجنة ملنر وسفرها
وصلت اللَّجنة في صباح الأحد ٧ يناير سنة ١٩٢٠ إلى بورسعيد ومنها إلى القاهرة، حيث اتخذت فندق سيميراميس مقرًّا لها. وواصلت أبحاثها.
رسمي — قد أنجزت لجنة ملنر أبحاثها في مصر، وأجلت إتمام عملها الذي ستعود إليه في لندن بعد عيد الفصح لإعداد تقريرها.»
واستقالت وزارة يوسف وهبة باشا. وتألفت وزارة محمد توفيق نسيم باشا في ٢١ مايو سنة ١٩٢٠ محتفظًا لنفسه بالرياسة والداخلية، ومن زيور باشا للمواصلات، وذي الفقار باشا للحقانية. ومحمد شفيق باشا للأشغال، وحسين درويش باشا للأوقاف، وتوفيق رفعت باشا للمعارف، ومحمود فخري باشا للمالية، ويوسف سليمان باشا للزراعة.
ودعت لجنة ملنر الوفد المصري للمفاوضة معه، وبدأت المفاوضات في لندن في ٩ يونية سنة ١٩٢٠.
واعتقلت السلطة العسكرية عبد الرحمن فهمي بك — سكرتير لجنة الوفد المركزية — وآخرين في أول يوليو سنة ١٩٢٠.