معادن السُّودان وجوه وحيواناته وصناعاته
كان السُّودان محطَّ أنظار الباحثين عن المعادن الثمينة. وطالما كانت هذه المعادن — وفي مقدمتها الذهب — أول ما حفَّز الفاتحين لغزوه والكاشفين لارتياد مهابطه ومجاهله. وقد اشتهر ذهب سنار، فهو يوجد تِبرًا في جبال بني شنقول جنوبي سنار، ويدعى الذهب السناري، ويوجد في جبل تيرا وشيبون غربي جبل قدير. ويروي المؤرخون أنَّ الذهب كان يوجد في وادي العلاقي بين كرسكو والبحر الأحمر. ولكن انقطع وروده من هذه المنطقة الآن.
والزمرد في الصحراء الشرقية والنحاس في «حفرة النحاس» في الشَّمال الغربي من بحر الغزال وفي جبال سواكن، والحديد في كردفان ودارفور وبحر الغزال مطمورًا في الرمال. والرصاص في جبل الكتم مسيرة يوم إلى الشَّمال من كوبي بدارفور والنطرون. وهو يؤخذ من بحر النطرون من طريق الأربعين، والملح ممزوجًا بالتراب السَّبخ، ويوجد في عطبرة والدامر والبويضة في مكان اسمه شرشار شمالي بارة، ويوجد في وادي الكعب غربي دنقلة، وملح البارود من الخرطوم والفاشر، والشب في واحة الشب غربي حلفا. والتريبة وهو تراب يحتوي على مواد ملحية في بربر، وتستعمل دواءً للزهري والحمى.
«والأنتيمون» أو الكحل في جبال مرة، والحجر الرملي والجرانيت والأحجار الكلسية في أنحاء مختلفة. وتنقب شركات أوروبية عن المعادن.
(١) المعادن والذهب عند الفراعنة
يقول الأستاذ سلامة موسى من بحث له:
كلنا يعرف أن هجرة الأوربيين إلى القارة الأمريكية تعود إلى رغبتهم في الذهب، وأن استعمار الأمريكيين للولايات المتحدة نفسها كان يسير على الدَّوام في أثر الذهب، فحيثما يكون المنجم يهرع إليه السُّكان، وأفريقية الجنوبية لم تُستعمر إلَّا من أجل الذهب.
وكذلك الحال عند القدماء، فإنَّ الكتب الستسكريتية تذكر أن هجرة الهنود إلى الهند كانت تتخذ على الدَّوام تلك الطرق التي تؤدي إلى مناجم الذهب، ولكن الهنود القدماء مثل المصريين القدماء لم يكونوا يطلبون الذهب من أجل الزينة والنقد كما يُطلب الآن. بل كانوا يعزون إليه صفات قيمة أكبر عندهم وألصق بحياتهم من قيمته عندنا.
كان القدماء من الهنود يصفون الذهب في كتبهم التي لا تزال تقرأ في اللغة الستسكريتية المنقرضة بأنَّه خالد، وأنَّه متولد من النار، وأنَّه يعيد الشباب، ويُطيل الحياة، ويكثر النسل. وهو النار والنور والخلود معًا.
وهذه الصفات لم يخترعها الآريون المهاجرون إلى الهند، وإنَّما هم أخذوها عن الفراعنة، فإنَّ تقديس الذهب عقيدة فرعونية، فهم كانوا أبناء الشمس، أي أبناء رع. وكان يجري في عروقهم سائل الذهب الذي ورثوه عن رع.
وقد دهشنا منذ سنوات عندما أُكتشف قبر توتخ أمون ورأينا مقدارًا عظيمًا من الذهب، ولكن هذا الفرعون لم يكن شاذًّا في وفرة الذهب؛ فإنَّ جميع الفراعنة منذ الأسرة الأولى، بل جميع النبلاء، كانوا يضعون الذهب في القبور لأنَّه الوسيلة إلى الخلود.
وهذه القداسة التي نسبت إلى الذهب أيام الفراعنة قد انحدرت إلى الأمم القديمة، بل بقيت منها أثارة حتَّى في القرون الوسطى حين اختلط البحث عن أكسير الحياة بالبحث عن إحالة المعادن الخسيسة إلى معادن شريفة. والذهب بالطبع في رأسها، وفي هذا الاختلاط يؤيد قدم العقيدة في قداسة الذهب، وأنَّه معدن الآلهة، والسبيل إلى الخلود.
•••
وكيف وصل الذهب إلى هذه المنزلة؟
للجواب على هذا السؤال نقول: إنَّنا نجد في المتحف المصري ودعًا مصنوعًا من الذهب، وهو يعزى إلى الأسرة الأولى، وليس في العالم الآن صائغ يصيغ الذهب في هيئة الودع، ونعني هذا الودع الذي ما زلنا نجده عند العرَّافين الذين يخبروننا بطالعنا بضربه فوق الرمل.
هذا الودع كان له أثر كبير جدًّا في عقائد الإنسان البدائي في العصر الحجري، حتَّى لقد كان سببًا في انتقال الثَّقافة الأولى بين البشر كما أوضح ذلك المستر ولفرد جاكسون في كتابه «الأصداف ودلالتها على الهجرة الثقافية».
فإنَّ الإنسان في العصر الحجري كان من السَّذاجة بحيث يعتقد أن الأم هي العامل الوحيد للولادة، وكان يجهل الأبوة بمعناها البيولوجي. ولذلك نظر إلى الودعة نظرة خاصة لما بينها وبين عضو التناسل في المرأة من مشابهة؛ فقدَّسها لهذا السبب، وصار يتجشَّم المشاق لجلبها من البقاع النائية لكي يحملها وهو يتوهَّم أنَّها ما دامت هي الأصل في الحياة فإنَّها قادرة على أن تحفظه في صحة دائمة، وتقيه من الأمراض، وتُطيل عمره حتَّى بعد الموت. وذلك لأنَّ الموت عنده كان حياة أخرى تحتاج أيضًا إلى ما يحفظها ويُطيلها.
ولكن الودعة بطبيعتها صدفة هشَّة تنكسر لأقل مصادمة، وهي مع ذلك كانت تُجلب من البقاع النائية. ولذلك فكَّر الإنسان البدائي في أن يصنع ودعًا من الحجر. وظل الإيمان بالودعة مدة طويلة حتَّى بعد أن اهتدى المصريون إلى الزراعة وأسَّسوا الحضارة. وكانوا يصنعونها من الحجر والذهب.
ويرى إليوت سمث أن اكتشافهم للذهب كان مصادفة حين كانوا يبعثون بعثاتهم إلى سواحل البحر الأحمر لجمع الودع؛ فإنَّ هذا الودع لا يوجد في سواحلنا الشمالية، وإنَّما يوجد كثيرًا في البحر الأحمر. وهناك عثروا على مناجم الذهب، فاستحسنوا لونه وخفَّته ومرونته ونصاعته، فصاروا يصنعون منه تماثيل صغيرة للودع بدلًا من أن يصنعوها من الحجر، وشاع بعد ذلك استعمال الذهب لهذه الغاية. ثمَّ بتوالي السنين أو القرون انتقلت ميزات الودعة إلى الذهب حتَّى أصبح المعدن نفسه يُضفي على من يحمله أو يتحلَّى به صفات الصِّحة والخلود أو طول البقاء.
(١-١) الودعة والبقرة والذهب
هذه الأشياء الثلاثة كانت تمثل في أذهان الفراعنة معاني الصحة وطول العمر والخلود. ولا بدَّ أن الودعة فقدت قيمتها عندما عمَّت الحضارة البدائية الأولى، وشرع الناس يفكرون في وظيفة الرجل البيولوجية في التناسل. ولكنَّ الذهب كان قد احتلَّ من نفوسهم مكانًا كبيرًا يُلابس عواطفهم فبقيت مكانته. أمَّا البقرة فكانت حاضرة على الدَّوام في أذهانهم وهي أعمُّ من الذهب؛ لأنَّ هذا المعدن كانت حيازته تقتصر على الأغنياء، وأمَّا البقرة فكانت عامَّة في الريف يملكها الزارعون. وكانت رمزًا للأمومة تُرضع الناس لبنها فيقوم عند الطفل مقام اللبن الذي يرضعه من أمه. ومن هنا أصبحت البقرة — التي لا تزال تُقدس في الهند — الربَّة هاتور.
ولكن الودعة والبقرة والذهب اختلطت؛ لأنَّها جميعًا تؤدي مهمة واحدة. وهذا القول هو الذي تُثبته الشواهد التاريخية. ولذلك ترى الكلمة الهيروغليفية لهاتور تعني الذهب. وهي توصف بأنَّها «هاتور الذهبية».
ومن هنا كانت عناية القدماء بالذهب الذي كانوا يبعثون البعثات إلى الأقطار النائية لجلبه واحتفالهم به ودفنه مع الموتى.
•••
وكان الذهب بذلك وسيلة لنقل الحضارة — حضارة أبناء الشمس في عصر الفراعنة من مصر إلى آسيا وأفريقيا وأوربا بل إلى أمريكا. والآن يطوف السائح المنقِّب فيجد في تاريخ الأمم التي ينزل فيها أو في تقاليدها الباقية قصصصًا عن أبناء الآلهة الذين نزلوا فيها واكتشفوا الذهب.
وأبناء الآلهة هم أبناء الشمس أيْ رَع. هم المصريون الذين أقاموا حيث كان الذهب، وزرعوا وعلَّموا من حولهم التقويم الشمشي وتحنيط الموتى وبناء الهرم، ونقلوا الإنسان من العصر الحجري إلى الحضارة.
ولم تقف مهمة الذهب عند إنشاء الثَّقافة؛ فإنَّ المصريين افتتحوا به عصر المعادن. واستخرجوا النحاس واستعملوه أولًا كما يستعمل الذهب للشبه الكبير بينهما، ثمَّ وجدوا من صلابته ما يجعله صالحًا للآلات فصاغوا منه الخناجر على هيئة الأسلحة الحجرية القديمة، ثمَّ صنعوا السيف وهو خنجر طويل. ووجدوا في الرماد المتخلِّف من صهر النحاس موادَّ لصنع المينا التي يُطلى بها الفخار. ثمَّ ارتقوا من ذلك إلى صنع الزجاج.
وهكذا نجد سلسلة متعددة الحلقات من ألوان الرُّقيِّ البشري نشأت جميعها على أسطورة قديمة هي أنَّ الذهب يُطيل العمر.
•••
في هذا العام «١٩٣٥» يبلغ السير جيمس فريزر الحادية والثمانين من عمره. وهذا العالم العظيم قد عُرف وذاع صيته بكتاب يُدعى «الغصن الذهبي» تُعدُّ صفحاته بالألوف. وهو مجموعة وافية من العادات والعبادات والشعائر وألوان الحرف والعرافة والعقائد التي تتمشَّى في أنحاء العالم المتحضِّر والمتوحش. ولهذا الكتاب موجز تبلغ صفحاته ٧٥٦.
والقارئ لهذا الكتاب يعجب بهمَّة المؤلف وجلده وإحاطته، وسيبقى هذا الكتاب خالدًا بين الكتب التي تُعدُّ مراجع غالية وإن كان أساسه كله خطأ. فإنَّ الحقائق المدونة فيه لها فائدتها التي يمكن كل قارئ أن ينتفع بها. أمَّا استنتاجات المؤلف منها فقد ثبت خطؤها ولا قيمة لها الآن.
فإنَّ المؤلف يفرض أن الطبيعة البشرية واحدة في كلّ مكان، وأنها تستجيب للظواهر الطبيعية بعقائد متشابهة؛ ولذلك إذا عرفنا أنَّ التَّحنيط معروف في بيرو في أمريكا السفلى وفي الجزر الملاوية في جنوب آسيا وفي مصر وفي الكونجو؛ فإنَّنا يجب أن نعرف أن الظروف تشابهت فاستجاب لها الإنسان في جميع هذه الأقطار استجابات متشابهة. فليس هناك إذن ما يدعونا إلى أن نفرض أن الثَّقافة انتقلت في مسألة التحنيط من قطر إلى آخر. وكذلك الشأن في اختراع الزراعة والاهتداء إلى المعادن ونظام الحكومة والكهانة والزواج إلى غير ذلك.
ولكن هل هذا هو الواقع الذي نستطيع أن ندعمه بشهادة الحياة التي يعيشها البشر أو قبائلهم أو أممهم المختلفة؟
إنَّ الواقع يثبت أن الأمم أو القبائل أحيانًا تتجاور، ومع ذلك تعيش كلٌّ منها في حدود ثقافتها الموروثة. فهذه قبيلة تمارس الزراعة، وأخرى تجاورها ولكنَّها لا تزال تجمع الطعام جمعًا ولا تستنتجه استنتاجًا. وهذه طائفة تمارس عادات في الزواج أو تحريم بعض الطعام فتخالف الطوائف الأخرى المحيطة بها، ولو أنَّ الجميع يتجاورون ويختلطون. وكل ذلك لأنَّ لكل منها تراثًا ثقافيًّا يجعلها تحب وتكره ما لا يحبه غيرها أو يكرهه.
والإنسان بطبيعته جامد لا يقبل على العادة الجديدة، وليس هو بالمفكر النشيط الذي يدأب في الاختراع والاكتشاف. فإذا فرضنا أن إحدى الأمم اهتدت إلى كشف أو اختراع؛ فإنَّ من المبالغة الكبيرة في حسن الظن بالذهن البشري أن نعتقد أن سائر الأمم ستخترع مثلها. وقصارى ما يحدث أنها تنقل عنها في بطء وفتور. وانتشار الأديان الحديثة يدلُّ على أن انتقال الثَّقافة من قطر إلى آخر في العصور القديمة كان مألوفًا. ولمَّا كانت الحضارة المصريَّة القديمة تتصل بالدين وتمس العقائد التي تتعلق بالصحة وطول العمر والخلود والتناسل — كانت تجد قبولًا، بل تلهفًا أينما حلَّت؛ لأنَّ الإنسان مهموم بهذه الأشياء كما يدلُّ على ذلك هذه المعارف الجديدة عن الفيتامينات التي فشت بين الناس هذه الأيام، وبولغ فيها مبالغات كثيرة خرجت بها عن حدودها العلمية فإنَّ الناس لشوقهم إلى ما يطيل العمر ويقوي الصحة يكثرون من قراءة هذه الموضوعات، كما أنَّ الكتاب الذين عرفوا هذا الشَّغف قد أصبحوا يبالغون في فائدة الفيتامينات.
وهكذا الحال في العصور القديمة. فإنَّ الوهم الذي أشاعه المصريون عن فائدة الذهب والتحنيط جعل الأمم البدائية الأخرى تعتنق مذهبهم وتقبل حضارتهم وترتقي بها إلى الاكتشافات والاختراعات الأخرى.
•••
ويجب عندما نبحث في انتقال الثَّقافة المصريَّة إلى أقطار العالم أن نميز بين إنسانين أحدهما الإنسان البدائي. والآخر الإنسان المتوحش.
فإنَّ الإنسان البدائي لا يعرف الزراعة، وليس عنده تراث كثير أو قليل من التَّقاليد. فهو يعيش عيشة ساذجة يجهل فيها اللباس والمسكن والغزو والسَّبْي.
أمَّا الإنسان المتوحش فيعرف طائفة عظيمة من العقائد يمارسها، منها: السحر والقتال ونظام الحكم، وأحيانًا يعرف الزراعة، وهذا الإنسان هو الذي جمع السير جيمس فريزر عاداته من جميع الأقطار وعرضها في كتابه لكي يثبت المشابهة في استجابة الذهن البشري للبيئة إذا اتفقت الظروف.
ولكن مدرسة كمبردج التي تقول بأن مصر هي أصل الحضارة التي تفشَّت منها إلى سائر الأقطار تُفسِّر هذا التَّوحش عند المتوحش بأن الثَّقافة المصريَّة القديمة وصلت إليهم فركدت ولم ترتقِ، أو هي انحطَّت على أيديهم وانمسخت.
وهذا التفسير يبرِّره الاستقراء؛ لأنَّنا نجد في عادات المتوحشين الحاضرة بذور الثَّقافة المصريَّة القديمة.
(٢) حالة الجو في السُّودان
يختلف الجو في السُّودان باختلاف مديرياته ومناطقه لاتساع مساحته. وفي السُّودان ثلاثة فصول: فصل الأمطار، أو فصل الخريف من يوليو إلى أكتوبر، حيث يفيض النِّيل وتُورق الأشجار وتُزرع الأراضي البعيدة عن النِّيل، وأول نزول الأمطار يسمَّى الرشاش، وعند اخضرار الأرض يعرف بالربيع، وعند النُّضج يعرف بالدرت. ويقف سير المراكب.
وفصل الشتاء: من نوفمبر إلى فبراير، وهو فصل البرد، ولا ينزل المطر، وهو خير فصول السُّودان اعتدالًا وصحةً.
وفصل الصيف — من مارس إلى يونية: وهو فصل الحر، وهبوب ريح السموم وثوران الغبار.
تسمَّى رياح السُّودان بالهبوب. وتهب في فصل الصيف بشدة فتثير الغبار والحصى وتلذع الوجوه؛ لأنَّها لهيب من النار. وفي الهبوب أعاصير زاحفة أسطوانية، وتهب الرياح «اللواقح» فتُثير الغبار، ويظلم الفضاء. وقد تقتلع الأشجار وتهدم المباني الضعيفة، وقد تُغرِق المراكب والبواخر.
ويشتد هطول الأمطار كأنَّه ينزل من أفواه القِرب، وتصطحب بالرياح والبرق والرعد، وقد تنزل الصواعق.
(٣) غابات السُّودان وأخشابه
السودان غنيٌّ بالأخشاب والغابات: فمنه النخيل وهو أنواع كثيرة. والدُّوم والدليب والعُرديب، وهو شجر التَّمر الهندي، والسدر وهو شجر النبق. والتبلدي وهو شجر هش، وثمره كجوز الهند والجوغان ثمره كالنبق، والقضيم والطندب والأهليلج ويسمونه «الهجليج». والحميض والجميز واللاستك والهشاب واللبان والسنط والسلم والكتر والسيال والحراز والعرد والمدس. ويؤخذ منه قشر الدبغ والأبنوس والكاكموت والأندراب والحبيل والبشم والعشر والأراك واللعوت يشبه شجر الليمون والصباغ في كردفان والنيل الأزرق والكليت واللولو والخمرة والروم والسنا والحناء والخروع، ويستخرج منه زيت والحسكنيت والحنظل والسم والسلعلع والمرخ والحمريب والحلفاء والنجيلة والطرفاء والصفصاف والقنا وقصب البردي والضبح وأكثر الغابات والأشجار في الجنوب.
(٤) الصناعة
-
الحدادة: لصنع الحراب والسكاكين وأدوات الزراعة.
-
الصياغة: الحلي والأواني المعدنية. ومن الصناع من يخرط العاج والخرتيت، ويصنع منهما الأساور والفناجين والأقداح.
-
الحياكة: يصنعون قماشًا يشبه الدمُّور.
-
الدِّباغة: للجلود.
-
البناء: يبنون المنازل من طوب أو حجر أو طين ويصنعون الجير.
-
النجارة: ومنها صنع المراكب، وهم مهرة في الخزف.
(٥) بعثات التَّنقيب عن المعادن
-
(١)
شركة إنكليزية في أم بناردي عن طريق في الصحراء بين حلفا وأبي حمد (محطة رقم ٦)، ومنها إلى أم بناردي — مدت سكة حديد، ونقَّبت عن الذهب، ولكنَّها أفلست، ولم تصل إلى نتيجة.
-
(٢)
شركة إنكليزية على حدود الحبشة في بني شنقول نقبت عن الذهب، وأفلست.
-
(٣)
شركة إنكليزية تسمى (السد) أي (السدود)، تألفت لقطع الأعشاب وكبسها واستعمالها وقودًا، في قوالب كالطوب الأحمر.
-
(٤)
مصلحة الجيولوجيا بالخرطوم تبحث عن المعادن — ولكنَّها لم تصل إلى أية نتيجة.
البترول: لم يكشف البترول بعد.
واستمر النقب في مروى، وكان نتيجته حسنة، ومن جملة الأطلال التي كشف الروم عنها حمام روماني، وهيكل صغير أمامه أعمدة، وجانب من الحمام الملكي. وقد سافرت بعثة أكسفورد من فرس، وستعود في السنة القادمة إلى النقب في نبطة، وهي عاصمة ملوك مروى الثَّانية، وقد تولى المستر ولكوم النقب في جبل مويه للبحث عن الأشياء التي صنعت قبل عهد التاريخ.
(٦) الحيوانات
المفترسة: الأسد، ويسمُّونه الدَّابي ودود الخلا، والفيل ويصطاد من أجل سنه وجلده. ووحيد القرن ويسمونه العنزة أم قرن، ويصطاد لأجل قرنه المعروف بالخرتيت، ويصنع منه كاسات وفناجين وأنصبة.
والزرافة والجاموس البري وبقر الوحش. وحمار الوحش ويسمَّى عندهم حمار الخلا أو حمار الوادي والزيبرة، ويسمونه خطأً حمار الوحش، والضبع ويسمى بالمرفعين أو المرعفيب. والذئب والنمر والفهد والنمس والقنفذ، والثعلب ويسمى البعثوم، والخنزير البري ويسمَّى الحلوف، وأبو أظلاف، وهز الزباد والثيتل والغزال والقردة والنعام.
وتصطاد الكواسر بالبنادق والشراك، ومنه عمل حفرة في الطريق على عمق خمسة أمتار، وتغرز في قاعها أوتاد محددة، وتسقف بالحصر، ويحثى التراب فوقها حتَّى تكون شبيهة بالأرض المحيطة بها. فإذا ما مرَّ الحيوان المفترس هوى في الحفرة، واستحال عليه الصعود والهرب، فيرميه الصائد بحربته.
وتكثر الثعابين، ومنها غير السام والكبير الحجم، واسمه (الأصلة)؛ طوله أربعة أمتار، ويُصاد لجلده، والعقرب، وأبو شبت، والأرضة، والسروت وهي ذبابة سامة كالنحلة، والذباب العادي، والبعوض، والبق، والنحل، والفراش، والنامتة.
(٧) الأمراض والمستشفيات
جو السُّودان صحي في عامَّة الفصول، لجفاف التُّربة، وليس وجود الأمراض به مانعًا من وجود مناطق صحية. ويغلب في الأمراض سعة المساحة والعجز عن إعداد الوسائل الصحية في كلِّ مكان لما يتطلَّبه ذلك من المال الكثير.
والأمراض المشهورة هي: الحُمَّى الملاريا، وتُسمَّى بلغة السُّودان الوردة. وعلاجها البلدي: منقوع القرظ الممزوج بشراب العسل، أو منقوع التَّمر الهندي، أو ثمر التبلدي.
والديسونطاريا، وتُسمَّى عندهم العشرة، وعلاجها البلدي: اللبن الرايب بالحلبة أو أقراص النبق ومسحوق عرق السنط.
والزهري ويسمى «الحلق أو الجقيل»، وعلاجه البلدي: العُشبة المعروفة أو التَّربية، والسيلان ويسمونه «البجل»، وعلاجه: السمن البقري بمنقوع الحنظل أو بعشب الربع، والدودة الوحيدة، وعلاجها شرب الحشيشة الحبشية ممزوجة باللبن. والجدري. ويكون أحيانًا وبائيًّا يصيب الزنوج أكثر من العرب، ويمنعون عن المريض به الروائح، ويدهنون عينيه بماء البصل، ويعالجونه بطعام البلح واللبن والبصل مع الذرة.
والالتهاب السحائي الشَّوكي والجرب والبرص، والكوليرا وتُسمَّى عندهم وعند أهل الصعيد: «الشوطة» وضربة الشمس. وأكثر الأمراض منشؤها تقلُّب الجو. على أن التَّحوط الصحي — وهو ميسور — يعطي مناعة لا بأس بها.
وقد انتشرت في السُّودان المستشفيات، وهي ثلاثة أنواع: صغيرة ومتوسطة وكبيرة. وبناء المستشفيات بسيط من الطوب في مساحات واسعة، نفقاتها قليلة، وهي دور واحد أو دوران، ويشرف عليها أطباء إنكليز، ويساعدهم أطباء سودانيون من خريجي مدرسة كتشنر الطبية في الخرطوم، ويدخلها خريجو طلبة غوردون لمدة أربع سنوات.