استعادة السُّودان بعد إخلائه
لم يكن ممكنًا أن يظلَّ السُّودان على حالته بعد قيام الثَّورة المهدية، ولذا تضافرت العوامل المختلفة على وجوب إعادة السُّودان، من ذلك عوامل خارجية وهو منافسة فرنسا وإيطاليا لإنكلترا في استعمار أفريقيا، وداخلية تذمر السُّودانيين أنفسهم بعد نجاح الثَّورة المَهديَّة والخلاف من أنصارها، وإعادة تنظيم الجيش المصري، وكون قيادته للضباط الإنكليز، وتفوق سلطة اللُّورد كرومر والمستشارين الإنكليز في الحكومة المصريَّة، وتثبيت أقدام الاحتلال الإنكليزي تدريجيًّا في مصر.
قال السير إيلياس أشميد بارتلت بصدد الإشاعة التي أُذيعت عن اعتزام فرنسا إرسال بعثة إلى أعالي النِّيل ما يأتي: «من الضروري القيام بعمل سريع، وبغير ذلك لا نضمن البتَّة أن لا يستبقنا الفرنسيون ويحتلوا قبلنا جهات أعالي النيل.».
إنَّ مصلحة مصر تقضي بأن لا يُدنِّس تخومَها حادث من حوادث التَّعسف المجردة من كلّ نزاهة. بل هناك دواعٍ أخرى تستلزم الزحف على الخرطوم. وهذه الدواعي الأخرى لا داعي لذكرها، وهي تستدعي إيجاد قوة في وادي النيل. وهذه الدواعي التي لا داعي لذكرها إنْ هي إلَّا استباق الفرنسيين في احتلال أعالي النِّيل وطردهم منه إذا وضعوا أقدامهم على أراضيه.
وكانت نتيجة الاتِّفاقيَّة الإنكليزيَّة الإيطالية مواجهة الإيطاليين بمنليك ملك الحبشة؛ لأنَّ منليك كان قد أرسل منشورًا للدول مؤرَّخًا في إبريل سنة ١٨٩١ أخبرهم فيه عن عزمه على فتح السُّودان.
وفيما يلى وقائع إعادة السُّودان:
(١) استعادة طوكر
رأى هولد سميث باشا محافظ سواكن استعادة طوكر، فأذن السردار له وعاونه بقوة وصلت بحرًا إلى سواكن، وأعادت طوكر في ١٩ فبراير سنة ١٨٩١، وهزمت عثمان دقنة.
(٢) زيارة الخديوي الحدود
زار الخديوي عباس حلمي باشا الحدود سنة ١٨٩٤. وقد وقع في أثناء زيارته حادث نذكره فيما بعد.
(٣) استرداد السُّودان
في ١٢ مارس ١٨٩٦، أي بعد ١٢ يومًا من كارثة الطليان في عدوه بهزيمتهم المخجلة أمام الحبشة وَرَدَ للسير كتشنر سردار الجيش المصري في منتصف الليل أمر بتسيير حملة لإعادة فتح السُّودان. ووصل خبر قرار الوزارة الإنكليزيَّة إلى رئيس وزراء مصر بعد ظهر يوم ١٣ وللخديوي مساء ذلك اليوم.
ومن ذلك الوقت لم تكفَّ مصر عن أن تقدم للسُّودان السلفيات التي كانت تلزم لرواج منتوجاته ومحاصيله ولمدِّ شبكة من السكك الحديدية يبلغ طولها ٢٤٠٠ كيلومتر، وإنشاء عدد كبير من الطرق والمواصلات النِّيلية. ولعمل مجموعة متقنة للرَّي في بعض الجهات. ولقد مرَّ على الجيش المصري خمسة وعشرون عامًا طوالًا وهو بأسره تقريبًا في السُّودان يشتغل في تهدئته وتوطيد دعائم الأمن في ربوعه وإنشاء الأشغال العمومية كافَّة.
(٤) استعادة دنقلة
خرج النجومي من دنقلة سنة ١٨٨٩ وعليها يونس الدكيم عاملًا ومساعد قيدوم وكيلًا، وقد اختلفا فدعا التَّعايشي يونس الدكيم إلى أم درمان وعين زقل مكانه فاختلف مع مساعد قيدوم ووشى به لدى التَّعايشي الذي سجنه، وعند صلح التَّعايشي مع الأشراف أفرج عنه ونفي إلى خط الاستواء.
وافقت الحكومة المصريَّة في ١٢ مارس سنة ١٨٩٦ على توجيه حملة بقيادة هنتر باشا قومندان الحدود لاستعادة دنقلة.
كانت الحملة المصريَّة على دنقلة مؤلَّفة من آلاي من السواري به ١٢٥٣ جنديًّا، وآلاي من الطوبجية به ٩٥٣ جنديًّا و١٨ مدفعًا، وآلاي من الهجَّانة المصريَّة والسُّودانية عدده ٦١٨ رجلًا و١٣ أورطة بيادة أي ٨ أورط مصرية، هي التي أُلِّفت بعد إلغاء الجيش المصري القديم سنة ١٨٨٣ وخمس أورط سودانية، وكان المجموع ١٦٦٨٠ جنديًّا نظاميًّا وغير نظامي بينهم ٧٠٠ ضابط.
وصدر الأمر بإنشاء الأورطة السُّودانية الرابعة عشرة، وأنشئت أورطتان من الاحتياطي: الخامسة عشرة في أسوان وكروسكو والسادسة عشرة إلى سواكن. وكان مع الجيش نفر من العبابدة والكبابيش والعليقات، وأضيف إلى ذلك أورطة إنكليزية من آلاي نورث ستفورد شير، بها ٨٧٠ جنديًّا معهم مهندسون وطوبجية وبحارة. وإلى سواكن آلاي هندي. وتطوع في الحملة ضباط من الإنكليز، كاللورد سسل بن اللُّورد سلسبوري واللورد أثلمي والكونت كليخن من الأسرة المالكة، والماجور ستيورت ورتلي من رجال الحملة النيلية، والماجور كتشنر شقيق كتشنر باشا. وكان مع الحملة ٣٠٤٨ رأسًا، من الخيل والبغال والحمير والإبل، و١٥ باخرة نيلية.
اجتمع الجيش في عكاشة. وتقدم فاستولي على فركة في ٧ يونية سنة ١٨٩٦، وهزم المهديين الذين كانوا بقيادة حسن أزرق وحسن النجومي. وقد انتشرت الكوليرا في مصر ووصلت إلى الجيش، كما نزلت به الحمى التيفودية، وتوفي بها أكثر من ألف، واشتد الحر والأعاصير والغبار.
وقد مُدَّت السكة الحديد إلى كوشة. ووصلت البواخر إلى تماي والمتمة وأبو طليح والتيب وهي مدرعة، وثلاثة غير مدرعة وهي: عكاشة ودال وحيبر.
وتقدم الجيش إلى أبي فاطمة جنوبي شلال حنك، وحدثت واقعة الحفير في ١٩ سبتمبر سنة ١٨٩٦، فأخلى الثوار الحفير إلى الديم ورحَّب الأهالي بالجيش والنِّساء بالزغاريد.
(٥) تعيين كتشنر سردارا للجيش
عين كتشنر باشا سردارًا للجيش المصري في ١٢ إبريل سنة ١٨٩٢ عند استعفاء جرانفيل باشا.
(٦) منشور كتشنر إلى أهل السُّودان
وقد كان من مبتدعات المتمهدي وخليفته هذا منع الحج الشريف، مع أنَّه فرض واجب على كلّ من استطاع إليه سبيلًا. ثمَّ إنَّ كلًّا منهما فسَّر القرآن على رأيه وهواه، واستنبط أحكامًا شرعية كما أراد، ومنعكم قراءة كتب الحديث والتَّفسير، فضلًا عمَّا يأتيه التَّعايشي الآن من جمع المال، وتفريق كلمة الإسلام، وهتك الأعراض، وظلم الفقراء، وهدم بيوت الكبراء، وبعد أن كان رجلًا مسكينًا لا يملك شروى نقير استأثر بأموال الرَّعية كلها، وسكن القصور المشيَّدة، واتَّخذ نساء المؤمنين سراري له، واستحلَّ وطأهن بلا عقد ولا ملك يمين، وهو مع ذلك يدَّعي الزهد والمسكنة، ويتنعَّم سرًّا بكل ما تطيب له نفسه وتقرُّ عينه. وهو ظالمٌ غشوم ما تكلَّم أحد بالحق إلَّا قتله أو سجنه أو نفاه. وقد سجن الخليفة شريفًا وأهان الخليفة ود حلو وأولاد المهدى، وقتل إبراهيم عدلان وأقارب المهدي مثل عبد القادر ود ساتي علي ومحمد عبد الكريم وإخوانهم، وسجن الزَّاكي طمل والقاضي أحمد والحسين ود الزهرة، وأماتهم جوعًا، وخرب مساجد المسلمين كمساجد الحسن المرغني وأولاد نور الدايم والشيخ العبيد والشيخ حمد النبيل العركي. ونفى أمراء الجعليين مثل بدوي ود العريق وغيره. وبذلك أسخط جميع العالم الإسلامي، وأصبحت مكة المشرفة وكرسي الخلافة العُظمى تنظر إلى عمله بعين المقت والكراهة. ولمَّا رأى ولي النِّعم خديوينا المعظَّم «عباس حلمي الثَّاني» أنَّ جرائم هذا الطَّاغية تزداد يومًا فيومًا، أخذته الشَّفقة على المسلمين المظلومين، وصمَّم على إنقاذهم من الظلم، فأرسل جيوشه المظفرة لكي تهدم أركان دولة التَّعايشي وتُقيم حكومة شرعية مؤسَّسة على العدل والاستقامة، وتبني المساجد، وتُعين على نشر الدين القويم. وقد أصدر سُموُّه عفوَه التَّام عن جميع ذنوبكم، وأمر برد أملاككم. وهو يدعوكم إلى استقبال جيوشه بالتَّرحيب، فإذا قبلتم الدعوة وعرفتم قيمة الإنعام كنتم أنتم الرابحين الناجحين، وإلَّا فالويل لمن رفض نعمة ربه وكرم خديوينا المعظم. وباسمه لي الرجاء الوطيد أن أراكم قريبًا طائعين ومعضدين للحكومة الخديوية والسلام — يونية سنة ١٨٩٦.
(٧) عود إلى دنقلة
وقد تقدم الجيش في ٢٣ سبتمبر سنة ١٨٩٦، واحتلَّ دنقلة، وتقهقر المهديُّون بقيادة ود بشارة وسلم الأمير حسن النجومي، وفي ٢٤ سبتمبر سنة ١٨٩٦ تمَّ احتلال الدبة، وفي ٢٦ سبتمبر احتلَّ مروى.
ونظم السردار المديرية، وتلقى تهنئة الخديوي والنيشان العثماني العالي من الطبقة الأولى. وانحلَّت حملة دنقلة في ١٥ أكتوبر سنة ١٨٩٦، وعادت الأورطة الإنكليزيَّة إلى مصر، وكان في الحملة إبراهيم فتحي بك «باشا» قومندان الأورطة السابعة والملازم حسن بدر «باشا»، ومُدَّت السكة الحديد إلى الكرمة.
(٨) استعادة بربر
تمرد عبد الله ود سعد أمير الجعليين على التعايشي، فأرسل إليه الأمير محمود فقتل ود سعد ورجاله، وأُسر الجعليون والشايقية وسيقوا إلى أم درمان.
(٩) أهمية عطبرة وحالتها اليوم
وعطبرة قسمان رئيسيان منعزلان يفصلهما الخط الحديدي الطوَّالي؛ أحدهما «السوق» ويشمل منازل البلد والمحال التِّجاريَّة والضبطية «المركز»، وعدد سكانه خمسة عشر ألف نسمة تقريبًا جلُّهم من الوطنيين، ومعهم قليل من المصريين والسوريين، وتُبنى المساكن كباقي مدن السُّودان من الطين، وتتألَّف من طابق واحد، وبها مصنعان لصنع «الزراير» من الدوم يملك أحدهما مصري، والآخر يوناني، وقد رأتهما البعثة في أثناء وجودها بعطبرة. أما القسم الثَّاني فهو أرض السكة الحديدية، وبه عموم إدارات المصلحة، ومنها الورش، وهي تضمُّ نحو ألف صانع منهم ستون مصريًّا. وهي تشبه «العنابر» بالسبتية وأقسام مختلفة للحدادة والنِّجارة والبرادة وغيرها، وأهمها ورشة العربات التي تُبنى بها الصالونات والعربات الجديدة على أحدث طراز من خشب «الستيك».
وعطبرة من أمهات المدن في السُّودان؛ لأنَّها مركز السكك الحديدية بأسرها، وهي ملتقى خطي الخرطوم. حلفا. الخرطوم. بورت سودان. وتخترق الطرق الحديدية شوارع المنطقة وتجتازها القطارات لتسهيل النَّقل بين مختلف أنحائها، ومنها قطار يتألف من ثلاث مركبات ينقل الموظفين من المكاتب إلى منازلهم مرتين يوميًّا إحداهما صباحًا لتناول الإفطار والثانية بعد الانصراف. والعمل يبدأ في المكاتب والورش الساعة السادسة والنصف صباحًا شتاءً والساعة السادسة والربع صيفًا. وتوجد بها «ثكنات» الجيش المصري التي كانت تعسكر بها أورطة السكة الحديدية. وكان عددها يتراوح بين ألف وثلاثة آلاف، وقد احتلَّها الآن بلك إنكليزي وعدد جنوده ١٤٢.
(٩-١) المصريون بعطبرة
تلي عطبرة الخرطوم مباشرة من حيث عدد المصريين بها، وغالبهم موظفون بمصلحة السكك الحديدية، ويبلغ عددهم ١٥٠، وكانوا قبل حوادث الاستغناء عنهم سنة ١٩٣١ بسبب الضائقة المالية، حوالى المائتين، ويشتغل بعض المصريين بالتجارة وقد نجح فيها، ويقيم غالب الموظفين في منازل صحية بنتها لهم المصلحة. أمَّا البريطانيون فلهم حيٌّ راقٍ قائم بذاته.
(٩-٢) النادي المصري
وممَّا يضم الشَّمل ويُزيل السَّأم وجود أندية مختلفة. ولكبار الإنكليز «درجة ثالثة فما فوق» نادٍ ولصغارهم نادٍ آخر، كما أنَّ للسُّودانيين ناديًا.
والنادي المصري أنيق يقع على ضفة النِّيل يتمتَّع بحديقة غنَّاء كانت ميدان الأُنس والانشراح. وهو أحد مخلفات ضباط الأورطة المصرية. وأثاثه ورياشه ثمينان. وبه أقيمت حفلة تكريم للبعثة المصرية. وعدد أعضائه المؤسسين ستون والفخريين خمسون. والمؤسسون الآن هم موظفو المصلحة الذين تزيد رواتبهم الشهرية على عشرة جنيهات. ويتصل بالنادي ملعب للتنس وآخر لكرة السلة. وتُخرج الفرقة التمثيلية من آن لآخر روايات كبيرة مساعدة للمنشآت الخيرية المحلية كالمساجد والكنائس والمدرسة. وتجمع هذه الحفلات بين التسلية والمنفعة. والرئيس الحالي للنادي هو حضرة يني بطرس أفندي باشكاتب القسم التِّجاري ورئيس جمعية التمثيل محمد درويش أفندي رئيس قلم المستخدمين، ومن الأعضاء البارزين عجايبي جرجس أفندي باشكاتب الهندسة ونائب رئيس النادي المصري، ومحمد أبو شادي أفندي رئيس الحسابات، وغيرهم.
(١٠) مدرسة الأقباط المصرية
عقب حوادث سنة ١٩٢٤ التي تلاها نزول الجيش من السُّودان، كان لا بدَّ للمصريين في عطبرة لتعليم أبنائهم من أحد أمرين: إمَّا إرسالهم إلى مصر أو إنشاء مدرسة تقيهم شرَّ تشتت فلذات الأكباد، فآثروا الثَّانية، واستأجروا لذلك دار مدرسة الأمريكان، ثمَّ استصدروا إذنًا ببناء دار خاصة على نمط صحي ملائم. وتآزر الموظفون جميعًا في نفقاتها التي بلغت ألف جنيه بنسبة معينة من رواتبهم، وافتتحت رسميًّا سنة ١٩٢٦، ولا زالت تؤدِّي خدمتها للآن. وقد وفَّق الله القائمين بأمرها فكان النجاح حليفها كأختها بالخرطوم؛ إذ نجح ١٥ من ١٦ تلميذًا في امتحان الشهادة الابتدائية سنة ١٩٣٣ بنسبة ٩٥ في المائة. وكادت تعصف بها حوادث الاستغناء عن الموظفين سنة ١٩٣١؛ ممَّا أدَّى إلى نقصان عدد تلاميذها إلى المائتين مع زيادة نسبة الإعفاء من المصروفات إلى ٢٥ في المائة. والأمل معقود على وزارة المعارف بمصر للأخذ بناصرها بل السير بها إلى الأمام.
ويتعلم أبناء الوطنيين في «كتاب» وفي مدرسة ابتدائية أميرية، وهي نصف مدرسة فقط. أعني أنَّ بها الفرقتين الأولى والثالثة أو الثَّانية والرابعة، وتُكمِل نصفها الثَّاني في مدينة بربر بالتبادل.
وعدا مدارس البنين توجد مدرستان للبنات إحداهما تابعة للإرسالية الكاثوليكية وتديرها راهبات الطالبات، وهذه مقصورة على بنات غير السُّودانيين، والأخرى مدرسة الإرسالية الإنكليزيَّة، وهي تقبل جميع الجنسيات عدا البريطانية.
(١١) بين قاضي قضاة تونس والتعايشي
حوالي سنة ١٨٩٢ توجَّه المرحوم الشيخ محمد المنور — قاضي قضاة تونس — إلى أم درمان ومعه أسرته من جهة الغرب، وقابل الخليفة عبد الله التَّعايشي إذ كان في إبان سطوته، ونصحه بأن يعدل عن ادِّعاء أنَّه خليفة المهدي المنتظر، وفنَّد الادعاء القائل بأنَّ محمد أحمد المهدي هو ذلك المهدي المنتظر الذي جاء ذكره في الأحاديث النبوية قائلًا بأنَّ المهدي المنتظر لم يظهر بعد، وبأنَّه من المخالفة للدين انتحال المهدي صفة المَهديَّة وانتحال خليفته أنَّه خليفة المهدي.
(١٢) استعادة الواحات الخارجة٣
سارت فصيلة من الدراويش من دنقلة قاصدةً واحة سليمة، فلمَّا وصلت إليها وجدت آثار قافلة من البدو المصريين كانت قد ذهبت إلى بئر النطرون كالمعتاد لجلب الملح والنطرون. فقسَّم الدراويش أنفسهم إلى قسمين تبع أحدهما أثر الحملة ووجدها عند بئر النطرون، فأسرها وعاد إلى حيث ابتدأ — وسار القسم الثَّاني — وكان مكونًا من ١٧٠ هجَّانًا ببنادق رمنجتن — بدرب الأربعين، فوصلوا إلى ناحية «المقس»، وهي أقصى القرى جنوبًا — وتتصل بقرية باريس، وأسروا أحد الأهالي، بينما كان يصطاد الغزلان، ومنه حصلوا على التفصيلات التي كانوا في احتياج إليها. وقد أخبرهم لسوء الحظ عن موظفي الحكومة، وقال: إن مقرهم في «باريس».
بايعنا الله ورسوله ومهدينا وبايعناك على توحيد الله ولا نشرك بالله، شيئًا، ولا نسرق ولا نزني ولا نأتي ولا نعصيك في معروف. بايعناك على زهد الدنيا وتركها والرضاء بمراد الله ولا نفر من الجهاد.
ولما وصل الأسرى إلى أم درمان أحسن الخليفة معاملتهم واعتبرهم ضيوفه، ولم يُجبروا على عمل ما سوى تأدية الصلوات الخمس في أوقاتها. وقد تمكَّن اثنان منهم من الهرب ووصلا إلى سواكن، ولكنَّ المأذون مات في أسره.
وفي يناير سنة ١٨٩٦ أُرسل من بقي منهم على قيد الحياة إلى التُّخوم المصريَّة بأمر الخليفة، وسلموا للسلطات المصرية. ا.ﻫ.
(١٣) السردار
عاد السردار إلى مصر بعد واقعة دنقلة، ثمَّ وصل إلى مروى في ٨ يولية سنة ١٨٩٧.
وتقدم جيش بقيادة هنتر باشا فاحتلَّ أبو حمد في ٧ أغسطس سنة ١٨٩٧ وهزم محمد الزين.
واحتل الجيش بربر في ٦ سبتمبر سنة ١٨٩٧، وكان على بربر الأمير الزاكي عثمان البقاري.
وحدثت واقعة العطبرة «الأخيرة» في ٨ إبريل سنة ١٨٩٨، وهُزم الأمير محمود، وأُسر ودخل السردار (بربر) في ١٤ إبريل سنة ١٨٩٨ باحتفالٍ شائق.
(١٣-١) المواصلات
مُدَّت السِّكة الحديد من أبي حمد إلى العطبرة.
وقد أضيف إلى الجيش الذي حضر واقعة العطبرة آلاي إنكليزي آخر مؤلف من أربع أورط فأصبح الجيش مؤلفًا من:
أربع أورط سواري إنكليزية، وتسعة أورط سواري مصرية، و٨ بلوكات هجانة، وبطاريتين إنكليزيتين، و٥ بطاريات مصرية، وفرقة البيادة الإنكليزيَّة، وفيها آلابان بثماني أورط، وفرقة البيادة المصريَّة، وفيها أربع آلايات بست عشرة أورطة، وجملة الجيش ٢٥ ألفًا ضُمَّ إليه ألفا رجل من عرب العبابدة والجعليين والجميعاب والمسلمية والشكرية والشايقية والبطاحين وغيرهم. وكان مع الجنود الإنكليزيَّة ثلاث بواخر مدرَّعة فبلغت البواخر المدرعة عشرًا، وهي السُّلطان والملك والشيخ والفاتح والناصر والظافر وتماي والتيب وأبو طليح والمتمة، وفي ٢٩ أغسطس وصلت أبو حمد.
(١٤) احتلال القضارف وهزيمة أحمد فضيل
كان أحمد فضيل عاملًا على جيش الخليفة في القضارف، وكان معه ٣٠٠٠ مقاتل بقيادة سعد الله التَّعايشي والنور عنقرة. وقد استعان التَّعايشي بفضيل لإنقاذه في أم درمان. وقد سلم النور عنقرة القضارف في ٢٢ سبتمبر سنة ١٨٩٨ إلى الحملة المصريَّة بقيادة بارسونز باشا قائد جيش كسلا.
وقد احتلَّ هنتر باشا سنار والرصيرص في سبتمبر سنة ١٨٩٨.
وقد حاول أحمد فضيل استعادة القضارف. وفي الطريق حدثت واقعة الرصيرص في ٢٠ ديسمبر سنة ١٨٩٨ عندما كان متجهًا إلى شلال الرصيرص.
واحتل بارسونز القضارف في ٧ ديسمبر سنة ١٨٩٨، ووضع عليها العلمين المصري والبريطاني. وكانت الحبشة قد احتلتها قبلًا ورفعت عليها العلم وسُوِّيت المسألة بجلاء الحبشة عن القلابات.
واحتل الميجر تالبوت واد مدني في ١٥ سبتمبر سنة ١٨٩٨.
(١٥) تسليم الخليفة محمد شريف
وسلم الخليفة محمد شريف والفاضل والبشري من أولاد المهدي للبكباشي بليوت في ١٥ نوفمبر سنة ١٨٩٨.
واحتل الجيش فازوغلي في ٢٢ يناير سنة ١٨٩٩.
(١٦) بحر الغزال
واحتل الجيش بحر الغزال ووصل إلى مشرع الرق في ١٣ ديسمبر سنة ١٩٠٠ وجعل «واو» عاصمة بحر الغزال.
(١٧) البلجيك
غزت بلجيكا خط الاستواء في فبراير سنة ١٨٩٧، وقد ألحق القسم الجنوبي من خط الاستواء بأوغندا مع اللادو لملك البلجيك مدة حياته وللإنكليز بعد وفاته.
(١٨) دارفور وعلي بن دينار
السُّلطان علي دينار بن السُّلطان زكريا بن السُّلطان محمد الفضل بن السُّلطان عبد الرحمن الرشيد.
(١٩) إدارة الجيش
قومندان عموم القوة | الفريق السر هربرت كتشنر باشا — سردار وياورانه الكبتن اللُّورد إدوارد سسل والبكباشي وطسن |
رئيس أركان حرب | اللواء رندل باشا |
مدير قلم المخابرات | الميرالاي ونجت بك |
مدير مساعد قلم المخابرات | اللواء سلاطين باشا |
مدير مساعد قلم المخابرات | الميجر الشريف م. ج تلبوت |
مساعد ادجوتانت جنرال للجيش الإنكليزي | الكبتن السر ﻫ. س. رولنصن والكبتن ي. ي. برنارد |
حكيمباشي الجيش الإنكليزي | الجراح الجنرال و. تيلر |
حكيمباشي الجيش المصري | الميرالاي جلوي بك |
حكيمباشي بيطري الجيش الإنكليزي | الكبتن. ج. ل. بلنكنسوب |
حكيمباشي بيطري الجيش المصري | القائمقام جريفث بك |
إدارة التعيينات «للجيش الإنكليزي» | الكولونل ل. ا. هوب والماجور ﻫ. ج. مورغن |
إدارة التعيينات «للجيش المصري» | الميرالاي روجرس بك والقائمقام دراج بك والبكباشي بلنت |
مدير حملة النقل | الكولونل كتشنر |
قومندان السواري الإنكليزي | الكولونل ر. ﻫ. مارتن |
قومندان السواري المصري | القائمقام برودود بك |
قومندان الهجانة | القائمقام تدوي بك |
قومندان الطوبجية | الكولونل س. س ج. لونج |
قومندان فرقة البيادة الإنكليزية | الماجور جنرال جاتيكر |
قومندان الآلاي الأول | الجنرال ووشب |
قومندان الآلاي الثَّاني | الجنرال لتلتون |
قومندان فرقة البيادة المصرية | اللواء هنتر باشا |
قومندان الآلاي الأول «وفيه الأورط ٢ و٩ و١٠ و١١ | الميرالاي ماكدونلد بك |
قومندان الآلاي الثَّاني «وفيه الأورط ٨ و١٢ و١٣ و١٤» | الميرالاي مكسول بك |
قومندان الآلاي الثالث «وفيه الأورط ٣ و٤ و٧ و١٥» | الميرالاي لويس بك |
قومندان الآلاى الرابع «وفيه الأورط ١ و٥ و١٧ و١٨» | الميرالاي كولنسن بك |
قومندان العمارة البحرية | القومندان كولن كبل |
قومندان العربان المتحابة | الماجور ستيوارت ورتلي |
اعلم أن شرورك في السُّودان، ولا سيَّما قتلك الجم الغفير من نفوس المسلمين الأبرياء أوجبت تقدمي بجيوشي إلى هذه البلاد لدكِّ سلطتك وإراحة البلاد من شرِّك وبغيك. ولكنْ بين جيوشك كثير من الأهلين الكارهين لك ولحكومتك ومن العواجز والنساء والأولاد الذين لا نريد أن يلحقهم سوء. فاعزل هؤلاء من ديمك إلى مكان لا تصله القنابل والرصاص لئلا يقتلوا وتكون أنت المسئول عن دمائهم أمام الله، واثبت أنت وأشياعك فقط في ساحة القتال لتلاقوا النِّقمة التي أعدَّها الله لكم، وأمَّا إن كنتم تودُّون التَّسليم حقنًا للدماء فاعلموا أنَّنا نستقبل رسلكم استقبالًا حسنًا ونعاملكم بالعدل والسلام — في ١١ ربيع الآخر سنة ١٣١٦ﻫ.
•••
علم التَّعايشي بتقدم الجيش فحشد جيوشه في أم درمان، وحصن ١٧ طابية منها طابية المقرن والسراي في الخرطوم، وكان عنده ٦٣ مدفعًا في يد الأسرى من الطبجية المصريين. ووضع الألغام في النيل.
وتجاوز الجيش في أول سبتمبر سنة ١٨٩٨ جبل كرري عند الظهر، ووقف عند العجيجة على بعد ثمانية أميال من أم درمان، واستولى على بعض الطوابي ورميت أم درمان بالقنابل، وفتحت توتي والخرطوم.
وحدثت واقعة أم درمان في يوم الجمعة ٢ سبتمبر سنة ١٨٩٨، إذ خرج التَّعايشي ومعه ٥١٧٨٩ مسلحين، وتقدم لمقابلة الجيش المصري، وأقام الجيش الإنكليزي زريبة من شوك. وقد تقدم الخليفة التعايشي لمهاجمة الزريبة، وتوارى بجبل ضرغام، وكان معه عثمان دقنه ومساعد قيدوم، وهجمت جيوش التَّعايشي في هيئة هلال على بعد نحو ٢٥٠٠ ياردة من الجيش المصري، وهجم الثوار على الزريبة وأشعلوا النار بها، وكانت المدافع تحصدهم وكانوا لا يهابون الموت. وقد هجم السواري الإنكليز وتوالى الهجوم مرة ثانية، وتقدم السردار إلى أم درمان، وحصل هجوم ثالث، وفرَّ الخليفة عند انهزام جيش الراية الخضراء وموت أخيه يعقوب، وتوجَّه الجيش إلى احتلال أم درمان الساعة ١١ ونصف في ٢ سبتمبر سنة ١٨٩٨.
وقد عرفت الواقعة بواقعة الخرطوم وأم درمان وكرري، وهي أكبر واقعة رآها السُّودان، وقد أفرج عن الأسرى الذين اعتقلهم التعايشي.
(٢٠) السردار في القاهرة
استقل السردار وأركان حربه البواخر النيلية من أم درمان في ٣ أكتوبر سنة ١٨٩٨ إلى الأتبرة، ومنها بالسكة الحديدية إلى حلفا، ومن حلفا على باخرة نيلية إلى أصوان، ومنها بالسكة الحديدية إلى القاهرة، فوصل إليها في ٦ أكتوبر سنة ١٨٩٨، أي بعد سفر ثلاثة أيام، وهي أقصر مدة عُرفت إذ ذاك.
(٢١) حادث فاشودة
احتلت قوة من الجنود الفرنسيين بقيادة مارشان فاشودة في ١٠ يولية سنة ١٨٩٨، وعقد معاهدة مع ملكها عبد الفضيل الذي قبل أن يكون تحت رحمة فرنسا وانتصر على الدراويش، وكان مع مرشان تسعة ضباط فرنسيين منهم الكابتن جرمان و١٢٠ جنديًّا من عبيد النيجر.
علم السردار وهو في أم درمان أن الفرنسيين أو على الأصح «جيشًا من البيض» احتلَّ فاشودة. وكان الخبر قد وصل إليه بطريق الإشاعة قبل ذلك.
وسار السردار حتَّى التقى بزورق عليه العلم الفرنسي ومع جنوده السود كتاب من مرشان بتهنئة السردار على انتصاره وإبلاغه أنَّ الحكمومة الفرنسية قد كلَّفت مرشان فاحتلَّ بحر الغزال إلى مشرع الرِّق واحتل فاشودة. واصل السردار سيره إلى أن وصل تجاه فاشودة حيث حضر مرشان والكابتن جرمان. وقال السردار إلى الميجر مرشان: إني مُكلَّف بأن أبلغك بأنَّ وجود الفرنسيين في فاشودة ووادي النِّيل يُعدُّ اعتداءً صريحًا على حقوق مصر، وأن فاشودة من أملاك الحضرة الفخيمة الخديوية ولا يجوز رفع العلم الفرنسي عليها. فقال مرشان: إنَّني جندي وليس لي إلَّا الطاعة، ولا أستطيع أن أفعل شيئًا حتَّى أتلقَّى أوامر جديدة من حكومتي.
(٢٢) قتل الخليفة عبد الله التعايشي
بعد واقعة أم درمان هرب الخليفة عبد الله التَّعايشي إلى أبي ركبة فوصلت إليها حملة بقيادة الكولونيل كتشنر، فهرب التَّعايشي من أبي ركبة جنوبًا واستقرَّ في جبل قدير. فجرَّد السردار حملةً بقيادته فيها ٨٠٠٠ آلاف جندي، فهرب التَّعايشي شمالًا.
وكان مع التَّعايشي ألوف من النساء والرجال قتل الكثير منهم معه في واقعة جديد يوم الجمعة ٢٤ نوفمبر سنة ١٨٩٩. وكان مع التَّعايشي الخليفة علي ود حلو وأحمد فضيل والسنوسي أحمد وهرون محمد من إخوة التَّعايشي والصديق بن المهدي.
وقد استقبل التَّعايشي وصحبه الموت بجنان ثابت وقد نزع وطسون بك جُبَّة التَّعايشي وسيفه من جثته. ثمَّ دُفن في حفرة في المكان الذي قتل فيه. وكانت الجُبَّة مُلطَّخة بالدم ومخرَّقة بالرصاص.
ولمَّا علم بعض أشياع التَّعايشي بموته سلموا.
وكان السردار قد وعد بجائزة عشرة آلاف جنيه لمن يُلقي القبض على التَّعايشي، وقد وزَّعها السردار على جنود الحملة.
(٢٣) قتل الخليفة شريف وولدي المهدي
بعد أن أفرج السردار عن الخليفة شريف والفاضل والبشري ولدي المهدي وسكنوا شكابة على بعد ٤٠ ميلًا من سنار عاد شريف لجمع الأنصار للحاق بالتعايشي فقُبِض عليه وعلى ولدي المهدي وقُتلوا بالرصاص تنفيذًا لحكمٍ عسكري.
(٢٤) أسر عثمان دقنه٥
اختبأ عثمان دقنه عند الشيخ محمد علي عمر أور شيخ الجميلاب الذي أفشى لحاكم سواكن مخبأه؛ فتمكَّنت الحكومة من القبض عليه في ١٨ يناير سنة ١٩٠٠، وأُسر ونُقل إلى القاهرة، وأُرسل إلى سجن رشيد مع أسرى الدراويش الذين نقلوا فيما بعد وأُفرج عنه وعنهم بعد سنوات.
ثم نقل إلى السُّودان والتمس السَّماح له بالحج فحجَّ ثمَّ مرض بالشيخوخة، ومات بعد الحرب الكبرى، وكان بطلًا مغوارًا.
(٢٥) احتلال كردفان
احتل الكولونيل ماهون ومعه فرقة من الهجانة كردفان سنة ١٨٩٩.
(٢٦) إنقاذ سلاطين٦
ظلَّ «سلاطين» مأسورًا وأسلم وسُمِّي عبد القادر وأودع إخوته القنصلية النمسوية ألف جنيه. وكان «سلاطين» مع المهدي سنة ١٨٨٤، وكتب سلاطين إلى غوردون لإنقاذه، ووقع الكتاب في يد المهدي فسجنه ٨ شهور، ولمَّا مات المهدي جعله التَّعايشي ملازمًا لبابه لا يبرحه من الفجر إلى ما بعد العشاء، إلَّا إذا ركب معه وأعطاه منزلًا ينام فيه بالقرب منه، وكان يفخر بأنَّ مدير دارفور أسير عنده، وقد توسَّط ونجت بك «باشا» لدى تاجر جعلي اسمه العجيل، ودفعت القنصلية له ٢٠٠ جنيه مقدمًا وتعهَّدت بدفع ٨٠٠ بعد إنقاذ سلاطين. وقد وصل العجيل إلى أم درمان، وخرج مع سلاطين من أم درمان في ٢٠ نوفمبر سنة ١٨٩٥، وأرسله مع مخصوصين على هجين قوية فعبر النِّيل بين أبي حمد وبربر إلى أسوان، ووصل إلى القاهرة في ١٩ مارس سنة ١٨٩٥.
وعلم التَّعايشي بهربه ونفى العجيل ورفيقه الصادق عثمان إلى الرجاف حيث قتلا.
وألَّف سلاطين سنة ١٨٩٦ كتاب «السيف والنار في السُّودان» بالألمانية، وترجمه «ونجت» إلى الإنكليزيَّة، وتُرجم إلى جميع اللغات. وقد شرح سلاطين حكم المهدي والتعايشي. وعين سلاطين مساعدًا لونجت مدير المخابرات، ورافق الجيش المصري في استعادة السُّودان، ثمَّ عيِّن مفتشًا عامًّا.
ظل سلاطين باشا بعد فكِّ أسره حتَّى وفاته حاقدًا طول عمره على المهديين وأبناء المهدي والخليفة. وقد أصدر — عندما كان مفتشًا عامًّا للسُّودان — منشورًا إلى إدارات الحكومة بأن لا يذكر في المكاتبات الرَّسمية «السيد عبد الرحمن المهدي» إلَّا تلقيبه «بالشيخ عبد الرحمن محمد أحمد».
(٢٧) الزبير رحمت باشا
هو الزبير بن رحمة بن منصور بن علي بن محمد بن سليمان بن ناعم بن سليمان بن بكر بن شاهين بن جميع بن جموع بن غانم العباسي ، من قبيلة الجميعاب. ولد في ١٧ محرم سنة ١٢٤٦ﻫ و٨ يولية سنة ١٨٣١. تعلم القرآن بمكتب الخرطوم وحفظ القرآن، وتفقَّه على مذهب مالك، واشتغل بالتجارة، ثمَّ سافر مع ابن عمه إلى بحر الغزال في خدمة أبي عموري التاجر الذي كانت له زريبة عند مشرع الرق، وأصبح وكيلًا له. وتزوج ابنة عمِّه ثمَّ تزوج ابنة سلطان النمانم «تكمة»، وعينته الحكومة المصريَّة مديرًا لبحر الغزال، ثمَّ وشي به فنقل إلى القاهرة ممنوعًا من السفر إلى السُّودان حتَّى استعادة السُّودان فسُمح له بالسفر ورُدَّت إليه أملاكه ومات.