(١) تطور الثدييات
تحقق عند المواليديين
١ أن شعب الثدييات قد انحدر من عشيرة من الزواحف تعرف علميًّا باسم الشَّغَويات،
٢ وسماها بعض المواليديين الجَوازئيات،
٣ وقد عثر على آثارها بكثرة في الطبقات الطِّرْياسية
٤ أو في أدنى طبقات العصر الثُّنَيَّاوي
٥ في أفريقيا الجنوبية وروسيا، وفي غيرهما من بقاع الأرض. وكان أفراد قسم من هذه
الزواحف الشَّغَوية من أكلة اللحوم، ولها أسنان مميزة من قواطع وأنياب وأسنان
خَدِّية (ضروس وطواحن) تنمو على الغرار الثديِّي، منغرزةً في وقوب
٦ منفصلةٍ على الضبة (الفك السفلي). وقد صرف بعض المواليديين على هذا القسم اسمًا
اصطلاحيًّا عَرَّبناه وهو الثَّرْدُونيَّات.
٧ وقد بلغ بعضها من الحجم مبلغ الذئاب والفهود. ولكن الرأي المألوف الآن أن الثدييات
قد انحدرت من حيوان كان في حجم الأُبسوم.
٨ ولا تقتصر المشابهة بين الثدييات وتلك الزواحف الثردونية
٩ على الأسنان، فإن في الجمجمة كثيرًا من أوجه الشبه المتبادل، وبخاصة في صغر العظم المَرْبُوع
١٠ الذي به يحصل التداور
١١ بين الضبة (الفك السفلي) والجمجمة ذاتها، في الزواحف. على أن العظم المربوع في
الحيوانات الثردونية كان قد أشرف على الزوال، ولا يبعد أن يعثر يومًا ما على زاحف من
تلك
الزواحف يكون فيه هذا العظم قد زال تمامًا. ولا شك في أن هذا الحيوان إذا عثر به يومًا،
فإنه
يصعب على الناظر فيه أن يحكم إن كان زاحفًا أو ثدييًّا. على أنه قد عُثر في جنوب أفريقيا
على
جمجمة اختلف في بحثها الطبيعيون، فمنهم من يقول إنها لحيوان من الزواحف، ومنهم من يقول
إنها
لحيوان ثديي.
أما عظم اللوح الكتفي
١٢ وعظام الحوض
١٣ في الشَّغويات فإنها تشابه مثيلتها في الثدييات البيوض،
١٤ أي المسلكيات، شبهًا كبيرًا، لا يترك للريب مجالًا في أن هذه قد انحدرت متطورة عن
تلك. ولكن مما يؤسف له أن الثدييات البيوض التي تعيش في زماننا قد انتابها تطور جعلها
إما فاقدة
الأسنان البتة، وإما أن لها أسنانًا تخصصت تخصصًا كبيرًا في صغارها. وبذلك يستحيل علينا
أن
نقول إن شيئًا من أعضاء قبيلة المسلكيات له أسنان تشابه
أسنان الثُّرْدونيات. فإذا لم نعثر على أعضاء من قبيلة المسلكيات لها هذه الصفة، رَجَح
إذن أن
تكون المسلَكيات قد انحدرت متطورة إلى هذا الزمن عن شغويات مستقلة عن تلك التي تطورت
عنها بقية
الثدييات.
إن هيكل الأطراف العظمي في الشغويات من طراز ثديي أثين.
١٥ والراجح أن تطور الثدييات عن الزواحف الثردونية قد وقع في جنوبي أفريقيا، حيث قد
ثبت علميًّا أن هذا الجزء من كرة الأرض قد ظل صعيدًا جافًّا منذ أقدم الأزمان الأرضية.
وإذا
تركنا المسلكيات جانبًا، ولم ندخلها في حساب تطور بقية الثدييات، رجح لدينا أن العشيرة
البيوض
من اللَّحِمات التي عاشت في العصر الثِّلثي.
١٦ وسميت اصطلاحًا القَرَميات
١٧ هي ذات آصرة قريبة جدًّا بأسلاف الثدييات الأولى.
إن الأسنان الخدِّية
١٨ (الضروس والطواحن) في كثير من القَرَميَّات تعلوها ثلاثة تيجان
١٩ تؤلف من حيث الوضع هيئة مثلث. وهذا الطِّراز من الضروس، ويسمى علميًّا الطراز الثلثيعقدي،
٢٠ والذي يوجد الآن في أبسط صوره في الثدييات الحديثة، وتختص به بعض عشائر الحشريات،
٢١ مثل الخَلَد المذهب
٢٢ الذي يقطن أفريقيا، كان شائعًا في أعضاء كثير من قبيلة الثدييات.
وسواء أصَحَّ أن اللواحم القَرَمية
٢٣ التي سبق ذكرها، هي من الأخلاف المباشرة المتأصلة عن الزواحف الثردونية،
٢٤ أم لم يصح، فإنها بلا أقل ريب من الصور الموغلة في القدم. وفي ترتيب أسنانها كثير
من الشبه بترتيب أسنان الجرابيات اللاحمة.
٢٥ غير أن هذا التشابه لا يتخذه المواليديون دلالة على علاقة قريبة بينهما.
ولكن من المعروف جيدًا أن اللواحم القَرَمية قد تطور عنها ثدييات بائدة شبهحُوتية
٢٦ تعرف علميًّا باسم الزَّكَويَّات.
٢٧ وإذا ثبت أن هذه الزَّكَويَّات ذات آصرة بالحيتان — وذلك راجح رجحانًا كبيرًا على
كل حال — فإن الحيتان تكون قد تنشَّأت عن اللواحم البدائية.
٢٨
ولم يقتصر أمر الثدييات التي انقلبت حيوانات مائية صرفة على الحيتان، فهنالك القبيلة
الثانية التي تعرف علميًّا باسم الخَيْلان
٢٩ والتي يمثلها أقوم تمثيل جنسا الزالخة
٣٠ والأطوم،
٣١ وغيرهما من الصور التي بادت، وقد ثبت أنها شديدة الآصرة بأسلاف عشيرة الفيلة وتسمى
علميًّا الخرطوميات،
٣٢ حتى لقد لاح لبعض المواليديين أن الخَيْلان والخرطوميات قبيلتان نشأتا عن أصل أول
بعينه، هما فرعان من دوحته.
أما الفيلة فقد دلت المستكشفات من طبقات العصر الثِّلْثي في منطقة الفيوم بمصر العليا،
على
أنها قد انحدرت متطوِّرة عن أصول لا تختلف عن طراز الأناعيم
٣٣ الأولى غير قليل.
وفي الحقيقة أننا كلما أمعنَّا في الارتداد رُجُعًا إلى الأزمان الجيولوجية القديمة،
بان
لنا أن الصور الأولى التي تأصلت منها الثدييات تتقارب متشابهة تشابهًا قد يقل وقد يزيد،
حتى إنه
ليصعب علينا أن نشك في أنها جميعًا قد تأصلت من طراز أوَّليِّ واحد ولو أنه يستعصي علينا
في
العصر الحاضر أن نُعيِّن علاقات بعضها ببعض على وجه مُرْضٍ من الضبط والدِّقة.
وبالرغم من أن الحشريات قد ينزلها بعض المواليديين منزلة رفيعة بين الثدييات، فمن
الجلي
الواضح — كما يقول ليدكر — أنها ثدييات من طبقة دَنِيَّة، ولا يبعد أن تكون ذات علاقة
بالجرابيات.
٣٤
(٢) بحث الثدييات لغةً وتصنيفًا
اختلف الكُتَّاب زمنًا، ولا يزالون مختلفين، في وضع المقابل العربي للمصطلحات التي
تشير إلى
طبقات الأحياء في علم التصنيف،
٣٥ ويقصد به تبويب طبقات مملكتي: الحيوان والنبات تبويبًا تطابقيًّا، بحيث يظهر من ذلك
التبويب سلسلة تطورها ومتوالية نشوئها، على قدر ما يؤهل بالباحثين علم الأحياء الوصفي،
وأقصد به
ما جرينا على تسميته بعلم التاريخ الطبيعي حينًا، وعلم المواليد حينًا آخر، والمصطلحات
الثلاثة
طيبة ولا مأخذ عليها، فلا حرج من استعمالها مترادفة.
ومن أجل أن نتكلم في الثدييات،
٣٦ التي هي الشعب الأعلى من الفقاريات،
٣٧ ينبغي لنا أن نذكر هنا ما انتهى إليه مجمع اللغة العربية في مصطلحات التصنيف،
وبالحري المصطلحات المعينة لمختلف الطبقات، وإليك هي:
(١) العالَم |
Kingdom
|
(٢) العُوَيلم |
Sub-kingdom
|
(٣) الأمَّة |
Phylum
|
(٤) الأمَيْمة |
Sub-phylum
|
(٥) الشعْب |
Class
|
(٦) الشُّعَيْب |
Sub-class
|
(٧) القَبيلة |
Order
|
(٨) القُبَيِّلة |
Sub-order
|
(٩) العمارة |
Tribe
|
(١٠) العُمَيِّرة |
Sub-tribe
|
(١١) العَشيرة |
Group
|
(١٢) العُشَيِّرة |
Sub-group
|
(١٣) الفَصيلة |
Family
|
(١٤) الفَصَيِّلَة |
Sub-family
|
(١٥) الجنْس |
Genus
|
(١٦) الجنَيْس |
Sub-genus
|
(١٧) النوع |
Species
|
(١٨) النُّوَيْع |
Sub-species
|
(١٩) الضَّرْب |
Variety
|
(٢٠) الضُّرَيْب |
Sub-variety
|
وهنالك مصطلحات أخرى لا تدخل في باب التصنيف، وإنما تدخل في بحوث الوراثة، كالنسل
والسلالة
والعترة، ليس هذا موضع ذكرها.
•••
والثدييات في طبقات التصنيف شعب Class. أما الكلمة
المستعملة Mammals فترجمتها ذوات الثدي، والكلمة الاصطلاحية
Mammalia: الثدييات، وهو اصطلاح يسهل استعماله لغويًّا. ذلك
بأن الثدييات لفظة تؤدي أغراض اللغة كاملة، ونقصد أغراض الاستعمال اللغوي من إفراد وتثنية
وجمع
ونسبةٍ إلى غير ذلك، فنقول: ثدييٌّ وثدييان وثدييات، ونتفادى بذلك ما يقتضيه إثبات اللفظ
«ذوات»
من الصعوبات، إذ سمَّاها بعضهم «ذوات الثدي».
وقد اختلف كثير من الكُتَّاب على تسمية الطَّبقة المعينَة للثدييات في تصنيف الفقاريَّات،
فسمَّاها بعضهم «طائفة» وقال آخرون «قسم» وغيرهم «مرتبة»، والأصلح أن نجري على ما أقره
مجمع
اللغة، فلفظة «شعب» هي عندي أصلح هذه الألفاظ. بل لقد تطرف
أحدهم في تعريف معجمي فعرَّب المصطلح وقال «المَاماليا»، وهذا إفراط لا موجب له.
•••
الثدييات أحد شعوب ستة تنقسم إليها المميلكة العليا من الحيوان وهي:
(١) الثدييات |
Mammalia
|
(٢) الطيور |
Aves
|
(٣) الزواحف |
Reptilia
|
(٤) البرمائيات |
Amphibia
|
(٥) الأسماك |
Pisces
|
(٦) الفقاريات الدنيا |
Lower Vertebrates
|
هذا عند الذين يعتبرون الفقاريات مميلكة من مملكة الحيوان.
٣٨ والذين هم على هذا أكثرية، وعلى مذهبهم يتعين أن تكون الثدييات شعبًا:
Class، وهناك طائفة أخرى، وهم أقلية، يعتبرون الفقاريات مملكة
Kingdom، وبذلك يتعين أن تسمى كلٌّ من طبقاتها «أمة»:
Phylum. وكلا الاعتبارين يمكن الحصول على ما يؤيده علميًّا في
التصنيف. على أن الأكثرية هم الذين يعتبرون الفقاريات ممليكة، ورأيهم أثبت.
•••
أما تفضيل ترجمة اصطلاح Mammalia بالثدييات فأرجح وجوهه أنه
ترجمة على الحقيقة، تدل على الصفة التي أخذ منها المصطلح الأعجمي. على العكس مما لو سميناها
«الحيوانات اللبون» أو «اللَّبونة» كما قال بعضهم خطأً، فإن ذلك يكون وضعًا على المجاز،
لا
ترجمة تطابق المعنى الأصلي، أي على الحقيقة.
ومحصَّل ما مضينا فيه من بحث هو أن «الثدييات شعب من مملكة الحيوان (أو مميلكة الفقاريات)
يمتاز أفراده بأن لها ثُدِيًّا تفرز اللبن لتغذية الولائد».
وقد دخل هذا الاصطلاح في الاستعمال العلمي في اللغات الأوروبية في أواسط القرن الثامن
عشر،
فذكرته الموسوعة البريطانية سنة ١٧٧٣ (ج٣، ص٣٦٢)، ثم جرى على استعماله العلماء.
ومما يؤيد ما أذهب إليه في ترجمة هذا الاصطلاح ما جاء في كتاب كمبردج للتاريخ الطبيعي
(ص١،
ج١٠) ففيه ما يلي:
اشتق اسم الثدييات من أظهر صفة فيها، وهي أنَّ لها أثداء وحَلَمات. أما إذا أريد
استعمال الاصطلاح بمعنى حرفي، بحيث لا يحمل من الدلالة أكثر مما يجيز اشتقاقه، فإنه لا
يشمل المسلكيات،
٣٩ ذلك بأن هذه القبيلة إن كان لها غددٌ ثديية، فإن حلماتها لم تبلغ من
التَّعَضِّي والظهور حَدًّا كبيرًا. غير أن في المسلكيات من جهة أخرى صفات تلزمنا اعتبارها
من الثدييات.
•••
أما تصنيف الثدييات فقد اهتديت إلى آخر ما يستنتج من بحوث المواليديين فيه بحسب اعتبار
ثقاتهم، فالتصنيف التالي من وضع الأستاذ ليدكر Lydekker وهو كما
يرى تصنيف يبدأ بالطبقة العليا وينتهي بالطبقة الدنيا:
شعب الثدييات Class:
Mammalia
الشُّعَيْب الأول
Sub-class |
الثدييات الولود (أو) الولودات Viviparous
Mammals (Eutheria or Vivipara) |
القسم أ (Section A):
المشيميات (Placentals (or) Placentalia) |
القبيلة ١: الرئيسات |
Order 1: Pilmates (Primata)
|
القبيلة ٢: الخُفَّاشيَّات |
Order 2: Chiroptera
|
القبيلة ٣: الحَشَريَّات |
Order 3: Insectivora
|
القبيلة ٤: الَّلواحم |
Order 4: Carnivora
|
القبيلة ٥: القَواضم |
Order 5: Rodentia
|
القبيلة ٦: الأناعيم |
Order 6: Ungulata
|
القبيلة ٧: الخَيْلان |
Order 7: Sirenia
|
القبيلة ٨: الحيتان |
Order 8: Cetaca
|
القبيلة ٩: الدَّرْدَاوَات |
Order 9: Edentata
|
القسم ب (Section B):
اللَّامشِمِيَّات: (Implacentals
(or) Implacentalia) |
القبيلة ١٠: الجِرابِيَّات |
Order 10: Marsupialia
|
الشُّعَيْب الثاني Sub-class
II |
الثدييات البيوض (أو) البيوضات Egg-laying Mammals (Hypotheria Or Ovipara) |
القبيلة ١١: الشَّوابك أو المسلكيات |
Order 11: Monotremata
|
أما التصنيف الثاني فمن كتاب كمبردج للتاريخ الطبيعي من الجزء الخاص بالثدييات من
تأليف
الأستاذ بِدَرْد F. E. Beddard، وهو كما يُرى تصنيف يبدأ بأسفل
الطبقات وينتهي بأعلاها.
شعب الثدييات Class:
Mammalia
(١) شُعَيْب الفَوارط Sub-class 1:
Prototheria |
القَبيلة ١: الشوابك أو المسلكيات أو اللوذَريات |
order 1: Monotremata (or) Allotheria
|
(٢) شُعَيْب الوَسِيمات Sub-class II:
Eutheria |
القبيلة ٢: الجرابيات |
Order 2: Marsupialia
|
القبيلة ٣: الدرداوات |
Order 3: Edentata
|
القبيلة ٤: الشَّنِيبَات |
Order 4: Ganodonta (Ext.)
|
القبيلة ٥: الأناعيم |
Order 5: Ungulata
|
القبيلة ٦: الخَيْلان |
Order 6: Sirenla
|
القبيلة ٧: الحيتان |
Order 7: Cetacea
|
القبيلة ٨: اللواحم |
Order 8: Carnivora
|
القبيلة ٩: القَرميَّات |
Order 9: Creodonta (Ext.)
|
القبيلة ١٠: القواضِم |
Order 10: Rodentia
|
القبيلة ١١: النَّهاسِيَّات |
Order 11: Tillodontia (Ext.)
|
القبيلة ١٢: الحشريات |
Order 12: Insectivora
|
القبيلة ١٣: الخُفَّاشيَّات |
Order 13: Chiroptera
|
القبيلة ١٤: الرئيسات |
Order 14: Primates (primata)
|
والذي يتضح من الموازنة بين التصنيفين أن الأستاذ «بِدَرْد» يزيد على تصنيف الأستاذ
«ليدكر»
ثلاث قبائل جميعها بائد، هي المعرفة بالأرقَام ٤ و٩ و١١ ext.،
وغرضه من هذا أن يبين عن طريقة التسلسل في الطبقات وتطور وجودها. وفيما عدا ذلك فالخلاف
بينهما
بسيط وينحصر في أن الأستاذ «بدرد» لم يقسم شعيب الولودات إلى مشيميات ولا مشيميات، كما
فعل
الأستاذ «ليدكر» فأهمل ذلك تاركًا بيانه لشرح الطبقات.
(٣) بحث لغوي في قبائل الثدييات وأقسامها
(٣-١) الشَّوابك – المَسْلَكِيات (أو) اللوْذَريَّات
Monotremata (or) Allotheria٤٠
المصطلحان مترادفان في الاستعمال العلمي، فالبعض يطلق على هذه الحيوانات اسم «المسلكيات»،
والبعض الآخر يطلق عليها اسم «اللوْذَريَّات». وهذه القبِيلة هي أحط صور الثدييات، فإنها
تبيض
كالزواحف ولها مسلك واحد للإبراز والتناسل، ولذا سماها البعض «ذات المسلك».
أما لغويًّا فالمسلكيات Monotremata مركب من لفظين
يونانيين، أولهما: μόνος ومعناه مُفْرَد أو واحد،
والثاني τϱῆμα أي خرق أو ثقب أو منفذ،
والاصطلاح مولَّد في اللاتينيَّة.
وفي معجم المعلوف ص١٦٢:
Monotremata وحيدة المسلك، أدنى مراتب طائفة
اللَّبونة، منها خَلَد الماء وقنفذ الرمل. وقد سماها بعضهم ذوات النَّقر، وغيرهم وحيدة
المسلك وذوات السُّرْم، وسماها الأب أنستاس وحيدة المسلك وهو أصلح هذه الأسماء (لغة
العرب: ٦: ١٣). ا.ﻫ.
وفي معجم شرف (ص٥٠٨):
ذو مخرج واحد للبول والغائط والمني، وحيد المخرج، له مسلك واحد للنسل والتَّفْل،
حيوانات لها مخرج واحد للبول والبراز والمني: وحيدة المسلك من ذوات الثدي، لها مسلك واحد
للنسل والتفل. ا.ﻫ.
وهذا التعريف مضطرب كل الاضطراب.
وكنت أريد أن أجري على تسميتها «ذات المخرج» أو «ذات المسلك». غير أني عثرت على مادة
أخرى
يمكن أن يؤخذ منها اسم مناسب لصفات هذه القبيلة.
أما اعتراضي على الأسماء السابقة فينحصر في أن المسلك طريق وكذلك المخرج.
ولكن المقصود العلمي يشير إلى أن طريق الإبراز والمنيِّ في هذه الحيوانات طريق ملتبس
شابك
من الداخل، ولكن له منفذًا واحدًا إلى الخارج. وفي مادة شَبَكه ما يكفينا هذا المعنى:
جاء في
القاموس (٣٠٨: ٣):
شَبَك: شَبَكه يَشْبِكُه فاشْتَبك، وشَبَّكه تَشْبيكًا فتَشَبَّك: أنشَب بعضه في بعضه
فنشب، وتشبكت الأمور، واشتبكت وتشابكت: اختلطت والتبست، وطريق شابك: متداخل ملتبس.
ا.ﻫ.
فإذا قلنا «الشوابك» أدَّى الاصطلاح ما يُقْصَد علميًّا من تشابك أجهزة الإبراز والمنيِّ
في هذه القبيلة والتباسها، ويكون المقصود بها الدلالة على نشوب هذه الأخيرة بعضها في
بعض.
أما إذا أردنا أن نشير إلى أنها ذات مسلك واحد، فإني أفضل أن ندعوها المسلكيات.
والشوابك أدنى قبائل الثدييات. وهي بيوض، تبيض ثم ينقف بيضها عن صغار. ومعنى أنها
مسلكية
أي ذات مسلك واحد، أن لها مخرجًا واحدًا، تنتهي إليه أجهزة التناسل والبول والهضم. وهي
تنظر
إلى شُعَيب سماه بعض المواليديين الطَّرْحَمِيَّات،
٤١ وكذلك إلى ما سُمِّي الفوارط
٤٢ أو اللَّاحلَمِيَّات.
٤٣
ولهذه الحيوانات غدد ثديية، ولكن لا حلمات لها. ولها مخرج عام.
٤٤ تصب فيه القنوات المنويَّة والقنوات البُيَيْضيَّة ومجاري البول، وكذلك يلفظ منه
الغائط، كما هي الحال في الطيور تمامًا. أما الإناث فتبيض ما يشبه بيض الزواحف. والخُصَى
كالمبيض، تختزن في الجوف. ولها نَحْرٌ،
٤٥ وهو أعلى القصِّ،
٤٦ تائي الشكل (أي على صورة حرف
T)، أما النتوء الغُرَابي
٤٧ فيتصل بالقَصِّ، كما في الطيور، ولا أسنان لها. وهذا ما حدا ببعض المواليديين أن
يسموها الطَّرْحَمِيَّات.
٤٨
(٣-٢) اللَّامَشمِيَّات Implacentalia، والاصطلاح
الأعجمي من اللاتينية
وقد استعمل في تصنيف الحيوان ليدل على عشيرة
٤٩ من الثدييات تشمل الجرابيَّات
٥٠ والشوابك،
٥١ وتنقسم في عرف المصنفين شُعَيْبَيْن:
٥٢ ذوات الرحِميْن،
٥٣ ونَحْتًا الذَّرْحَمِيَّات والطَّرْحَميَّات،
٥٤ وهما يناظران شُعَيْبًا آخر من ذوات المشايم يسمى المشيميَّات
٥٥ أو الرحميات (ذوات الرحم).
٥٦
وبالرغم من أن الجرابيات والشوابك يشتركان معًا في بعض التراكيب كفقدان المشيمة مثلًا،
فإنهما يزايلان بعضهما البعض في كثير من التراكيب ذوات الشأن، حتى إن ما بينهما من التباين
لا
يقل عن مقدار ما بينهما وبين بقية الثدييات.
ومن هنا لا يكون لهذا الاصطلاح قيمة خاصة في التصنيف العلمي، على ما يقول بعض
المواليديين. بل تنحصر قيمة الاصطلاح في الدلالة على ذلك الشطر من الثدييات فاقد المشيمة
في
مجموعه.
ويقصد بالاصطلاح علميًّا، الحيوانات التي لا تتكون مع أجنتها مشيمة في داخل الرحم.
Also: Implacentata, Aplacentalia,
Aplancetaria.
(٣-٣) الدُّوينيات Hypotheria
المصطلح الأعجمي من لفظين يونانيين: الأول ύπο أي «تحت من» أو «دون»، والثاني ϑηϱίον أي
وحش أو بهيمة. والمصطلح العربي تصغير لفظ «دون» وهي معنى الهجاء الأول من المصطلح الأعجمي،
نُسِبَ إليه وجُمعَ جمع مؤنث سالمًا.
وقد استعمله الأستاذ «توماس هكسلي» ليشير به إلى الثدييات البيوض، أي التي تبيض وينقف
بيضها عن صغارها. وتأويل المصطلح كما استعمله «هكسلي»: الحيوانات التي هي دُوَيْن بقية
الثدييات وإن كانت ثديية.
وتشمل قبيلة واحدة من قبائل الثدييات يعتبرها علماء الحيوان صلة بين الثدييات والزواحف
من
جهة، وبينها وبين الطيور من جهة أخرى، لأنها تجمع بين صفات شائعة في هذه الطبقات جميعًا.
وقد استعمل هذا الاصطلاح أعلام من الحيوانيين متوسعين في دلالته، فأطلقوه على أسلاف
الثدييات المفروضة التي يُظن أنها انحدرت منها، وكانت تجمع بين صفات الزواحف والثدييات،
وتمت
بنسب قريب إلى الشَّغَوِيَّات.
٥٧
(٣-٤) البيوضات Ovipara
المصطلح الأعجمي من اللاتينية ومركب من لفظين: ovum أي
بيضة، وparere أي يلد، وتأويله «ما يلد بيضًا».
وهو ينظر إلى اصطلاح الدُّوَيْنيات،
٥٨ ويقصد به جميع الحيوانات التي تضع بيضًا ينقف في خارج الجسم عن ولائدها، ويدل على
خلاف ما يدل عليه اصطلاح الولودات.
ومدلول الاصطلاح بأوسع معانيه يشمل كل الطيور والثدييات الدنيا، وأكثر الحيوانات
المعروفة، على أن من الزواحف والأسماك وبعض اللافقاريات
٥٩ ما يخرج بصفاته التناسلية عن مدلول هذا الاصطلاح. ولعل هذا هو السبب في أن يفضل
الأستاذ «هكسلي» عليه اصطلاح الدوينيات.
وليس لهذا الاصطلاح قيمة تصنيفية، أي قيمة في تسمية الطبقات في علم الحيوان. غير أن
بعض
المواليديين يستعملونه للدلالة على البيوضات من الثدييات، وهي ثدييات يعتبرها النشوئيون
حلقة
وصل تظهر الصلة بين الزواحف والطيور والثدييات.
(٣-٥) الفوارِط Prototheria
الاصطلاح الأعجمي من لفظين يونانيين: الأول: πϱὤτος أي أول، والثاني
ϑήϱ أي وحش أو
بهيمة، وتأويله الحيوان الأول الذي فرط وذهب وبعد زمانه. فأخذنا الاسم العربي من فرط
فهو فارط
وهي فوارط.
-
(١)
وضعه العالم «جِل» سنة ١٨٧٢ ليدل به على عشيرة من عشائر الثدييات، تتألف من الشوابك
٦٠ دون غيرها، ليميز هذه العشيرة عن الولودات،
٦١ وهذا الاصطلاح يدل على نفس ما يقصد من اصطلاح الطَّرْحمِيَّات.
٦٢
-
(٢)
للاصطلاح معنى آخر، فقد يطلق ليدل على الثدييات البدائيَّة المجهولة التي يُفْرض
أنها أسلاف الشوابك. وفي هذا المعنى يؤدي نفس ما يقصد من اصطلاح الدوابر.
٦٣
Quot. It will be convenient to have a distinct name, Prototheria,
for the group which includes the at present hypothetical embodiments of that lowest
stage of mammalian type of which the existing monotremes are the only
representatives.
Huxley: proc. Zool. Soc. 1880, p. 653
(٣-٦) الوَسيمات Eutheria
المصطلح الأعجمي من لفظين يونانيين: الأول: εΰ وفي اللاتينية eu ومعناه
حسن أو جميل، والثاني: ϑηϱίον وبالرسم اللاتيني:
therion، ومعناه وحش أو بهيمة وتأويله الحيوانات الوسيمة أو
السوية.
وأول من وضع الاصطلاح الأستاذ «جِل» سنة ١٨٧٢ للدلالة على إحدى العشائر العليا من
الثدييات وتشمل «ذوات الرحم»
٦٤ و«ذوات الرحمين»،
٦٥ ليشير إلى عشيرة غير الفوارط،
٦٦ أي مغايرة لها، ثم خصصه «هكسلي» فيما بعد،
ليدل على ذوات الرحم خاصة، وأطلق على «ذوات الرحمين» اصطلاح الوسيطات،
٦٧ وبذلك تشمل دلالة اصطلاح «الوسيمات» مدلول الاصطلاحين.
والمقصود العلمي من الاصطلاح الدلالة على شُعَيب من الثدييات من شأن أفراده أن تحمل
أجنتها في أرحامها حتى يكمل خلقها، مغتذية بالدم الذي تستخلصه المشيمة من الأم.
(٣-٧) اللَّوْذَريات Allotheria
المصطلح الأجنبي مولد في اللاتينية، وأصله من لفظين يونانيين. الأول:
ἄλλος ومعناه «آخر»،
والثاني:
ϑηϱίον أي وحش أو بهيمة،
وتأويله الوحوش أو البهائم الأخرى. وليس له معنى محدود، فعربناه «لَوْذَر» والنسبة «لوذري»،
وإنما يدرك تأويل الاصطلاح إذا عرفنا أنَّه وضع ليدلَّ على طبقة
٦٨ بائدة من الثدييات تناظر طبقة أخرى سميت باسم الفَنْذَريات،
٦٩ وتأويله سائر الوحوش، فيكون المدرك من هذا الاصطلاح «الوحوش الأخرى غير هذه» أي
غير الفنذريات، وواضع المصطلحين الأستاذ «مارش» سنة ١٨٨٠، واستعمال الأستاذ «بدرد» لهذا
الاصطلاح ليدل على «الشوابك» إما أن يعتبر تجوزًا، وإما أن يلحظ فيه الجمع بين الشوابك
العائشة وأسلافها البائدة في اسم واحد يجمعها كلها.
يقول «بدرد» في كتاب كمبردج للتاريخ الطبيعي ص٩٦-٩٧ ج١: «ألحق بعض صور الثدييات البدائية
٧٠ (ويقصد بها اللوذريات) بالجرابيات،
٧١ في حين أن مشابهتها للشوابك كان قد كشف عنها. والرأي السائد الآن أن هذه الثدييات
تؤلف قبيلة يُرجَّح أنها تضمنت أسلاف الجرابيات والشوابك.
٧٢ والبقايا التي عثر بها، ومنها استدل على هذه القبيلة، قليلة، وهي عبارة عن بضعة
أسنان وفكوك سفلى.»
وقد وضع المواليدي «كوب» اسمًا آخر للإشارة إلى هذه القبيلة فأطلق عليها اسم «العُقَديات».
٧٣ غير أن ثقات المواليديين يفضلون المصطلح الأول:
Allotheria، وفي هذا يقول الأستاذ «بدرد»: «إن اصطلاح
العقديات أقل صلاحية من اللوذريات، لأن بعض الشوابك العائشة أسنانها عقدية.»
(٣-٨) الجرابيات Marsupialia
المصطلح الأعجمي من اللاتينية marsupium ومعناه كيس أو
جراب، وأصله من اليونانية:
µαϱσίπιον,also written
µαϱσίππιον,
µαϱσύπιον,
µαϱσύπειον dim. of
µαϱσίπς,
µαϱσίππος,
µάϱσυπος =
a pouch, bag.
وعن معجم الحيوان للمعلوف (ص١٥٨):
ذات الجرَاب أو الكيس، وهي أدنى رتب الحيوانات اللبونة. ا.ﻫ.
وعن معجم شرف (ص٤٧٤):
Marsupial: (١) مكيس – كيسي (٢) حيوان ثديي ذو كيس أو
جيب من رتبة المرسوبياليا، marsupiate: كيسي – ذو جيب في
أسفل بدنه يحمل فيه صغاره. ا.ﻫ.
وسميتها الجرابيات: جاء في القاموس (٤٥: ١) والجراب ولا يفتح، أو لُغَيَّة فيما حكاه
عياض، المِزْوَدُ أو الوعاء (ج) جراب وأجربة وجرب، ووعاء الخصْيَتين. ا.ﻫ.
أما الكيس فلا يكون إلا للدراهم. انظر القاموس (٢٤٨: ٢) وإذن فالوعاء الذي تربي فيه
هذه
الحيوانات صغارها إنما هو جراب، وليس كيسًا.
وفضلت وقتًا ما أن أسميها الجُلُبَّانِيَّات، ففي القاموس (٤٨: ١) الجُلُبَّان: الجراب
من
الأدَم. ولكن الأول أخف جَرْسًا.
والجرابيات قبيلة
٧٤ من الثدييات، يشملها شُعَيبٌ
٧٥ سمى الذَّرْحميَّات
٧٦ (ذوات الرحمين) ويشير إلى الثدييات اللامشيمية
٧٧ التي يكون لها جراب تربى فيه الصغار عند أول عهدها بالحياة. وليس لها مشيمة
٧٨ تنمو وتسقط مع الجنين. ومدة الحمل قصيرة جهد القصر، فتولد الأجنة صغيرة الحجم
جدًّا، ناقصة التكوين، فاقدة الحيلة، فتنقل بمجرد وضعها إلى الجراب عند بطن الأم، حيث
تكون
الغُدَد المفرزة للبن، فتلصق أفواهها بها لصقًا شديدًا، وتظل كذلك حتى يكمل نماؤها بالرضاعة.
فإذا بلغت الأجنة من النماء مبلغًا ما، أمكنها في تلك الحال أن تترك الغدد من أفواهها،
وهي ما
تسمى تجوزًا «الحلمات»، ثم تعود إلى الإمساك بها وامتصاصها، وكثيرًا ما تعود الصغار إلى
الجراب بعد أن تكون قد تركته ودرجت على الأرض، أو تتشبث بأجزاء من أجسام أمهاتها لتحملها
معها
حيث تذهب، حتى تبلغ أشدها.
(٣-٩) الدَّرْدَاوات Edentata
المصطلح من اللاتينية edentatus أي فاقد الأسنان.
وفي معجم الحيوان للمعلوف (ص٩٥):
Edentata: رتبة الدُّرْد، واحدها أدْرَر ودَرْداء،
رتبة من الحيوانات اللبونة لا أسنان لها، أو أن أسنانها قليلة. منها الكسلان وآكل النمل.
وقد سماها الدكتور زلزل بالثُّرْم، واحدها أثرم وثرماء، وربما كانت أصلح؛ لأن بعض هذه
الحيوانات ليست فاقدة الأسنان تمامًا. ا.ﻫ.
وعن معجم شرف (ص٢٨٣):
Edentate: عديم الأسنان، أدْرَد، دُرَيْد، أثرم،
أهثم. ا.ﻫ.
ولا تعريف للقبيلة في هذا المعجم.
والدرداواتُ قَبِيلَة من الثدييات سماها كوفييه العالم الفرنسي. والاصطلاح الأعجمي
غير
تام الدلالة على المقصود منه. ذلك بأن قليلًا من الحيوانات التي تشملها هذه القبِيلَة
فاقدة
الأسنان فعلًا. ولكن المصطلح العربي أقرب إلى المقصود، بل يؤدي المقصود تمامًا. فالدَّرَد:
(١) ذهاب الأسنان. (٢) وناقة درداء لحقت أسنانها بدردرها. ا.ﻫ. (قاموس ٢٩٢: ١) ففيه
المعنيان.
ولهذا السبب يفضل بعض المواليديين استعمال اصطلاح آخر وضعه لينايوس إذ سماها
Bruta ووضعت له في العربية «البهيمات»، غير أن الاصطلاح
الأول قد شاع استعماله، فضلًا عن أن فيه ما يعبر عن صفة بينة من صفات هذه القبيلة، فإن
القواطع مفقودة من كل صورها، ولبقية الأسنان صفات خاصة، منها أنها غير ممينة، وتنبت في
شحمات
لثوية ثابتة.
والدرداوات من الثدييات المشيمية، ومعيَّنة بأنها من طبقة الفَدْمِيات.
٧٩ ويتكون دماغها من فصٍّ واحد صغير. غير أنها مع ذلك كثيرة الصور مختلفة التراكيب
والمظاهر، متباينة في طرق معيشتها. ودرداوات الدنيا القديمة، تباين درداوات الدنيا الجديدة
مباينة عظمى.
(٣-١٠) الشَّنيبات Ganodonta
المصطلح الأعجمي مولد في اللاتينية، وأصله من لفظين يونانيين، الأول: γάνος أي: بريق، لمعان، صفاء، ضياء، لَصف. والثاني:
(ὀδοντ-) ὀδούς. أي: سن.
أما المصطلح العربي فمن مادة شنب شنبًا، فهو شانب وشنيب، وفي المخصص (١٤٨: ١) وسألت
رؤبة
عن الشَّنَب، فأخذ حبة رمان وأومى إلى بصيصها: رجل أشْنَب وامرأة شَنْباء وفم أشْنَب.
والشنَب
ماء ورقَّة في الأسنان.
والشنيبات عَشِيرة
٨٠ من الثدييات المُخَلَّبة،
٨١ عاشت في العصر الفَجْري،
٨٢ وعثر على بقاياها المستحجرة في أمريكا الشمالية. وقد قسمها المواليديون
فَصِيلتَين تجمعان كثيرًا من الصفات الخاصة. ومن أخص هذه
الصفات في الفَصِيلَة الأولى أن أسنانها ذات تيجان عالية ولا جذور لها، ولها موشورات
عمودية
محدَّبة، ومكسُوَّة بطبقة من المينا البراق. ومن صفاتها أن الوجه قصير، والأفكاك غائرة،
والدماغ صغير الحجم، والأطراف قصيرة قوية، والحوض عميق، والذنب كبير الحجم، والأرجل الأمامية
مجهزة بمخالب منضغطة، أعِدت للحفر. أما الفَصِيلَة الثانية ففي أدمغها وهياكلها العظمية
كثير
من الشبه بالحَشَرِيَّات.
٨٣
والعلاقات الطبيعية، كأواصر النسب والتسلسل في هذه العشيرة، غير معروفة. غير أن العالمين:
«أوزبورن» و«ماتيو» يقولان: إنها شعبة من الدرداوات الأولى، مضت في طريق من التطور جعلها
ما
هي.
والشنيب للواحد من العشيرة.
(٣-١١) الأناعيم Ungulata
الاصطلاح الأعجمي لاتيني Ungulatus، ومعناه ذو أظافر أو
أظلاف، وهو من اللفظة unguis ولها
معانٍ كثيرة، فقد تدل على ظُفر أصبع الإنسان في اليد أو القدم، أو مخلب أو حافِر.
ويطلق اصطلاح Ungulata للدلالة على ذوات الخف والظلف
والحافر. وجرى الكُتَّاب زمنًا على تسميتها ذوات الأظلاف، واستعملتها مرة «الظَّلْفيَّات»،
وأنا أشعر بكثير من المضض. فإننا إذا قلنا «الظلفيات» أخرجنا من مدلول الاصطلاح ذوات
الخف
وذوات الحافر، فكأننا إذا استعملنا كلمة واحدة من هذه الكلمات واقتصرنا عليها، أخرجنا
المدلولين الآخرين، مما وُضع هذا الاصطلاح أصلًا للدلالة عليه في التصنيف الحيواني. وخُيِّل
إليَّ أن معاجمنا الحديثة قد وصلت إلى شيء جديد في هذه المادة، فرجعت إليها، وإليك ما
جاء
فيها:
عن معجم الحيوان للمعلوف (ص٢٥٤):
Hoofed Animals: Ungulata ذوات الحافر والظلف والخف،
حيوانات لبونة
٨٤ تشمل الخيل والبقر والإبل. ا.ﻫ.
وهذا أشبه بالتعريف منه بالاصطلاح العلمي.
وعن معجم شرف (ص٩٢٢):
ذوات الحافر، ذوات الظلف، رتبة من الحيوانات الثديية. ا.ﻫ.
ونسي الأستاذ شرف في تعريفه ذوات الخف. وما يصدق على عبارة المعلوف، يصدق على
عبارة شرف.
فلم أقتنع بما جاء في المعجمين؛ لأن الاصطلاح العلمي ينبغي أن يكون من كلمة واحدة ليسهل
استعماله وتحضر في الذهن دلالته. وخطر لي اصطلاح عربي صميم يؤدي المعنى الاصطلاحي. فقد
ذكرت
قوله تعالى: وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ
وَمَنَافِعُ ومن الأنعام ما له خف ومنها ما له ظلف ومنها ما له حافر. وقوله: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَام … فكأن بهيمة الأنعام هنا،
تخصيص وتمييز عن بهيمة السِّبَاع.
وعثرت في جميع المعاجم العربية على ما يؤيد ما ذهبت إليه من أن المقصود باصطلاح
Ungulata في العربية هي الأنعامُ جمع نَعَم — محركة بفتحتين
— وجمع الجمع: الأناعيمُ، يراد به: التكثيرُ، ففضلت استعمال جمع الجمع، ليدل على الكثرة
وتباين الضروب، ولأنَّ من الأناعيم ما ليس بأليف من جهة، ولأنه جمع مهجور الاستعمال من
جهة
أخرى، ونترك الأنعام للاستعمال الأدبي (انظر شرح القاموس: ٧٧: ٩).
وعلى هذا نطلق اصطلاح «الأناعيم» ليؤدي المقصود من:
Ungulata وبخاصة أن تحرير النووي يدل على أن النَّعم اسم
جنس، وتحرير الجوهري يدل على أن «الأناعيم» يراد به التكثير أو الضروب المختلفة، وأن
النعم
واحد الأنعام، وهي المال الراعية. ولا تخرج الرواعي عن أنواع وأجناس من ذوات الظلف والخف
والحافر. فإذا توسعنا أطلقناها على فَصَائل هذه القَبِيلة الكبيرة.
والمصطلح الأعجمي من وضع العلامة لينايوس، استعمله في تصنيفه ليشير به إلى شُعَيب
٨٥ أو قبيلة عليا
٨٦ من الثدييات تشمل ذوات الخف والظلف والحافر.
Quot. The Ungulaia were thus nearly equivalent to the orders
pachydermata, Solidungula and Ruminantia, and correspond to the modern orders
artiodactyla (the ruminants, pigs and hippopotamuses) and Ferissodactyla (horses,
tapirs
and rhinoceroses), together with the Proboscidea and Hyracoidea and certain fossil
groups, as the Amblypoda. The term, like correlated Unguiculata, has lapsed from a
strict classificatory sense, but is still used as a convenient designation of hoofed
quadrupeds collectively or indiscriminately.
Cent. Dict 6612–VIII
(٣-١٢) الخَيْلان Sirenia
المصطلح الأعجمي من لفظ يوناني: σειϱὴν
ويدل في الأساطير على كائن خرافي: «حورية الماء» sea-nymph:
أما لفظ Siren الذي صيغ منه المصطلح، فمولَّد في اللاتينية
جاء في معجم شرف (ص٨٢٩): ما يلي:
Sirenia – Sirenidae: أبقار البحر، فصيلة اللَّطم، توجد
في البحار الحارَّة بأجمعها. ا.ﻫ.
ولنا على هذا التعريف مأخذان، الأول: أنها ليست فَصيلة،
٨٧ بل هي أكبر من ذلك لأنها قَبِيلة،
٨٨ من قبائل الثدييات. والثاني: إن عبارة البحار الحارة تشعر بأن هنالك بحارًا ماؤها
حار، وإنما الصحيح علميًّا أن يقال «بحار المناطق الحارة»، أو يقال «البحار الدافئة».
وليس في القاموس وشرحه ولسان العرب ما يدل في مادة «لطم» على المعنى الذي أراده شرف.
وإنما هو مأخوذ من نخبة الدهر للدمشقي.
وفي معجم الحيوان للمعلوف (ص٢٣٠):
Sirenia: رتبة الخيلان أو بنات الماء. فصيلة من
الحيوانات اللبونة تقيم في الماء منها الأطوم وبقرة الماء وخروف البحر، قال: والخيلان
في
محيط المحيط: وحش في البحر نصفه إنسان والباقي سمك، يقال له في اليونانية سيرنس، أو هو
كالغول والعنقاء، أي اسم لا وجود لمسماه، أما بنات الماء فمن المؤلفات العربية. قال
فندرليث: في كتاب عجائب الهند (ص٧٧) نقلًا عن مختصر العجائب: «ومن ذلك أمة بجزيرة على
شبه
النساء يقال لها بنات الماء في صور النساء الحسان ذوات الشعور السُّبْط» … إلخ. ولا يخفى
أن بنات الماء بالعربية طيور الماء أيضًا. ا.ﻫ.
ولم أجد في المعاجم العربية القديمة في مادة «خال» و«الخال» شيئًا من هذا المعنى،
ولكن
الأب أنستاس الكرملي قد ذكر أن الكلمة ليست من وضع صاحب محيط المحيط وإنما ذكرت في معجم
«جرمانوس فرحات» وقد أُلِّفَ قبل ٢٠٠ سنة، والكلمة من «خَيْلانا» الإرمية ومعناها: «القدير
القوي»، ومن رأي حضرة الأب أنستاس أن هذه الكلمة التي عرفت عند كُتَّاب العرب مائتي سنة
أو
أكثر لها الحق أن تبقى عائشة. وقد أخذت بهذا الرأي السديد.
وفي المعجم الأنسيكلوبيدي
Encyclopaedic Dict أن اللفظة
Siren من اللاتينية الحديثة، وأن هذه الحيوانات سميت:
Sirenia (بمعنى حوريات الماء)؛ لأن ثديي الأنثى يكونان
ظاهرين على جانبي الصدر بمقربة من فجوتي الإبطين، كما يخيَّل للناس من أوصاف «بنات البحر»،
وهي الكائنات الخرافية المذكورة في قصص الأقدمين. وفي ذلك المعجم نفسه (٤٢٦: ٦) أن عادة
الأطوم
Dugong في أن يرفع نصفه الأمامي رأسيًّا فوق الماء،
حاملًا صغاره فوق صدره، كان السبب في رواج الأقاصيص القديمة عن «بنات البحر»:
mermaids، والخيلان من الثدييات البحرية، أو كما قيل من
الثدييات البحرية العاشبة،
٨٩ وهي في تصنيف الثدييات قَبِيلة من الفَواره المشيمية،
٩٠ بناؤها الجسمي أشبه بالسمك، في حين أن الأطراف والحوض مندغمة قليلًا أو كثيرًا،
وأجسامها تنتهي بذنب أفقي مفلطح، مستدير أو ممتد كأذناب الحيتان الجنيسة. والدماغ صغير
ضيق
الجانبين.
والخيلان حيوانات مائية بحرية عظيمة الحجوم حسنة المنظر، وتقطن الشواطئ والخلجان والمصبات
في كثير من بقاع الأرض، ولا تذهب إلى عرض المحيطات كالحيتان. كما أنها لا تدخل الأنهار
إلا
قليلًا. وغذاؤها الأعشاب البحرية، وللقبيلة جنسان لا غير.
(٣-١٣) الحيتان أو القاطوسيات Cetacea
المصطلح الأعجمي من اليونانية، وهو مولَّد في اللاتينية:
Cete = Gr. ϰῆτη, uncontr. ϰήτεα, pl. of ϰῆτος =
any monster or large fish, particularly a whale.
وقد عرَّب العرب الاسم اليوناني فقالوا «القاطوس». وعندي أنه أنسب الألفاظ التي تطلق
على
هذه القبيلة، لأن كلمة «حوت» في العربية فيها اشتراك كبير، كما سنرى، ولكنها استعملت،
ولا
مانع من استعمالها، فالاستعمال العلمي يخصصها.
ولم يفرق العرب في تعريفاتهم اللغوية بين الحوت والسمكة، أو بالحري بين الحيتان والسمك.
فالحوت عندهم من السمك، والسمك الكبير من الحيتان.
وأول شاهد لنا على ذلك القرآن الكريم: فقد ورد في سورة الكهف: آيات ٦٠–٦٣: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ
الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا * فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ
بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا * فَلَمَّا
جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا
هَذَا نَصَبًا * قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ
فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ
وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا.
وفي الدميري مادة حوت: الحوتُ السمكُ، وجمعه أحوات وحوتة وحيتان. قال الله تعالى: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ الآية. وفيه مادة
«حوت موسى ويوشع» قال أبو حامد الأندلسي: رأيت سمكة بقرب مدينة سبتة من نسل الحوت الذي
أكل
منه موسى وفتاه يوشع عليهما السلام … إلخ. وذكر الدميري لفظ القاطوس في مادة «حوت الحيض».
وعاد فتكلم عنه في حرف الفاء: قال الفاطوس: سمكة عظيمة تكسر السفن، والملاحون يعرفونها
فيتخذون خرق الحيض ويعلقونها على السفينة، فإنها تهرب منهم، قال القزويني: ولعل هذا هو
حوت
الحيض، وقد تقدم ذكره في باب الحاء المهملة. ا.ﻫ.
وقول العرب الفاطوس تعريب محرف عن القاطوس وهو في اللاتينية
cetus، وفي اليونانية:
(Kytos) ϰῆτος، وقد عرَّب العرب عن اليونانية في الغالب، وإهمال القاف إلى الفاء
تصحيف بلا ريب، وفي القاموس المحيط: الحوت السمك ج أحوات وحوتة وحيتان (١٤٦: ١)، وفي
لسان
العرب (ص٣٣١: ٢): الحوتُ السمكةُ معروف، وقيل: هو ما عظم منه، والجمعُ أحوات وحوتة.
ا.ﻫ.
وفي هذه الأقوال ما يدل على أن العرب تعني بلفظ «الحوت» السمك أو القاطوس. ولنا إذن
أن
نستعملها للدلالة على هذه القبيلة ونجعلها مرادفة للقاطوسيات.
وفي معجم الحيوان للمعلوف (ص٥٨):
رتبة الحيتان: حيوانات بحرية لبونة تشمل البال والهركول وعجل البحر والعنبر
والدُّلفين وغيرها. ا.ﻫ.
وفي معجم شرف (ص٢٠٠):
السِّيتيا: الحيوانات القيطية، رتبة الحيوانات الثديية البحرية، تشبه الأسماك، منها
العنبر والحيتان ذوات السنام الكندارة أو الحدباء والدلفين والبال. ا.ﻫ.
وقول شرف «السيتيا» خطأ في التعريب.
والحيتان أو القاطوسيات قبيلة من الثدييات الرَّحمية وتلحق بقبيلة الفوَاره، وتشمل
الحيتان الأثينة والدلافين والبال وغيرها. والعائشة اليوم منها قُبَيِّلتان: المسنَّنات:
Odontoceti والسَّبَلِيات:
Mystacoceti أو ذوات العظم الحوتي أو البلِّين، وأجناس هذه
القبيلة وأنواعها كثيرة العدد، ويحصرها المواليديون في عشر فصائل على قول، وست على قول،
والقول الأخير أرجح. وتمتاز هذه الحيوانات بأن الحوض والأطراف الخلفية منضمرة قليلًا
أو
كثيرًا بحسب الأجناس. ولها جسم يشبه جسم السمك، معد للسبح في الماء، وينتهي بذنب أفقي
الوضع،
والأطراف الأمامية قصيرة أشبه بزعانف السمك، ومن أصابعها إصبع تزيد السلاميات فيه على
ثلاث،
والرقبة قصيرة. أما فقارات الرقبة، فقد يكون عدد منها ملتصقًا بعضه ببعض. وهذا العدد
يزيد أو
ينقص بحسب الأجناس.
وقد عدد الأستاذ «بوراديل» الصفات المميزة لقبيلة الحيتان، وحصرها في صفات. وها هي
ذي
نقلًا عن كتابه «الحيوان وبيئته» ص٢٥٨، ٢٥٩:
- (١)
الجسم مكوَّن على غرار الأسماك، وليس لها آذان نابية أو أطراف مؤخرية، أو فرو، ولكن
لها أدمة ناعمة، تهيؤها للسبح بسرعة في خلال الماء.
- (٢)
الأطراف المؤخرية استحالت أعضاء دافعة لها وظيفة الزعانف الجانبية في
الأسماك.
- (٣)
يغلب أن يكون لها زعنفة ظهرية.
- (٤)
للذنب أسطوانتان عريضتان تزيدان من قدرتها على السَّبح، ولكنهما أفقيتان، غير
رأسيتين كما في الأسماك، وبذلك تزداد قدرتها على حركتي: الصعود والهبوط، وهما حركتان
ضروريتان لها، لحاجتها إلى استنشاق الهواء.
- (٥)
المنخران في أعلى الرأس، حتى لا تحتاج إلا إلى رفع جزء من الجسم فوق الماء، ويمكن
سدهما بجهاز خاص.
- (٦)
الحلقوم مستطيل ويلتقي بالمنخرين فيتألف بذلك مسلك يدخل منه الهواء إلى الرئتين.
وبذلك يمكن غلق الفم تحت الماء في أثناء التنفس.
- (٧)
للمجموع الوعائي ضفائر كثيرة أو شُعٌّ وعائي rita
Mirabilia ويرجح أن تكون وظيفتها اختزان كمية كبيرة من الدم، فينتج
عن ذلك اختزان كمية كبيرة من الأكسجين.
- (٨)
وجود طبقة من الشحم تحت الجلد للاحتفاظ بحرارة الجسم، فيعوض عليها ما تفقده من تجرد
الجسم من الشعر، كما تجعل الجسم أكثر قابلية للعوم.
- (٩)
العظام خفيفة.
- (١٠)
العيون صغيرة.
- (١١)
غدد العرق والدمع واللعاب فاقدة، إذ لا فائدة منها لحيوانات تعيش وتغتذى في
الماء.
(٣-١٤) اللواحم Carnivora
المصطلح الأعجمي من اللاتينية: ومركب من (carn)
caro أي لحم وvorare أي
يأكل أو يلتهم.
قبيلة من الثدييات تغتذي باللحم: مثل الأسد والنمر والكلب والضبع، ولأسنان هذه القَبِيلة
نظام خاص.
ولا يجوز إطلاق هذا الاصطلاح Carnivora على الأسماك
والزواحف والطيور التي تأكل اللحم، بل ينبغي تخصيصه بهذه القَبِيلة دون غيرها من طبقات
الحيوان. فإذا أريد الإشارة إلى الحيوانات التي تأكل اللحم وليست من هذه القبيلة أطلق
عليها
عبارة: Carnivorous animals أو
عبارة Flesh-eating
animals وفي هذه الحالة تتسع الدلالة فتشمل جميع ما يأكل اللحم من الحيوان،
سواء أكان من قَبِيلة اللواحم أم من غيرها. وحينئذٍ نطلق عليها في العربية عبارة آكلة
اللحوم.
واصطلاح اللواحم من وضع الدكتور السيد أمين المعلوف،
وأقره مجمع اللغة العربية.
وقد استعمل الأستاذ كوفييه في تصنيفه لفظ
Carnaria أو Carnassia
ليشير به إلى اللواحم الأثينة. ولبث اصطلاح كوفييه مستعملًا بعض الشيء، حتى حل محله اصطلاح
المفترسات: Ferae ليدل على اللواحم. وقسمت شطرين:
البُرْثنيَّات: Fissipedia والزعنفيات
Pinnepedia، والأولى تدل على اللواحم البرية، والثانية تدل
على اللواحم البحرية.
والقُبَيِّلتان: البرثنيات والزعنفيات، هما القسمان الرئيسان في تصنيف اللواحم إلى
الآن.
(٣-١٥) القَرَمِيات Creodonta
المصطلح الأعجمي من كلمتين يونانيتين، الأولى: ϰϱεας أي لحم، والثانية: (ὀδοντ-) ὀδούς أي سنٌّ.
وهو مولَّد في اللاتينية الحديثة.
ويشير المصطلح إلى عشيرة من الثدييات المنقرضة اعتبرها كوب:
Cope شُعَيبًا مما سماه الدُّكِّيَّات
٩١ وجعلها تشمل صورًا من أسلاف اللواحم
Carnivora
وقسمها خمس فصائل لا محل لذكرها هنا.
Quot. Creodonta were not such dangerous animals as the
cranivora, with some possible exceptions, because, although they were as large, they
generally had shorter legs, less acute claws, and smaller and more simple
brains.
Pop. Sc Ma. XXVII–610. Cent. Dict. 1345–II
وقد يعتبرها المواليديون قَبِيلة، كما يعتبرها غيرهم قُبَيِّلة، وخاصيتها أنها من
اللواحم
البدائية المنقرضة عاشت في الدور الثِّلثي
٩٢ وعم انتشارها في القارات الشمالية في خلال العصر الفجري،
٩٣ وتشمل عدة فصائل تعم بعضها صفات واحدة، وقد يختص بعضها بصفات معينة.
(٣-١٦) القواضم Rodentia
المصطلح مولد في اللاتينية، وهو من: rodo أي يقضم،
ويقابله في الإنجليزية: to gnaw، وقد تسمى هذه القبيلة في
متعارف الكلام: Gnawing Animals أي الحيوانات القاضمة.
وفي معجم المعلوف (ص٣٠٧):
Rodentia: رتبة القوارض أو القواضم، والواحد قارض
وقارضة، وقاضم وقاضمة. حيوانات لبونة صغيرة أو متوسطة الحجم مكسوة بالصوف أو الشوك، ولها
أظفار كالمخالب تقرب أحيانًا من الأظلاف. وهي لا أنياب لها، وإنما ثناياها طويلة قوية
ومحددة كالإزميل. والقوارض فصائل وأجناس كثيرة منها الأرانب والفيران والجرذان والسناجيب
وأشباههم. ا.ﻫ.
وفي معجم شرف (ص٧٧٨):
الحيوانات القرَّاضة، القواضم: قسم من ذوات الأثدي التي ليس لها إلَّا سنان قاطعان
ولا أنياب لها، وذلك كالأرانب والفأر والسنجاب ونحوه. ا.ﻫ.
وفي هذا التعريف اضطراب.
وأفضل أن يطلق عليها اصطلاح «القواضم»، لما في ذلك من الدقة اللغوية. ففي القاموس
(٣٤١–٣٤٢: ٢): قَرَضَه يَقْرُضُهُ: قَطَعَه كقارضه، والقُراضة، بالضم: ما سقط بالقرض.
ا.ﻫ.
ومعناه ما سقط بالقطع، كالبقايا التي تسقط من قطع الخشب بالمنشار. وجاء في القاموس (١٦٦:
٤)
قضم كسمع، أكل بأطراف أسنانه. ا.ﻫ. وإذن يكون القضم في معنى:
Rodentia هو المقصود، وفي القضم نص. على الأكل بأطراف
الأسنان، وليس في مادة قَرَضَ نص على الأكل.
والقواضم: قبيلة من الثدييات الفدمية. أما أوصافها التشريحية فكما يلي:
(١) للدماغ مخ
٩٤ صغير بحيث لا يغشِّي إلا باحة قليلة من الرنح
٩٥ والأعصاب أو الفصوص الشمِّية.
٩٦ (٢) الجسم الجاسئ أو المقرن
٩٧ الدماغي ليس له أنف أمامي
٩٨ مُتَبيَّن. (٣) التَّشيم
٩٩ قرصي والمشيمة
١٠٠ زائلة.
١٠١ (٤) الأطراف معدة للعدو والتسلق والقفز والسبح، ومحور المَدْوَر
١٠٢ في الفك مستطيل وليس له وقب خاص بل ينزلق خلفًا وأمامًا بحيث يتحرك الفك الأسفل
إلى الأمام وإلى الخلف، كما يتحرك إلى أعلى وإلى أسفل. (٥) الضروس متوجة،
١٠٣ والتيجان
١٠٤ من نماذج مختلفة وذوات حواف، والغالب أن تكون ثلاثة. (٦) الطواحن قليلة أو صغيرة،
والغالب أن تكون فاقدة. (٧) القواطع كبار قوية مُمَيَّنَة، ثقيلة المينا من جهتها الخارجية،
إزميلية الهيئة، وتنبت في لثة ثابتة، وجذورها غائرة في عظم الفكين الأعلى والأسفل، وقد
تذهب
إلى نهاية عظم الفك، وعددها سنان في الفك الأعلى وسنان في الفك الأسفل، وقد يكون لها
قواطع
خفية تكمن تحت القواطع الظاهرة. وليس لها أنياب، ولما كانت الطواحن إما قليلة العدد أو
فاقدة،
حدثت فجوة بين القواطع والضروس.
وهذه القَبِيلة من أكبر قبائل الثدييات وأوسعها انتشارًا في أنحاء الأرض.
(٣-١٧) النَّهاسيَّات Tillodontia
المصطلح الأعجمي من لفظين يونانيين، الأول: τίλλειν أي يمزق أو ينهس أو يقطع، والثاني (ὀδούτ-) ὀδούς أي سن. وهو مولد في اللاتينية. والمصطلح العربي من الفعل نَهَسَ:
اللحم، كمنع وسمع: أخذه بمقدم أسنانه ونتفه، والنهَّاس الأسد، كالنَّهوس والمنهس (قاموس
٢٥٦:
٢).
عشيرة كبيرة من الثدييات المنقرضة عاشت في أواسط العصر الفجري، وأواخره في شمالي
أمريكا
وأوروبا، وقد امتازت بصفات عامة أو صفات تركيبية جمعت بين خصائص الأناعيم،
١٠٥ والقواضم
١٠٦ واللواحم،
١٠٧ فإذا اعتبرت قَبِيلة كان لها فصيلة يطلق عليها اصطلاحًا اسم:
Tillodontidae أي النَّهَّاسية.
أما أحجام أفرادها فلا تزيد على حجم الدب الأسمر
١٠٨ العائش اليوم. ومن أخص صفاتها أن أنيابها صغيرة جهد الصغر، في حين أن لها زوجًا
من القواطع في كل من الفكين كبيرين، كل منهما أشبه بالإزميل.
وصفاتها الطبيعية بدائية، فالدماغ صغير مستطيل، والأسنان الخدِّية ذات صفات عامة
(أي
تشترك فيها حيوانات أخرى)، والأقدام أخمصية،
١٠٩ ذات خمس أصابع. أما الجمجمة فأشبه باللواحم منها بالقواضم، في المظهر
العام.
(٣-١٨) الحَشَرِيَّات Insectivora
المصطلح الأعجمي من لفظين لاتينيين، الأول: insectum أي
حشرة، والثاني vorare أي يأكل، وتأويله «يأكل الحشرات».
والمصطلح العربي نسبة إلى «حشرة» مجموعًا جمع مؤنث سالمًا.
وعن معجم شرف (ص٣٩٩):
آكلة الهَوَامِّ: الحيوانات آكلة الحشرات ومنها الخَلَد والقُنْفُذ. ا.ﻫ.
وعن معجم الحيوان للمعلوف (ص١٣٣):
رتبة آكلة الحشرات، وهي رتبة من الحيوانات اللبونة، منها القنفذ والذباب والطوبين، أي
الخلد الأوروبي. ا.ﻫ.
والحشريَّات قَبِيلة من الثدييات المشيمية،
١١٠ كثيرة الصور، مختلفة الأجناس متباينة المظاهر والعادات، فمنها الأرضي والحافر
١١١ والشاجر
١١٢ والسابح
١١٣ وأكثرها يعيش على الحشرات، ما عدا عشيرة واحدة فإنها فاكهة
١١٤ مُحَلِّقة.
١١٥
ولغرابة هذه القبيلة نذكر شيئًا من أوصافها التشريحية:
(١) المخ
١١٦ صغير رقيق، وكل من شِقيه فص واحد، ولا يُغشى الرَّنْح.
١١٧ (٢) الرحم ذو مقرنين.
١١٨ (٣) الخصي بطنية أرْنَمِيَّة،
١١٩ أي في خُنِّ الورك. (٤) الغُرْمول منشاطٌ. (٥) المشيمة قرصية
١٢٠ زائلة.
١٢١ (٦) الأسنان مثغرنة
١٢٢ لا نسقِية
١٢٣ وهي مُمَيَّنة ونموذجها العددي: قواطع ٣، أنياب ١، طواحن ٤، ضروس ٣، في كل من
نصفي الفكين، فيكون عددها جميعًا ٤٤ سنًّا، ولكن هذه النسبة تختلف باختلاف الأجناس، ولكنها
مهما اختلفت فإن قواطع الفك الأسفل لا تقل عن اثنتين، والضروس عقدية (ذات عُقَد)،
١٢٤ مُجَذَّرة
١٢٥ (أي ذات جذور). (٧) الأطراف بالغة النماء مهيأة للتسلق أو السبح أو التحليق. (٨)
لها عظم ترقوي،
١٢٦ ما عدا عشيرة واحدة، والعظام الرسغية
١٢٧ والسنعية
١٢٨ نامية مختلفة صور التعضي. (٩) الأقدام أظفورية وتكون ذات خمس أصابع في العادة. (١٠)
الإهاب فرائي.
وقد أفرط بعض المواليديين فاستعمل اصطلاح
Insectivora
للدَّلالة على شُعيب من الخفاشيات
١٢٩ يأكل الحشرات، تمييزًا له من الخفاشيات الفاكهة. ولهذا وضع العلماء اصطلاحًا آخر
يستعمل في هذا المعنى رغبة في عدم اشتراك المعنى في المصطلحات العلمية فسموها الخفاشيات
الحاشرة
Animalivora.
(٣-١٩) الخفاشيات Chiroptera
المصطلح الأعجمي في لفظين يونانيين: الأول χείϱ أي يد، والثاني: πτεϱóν أي جناح وتأويله: «المجنحة الأيدي». وهو مولد في اللاتينية.
اصطلاح استعمله العالم بلومنباخ سنة ١٧٩٩ ويطلق على قبيلة الخفافيش من الثدييات وهي
من
المشيميات الفدمية
١٣٠ تطور فيها الطرفان الأماميان حتى أصبحا أداة كاملة للطيران بأن نمت اليدان نماءً
كبيرًا، ووصل بين أجزائهما غشاء وَتَرِيٌّ ممتد من عظام السنع
١٣١ وعظام السُّلَاميات،
١٣٢ وعلى جانبي الجسم إلى الطرفين الخلفيين.
أما المصطلح العربي فمراعى فيه صفة أخرى. ففي القاموس: الخفاش كرمان: الوطواط سمى
به لصغر
عينيه وضعف بصره (ج) خفافيش. والخفش محركة صغر العين، وضعف البصر خلقة، أو فساد الجفون،
أو أن
تبصر بالليل دون النهار. ا.ﻫ.
أما صفاتها التشريحية فهي:
(١) الساعد
١٣٣ مستطيل، ويتكون من كعبرة
١٣٤ طويلة نحيلة منحنية، ومن عظم زندي
١٣٥ أثري ملتصق من جهة جذعه. (٢) إبهام اليد قصير مُخَلَّب على غير القياس في بقية
أصابع الجناحين. (٣) الطرفان الخلفيان مستديران بصورة خاصة تجعلهما يبرزان إلى الخارج
حتى
تتجه الركبة إلى الخلف، ويصل بينهما غشاء بينيفخذي
١٣٦ ويشمل إما جزءًا من الذنب أو الذنب كله، وقد يعضد هذا الغشاء بعض الأحيان زائدة رسغية
١٣٧ تسمى علميًّا «الشوكة»، وقلما تكون فاقدة. (٤) مشيمة قرصية تسقط مع الجنين.
١٣٨ (٥) الأسنان إما لا نسقية
١٣٩ وإما مثغرنة
١٤٠ وتتألف من قواطع ذات اختصاص، وأنياب وطواحن وضروس، ومجموعها يختلف فقد تكون في
بعض الأجناس ٣٨ سنًّا، وفي غيرها أقل من ذلك. (٦) الجسم فرائي. (٧) الجناحان قد يزيد
أو يقل
فيهما المَلَطُ بحسب الأحوال. (٨) الغرمول منثاط.
١٤١ (٩) الخصي إما أرنمية
١٤٢ أي في خن الورك، وإما بطنية.
١٤٣ (١٠) الأثداء صدرية. (١١) الشُّقَيَّتَان
١٤٤ صغيرتان ناعمتان، ولا يغشيان الرنح.
١٤٥
يعتقد المواليديون بإجماع أن الخفاشيات صور من الحشريات
١٤٦ تهايأت تهايؤًا جديدًا، وتكيفت حتى أصبحت قادرة على الطيران. وتعد الخفاشيات أكثر
الأحياء قدرة على الطيران ومكوثًا في الهواء. ذلك بأنها قلما تستطيع أن تتحرك من مكان
لآخر ما
لم تستعمل الجناحين. وأكثر الخفاشيات تقتات على الحشرات، فيقال فيها حشرية أو مفترسة،
والأقل
منها فاكهي، أي تغتذي بالفاكهة. ولهذا يقسم المواليديون هذه القَبِيلة قُبَيِّلتين، الأولى:
الخفافيش الفاكهة،
١٤٧ والثانية: الخفافيش الحاشرة.
١٤٨
(٣-٢٠) الرئيسات Primates
قبيلة هي أرقى الثدييات، وسميتها الرئيسات اعتمادًا على أن الأصل اللاتيني الذي أخذ
منه
الاصطلاح الأعجمي هو primates ومعناه زعيم أو رئيس (المعجم
الأنسيكلوبيدي ص٦٥٦: ٥)، وفي اللاتينية أيضًا هذه الحروف.
Primo: أولًا، أو في الأول، أو في البداءة.
Primor: الأول، أو أبعد حد، أو قمة، أو في نهاية.
Primores: الطليعة، أو الأول من الصفوف، أو الأعلى في
التشاريف.
(راجع معجم كاسل اللاتيني ص٤٣٩)، ومن هنا أُخذت كلمة،
Primates لتدل على القبيلة العليا من قبائل
الثدييات.
وعن معجم الحيوان للمعلوف (ص١٩٤):
Primate: رتبة المقدمة، حيوان من
رتبة المقدمة.
Primates: رتبة المقدمة، رتبة من
الحيوانات اللبونة تشمل القرود والهوابر. ا.ﻫ.
وقول المعلوف رتبة «الحيوانات اللبونة» خطأ عظيم؛ لأن الحيوانات اللبون شعب كبير يشمل
قبائل عديدة، «والحيوانات اللبون» هي ما سميناها «الثدييات».
وجاء في معجم شرف (ص ٦٨٩):
البريمات، ذوات الثدي الرئيسية: ذوات الثدي الكبرى، وتشمل البشر والقرود واللمور (قرد
جزيرة بوكين أي مدغشقر)، الرتبة الأولى من الحيوانات العليا، مرتبة المقدم. ا.ﻫ.
ويلاحظ على عبارة شرف أن تعريفه يشعر بأنه يلحق القناجير:
Lemurs بالقرود فقال: «قرد جزيرة بوكين»، وهو خطأ في
التعريف العلمي؛ لأن «القناجير» فَصِيلة تلحق بِقُبَيِّلة الصُّعْبوريات:
Lemuroidea، وهي قُبَيِّلة منفصلة عن القرود وعن السعادين،
ولو أن الرئيسات تشملها جميعًا.
ولقد استعمل هذا الاصطلاح Primates ليدل على الرئيسات
أعلامُ المواليديين مثل «جولد سميث» في كتابه التاريخ الطبيعي (١٧٧٤) و«جود» في كتابه
الرئيسات (١٨٢٦) والعلامة «دارون» في كتابه أصل الإنسان (١٨٧١) وسير «شارلزليل» في كتابه
قدم
النوع البشري (١٨٦٣) والأستاذ «فسك» في كتابه «من خلال الطبيعة إلى الله» (١٨٩٩) وغيرهم
من
الثقات.
وأول من وضع المصطلح العلامة لينايوس. وجاء في معجم أكسفورد الكبير (١٣٥٩: ١٨) أن
لينايوس
كان يدخل الخفاشيات في الرئيسَات، ولكن ذلك لم يقرَّه المواليديون فيما بعد، فأفردوا
للخفاشيات قَبِيلة مستقلة اسمها العلمي Chiroptera.
كذلك اختلف علماء المواليد في القرن التاسع عشر في تصنيف ما يدخل تحت هذه القبيلة
من
الطبقات التابعة لها، فقضى بعضهم بأن الإنسان خارج عن الرئيسات، فلما تقدم علم المواليد
والتشريح الموازن، دخل الإنسان في الرئيسات، قال الأستاذ «سنت جورج ميفارت»:
بالرغم من أن الإنسان أرقى الحيوان، فإننا إذا فحصنا عنه من الناحية الحيوانية، وجدنا
أن مباينته لأدنى القرود، أقل من مباينة هذه القرود لأي حيوان آخر، وبهذا وجب أن يلحق
الإنسان والقرود بِقبِيلة واحدة، يطلق عليها نفس الاسم الذي وضعه «لينايوس» أي الرئيسات:
Primatis.
ولقد جرى المواليديون على أن يقسموا الرئيسات قُبَيِّلتَيْن Two
Suborders هما: الصُّعْبوريات Lemuroidea
والبَشَرِيات Anthropoidea، وأن يجعلوا البشريات شاملة
للقرود Apes، والسعادين
Monkeys، ولكن وضح لي أنه من الأوفق أن تضاف قُبَيِّلَة ثالثة وأن تدعى السَّعْدَانيات Pithecoidea أو على الأقل تعتبر السعادين فَصِيلة عليا Super-family.
وكان أول باعث حملني على أن أنظر في تصنيف الرئيسات وكفاية المصطلحات المختلفة للدلالة
على طبقاتها عبارة أثبتها العلامة «ليدكر»
Lydekker: في كتاب
Royal Natural History (ص٦٦: ١) نصها ما يلي:
بالرغم من أننا نقع على قدر من الغموض يعتور استعمال الأسماء التي نطلقها على القردة:
Apes والسعادين:
Monkeys والرَّبابيح:
Baboons فإننا سنترك الأول منها (أي:
apes) ليدل على القردة البشرية أو الشبيهة بالإنسان،
ونطلق الاسمين الآخرين على سعادين الدنيا القديمة ما عدا الصعبوريات، وكذلك نجد أن كلمة
السعادين لا يمكن أن تطلق على فصيلة واحدة من رئيسات الدنيا الجديدة. فإذا أطلقنا اصطلاحي
السعادين والربابيح في المعنى الذي ذكرنا، وجب أن ننبه على أن علماء الحيوان يضمون كل
الرئيسات التي تعيش في الدنيا القديمة في فَصِيلة واحدة تحت اسم:
lasiopygidae أو تحت اسم:
Cercopithecidae على الترادف، والصعوبة هنا تنحصر في
التفريق بينهما وبين القردة البشرية من ناحية، والسعادين الأمريكية من ناحية أخرى.
ا.ﻫ.
ولقد وضح لي من هذه العبارة أن المواليديين يفضلون وضع مصطلحات مختلفة لتدل على أسماء
الطبقات المتفرقة من السعادين في الدنيا القديمة والدنيا الجديدة، وبين السعادين والقردة
العليا، ولقد رأيت بعد البحث أنه من الممكن الخلوص من هذه الصعوبة بأن نقسم الرئيسات
ثلاث
قُبَيِّلات هي:
(١) الصعبوريات |
Lemuroidea
|
(٢) السعدانيات |
Pithecoidea
|
(٣) البشريات |
Anthropoidea
|
وبذلك نميز بين القردة العليا والسعادين والصعابير تمييزًا مفيدًا في تحديد
الطبقات.
أما فصائل السعدانيات فهي:
(٣-٢١) المَشِيمِيَّات Placentalia
Also: Placentaria or Placentata (Cent. Dict.
4221–IV).
الاصطلاح الأعجمي من اللاتينية Placenta أي كعكة أو
فطيرة، لما بين الفطيرة والمشيمة من الشبه الظاهر. أما الكاسعة:
alia، فللدلالة على النعت أو الصفة.
وأول من استعمل الاصطلاح في هذا المعنى العالم «بونابرت» سنة ١٨٣٧، ليشير به إلى
الثدييات
ذوات المشايم، على العكس من اللامشيميات.
١٥٠
وقد اعتبر المواليديون المشيميات أول الأمر، إحدى شعبتين أوليتين تناظران الجرابيات
١٥١ والشوابك.
١٥٢
والمشيميات من الحيوانات الثديية التي تغتذي أجنتها في بطون أمهاتها بمشيمة، وهي عضو
ينمو
مع الجنين ويخرج معه عند الولادة.
وقد ذكر الأستاذ إرنست هيكل لهذه الحيوانات أسماء أخر مثل:
Choriata, Epitheria. (See Evol. of man p.
253).
والمشيمة في اللغة: محل الولد، (ج: مشيم ومشايم).
(٣-٢٢) الولودات Vivipara
من اللاتينية Viviparus، وفي الإنجليزية:
Viviparous، والمصطلح من لفظين لاتينيين: الأول
Vivus أي حيٌّ، والثاني
Pario أي يلد، وتأويله ما يلد أحياء تكون في حالتها
الجنينية ذات اتصال حيوي بجسم الأم، حتى تخرج تامة التكوين تقريبًا، أو يدل على ما يلد،
لا
على ما ينقف عنه بيض يُباض ثم يُحْضن أو يدفن.
ويدل على خلاف ما يدل عليه اصطلاح Oviparous أي البيوضات،
وهي التي تبيض ويخرج أولادها من البيض بعد انفصاله من جسم الأم، واصطلاح
oviviviparous أي «البَيْوَلُودات» (نحت في بيوض + ولود)
وهي الحيوانات التي ينفصل فيها البيض عن مبيضات الإناث، ولكنه يظل في داخل الجسم حتى
ينقف عن
الصغار، فتخرج حية.