رياضة الصوت
تبين لك مما مر أن للرياضة التنفسية تأثيرًا كبيرًا في الصوت لحفظ جمال نغمته، وقوة نبرته، وسعة مرماه، وقد كان قدماء اليونان يعنون بها ويجعلون تربية الصوت فنًّا قائمًا بنفسه له أساتذة يتوفرون على درسه، كما روى تيوفراست، حتى إن ديموستين تلقى دروسًا فيه، وتخرج على الممثل ساتيروس.
وبعد أن يملك الخطيب عنان تنفسه ينصرف إلى الاهتمام بصوته، وتصريفه في الوجوه التي تلائمه دون أن يفقد من تأثيره أو يقصر دون غايته، بل يستطيع حينئذ أن يصلح ما فيه من عيوب بالصبر والتربية، فإن لبعض الأصوات رنة غير مستحسنة ولا خفيفة على الأذن، فبالعادة والمثابرة يستطيع أن يتغلب عليها، ويبدل منها رنة ألطف وقعًا وألذ سمعًا.
ولا تنحصر تربية الصوت في الرنة بل تتناول النبرة والقوة؛ ولهذا يجدر بالخطيب أن يتخذ درجة موافقة في بداية خطابه، فلا يرتفع كثيرًا لئلا يضطر إلى الهبوط عياء قبل الختام. وقد ذكرنا ذلك في فصل المنبر فليراجع.