تغير الطقوس١
متى يصبح تغيرٌ في طقس تغيرَ طقس؟ من الواضح أن الإجابة تعتمد على كيفية تمييز الطقس. لكن هذا ليس إلا بداية القصة.
(١) الطقوس الخطية وغير الخطية
(٢) رسمية الطقوس وصلابتها
(٣) ميلاد الطقوس وموتها
لاشك أن للطقوس، بتكوينها المحدد، تواريخ. وكثيرًا ما تبلورت من أحداث أو ممارسات تفتقر إلى هذه الخاصية المحددة، لم تتشكل مواصفاتها بعد. ودون هذه المواصفات، تكون الممارسة مرنة، وشروط هُويتها غير ثابتة، ويكون «الطقس نفسه» و«الطقس المختلف» غير واضحَين حتى الآن.
حين تتبلور مثل هذه الممارسة المرنة بشكل كافٍ لتعبِّر عن مواصفات محدَّدة تتأكد هُوية الطقس. لكن هذا التغيُّر ليس تغيُّرًا في الطقس أو تغيُّر طقس؛ لأنه لا يوجد طقس بداية. إنه يمثِّل نشأة فئة من الطقوس حيث لا توجد فئة من قبل؛ أي حيث لا يوجد ميلاد طقس، إذا جاز التعبير. وبالعكس، قد نتحدَّث عن تحلُّل فئة من الطقوس حين تتفكَّك مواصفاتها أو تضعف، ونتحدث هنا، إذا جاز التعبير، عن موت الطقس. ولا تمثِّل علمنة الطقوس الدينية غالبًا فشلًا بسيطًا في الأداء لكنها تشمل ضعفًا تدريجيًّا في هُويات الطقوس، وطمس ما كان حدودًا محددة، ليصبح من غير الواضح متى يحدث أداء الطقس. ولا يمكن تمييز هذا التحلل إلا بتصريح يقلِّل كثيرًا من شأنه بوصفه تغيرًا في الطقس؛ وهكذا قد يوصف موت إنسان بأنه تغيُّر فيه. ولا يوجد، في مفهوم تحلل الطقس، أي إيحاء بإحلال، مثلًا، تغير طقس مكان آخر.
(٤) تردد الشعائر
بجانب ميلاد الطقوس وموتها، أي نشأة فئات الطقوس وتحللها، يمكن بالطبع أيضًا أن نتعرَّف على التغير في انتشار أداء الطقوس المنسوبة بوضوح إلى تلك الفئات. يزيد ويقل تردُّد الشعائر بالطبع بشكل مستقل عن توفر مواصفات محددة للطقوس. لكن هذا التغير في التردد ليس تغيرًا في الطقس، أو تغير الطقس، أكثر ممَّا يمثِّل التغير في تردُّد أداء كونشيرتو تنقيحًا للكونشيرتو. مفترضين الآن أننا نضع جانبًا عمليات نشأة فئات الطقوس وتحللها، وأيضا التغيرات في تردد شعائر الطقوس، ما الأنواع الأخرى من تغير الطقوس التي يمكن تصورها؟
(٥) التغير في صيغة الأداء
بداية قد يكون هناك تغير في صيغة أداء طقس لا ينتهك المواصفات الجوهرية للطقس. ويمكن أن تكون الصيغة الجديدة جديدةً تمامًا؛ وبدلًا من ذلك يمكن أن تكون قد حدثت أحيانًا من قبلُ لكنها صارت متكررةً جدًّا ومألوفة أو حتى منتشرة. مثل هذا التغير، المتناغم مع المواصفات السائدة، بوضوح ليست تغيرًا للطقس، لكنها بالأحرى تغير في الطقس. لم يتعرض الطقس نفسه، محددًا بمواصفاته الثابتة، للتغير، وسيبقى أداء جديد بالأسلوب القديم يوصف بأنه شاهد على هذا الطقس.
(٦) المواصفات الجديدة للطقوس
بالإضافة إلى ذلك، هناك نمو أو نشر لمجموعة مواصفات جديدة تحل محل القديمة. لدينا هنا بوضوح تغير طقس. لكن ماذا يمكن أن يقصد بإحلال؟ حين يكون لدينا مجموعتان من مواصفات الأداء، يكون لدينا في الحقيقة فئتان متميزتان من الطقوس، طقسان غير متماثلين. تتجاوز مسألة الإحلال قضية الهُوية فقط، وتلجأ لمعيار للاختيار بين طقوس غير متماثلة.
(٧) التوصيف بالأداء وبالوظيفة
من المهم أن نلاحظ أن الإشارة إلى طقس بمواصفات محددة تختلف عن الإشارة إلى ذلك الطقس بالدور أو الوظيفة. يمكن فهم تغير طقس، كما رأينا، بإحلاله محل طقس، مميز بشكل محدد بالأداء، طقس، يحدد بهذا الشكل؛ لإنجاز وظيفة معينة. لكن عملية الإحلال نفسها يمكن وصفها بأنها تغيُّر في طقس الزواج؛ أي تغير في طريقة طقس اتمام إجراء الزواج. بتوصيف الطقوس بالوظيفة وحدها، يحدث تغير في وسيلة التنفيذ فقط. لكن مع طقس يتحدد بالأداء يحدث إحلال لطقس محل آخر.
يساهم التوصيف بالوظيفة ببعض الالتباس. وبهذا يشير «طقس الزواج» إلى طقس أو آخر من طقوس عديدة غير متماثلة لها الوظيفة نفسها في أوقات مختلفة. ويحل السياق، عادة، هذا الالتباس، لكن الإشارة صراحة لزمن قد تُستدعَى، وقت الضرورة، لتحسم أي شك عالق، مثلًا «طقس الزواج في القرن الرابع».
(٨) التوصيف بالسلطة
أيضًا، يمكن أن يتوقف التوصيف المحدد لطقس على حكم سلطة مناسبة في وقت معين؛ أي إن اختلاف الأداء قد يُذعن لتوصيف سامٍ وقاطع لقرار رسمي. يقول التوصيف السامي إن الطقس المذكور يجب أن يؤدَّى في وقت معين بالضبط كما تطلب السلطة في ذلك الوقت أن يؤدَّى.
بافتراض أن التوصيف الثانوي لسلطة بالنسبة لطقس معين في وقت معين يختلف عن التوصيف الثانوي في وقت لاحق. هل الأداء في وقت سابق، الذي يخضع للتوصيف السابق، شاهد على الطقس — والطقس نفسه — بوصفه أداءً في وقت لاحق يخضع للتوصيف اللاحق؟ وبالعكس، هل الأداء في وقت لاحق، الذي يخضع للتوصيف السابق، أو الأداء في وقت سابق، الخاضع للتوصيف اللاحق يفشل دائمًا في أن يوصف بأنه شاهد على هذا الطقس؟ الإجابة بنعم على هذين السؤالين تعني أن أي توصيف ثانوي وحده لا يضع شرطًا قاطعًا للانتماء للطقس المذكور. ليس هناك شرط من الاثنين ضروري أو كافي وحده لمثل هذا الانتماء. التوصيف الثانوي وحده هو الذي يجعل كل توصيف رسمي صريح نسبيًّا بالنسبة للزمن الذي يقدِّم شرطًا ضروريًّا وكافيًا لهُوية الطقس. وهنا ليس لدينا، إذن، تغير طقس، حيث يبقى نفسه قبل الوقت الحاسم المحدد، لكن لدينا تغير في الطقس.
وتجدر هنا ملاحظة أن توصيف الطقس بالإشارة إلى أحكام سلطة مؤسسة يختلف عن الأشكال الأخرى من التوصيف الرمزي. تخيَّل تعريف سيمفونية وأية فئة من الأداء الموسيقي تنسجم مع أحكام سلطة ما في أيام هذا الأداء. ويمكن لهذا التعريف، ضمن أشياء أخرى، أن يجعل السيمفونية خطيةً حيث إن هُويتها قد تتوقف على الحقائق التاريخية المتصلة بأحكام السلطة المعنية. وبشكل مماثل، تصير الطقوس المعرفة بالإشارة إلى أحكام رسمية خطية؛ لا تُستخلَص هُوياتها من مسألة أصولها التاريخية.
(٩) التغير السيمنطيقي
تأمل الآن حالة التغير السيمنطيقي لطقس؛ أي التغير في إشاراته وليس في أدائه التكويني، سواء كان دلاليًّا أو تمثيليًّا أو تعبيريًّا. لنتخيَّل أن الإيماءات المميزة تبقى دون تغير، لكن ما تشير إليه الآن يختلف عمَّا كانت تذهب إليه من قبل. هل لدينا هنا تغير في الطقس أم تغير طقس؟ إن القول بأنه تغير طقس يعني أن نبالغ في التقدير بعدد كبير من الطقوس، مفترضين طقسًا جديدًا لكل تغير مرجعي ضئيل. ويبدو أنه يهمل أيضًا حقيقة أن كل طقس يحمل تفسيرات مختلفة. من الناحية الأخرى، إن القول بأنه مجرد تغير في طقس يقودنا إلى الحكم بأن إيماءتين للطقوس في ثقافتين مختلفتين، يتصادف أنهما متماثلتان زمنيًّا ومتباعدتان مرجعيًّا، تشكلان الطقس ذاته.
ربما نحتاج، كما قد يُقترَح، إلى معرفة الوسيط الثقافي المناسب أو الجماعة، بشكل صريح. وطبقًا لذلك يمكن اعتبار اختلافات مرجعية مرتبطة بالإيماءات نفسها في نظام ثقافي معين متوائمةً مع هُوية الطقس، بينما ترتبط مثل تلك الاختلافات بإيماءات مماثلة في أنظمة مختلفة يمكن اعتبارها غير متوائمة مع هُوية الطقس. وتكمن صعوبة هذا الاقتراح في اعتماده على مفهوم لنظام ثقافي يفتقر إلى معايير واضحة للتفرد.
(١٠) التمثيل
(١١) إعادة الأداء والجماعة
يعتمد مجال إعادة الأداء، كما لاحظنا، على تطابق نُسخ الطقوس، كل أداء لطقس يعيد أداء كل ما سبق من الأداء الذي يقدِّم نسخًا متطابقة منه. ويعتمد تطابق النسخ بدوره، كما افترض مؤخرًا، على التمثيل المتزامن للمواصفات نفسها، بصرف النظر عن التغيرات المرجعية الأخرى. وهكذا قد توفَّق النسخ المتطابقة للطقوس بين مجموعة واسعة من التباعد المرجعي دون تأثير على إعادة الأداء. والنتيجة أن التغيُّر المرجعي عبر النسخ المتطابقة للطقوس، كما يحدث غالبًا في تاريخ الأديان، يتواءم مع هُوية الجماعة الدينية التي تتميَّز بإعادة مشتركة للأداء. وتؤدِّي مثل هذه الإعادة للأداء إلى تعريف الجماعة وتقويتها، محافظةً على تواصلها رغم التغير الهائل بين إشارات طقوسها.
(١٢) الطقوس والموسيقى والتعليم
رأينا بالفعل أهمية التمثيل في استبعاد التطابقات المزعجة العابرة للثقافة. لكن يمكن اقتراح سبب أعمق: في الكثير من الطقوس، وربما معظمها، تمثِّل المواصفات المسيطرة الجماعة كلها، بينما لا تمثِّل في التدوين الموسيقي، بالطريقة نفسها، خاصية الجماعة كلها؛ أي إن التدوين الموسيقي من الضروري أن يعرفه المؤدون، لكن ليس من الضروري أن يعرفه المستمعون. من الصحيح أنه كلما عرف المستمعون التدوين أكثر، كان الفهم أعظم. لكن معرفة التدوين ليست أساسيةً لفهم الموسيقى، ولا الأداء الموسيقي نفسه يُعتبر عمومًا مناسبةً تعليمية، تجعل المستمعين يشرعون في استيعاب التدوين. بالطبع، تحتاج جماعات الموسيقيين الطَّموحين إلى اكتساب المعرفة بالمواصفات الموسيقية المناسبة. لكن هؤلاء الدارسين يستعدون لشغل مهنٍ تؤدَّى لجماهير أكبر لا يصح الأمر نفسه بالنسبة لهم. إن السمات التعليمية لتدريب الدارسين لا تنتقل إلى المواقف الأوسع التي يمارسون فيها براعتهم.
على النقيض من حالة الموسيقى، يحتاج أداء الطقوس عادةً إلى تلبية مواصفاتها؛ أي إن المشاركين — السلبيين مثل النشطين — يحتاجون إلى فهم مواصفات الأفعال التي تُنجَز. يحتاج المؤدون النشطون بالطبع فهمًا أكثر تأكيدًا وتفصيلًا للمواصفات التي يتحملون مسئولية الوفاء بها؛ وهكذا يحتاج الكهنة إلى أن يكونوا خبراء في تنفيذ مواصفات الطقوس بطريقة غير ضرورية بالنسبة للعامة. لكن العامة يحتاجون على الأقل معرفةً عامة بهذه المواصفات ليفهموا هدف الأداء. وبطريقة لا تشبه تلك التي تتصل بالموسيقى، كل أداء لطقس يعمل أيضًا بمثابة شرح، أو فعل تعليمي، بهدف تعليم الجماعة الأسس المنطقية للطقس.