الحسن الخاتل
إلى فينوس العابثة
إلى التي ساءلتْ عني وآلمها
أني سكتُّ: أهذا منك تسآل؟
أنا الجريح وأنت الطب يرجعني
كما يشاء، فهل للطب تعذال؟
سبرت جرحي، ولكن قد عبثتِ به
عمرًا، فما بجديدٍ منك آمال
هل لي سوى الصمت في صبري على تلفي
برهانُ حب إذا لم يُسعف القال؟
كل الجمال حيالي أنت جوهره
وكل شعر غرامي منك يختال
لا تحسبي غزلي إلا هواك وإنْ
ترنحت منه غادات وعذَّال
فلتطمئني، وخليني على تلفٍ
حسبي من الحب في نجواك آجال!
أحيا وأفنى مرارًا في هواك كما
تحيا وتفنى مقادير وأجيال!
وليس فيك وفاء لي أقدسه
لكن ختلك مغفور وقتَّال!
وهبتك الروحَ حتى بات يخجلني
نوحي إذا حكمت بالنوح أهوال
فلتتركيني إذن في عزلتي وأنا
حي وميت له حظ وإمحال
وقطعيني عذابًا واسألي شغفًا
ثم استحيلي كما يُوحي لك البال!
ولتغنمي كلَّ صفو غيرَ عابئة
كما يشاء الصِّبا والحسن والمال
ولأبق فاديك في بُعدي وفي حرَقي
فربما البعد للمعبود إجلال!
أهواك أهواك في مجد وفي ضِعة
كما يهيم بروح الفن مثَّال
يلوح لي فيك معنى لست أدركه
إلا بقلبي الذي يبكي ويحتال
والعقل ينهره لكنه أبدًا
كالطفل؛ لا الزجر شافيه ولا النال!
يظل حيرانَ في سُؤلٍ وفي شغفٍ
وفي امتناعٍ؛ فأهل الحب أطفال
فسامحيني على حب أدين به
شوقٌ وخوفٌ وهجرانٌ وإقبال
فيك التقلب طبع لا مردَّ له
كالشمس للناس: آراد وآصال!
فأيُّ جدوى بإشعاع وعدتِ به
ما دام يعقبه ليل وإغفال؟
وأي لوم على المشهود من قلقي
وكل ما فيك إغواء وأغلال؟
فرغت من كل عتب واقتنعت بما
أردته، وهو إسراف وإيغال
أسرفتِ في الحب مثل اللهو خادعة
والحسن كالحب معبود وختَّال
وكل ما صنتُ من نفسي ترفعها
عن الهوان إذا ما هان مختال
فلترحمي مهجتي في عزلتي، ودعي
نفسًا أساء لها الأحباب والآل
لا ترهقيها بإصغار وحسبك ما
قضى به القدرُ العاتي ومن حالوا
فعذبيها وخليني على شرفي
في وحدة كلها وجد وإعوال
باتت أحبَّ إلى نفسي وإن شقيت
من النعيم الذي يتلوه إذلال
لا خير في الوصل والهجران يشبهه
ولا بآتي المُنى إن تكذب الحال!