ذكرى الأندلس أو الفردوس الإسلامي المفقود
نُظمت لمناسبة إزماع (جامعة قرطبة) الاحتفال بمرور ألف عام على الخلافة العربية في الأندلس (٩٢٩م/ ٣١٧ﻫ).
عودي لنا يا أغاني أمسنا عودي
وجددي حظ محروم وموعود
عودي لنا راوياتٍ مجد أندلس
وقدمي الشعر قربانًا لمعبود
خلي (طليطلة) يبكي لنكبتها
من أمة (القوط) من كانوا كجلمود
أضحى لهم مَأْتمًا ما كان مأْتَمنا
وصار عُرسًا لنا حزنٌ لنا مودي
إن العدو الذي يُشجَى بما اقترفت
يداه شبه صديق غير مردود
يدعو لحفلة تقديس يهيم بها
من بعد حرب ببُغْض غير مغمود
فتزدهي اليومَ أعلام لقرطبة
يا طالما بُللت من دمع مفئود
كما يرنُّ الصدى من صوت جامعة
تزجي الوفاء لمجد غير محدود
ويشمل البهوَ١ والحمراء في شغف
نورُ التطلع بعد الأعصُر السُّود
وملء غرناطة الفنُّ الذي حجبت
تلك القرونُ وآذته كمحسود
حين الثقافة في شتَّى مظاهرها
تحنُّ للأمس في تحنان مولود
حين الجمال الذي نعنو لدولته
يبايع العُربَ في حيٍّ ومفقود
وحين صقر قريش في مآثره
يفوق كل عظيم الملك معدود
وحينما الحب بعد البغض مؤتلق
في كل مبتسم بالذكر مشهود
•••
أبناء إسبانيا زدتم مفاخركم
نبلًا، ونلتم عُلا ودٍّ لمودود
وقد محوتم بإخلاص مآثمكم
إلا التي ما محاها كلُّ مجهود
في ذمة الدهر هذي فهي باقية
فلن يعيد رثاءٌ مجدَ ملحود
يجري بكم من دماء العُرْب أكرمُها
فأكرموها تزدكم نعمةَ الجود
إن تنصفوا لم تروا إلا محامدهم
فيكم، فخصوا بهم عرفانَ محمود
ما بين علم لهم جمٌّ وفلسفة
وفاتنات أخذتم من فم العود
وحلو رقص، وشعر سائغ خلبت
ألحانه وسمت عن بنت عنقود
وبين وضَّاء حسن في خرائدكم
كم أنطق السحر في نظم وتغريد
وخالدات المباني وهي قائمة
شواهدَ الفن لم تُسبَق بمعهود
جميعها ناطقاتٌ عن أُخوَّتنا
فاستثمروها فلا خير بتجريد
وجددوا موطنًا للعرب بينكمو
فالغنم غنمكمو من كل تجديد
أجل! أعيدوا دراسات لنهضتهم
ولا تُطيلوا مدى شوق لمطرود
وأشعلوا علمهم في كل جامعة
ورتِّلوا ذكرهم في قلب مدريد
لعلكم بعد هذا تحتفون غدًا
بما يجاوز هذا العيدَ من عيد
وعلنا حينما تنمو أُخوَّتنا
ننسى دموع المراثي في الأناشيد
١
هو «بهو السفراء» المشهور الذي لا يزال باقيًا حتى اليوم في
إشبيلية.
٢
هو قصر «جنة الريف» أو جنة العريف الواقع في شرقي مدينة غرناطة، وكان
يصطاف فيه ملوكها، ويسميه الإسبانيون
Generalif تحريفًا عن العربية، وله
بستان بديع متدرج لا يزال يزار ويعجب به.
٣
المجدود: ذو الحظ.