جلسة حب
جلستْ بقربي والنخيل مظلل
بعواطف الخلصاء والجلساء
والموزُ مَزهوُّ الصفوف أمامنا
والرمل في ألَق السرور مَرائي!١
ويشوكنا سَعفُ النخيل كأنه
روح الدعابة لا شكوك عداء!
فتبسمتْ فضممتها حرصًا على
هذا التبسم أن يضيع إزائي!
وتنفستْ فلثمتها، وتمنعت فوهبتها
ما عزَّ من حبي ومن أهوائي
قُبلٌ على الخد الأسيل ومثلها
فوق الجبين المشرق الوضَّاء
لم تنسني اللحظَ الذي هو فاتني
فلثمته ونهلت نورَ رجائي!
ورنوت للشفتين أستوحي الهوى
ما ضمَّتا من فتنة الشعراء
فيطيب بالتكرار شعر صبابتي
وتعبُّدي وتهافتي وحيائي
شعر يجلببه الصموتُ بلذة
ويطيب فوق الزهر كالأنداء!
هو هذه القبلات والنظرات والـ
أحلام والأشواق في إيمائي
أحلى العواطف في فؤادي وُزِّعت
قُبلًا وأنفاسًا وحرَّ نداء!
وشعرتُ بالظمأ المعذب فترة
ثم انقضى، ثم استُعيد ظمائي!
فعلمت ما معنى الوصال وناره
ما بين تبريح وبين شفاء
وعذرت من وصفوا الدواء برشفة
للحسن من شفة الهوى اللمياء!
لولا حنين لا يُحد لعودة
لتحرُّق وتمنُّع ودواء
مرت بنا الأيام دون تنبه
في سكرة هي سكرة الأحياء!
في جلسة الحب العزيز، وعرشه
في الأرض تحسده عروش سماء
وأنا السعيد وإن أكنْ في غصتي
فسعادتي ممزوجة بشقائي
مستمرئًا هذا النعيم وخاشيًا
آن الفراق ورهبة الظلماء
وأقول للوقت السريع: تمهلًا!
فيمر في خطف كمرِّ ضياء!
وارتاعت الحسناء من رقبائها
وتوسلت أن لا أطيل ثوائي٢
فتضرعت مني الجوارحُ كلها
متبسمًا وتبسمي كبكائي!
فتنهدت وتحايلت: «باسم الهوى
إن كنت أعشقها بروح وفاء»
فنهضت مغبونًا ومحسودًا بلا
وزر، وكان لي الفراق مسائي!
١
جمع مرآة.
٢
ثوائي: مكوثي.