الدنيا والآخرة
وإذا رأيتك ما كفاك تلهفي
فرأت لحاظك أن أكون أسيرا
أرنو إليكِ كما رنوت لغابري
وكأنما الأحلام حُلن عبيرا!
وبحاجبيك طفولتي في حبها
أرجوجةً تدع الصغير أميرا!
وبنور عينيك ائتلاق صبابتي
ولعلها سبقت حجاي صغيرا
أُسقِيت حبك كالرضيع بنشأتي
فإذاهُ لي حسٌّ يظل منيرا
والخد؛ يا للخد في شغفي بما
يُبدي وما يُخفي مُنًى وشعورا!
كم فيه من قبلات! أمسى نعمة
أغنَى بها لو سمتني التقتيرا!
هي لي شواهد ما أكنُّ من الهوى
إن لم أجد في لوعتي التعبيرا!
بُوحِي أيا قبلات حبي، أعلني
أني أعيش بحبها مسحورا!
بُوحِي لها مهما احتجبتُ وذكِّري
قلبًا لها أني أدوم ذكورا
لكن بحق سناك يا من روحها
روحي ومن خلعت عليَّ نشورا
وأعادت الدنيا القديمة للهوى
وجديدة أخرى تبث عطورا
لا تحسبيني محض عاشقك الذي
يستاف منك سلافة وحبورا
أو تحسبيني محض شاعرك الذي
أهدى إلى سَكرَى الغرام خمورا
أو تذكريني ناقشًا لك، عازفًا
بك، ملء أنفاس حُسِبْنَ سطورا
بل فاذكريني مثل ذكري كلَّ ما
صورتِ في مرآك لي تصويرا
مرآك مرأى كل أعوامي التي
قد نلتها مني أسًى وسرورا
فأراك أنت جميعَ ما عانيته
ورضيته، بل ما بنيت قصورا
أنت التي فيها تمثل صادقًا
حسِّي وتكويني عُلًا وقصورا
فخُلقت مرآتي وكنتُ نظيرها
لك حينما لا تشبهين نظيرا
وكأنما هذا التصوف في الهوى
ديني، فكوني كالألوهة نورا!
أهواك فوق هوى الحياة فإنما
فوق الحياة ملأتني تأثيرا!
وإليك أرنو، لا أملُّ، كأنني
أرنو إلى ذات الإله دهورا!