البعد الرابع
الزمن
أأرقبُ فيك (الله) والنِّعْمة الكبرى
وهل منك أستوحي الملاحة والشعْرا؟
لئن كان ما حجَّبت كونًا مصرَّدًا١
عن النَّاس أجسامًا، فهل تخذل الفكرا؟
وإن كان لا يدريك قومٌ حياتهم
مماتٌ فهل وافاك من فاتهم حرا؟
أليس لأرباب (الفنون) ألوهة
وفي كونك المستور تستودع السرا؟
وما كنت مخشيَّ العرام٢ كعالم
نعيش به طحنًا ونتركه ذعرًا
وَهُوبٌ٣ لمن ناجاك بالوحي مُسعدًا
فليس الذي ناجاك من يشتكي الفقرا
إذا اندمج الفنان فيك تمثلت
له نعمة (الدنيا) كما بانت (الأخرى)
فيسمع أنغامًا ويبصر جنةً
وحسنًا وسحرًا لم يكن أبدًا سحرا
وما الموت إلا نقلة لا نهاية
ومبدأ عمر فيك قد دام وافترا
شعاع وأمواج يقصر حِسُّنا
بعالمنا عن أن يشقَّ لها سترا
إلى أن نعلَّى (للسبرمان) بالحجى
فتعشق أرواح لنا فيك مستذرى
مصاليت٦ أبطال نجوب بلا ونى
بكون سلام لا نسام به ضرا
لنا غزوات (للسعادة) دائمًا
كما قد عرفنا البعث والخالد الدهرا!
•••
وقلت لمن قد عير (الشعر) حاسبًا
به الوهم مسطورًا وغفلتنا الكبرى
«وهمت فليس الشعر في صدق روحه
سوى صلة بالكون لا هبة صغرى
وكل خيال فيه حسن محقق
لدى الشاعر الفنان يبذله نشرا
يترجمه لكن يفوت أجله
فما لغة الدنيا سوى لغة الأسرى!
وما اتسعت للوصف عن غير ما بها
وللشرح عما قد سما نيرًا قدرا
فإن شئت عش عيش الجسوم مضللًا
أسيرًا، تظن الأسر للمادة الخيرا
ولا تلق تثريبًا على الشعر بينما
يقود نفوسًا في ظلام الأسى حيرى!»
١
مصردًا: ممنوعًا مقطوعًا.
٢
العرام: الشراسة والأذى.
٣
وهوب: كثير الهبة.
٤
تناصي الشمس: تبلغ ناصيتها أي مستوى رفعتها.
٥
دوامج: متغلغلة من دمج بمعنى دخل في الشيء واستحكم فيه.
٦
مصاليت: جمع مصلات وهو الجاد الماضي في أموره.