سخرية الحياة
قالوا الحياة لنا وهم وسخرية
وليس فيها سوى حس امرئ صدقا
ورغم تسخيرها للناس، عابثة
بهم، فأولى بهم أن يتركوا القلقا
أجدى لهم أن يعيشوا مثل ما رغبت
لهم وأن ينبذوا الأحزان والفرقا
فقلت في حس مشغوف بما وهبت
هذي الحياة ومن يرضى بها الحرقا
خذوا الحقيقة عني! ما الحياة سوى
أم لنا وأب في حبنا اتَّسقا
لا يعبثان بنا، كلا ولا خدعا
أحلامنا أو فؤادًا بالهوى خفقا
إن الحياة مثال للسمو كما
هي المثال لحقٍّ يبغض الملقا
تعطي لنا فوق ما تعطي، وغايتها
أنا لها وبها كون بنا انطلقا
كون يسير لغايات الجمال بلا
حد، ويهزم دومًا نوره الغسقا
ولن نضيع بها يومًا، فآيتها
أنا نجدد فيها دائمًا ألقا
في كل شيء، فما معنى تخوفنا
منها؟ وما الفهم في سخط امرئ حنقا؟
وأي فلسفة في أن نصورها
خصمًا، وأنا الذي من كنزها سرقا؟!
وهي التي وهبتنا كل ما ادخرت
وجملت «نوعنا» في الدهر مؤتلقا
ووحدتنا بتقديس لروعتها
لكنه كان تقديس الذي عشقا
فكل آثارها صدق، ودعوتها
صدق، وناموسها عدل بنا رفقا
فإن قسا فهو في تأييد عزتنا
يقسو، ويمنحنا خيرًا به وثقا
فلْنَتْرك البثَّ جهلًا عن أنانية
إن الحياة خلود للذي اعتنقا
فنَحْن منها إذا كنا نَحِنُّ لها
ونحن أغراب عنها إن نعش فِرقا